icon
التغطية الحية

"النازيون الجدد".. اكتشاف شبكة دولية من المراهقين خططت لهجمات إرهابية

2022.07.17 | 19:55 دمشق

صور متداولة في مجموعات الدردشة للنازيين الجدد على الإنترنت (insider)
صور متداولة في مجموعات الدردشة للنازيين الجدد على الإنترنت (insider)
إسطنبول - متابعات
+A
حجم الخط
-A

كشف تحقيق نشرته وسائل إعلام غربية، عن شبكة دولية من المراهقين تحمل أفكاراً نازية متطرفة، استخدم أعضاؤها غرف الدردشة عبر الإنترنت للتواصل وتبادل معلومات عن القنابل والأسلحة، والتخطيط لشن هجمات إرهابية في أرجاء العالم.

وبحسب التحقيق الذي نشره موقع صحيفة "إنسايدر" (insider)، أمس السبت، فإن مجموعات دردشة على "إنستغرام" و"تلغرام"، تروّج لفكر "القومية البيضاء" (فكر إيديولوجي غربي يعتقد بتفوق العرق الأبيض بيولوجياً، ويدعو إلى الحفاظ على نقاء الهوية)، وتستقطب أعضاء لتشكيل مجموعات من النازيين الجدد ذوي الأفكار العنيفة والمتطرفة، ويشكّل الذكور البيض معظم أعضاء هذه الجماعات.

والسلطات في الولايات المتحدة الأميركية، وكندا والدنمارك وبريطانيا وليتوانيا، ألقت القبض على أفراد حاولوا الانضمام إلى مجموعات نازية من هذا النوع، أو كانوا مجندين في إحداها، أو دخلوا في نقاش حول كيفية صنع المتفجرات، بل وقام أحدهم بزرع قنبلة بالفعل.

إيديولوجيا تسعى إلى انهيار المجتمع

وأشارت الصحيفة إلى تنامي اليمين المتطرف على مدار العقد الماضي، وتصدر العصابات التي تستلهم أفكارهم عناوين الصحف باستمرار، لكن التحقيق لفت الأنظار إلى وجود جماعات أقل شهرة على الرغم من تبنيها لأفكار أكثر عنفاً.

وتعتنق هذه الجماعات إيديولوجيا تؤمن أن تنفيذ التفجيرات وإطلاق النار الجماعي وغيرها من الأعمال العدائية، ضروري لتسريع انهيار المجتمع وارتقاء العرق الأبيض.

ويعتقد الخبراء أن أصول هذه الجماعات يعود إلى موقع إنترنت للنازيين الجدد، أغلق عام 2017، ساعد المتطرفين من بلدات عديدة على إقامة علاقات دولية ونشر دعاية تروج لفكرة "التسارع" في تنفيذ عمليات إرهابية لتحقيق الانقلاب المنشود لأعضائها.

الفوضى العنيفة.. هدف أسمى

واشتركت "إنسايدر" في إنجاز التحقيق مع صحيفة "فيلت أم زونتاغ" (Welt am Sonntag) الألمانية، وصحيفة " بوليتيكو" (Politico) الأميركية.

ووصل الصحفيون المتعاونون في التحقيق، إلى عشرين مجموعة دردشة داخلية، مرتبطة بشبكة أوسع للنازيين الجدد، وشملت البيانات التي جمعوها 98 ألف رسالة، تبادلها حوالي 900 مستخدم، تشمل صوراً ومقاطع فيديو ونصوصا ورسائل صوتية، شجع أعضاء المجموعات في هذه الرسائل على قتل الأقليات، ومهاجة الناشطين المناهضين للفاشية.

واعتبر القائمون على التحقيق أن الرسائل تكشف عن إحدى أخطر أوجه التطرف اليميني الحديث، كون الشبكة دولية وغير مركزية، ممكن أن تنهار جزئياً عند مقتل أو اعتقال أعضاء منها، لكنها لا تختفي تماماً، وعلى عكس الجماعات المتطرفة الأخرى التي تسعى إلى المنافسة عبر الأحزاب السياسية والترشح للمناصب المحلية، تهدف شبكة النازيين الجدد هذه إلى خلق فوضى عنيفة بشكل أساسي.

