icon
التغطية الحية

اللاجئون السوريون في تركيا يراقبون بقلق بداية التقارب بين أنقرة ودمشق

2023.01.16 | 17:51 دمشق

اللاجئون السوريون في تركيا - المصدر: الإنترنت
الحدود التركية السورية
Al-Monitor - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

خلفت محاولة تركيا للمصالحة مع نظام الأسد في سوريا حالة قلق بالغة بين اللاجئين السوريين في تركيا، في الوقت الذي تتعرض فيه أنقرة لضغوط لتعقد اتفاقاً مع دمشق هدفه إعادة السوريين وسط تنامي المشاعر المعادية للاجئين خلال هذه السنة التي ستشهد انتخابات حساسة.

فقد ألمح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى استعداده للقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد خلال الأسبوع الماضي، بعد لقاء موسكو ضمن المحادثات الثلاثية مع النظير الروسي. واحتلت قضية اللاجئين رأس الأولويات على جدول أعمال ذلك الاجتماع المهم بحسب ما أعلنه وزير الدفاع التركي.

إلا أن أغلب السوريين أعربوا عن عدم استعدادهم للعودة مع بقاء الأسد في السلطة، وذلك خوفاً من تعرضهم للاضطهاد. في حين يخشى آخرون من تعرضهم لتجربة الاجتثاث من الجذور مجدداً بعد مرور أكثر من عقد على معاناتهم ونضالهم في تأسيس حياة جديدة لهم في تركيا.

لا تستطيع فوزية الدريد وهي باحثة حصلت مؤخراً على شهادة الماجستير من جامعة أتاتورك بماردين في جنوب شرقي تركيا أن تتخيل كيف سيكون شكل عودتها إلى سوريا، فقد عملت بجد لتستقر برفقة ولديها في تركيا، وهي تخطط اليوم لتبدأ العمل لتنال شهادة الدكتوراه خلال العام المقبل، وعن ذلك تقول: "احتجنا لوقت طويل حتى نتجاوز ما مضى من حياتنا وذكرياتنا في سوريا، ولنتمكن من المضي قدماً ومواصلة حياتنا الجديدة".

عودة طوعية.. ولكن؟

لقد جعل سعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإصلاح العلاقات مع الأسد الكثير من اللاجئين في حالة ذهول، وبينهم عروة خليفة، وهو صحفي سوري معارض يقيم في غازي عنتاب بالقرب من الحدود السورية، ولهذا يقول: "إنه لأمر مقلق بالنسبة لكل اللاجئين السوريين في تركيا، لاسيما هؤلاء الذين عارضوا نظام الأسد والمطلوبين من قبل الأجهزة الأمنية، لأن الخوف من تسليمهم للنظام السوري صار يكبر يوماً بعد يوم".

أتت مبادرات أردوغان الصريحة تجاه الأسد بعد سنوات من هدوء سياسي تخللته عوامل شد وجذب سعت لإخراج السوريين من تركيا. ففي أيار الماضي، أعلن أردوغان بأن نحو 500 ألف سوري قد عادوا إلى المناطق الآمنة التي أنشأتها تركيا لهم في الشمال السوري منذ عام 2016، كما تحدث عن مشاريع إسكان جديدة تضمن عودة مليون سوري آخرين عودة طوعية على حد تعبيره.

إلا أن هنالك نحو 3.5 ملايين سوري مسجلون رسمياً ضمن الحماية المؤقتة قد بقوا في تركيا حتى أواخر شهر كانون الأول الماضي بحسب أرقام إدارة الهجرة، وبوجود طالبي لجوء قدموا من دول أخرى، أصبح عدد اللاجئين في تركيا نحو 4 ملايين نسمة، لتصبح تركيا أكبر دولة مضيفة للاجئين في العالم، في حين ذكرت أحزاب المعارضة التركية بأن الأعداد الحقيقية أعلى من ذلك بكثير.

تحول اللاجئون إلى موضوع أساسي قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية التي ستعقد في شهر حزيران المقبل، إذ تسعى حكومة أردوغان لتحارب التضخم الجامح وغيره من المصائب الاقتصادية في الوقت الذي تشتد فيه المشاعر المعادية للاجئين وجرائم الكراهية بحقهم، وتمثل كل تلك الأمور المتصاعدة التحدي الأكبر الذي واجهه حكم أردوغان الذي استمر لعقدين من الزمان، حيث تقول المعارضة إنها سترحل جميع السوريين خلال عامين بعد فوزها بالانتخابات، كما تشير استطلاعات الرأي إلى أن 60% من الأتراك تقريباً يفضلون أن يلتقي أردوغان بالأسد مع عودة أعداد أكبر من السوريين إلى بلدهم.

