الملك عبد الله.. لعنة الأسد و"قلاية الباندورا"

2021.10.04 | 09:58 دمشق

czo4odoiahr0cdovl3d3dy5hagrhdggync5jb20vaw1hz2uucghwp3rva2vuptrkmtm2m2nimwzlotzhmguznde5nwq5nwqyymm1mji5jmftcdtzaxplpw1lzgl1bsi7.jpeg
+A
حجم الخط
-A

نشر الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية مساء الأحد نتائج تحليل وتقصي 12 مليون وثيقة من وثائق باندورا، وذلك بعد 5 ساعات ودقيقة واحدة من إعلان وكالة الأنباء الأردنية تلقي العاهل الأردني مكالمة من بشار الأسد هي الأولى بينهما منذ بداية الثورة السورية، لتبطل الوثائق فرحة عبد الله الثاني وتفجر خبراً عنوانه "العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني اشترى 15 عقاراً فخماً في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بقيمة تزيد على 106 ملايين دولار".

توجت المكالمة بين الأسد وملك الأردن الماراثون الدبلوماسي الذي قاده الأخير من واشنطن إلى موسكو لجمع التواقيع على وثيقة للحل في سوريا. وثيقة مدفوعة ببلادة بايدن ووقاحة بوتين وأزمة الطاقة في لبنان.

ركز الخطاب الأردني لتبرير عملية التطبيع مع النظام السوري على أنها مبادرة لإنقاذ سوريا وتخفيف الأعباء عن الأردن الذي دفع أموالاً طائلة على اللاجئين السوريين لديه، وخسر اقتصادياً كثيراً بسبب انقطاع العلاقات مع النظام.

وسارعت ورشات الصيانة إلى إصلاح وصلات خط الغاز العربي في الأردن وسوريا ولبنان، ومحولات الكهرباء أيضاً، ووصل وفد النظام إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة مزهواً يريد أن يلتقي كل أصحابه، وسمع وعوداً من وزير الخارجية المصري بالعودة إلى الحضن العربي.

النظام يرصد كل المتغيرات، فالسعودية تتباحث مع إيران بوساطة عراقية وتركيا أعادت العلاقات مع الإمارات ومصر وبايدن لا تعنيه سوريا وروسيا لم تخذله أبداً.

بالعودة إلى الخطاب الأردني الرسمي بضرورة تحسين التبادل التجاري مع سوريا، وكأن عائدات معبر نصيب ستنقذ الاقتصاد الأردني، لا يحتاج هذا الخطاب لشرح طويل لتفنيده فالجميع يعلم حالة الانهيار الاقتصادي والمعيشي في مناطق سيطرة النظام والتي بدأت مرحلة جديدة تمثلت بموجات هجرة للصناعيين والعمال إلى أي بلد مستعد لاستضافتهم.

ومع فقدان النظام سيطرته على جميع المعابر الحدودية الشمالية انعدمت أي حركة ترانزيت تمر من البلاد. وفقد النظام فوائض التصدير الزراعي والصناعي، واستبدلها بالبشر الهاربين والمخدرات والمتفجرات والأزمات.

لذلك فإن الأساس الذي بنيت عليه فرضية التطبيع الأردني مع الأسد باطل، ومستشارو الملك أثبتوا فشلهم عندما قدموا هذه الفكرة المهزوزة للتبرير، مثلما أثبتوه عندما لم ينصحوا ملكهم بعدم الاتصال بالأسد في نفس اليوم الذي ستصدر فيه نتائج التحقيقات بوثائق باندورا، وهنا لا بد من التوضيح أن الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية أعلن مسبقاً عن موعد صدور التحقيقات.

بلغ حجم التبادل التجاري بين الأردن وسوريا منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية حزيران الماضي 66 مليون دولار، وفي العام الفائت 2020 بلغ 94 مليون دولار، وفي العام 2019 بلغ 118 مليون دولار، وفي العام 2018 عندما تمت إعادة افتتاح معبر جابر 165 مليون دولار.

ولا بد من الإشارة إلى أنه في كل عام من 2018 وحتى الآن إما تتساوى الواردات الأردنية بالصادرات أو تفوقها، ما يعني أن المستفيد الأكبر هو النظام، وليس الأردن والأردنيين.

443 مليون دولار أميركي هي حصيلة التبادل التجاري بين البلدين منذ إعادة الأردن افتتاح معبر جابر – نصيب عام 2018 بعد سيطرة النظام على الجنوب السوري وتخلي الأردن المفاجئ عن الفصائل العسكرية السورية التي كانت ترعاها هناك بتوكيل أميركي.

حصيلة 4 سنوات تساوي حصيلة عام 2011 وحدها، حيث بلغ حينذاك التبادل التجاري 450 مليون دولار بين البلدين. وحصيلة أفضل عام للتبادل التجاري تساوي قيمة الـ 14 عقاراً للملك الأردني كشفتها وثائق باندورا والتي بلغت 106 ملايين دولار، بينها قصر مطل على المحيط الهادئ في ماليبو بولاية كاليفورنيا الأميركية سعره 33 مليون دولار.

ربما تأمل عمّان بمشاريع إعادة إعمار سوريا وتظن أن الضوء البرتقالي الذي نالته من بايدن يسمح لها ولغيرها ببدء هذه المشاريع، ولربما تأمل بإحياء خط الشام الجديد من العراق إلى مصر.

تأمل عمان.. لكن اللعنات بدأت تضرب، فالملك عبد الله وقصوره في الولايات المتحدة وبريطانيا حديث الأخبار، وبالنظر لسياق تاريخ المطبعين مع الأسد وتكراره للمرة السابعة على التوالي، بات من المستحيل إقناع السوريين بعدمية المطابقات القدرية، وأصبحت هذه المعادلة محققة، وربما تردع باقي المطبعين الواقفين على الطابور.

في تموز من العام 2019 قال الملك عبد الله في مقابلة مع طالبات جامعيات: "الناس يفكرون أنه عندما تكون ملكا يعني كل شيء تريده يمكن أن تحصل عليه.. أتمنى أن يكون هذا هو الواقع ولكن الموضوع أصعب من ذلك بكثير.. المسؤوليات كبيرة وآثارها واضحة.. انظروا إلى الشيب".

"أكثر أكلة أحبها هي قلاية البندورة، والعسكر الذين خدموا معي في الدروع يعرفون أنه لا يوجد أفضل من قلاية البندورة ونحن جالسون على الأرض بجانب الدبابة.. وأنا بطبيعتي أحب البساطة".