icon
التغطية الحية

العراضة وفرق الإنشاد الديني.. موروث شعبي نقله السوريون إلى مصر

2023.07.09 | 06:17 دمشق

العراضة وفرق الإنشاد الديني.. موروث شعبي نقله السوريون إلى مصر
حفل زفاف سوري في مدينة الإسكندرية تحييه فرقة إنشاد والعراضة الشامية، مصر، 2023 (تلفزيون سوريا)
القاهرة - لجين عبد الرزاق دياب
+A
حجم الخط
-A

مع انتقال أكثر من مليون ونصف مليون سوري إلى مصر، نقلوا معهم العديد من المهن التي كانوا يتقنونها وتربوا عليها، وكان لهم تأثير على المجتمع المصري الذي يبدي تقبلاً للسوريين أكثر مقارنة بالدول الأخرى، من هذه المهن كانت فرق "العراضة الشامية"، وفرق الإنشاد الديني "الموالدية".

بين صالات الأفراح، وفي أثناء افتتاح المحال التجارية، وفي المناسبات المهمة عند السوريين ومؤخرا عند المصريين، تسمع صدى طبولهم والدفوف وأصوات أهازيجهم وأغانيهم باللهجة السورية التي قد يصعب على بعض المصريين فهمها، تلك هي "العراضة الشامية".

تعد "العراضة الشامية" تراثاً سورياً ينتقل من جيل إلى جيل، وهي أحد مصادر الدخل لبعض السوريين الذين لجؤوا إلى مصر، خلال العقد الأخير، مع محاولتهم التمسك بعاداتهم وتراثهم.

تستقبل العراضة زوارها عبر قرع الطبول والمبارزة بالسيوف والأهازيج المخصصة لكل مناسبة، ويرتدي أعضاء فرقة العراضة الزي التراثي الدمشقي"الشروال والحطة والصدرية والشال على الخصر".

صور من نشاطات فرقتي "ليال الشام" للعراضة الشامية و"الحلم" للإنشاد الديني في مصر، 2023 (تلفزيون سوريا)

المشاركة في المناسبات السورية والمصرية

يعتبر السوريون وخصوصاً "الشوام" العراضة جزءاً من مناسباتهم، أسسوا عدداً من الفرق الخاصة بالعراضة للمشاركة في المناسبات والاحتفالات للسوريين والمصريين أيضاً.

 محمد دالاتي (31 عاما)، سوري من حي باب سريجة في دمشق، ومؤسس فرقة "ليالي الشام" للعراضة الشامية في مصر، ورَث حب المهنة من أجداده.

يقول محمد، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، منذ 40 عاما أسس جدي فرقة للعراضة، من ثم ورثها عنه خالي الذي جعلني أحب المهنة أكثر.

يضيف محمد، وصلت إلى مصر في عام 2013، وكان لدي مجموعة من الأصدقاء القادمين من سوريا، فقررنا تأسيس فرقة عراضة، وبدأنا في الأعراس السورية، وافتتاح المحال التجارية، بالإضافة إلى المناسبات الخاصة بالسوريين كحفلات تكريم المتفوقين، وتخريج الجامعات.

بحسب محمد، انطلقت فرقة "ليال الشام" في مدينة دمياط في الساحل الشمالي لمصر ومن ثم افتتح فرعين في القاهرة بمنطقتي "العبور" و"السادس من أكتوبر".

شغف وعمل

لا يقتصر عمل محمد على فرقة العراضة وإنما هي مهنة ثانوية بالنسبة له ولأصدقائه، نتيجة شغفهم بها، يمارسونها إلى جانب أعمال الأخرى، محمد يملك محل إكسسوارات ومكياج، ومن أصدقائه من هو النجار والخياط.

يقول مؤسس فرقة "ليال الشام"، لم يكن المشروع ربحيا في البداية، بل كان حبا لتقديم العراضة، ولكن بعد فترة اتجهنا للربح مع ازدياد المناسبات الخاصة بالسوريين.

بحسب محمد، يبلغ متوسط سعر الحفل في دمياط 3500 جنيه مصري (115 دولاراً أميركياً)، بينما يختلف السعر في القاهرة حيث يصل إلى نحو 7000 جنيه.

إضافة جميلة للأفراح المصرية

يقول محمد، دخلنا الأفراح والمناسبات المصرية بقوة، فأصبحت رقصة الدبكة إضافة جميلة في الأفراح المصرية وكذلك فقرة السيف والترس.