اقرأ أيضا: صحيفة تركية: هل يعود السوريون بعد التطبيع التركي مع النظام؟

بات أغلب السوريين يرون بأن إقامتهم على المدى البعيد في تركيا لم تعد خياراً بالنسبة لهم، ولهذا شرعوا بالتخطيط لأمورهم وفقاً لذلك، حيث يتساءل غزوان قرنفل رئيس نقابة المحامين السوريين الأحرار من مدينة مرسين  "هل يمكنك أن تندمج في مجتمع يرفضك؟"

بالنسبة لأيهم عبد الولي وهو طالب جامعي سوري يعيش في أنطاكيا، بالقرب من الحدود السورية، فإن السياسة الداخلية التركية هي من دفعت أردوغان لإظهار تلك التبدلات تجاه النظام السوري، ناهيك عن السباق الصعب الذي سيتعرض له خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة.. ومع ذلك، ماتزال الشكوك تراود أيهم حيال حكومة أردوغان وهل ستطبع العلاقات بشكل كامل مع الأسد، لكنه استمر بالقول: "بالنسبة لي لا داعي لكل هذا الذعر".

بصرف النظر عن الأمور التي دفعت أردوغان لتغيير موقفه تجاه قضية اللاجئين، ما نزال نترقب ما إذا كان إصلاح العلاقات بينه وبين الأسد سيؤدي لإعادة السوريين حقاً، حيث يقول عمر أوزكيزيليجيك وهو محلل تركي مختص بملف السياسة الخارجية والأمن يقيم في أنقرة: "ثمة توقعات في تركيا وفي الشارع التركي ترى بأن اللاجئين سوف يعودون بمجرد أن يتم تطبيع العلاقات مع نظام الأسد، لكننا نعرف بأن الوضع على أرض الواقع مناقض لذلك تماماً"، واستشهد بحال الأردن، حيث بقي أغلب اللاجئين السوريين يقيمون هناك حتى بعد عودة عمان للتعامل مع الأسد.

الخوف من الترحيل القسري

ما يزال السؤال مفتوحاً حول إمكانية واستعداد النظام السوري لتسهيل عمليات عودة اللاجئين على نطاق واسع، وذلك لأن النظام يعاني بالأصل في تأمين الأغذية والخدمات في المناطق الخاضعة لسيطرته وسط تردي الاقتصاد واستمرار حالة الجفاف.

إلا أن قرنفل يتوقع من أنقرة أن تنهي برنامج الحماية المؤقتة المخصص للسوريين خلال العام المقبل، بصرف النظر عن نتائج الانتخابات، وهذا لابد وأن يزيد من موجة المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا أو دول الشرق الأوسط التي تمنح السوريين تأشيرات، ويضيف: "ستظهر موجة هجرة جديدة عبر البحر إلى أوروبا على الرغم من كل الصعاب والمخاطر التي تهدد حياة المهاجرين".

وذكر كل السوريين الذين أجريت معهم مقابلات من أجل هذه المقالة بأن خوفهم من الترحيل قد اشتد، إذ بحسب بيانات الأمم المتحدة، تمت إعادة 29 ألف لاجئ سوري من تركيا بشكل طوعي إلى سوريا خلال العام المنصرم، إلا أن أربعة رجال سوريين ذكروا لصحيفة المونيتور بأنهم اعتقلوا في إسطنبول قبل ذلك التاريخ، وتم ترحيلهم إلى شمالي حلب. كما ذكر أحدهم دون الكشف عن اسمه بأنه أجبر على التوقيع على استمارة العودة الطوعية، مما يثير الكثير من التساؤلات والشكوك حول الجهة التي تقوم بترحيل السوريين.

يخبرنا الصحفي عروة بأنه يشعر بقلق شديد، ويضيف: "في حال ترحيلي إلى سوريا، بصرف النظر عن المكان سواء أكان إلى المناطق التي تسيطر عليها جبهة النصرة أم الفصائل التابعة لتركيا أم المناطق التي يسيطر عليها النظام، فلابد أن أقتل لا محالة".

في حين يعرب الروائي السوري إسماعيل عبد الله الذي أقام في ماردين منذ 2014 عن تفاؤل حذر بشأن التقارب المحتمل بين تركيا والنظام السوري، ويقول: "لعلها بادرة إيجابية، حيث يمكن من خلال ذلك للحكومة التركية أن تضغط على النظام حتى يقبل بعودتنا مع ضمان عدم تعرضنا لأي أذى" غير أنه سرعان ما اعترف بغرابة رأيه واختلافه عن بقية آراء السوريين في تركيا.

المصدر: Al-Monitor