icon
التغطية الحية

الكلاب الشاردة تجعل حياة السكان في سوريا بخطر واللقاحات محدودة الصلاحية

2021.12.16 | 06:41 دمشق

21d0b1d9-2941-4808-83be-5a7c90e0afe9.jpg
إنتشار الكلاب الضالة إنعكس سلباً على حياة الأهالي وسبب حالة من القلق والرعب والتذمر - الوطن
إسطنبول - هاني العبد الله
+A
حجم الخط
-A

يشتكي السكان في مناطق النظام السوري من انتشار ظاهرة الكلاب الشاردة، والتي باتت مصدر قلقٍ ورعبٍ لهم، ولاسيما مع زيادة حالات الإصابة والوفاة بسبب عضّات الكلاب للمارين في الطرقات ليلاً أو نهاراً، وما يزيد الأمر سوءاً عدم توفر حلول لهذه الظاهرة، أو على الأقل توفير العلاج للمصابين. 

تداولت وسائل إعلام النظام مطلع الأسبوع الحالي، خبراً يفيد بمقتل طفلٍ في الثالثة من عمره في مدينة المليحة بريف دمشق، بعدما هاجمته الكلاب وهو يلعب أمام إحدى المزارع، ما أدى لوفاته متأثراً بجروحه، بعدما تعرّض لعضاتٍ في رقبته وفروة رأسه وباقي أنحاء جسده، دون أن تفلح محاولة أبيه في إسعافه الى أحد مشافي جرمانا.

حادثة وفاة الطفل إبراهيم طه في المليحة لم تكن الأولى، وربما ليست الأخيرة، في ظل تقاعس النظام عن إيجاد حلولٍ لتلك الظاهرة، التي تفاقمت بشكلٍ كبير في مناطق سيطرته، خاصة في محافظات دمشق ودرعا والسويداء وحمص.

ففي مطلع العام الحالي، توفي طفلان من أبناء الغوطة الشرقية، بعد تعرّضهما لهجومِ قطيعٍ من الكلاب المسعورة، حيث أصيبا بـ "داء الكَلب"، ومن ثم فارقا الحياة بعد فشل المحاولات الطبية في علاجهما.

كذلك اشتكى سكان درعا من تفاقم ظاهرة الكلاب الضالّة، ففي منتصف العام 2019 تعرّض 17 رجلاً وامرأة لهجومٍ من الكلاب أثناء عودتهم إلى منازلهم في قرية قرفا شمالي درعا، ما ألحق بهم إصاباتٍ متفاوتة.

وبعد هذه الحادثة بأسابيع، توفي الطفل عبد الله جباوي، 12 عاماً، بعد أن هاجمه كلب مسعور واقتلع حنجرته في مدينة جاسم بريف درعا الغربي.

 

من المسؤول عن وفاة الطفل إبراهيم؟

ظاهرة انتشار الكلاب الشاردة موجودة على مر عقودٍ من الزمن في سوريا، لكنها تفاقمت بشكلٍ كبير خلال السنوات الماضية لعدة أسباب، أبرزها انتشار النفايات وانعدام الكهرباء، ما أسهم في زيادة الكلاب التي تتوافد على شكل قطعان في الليل وساعات الصباح الباكر.

وتعاني مناطق الغوطة الشرقية بدمشق وأحياء حلب الشرقية من انتشار الكلاب المسعورة بشكلٍ خارجٍ عن المألوف، حيث إن وجود الكثير من المناطق المدمرة والمهجورة، يدفع الكلاب الى الاختباء فيها نهاراً، والخروج ليلاً بحثاً عن الطعام.

وقال أحد سكان المليحة بغوطة دمشق الشرقية، لموقع "تلفزيون سوريا"،  إن "الطفل إبراهيم طه الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام قبل أيام، توفي منذ تاريخ 24 من تشرين الأول الماضي، لكن الخبر خرج للعلن بعدما نقل والد الطفل التفاصيل لصحيفة تشرين بعد شهرين من الحادثة".

ويشير المصدر، المطّلع على الحادثة والذي فضّل عدم الكشف عن هويته، إلى أن ذلك يعني "لو لم ينشر الخبر لما علم أحد بمعاناة الأهالي الشديدة من الكلاب الشاردة".

وأكد على أنه "على الرغم من تداول قصة الطفل بكل تفاصيلها المفجعة، إلا أن بلدية المليحة عاجزة عن تقديم أي حلولٍ لتلك المشكلة، رغم شكايات كثيرة من الأهالي، ورصد أكثر من 500 كلب مسعور في ليلة واحدة بالمدينة".

وأوضح المصدر أن "انتشار القمامة في شوارع المليحة، وقرب المنطقة من البساتين والأماكن النائية، يدفع الكلاب للتوجه من تلك المناطق إلى مركز المدينة بحثاً عن الطعام".