قائد بعمر 13.. واحتفال بميلاد هتلر

وتسلّل محقق من "الشبكة الكندية لمكافحة الكراهية"، إلى إحدى هذه الجماعات، حيث اختبره قائدها عبر الإنترنت للتأكد من أنه مناسب لفكر النازيين الجدد، ليتفاجأ المحقق فيما بعد أن القائد لم يكن سوى صبي أوروبي من إستونيا يبلغ من العمر 13 عاماً فقط، ويقود حملة دولية للتجنيد من منزل والديه.

وأبرز الكتب المرجعية لهذه الجماعات هو كتاب "حصار" الصادر عام 1992، لأحد أشهر وجوه النازية الجديدة بين جيل الشباب من القوميين البيض الآن، الأميركي جيمس ماسون، والذي يدعو فيه إلى شن هجمات إرهابية ضد ما يسميه "النظام".

وشارك ماسون بنشر أفكاره بين أعضاء هذه المجموعات، عن طريق بث مباشر استمر لساعة ونصف، نظموه هذا العام بمناسبة عيد ميلاد زعيم الحزب النازي، أدولف هتلر.

وينتشر أتباع النازية الجديدة في دول عدة حول العالم، وعثر المحققون على مجموعات لهم منتشرة من الولايات المتحدة الأميركية إلى إستوانيا، ومن رومانيا إلى أستراليا، كذلك عثروا عليهم في البرازيل والأرجنتين واليابان والصين وجنوب أفريقيا، وغيرها من الدول.

"حول حزنك إلى غضب"

وعثر الصحفيون على ملصق تجنيد في إحدى المجموعات، يحمل صورة لرجل ملطخ بالدماء يحمل بندقية وعليها صليب معقوف، مع نصف مكتوب فيه "حول حزنك إلى غضب".

وتعتبر هذه المجموعات منفذي عمليات القتل الجماعي، أمثال أندرس بريفيك، الذي قتل حوالي 77 شخصا معظمهم من الأطفال والمراهقين في النرويج، بمنزلة "قديسين"، ويحيون ذكراهم في ذكرى مقتلهم. (بريفيك لم يقتل بل ألقي القبض عليه، لكنهم يحتفلون بذكرى أمثاله).

وكشف التحقيق أن هذه المجموعات تضم أطفالا بعمر متقارب من قادتها، بعضهم لا يتجاوز عمره 10 أو 11 أو 12 سنة فقط، يرتدون أقنعة عليها شعار الجمجمة.

رحلة مدرسية.. انتهت بولادة قائد نازي

وتسلل النازيون الجدد إلى منصات ألعاب مثل "ماينكرافت" (Minecraft)، و"روبلوكس" (Roblox)، التي تحظى بشعبية كبيرة بين الأطفال، إذ أوضح خبراء شاركوا في التحقيق، أن النازيين الجدد يتعمدون استهداف أطفال تتراوح أعمارهم بين 14 إلى 18 سنة، من أجل تحويلهم إلى إرهابيين.

وبين بعض الباحثين المختصين بالتطرف، أن المستهدفين غالباً ما يكونون معزولين اجتماعياً ولديهم شعور شديد بالمظلومية، وتقدم لهم جماعات النازية الجديدة رؤية مشتركة للعالم، وتوحدهم ضد جماعات أخرى من بينها المسلمون والنساء واليهود والسود.

ومن الملفت للنظر أن أحد قادة هذه المجموعات، وجد الإلهام لفكره المتطرف خلال رحلة مدرسية إلى معسكر اعتقال شمال برلين، كان من المفترض أن تكون رحلة تعليمية حول أهوال الهولوكوست، قبل أن يبدأ بنشاطه على الإنترنت بحثاً عن مشابهين له، وفي عمر 16 عاماً، صار زعيماً لمجموعة من النازيين الجدد.

وتنفذ السلطات الأمنية الآن في دول عدة حول العالم، من بينها ألمانيا وكندا هجمات ضد جماعات النازية الجديدة، تعتقل وتوجه التهم إليهم، وتنشر عملاء سريين لتتبع نشاطهم عبر الإنترنت في أرجاء أميركا الشمالية وأوروبا، لكن التحقيق أشار في خاتمته إلى أن هذه الإجراءات غير كافية وغير فعّالة كما ينبغي، بل إن بعض هؤلاء الأعضاء ما زالوا قادرين على نشر أفكارهم حتى اللحظة.