icon
التغطية الحية

"العيدية والحلوى" تقليد يفتقده الأطفال السوريون في العيد

2023.06.29 | 09:52 دمشق

"العيدية والحلوى" تقليد يفتقده الأطفال السوريون في العيد
من أجواء عيد الأضحى في شمال غربي سوريا ـ تلفزيون سوريا
دمشق ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

فقدت دمشق أحد أهم تقاليد أعيادها خلال السنوات الماضية. يتذكر رياض وهو في الخامسة والثلاثين من عمره متزوج ولديه 3 أطفال، عندما كان يتجول في صغره مع أقرانه من الأطفال في أول أيام العيد يطرقون أبواب الأقارب باباً باباً ليقولوا لهم عبارة: "كل عام وأنتم بخير، ثم يحصلون على الحلوى مع العيدية".

يقول رياض لموقع تلفزيون سوريا "كنا نرتدي ملابسنا الجديدة ونجتمع في بيت عمنا الأكبر، ثم ننطلق من هناك نحو باقي أقاربنا، وكانت الطرقات تغص منذ الصباح الباكر بالأولاد الذين يدورون على منازل أقاربهم للحصول على العيدية والحلوى والتباهي بالملابس الجديدة، لكن اليوم مختلف تماماً فلم يعد يطرق بابنا أي من أطفال أقربائنا، بينما العيدية باتت نادرة يحصل عليها الطفل في حال زيارة أحد الأقارب المقتدرين لهم".

كيف اختفى تقليد "دوارة العيد"؟

كثير من العوامل التي ساهمت في اختفاء طقس "دوارة العيد" الخاص بالأطفال، كما تقول نورا وهي أم لطفلتين بعمر الـ6 والـ9 سنوات لموقع تلفزيون سوريا.

فقدت نورا زوجها منذ عام 2014 ولا تعلم أين هو حتى اليوم، تلك الحادثة أثّرت بها وبثقتها في الأمان، لذلك ترى أن فقدان الأمان هو أحد أهم العوامل التي جعلتها تمنع طفلتيها من اتباع التقليد الموروث الخاص بدوارة العيد.

من العوامل التي دفعت نورا لمنع طفلتيها من ذلك أيضاً، هو عدم قدرتها على رد العيدية، وقالت "لا أستطيع أن أوزع العيدية على مجموعة من الأطفال. تخيل لو طرق بابي 6 أو 7 أطفال وتريد أن تعطي كل واحد منهم ألفي ليرة وهي لا تكفي ثمن بسكويتة، هذا يعني ما مجموعه بين 12 و14 ألف ليرة، وأنا غير قادرة على توزيع هذا المبلغ في الوقت الذي أنتظر فيه المساعدات من الناس في مثل هذه المناسبات".

ضعف العلاقات الاجتماعية في سوريا

يضيف فيصل على حديث نورا، وهو في الـ47 من عمره ولديه 4 أولاد بين 11 و17 سنة، عاملاً آخر دفعه لمنع هذه العادة على أولاده، وهو تغيّر العلاقات الاجتماعية بفعل سنوات الحرب، ويقول "هذه الحرب غيّرت من نفوس الناس، فلم تعد العلاقات الاجتماعية بين الأقارب كالسابق".

الأولاد الذين فقدوا أعمامهم أو أخوالهم في الحرب، تأثروا بشكل غير مباشر سلباً بتفكك الرابط الأسري مع أسر أقاربهم المفقودين أو المتوفين أو المعتقلين كونهم كانوا هم محور العلاقة بالقرابة، بحسب فيصل، الذي أكد أنه لن يرسل أحداً من أبنائه إلى منزل زوجة خاله المتوفى في سبيل الحصول على عيدية فقد بات ذلك "معيباً" على حد تعبيره.

"لم تكن دوارة العيد وطلب العيدية من قبل الأطفال "عيباً" يوماً في السابق، بل كانت محببة ومرحباً بها من قبل الجميع، لكن الظروف الاقتصادية الصعبة اليوم، قد تجعل من هذا الطقس إحراجاً لبعض الأسر من ناحية تقديم الحلوى أو مبالغ مالية جيدة كعيدية، وعلى الطرف الآخر قد تخجل أسرة من إرسال ابنها في الجولة كونها لم تشترِ ملابس جديدة له، أو تلافياً من عودة الأطفال لطرق بابهم خلال الجولة وهم لا يملكون المال". يقول أبو نزار وهو الـ65 من عمره.

الفقر في سوريا والهجرة

سألنا أبا نزار عن رأيه في سبب اندثار طقس "دوارة العيد" بين الأطفال، فبدأ إجابته متقاطعاً برأيه مع رأي فيصل فيما يتعلق بتغير طباع ونفوس وعلاقات الناس خلال الحرب، ويختصر ما يحصل اليوم بعبارة "كل واحد همه مكفيه"، ويضيف "كان منزلنا قبل الحرب مضافة بكل معنى الكلمة، حيث يبدأ الأصدقاء والأقارب والجيران بزيارتنا منذ صلاة العيد وحتى العشاء، وبدورنا نقوم نحن أيضاً بجولاتنا وهكذا".

وأضاف "أما اليوم، فلا أخفي عليك، بأننا نشتري الحلويات كل عام ونأكلها مع عائلات أولادي، وبالكاد يطرق بابنا عائلتان أو ثلاث غيرهم، والسبب كما قلت لك، هو تغير نفوس الناس بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، إضافةً إلى تفكك الأسر والهجرة خارج سوريا، مع عوامل أخرى منها اقتصادية حيث يتحاشى بعضهم زيارة الآخرين كي لا يعودوا لزيارته وهو لا يملك ثمن حلوى العيد أو القهوة المرة".

"كثير من طقوس الأعياد فقدت تدريجياً سواءً في دمشق وغيرها، وفي حال لم تصل سوريا إلى حل لأزمتها، قد نصل بعد سنوات إلى مرحلة تختفي فيها كل ملامح العيد عن الغالبية العظمى ويحرم الأطفال من قدرتهم على دفع 1000 ليرة لركوب أرجوحة، وتعجز العائلة عن شراء باقتي آس بـ10 آلاف ليرة لوضعها على قبور من فقدوهم". هكذا يختم أبو نزار حديثه مع بعض الأدعية بالفرج.