 

قلق ورعب ولا أمصال مضادة

انتشار الكلاب الضالّة في الشوارع، انعكس سلباً على حياة الأهالي، وسبّب حالةً من القلق والرعب والتذمر لديهم، ولاسيما أن تلك الكلاب تهاجم أي شخصٍ يمر بجانبها، الأمر الذي دفع الكثير من المدنيين إلى عدم الخروج للشارع بعد غياب الشمس.

​أبو منصور، 62 سنة نازح من إدلب مقيم في جرمانا بريف دمشق، كان أحد ضحايا الكلاب، وتحدث عن معاناته قائلاً "أذهب لصلاة الفجر في المسجد كل يوم، لكني أعاني من الكلاب الشاردة التي تعترض طريقي وأنا أقود الدراجة الهوائية، حيث أحاول إخافتها بعصا أحملها معي بشكل دائم".

كما أدى انتشار الكلاب إلى عزوف معظم الأهل عن السماح لأطفالهم باللعب في الحدائق أو أمام المنزل، ودفع آخرين إلى ترك المناطق التي يقيمون فيها، ولاسيما الذين لديهم منازل على أطراف المدن والبلدات، أو بجانب الأراضي الزراعية والأماكن المهجورة، أو التي تنتشر فيها النفايات.

وقال عامل صحي في مشفى المجتهد بدمشق، فضل عدم الكشف عن هويته، إن اللقاحات اللازمة ضد عضّات الكلاب و"داء الكلب" تعتبر مكلفةً جداً، خاصة ضمن المشافي الخاصة، ويصل سعر الجرعة الواحدة لنحو 20 ألف ليرة سورية، ويحتاح المصاب لثلاث أو أربع جرعات، علماً أن لقاحاً هندي المنشأ متوفر، إلا أنه ذو فاعلية ضعيفة، على عكس اللقاح الذي كانت تستورده وزارة الصحة من فرنسا سابقاً".

 

لقاحات محدودة الصلاحية

رغم المناشدات لحل مشكلة الكلاب الشاردة، إلا أنها لم تجد أي استجابة أو حلول جذرية للأهالي، وغالباً ما تقول المستوصفات والنقاط الطبية إنه لا تتوفر الإمكانيات اللازمة للحد من تلك الظاهرة، كما لا تتوافر الأمصال المضادة واللقاحات. 

وذكرت صحيفة "البعث" التابعة للنظام، في تقرير لها عن انتشار الكلاب الضالة، أن أغلب اللقاحات التي تصل إلى مراكز معالجة "داء الكَلب" تحمل مدة صلاحية من 3 إلى 4 أشهر فقط، بدلاً من أن تكون صلاحيتها لسنتين أو ثلاث سنوات.

وزعمت "مديرية صحة طرطوس"، عبر صفحتها الرسمية، أن قلة توافر اللقاحات ناجم عن الحصار المفروض على القطاع الصحي في سوريا.

من جانبها، قالت صحيفة "الوطن" المحلية، إن طفلاً توفي في درعا بسبب خطأ طبي من أحد الأطباء هناك، حيث تعرّض الطفل لعضّة كلب وتم إسعافه للمشفى، فقام الطبيب بخياطة مكان العضّة، ما تسبّب في تدهور صحة الطفل، كون الجرح أغلق وبداخله السم، ليصاب بالشلل العصبي والدماغي، وبقي يحتضر مدة 90 يوماً إلى أن فارق الحياة.

ويرى الطبيب البيطري، بسام الأصفر، أنه "يجب إعطاء المصل المضاد لكل شخص يتعرّض لعضة كلب، خشية أن يكون الحيوان مصاباً بداء الكَلب، وإن لم يأخذ المصاب اللقاح اللازم فقد يفارق الحياة، ولاسيما إذا كانت العضّة قريبة من الدماغ والنخاع الشوكي، كما أنه يجب على الحكومة تلقيح الكلاب ضد الأمراض، ووضع علامة على أذن كل كلب ليعرف السكان أنه ملقح، ويُبلغوا عن الكلب غير الملقح".

ونصح الأصفر، في حديثه مع موقع "تلفزيون سوريا"،  الأهالي بعدم المبادرة إلى ممارسة العنف ضد الكلب، لأنه سيرد بطريقةٍ عنيفة أيضاً، بل يجب عليهم أن يبقوا طبيعيين حتى يبتعد الكلب، كما يجب عدم مداعبة الكلاب أثناء نومها، وعدم الاقتراب من طعامها، لأن ذلك يزعجها كثيراً ويحرّك لديها غرائز العنف، إضافةً إلى أنه يجب عدم الانخداع في مظهر الكلب، فحتى الكلاب الجميلة قد تكون مفترسة وتهاجم البشر".