ويضيف، نختار كلمات تتناسب مع المصريين لسهولة فهمها، كما أن الشعب المصري منفتح على كل ما هو جديد، وأكثر ما يحبونه هو الوصية التي نقولها للعريس في آخر العراضة.

ويشير مؤسس فرقة العراضة إلى أن ارتفاع نسبة الزواج بين السوريين والمصريين أسهم في ازدياد الطلب على "العراضة الشامية".

ويقول، المصريون أصبحوا أنسباءنا، فترى العديد من السوريين متزوجين من مصريات والعكس أيضا، مما يجعل العراضة مهمة في هذه الأعراس، حتى لو كان العرسان مصريين فقط، فإننا نقدم العراضة بكل حب وبكلمات سهلة.

فرق الإنشاد السورية "الموالدية"

نقل السوريون جزءا من تراثهم إلى مصر، كان أهمها فرق الإنشاد الديني التي لاقت نجاحا لافتا بين المصريين مثل فرقة"مرعشلي" وفرقة "الإخوة أبو شعر" وفرق جديدة تأسست في مصر مثل فرقة "حلم"، التي تشارك في المناسبات المصرية والمهرجانات الدولية في مصر.

طارق سويدان (41 عاما) منشد سوري من درعا ومؤسس فرقة "حلم" للإنشاد، بدأ رحلة الإنشاد منذ الصغر وكان لديه فرقة إنشادية في سوريا "شباب محمد" ولكن أجبرته الحرب مغادرة سوريا بسبب الحرب.

وصل المنشد الشاب إلى مصر في 2013، توقف عن الإنشاد لفترة احتراما لدماء السوريين، ولكن بعد سنة ونصف من إقامته في مصر تمت دعوته إلى أول فعالية للسوريين في الإسكندرية وبعد ضغط من المقربين انضم للحفل.

قدم طارق في تلك الحفلة أغنية موطني، التي أثارت استحسان كثيرين، ويروي أن السوريين باتوا يتداولون رقم هاتفه بعد الحفلة وكذلك المصريون.

يقول مؤسس فرقة "الحلم"، في البداية كنا ننشد في الأعراس السورية أو الموالد، بالإضافة إلى مناسبات السوريين كحفلات التخرج وتكريم المتفوقين.

ويضيف، أن نشاط الفرقة لفت انتباه الصحافة المصرية مما زاد شهرتها في الأوساط المصرية، وبدأنا ندخل في المجتمع المصري وننشد في مناسباتهم.

بحسب طارق، فإن سر نجاح السوريين هو أننا نقدم أفضل ما لدينا بإتقان عال، ولاقينا تشجيعاً شعبياً ورسمياً في مصر مما ساعدنا في الانتشار وسهّل استمرارنا.

دفع هذا الأمر طارق لتأليف وتلحين أكثر من عمل إنشادي خاص بمصر، حيث قدم أغنية (مصر يا أمنا) وأغنية (يا بهية) كرد جميل لمصر وشعبها الذين احتضنوا الشعب السوري.

الفارق بين الأعراس السورية والمصرية

ما يزال جزء كبير من السوريين في مصر يحافظون على عاداتهم وطرق احتفالهم بالأعراس، وتلتزم معظم الأعراس السورية على فصل الرجال والنساء وعدم الاختلاط، حيث يحتفل كل منهم بقاعة منفصلة، للحفاظ على الخصوصية.

وتقدم في الأعراس السورية المشروبات الباردة، بالإضافة إلى البوظة العربية أو "المحلاية" وفي الغالب لا يقدم الطعام خلال العرس، بل في فترة تسبقه.

يذهب العريس مع أصدقائه إلى الحمام "حمام السوق" من ثم يلبسونه ويزفونه في موكب احتفالي إلى مكان الحفل، حيث تستقبله العراضة الشامية والسيف والترس، من ثم يحتفلون لبضع ساعات قبل دخوله إلى صالة العروس.

بينما يختلف المصريون بهذا الأمر، حيث يحتفل العريس والعروس معا بالعرس مع أصدقائهم وأقاربهم، ونادرا ما يكون هناك أعراس منفصلة أو "إسلامية" كما يطقون عليها.

يدخل العريس والعروس إلى القاعة على أنغام الزفة المصرية والطبلة والزغاريد، من ثم يبدأ الحفل المشترك.

في الأعراس المصرية لا بد من وجود الطعام، فتكون الضيافة عبارة عن طعام في البداية، ثم بعدها تقدم الحلويات والمشروبات.