icon
التغطية الحية

الطفل السوري ليث وجدته وحبهما الذي لم تغيره قسوة الظروف

2022.09.13 | 16:57 دمشق

الطفل السوري ليث في بيت جده بقدسيا
الطفل السوري ليث في بيت جده بقدسيا
يونسيف - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

كان ليث في الثانية من عمره عندما فقد والديه في الحرب، إذ في عام 2012، هربت أسرة ليث من العنف وتصعيداته في مدينة زملكا بريف دمشق، دون أن يحمل أي منهم أي شيء سوى ملابسه. وبعد أيام قليلة على ذلك، عادوا إلى بيتهم لجلب ما يلزمهم من المتعلقات والوثائق حتى يسجلوا ولديهما الأكبر سناً من ليث في إحدى مدارس دمشق، بعدما لجؤوا إليها.

تقول جدة ليث، واسمها روضة، وهي تتذكر ذلك الحادث المأساوي: "سقطنا على الأرض وامتلأ المكان بالغبار، فساعدت نفسي على الوقوف، ثم جريت نحو الشرفة لأتفقد ابنتي وزوجها وابنها"، حيث كانت قذيفة قد سقطت، فأصيب ليث بسببها بجراح بالغة هو ووالداه. طمر الركام جميعهم وقتها، لكن الجدة استطاعت أن تحفر لتصل إلى ليث، وبعدها نقل الثلاثة إلى أحد المشافي، حيث أسلم والدا ليث الروح هناك، ودخل ليث في غيبوبة استمرت شهراً، بعد ذلك اضطر الأطباء لبتر ساق ليث اليمنى، وعن ذلك تقول روضة: "خضع منذ ذلك الحين لعشر عمليات جراحية، ومايزال بحاجة للمزيد".

أصبح عمر ليث اليوم 12 عاماً، وهو يعيش مع جدته، إذ إن جده وجدته أعالاه وأنفقا على تعليمه وتعليم شقيقيه منذ ذلك الحين، حيث كان الجد يدفع الكرسي المتحرك الذي أصبح لدى ليث حتى يذهب إلى المدرسة كل يوم، وحول ذلك تخبرنا الجدة فتقول: "إن المدرسة فرصته الوحيدة ليعيش حياة أفضل.. لكن الأمور لم تكن سهلة، وذلك لأن معنويات ليث وثقته بنفسه هبطت كثيراً عندما بدأ يرتاد المدرسة، بعدما تعرض للتنمر هناك، وهذا ما زاد وضعه سوءاً".

 

boy-doing-homework

ليث وهو يكتب وظائفه في بيت جده بقدسيا

عملت روضة ليل نهار حتى تدفع إيجار الشقة ولتساعد زوجها على كسب رزقه، حيث تقول: "خسرنا كل ما لدينا أنا وزوجي وبات علينا أن نبدأ من الصفر، بيد أن ذلك ليس سهلاً بالنسبة لمن هم في سننا".

توفي زوج روضة قبل خمس سنوات، فبقيت بمفردها تحمل مسؤوليات جسيمة على عاتقها.

خلال السنة الماضية، علمت روضة من خلال أحد الجراحين الذين يتابعون وضع ليث عن برنامج تدعمه منظمة اليونيسيف ويقدم معونة نقدية للأسر التي يوجد لديها أطفال يعانون من إعاقات، وعن ذلك تخبرنا فتقول: "في تموز 2021، زارنا فريق من اليونيسيف، واستمعوا لقصتنا ثم سجلوا ليث في البرنامج، فشعرت بأن أحداً قد اهتم بنا بصدق".

 

boy-playing

ليث وهو يلعب مع بتول مديرة الحالة التي تدعمها اليونيسيف خلال زيارتها لهم في بيتهم بقدسيا

ومن خلال هذا البرنامج تم تعيين مديرة حالة مخصصة لليث، اسمها بتول، وقد ساعدته بتول في الحصول على بطاقة معاق التي تتيح له الحصول على العديد من الخدمات الاجتماعية. كما وجهت بتول الجدة خلال عملية الحصول على الوثائق القانونية اللازمة لوصايتها على ليث. وتقوم بتول بزيارة الأسرة بشكل دوري لتفقد طلبات ليث وإحالته إلى جمعية خيرية محلية قدمت له ساقاً اصطناعية. كما تمت إحالة ليث إلى معهد في قدسيا قريب من بيته، حيث يحضر دروساً تعويضية ليتابع ما فاته من تعليمه عندما خضع لعمليات جراحية وأثناء فترة تعافيه منها.

وحول تلك الحالة تحدثنا بتول فتقول: "منذ زيارتي الأولى لهم، لاحظت بأن ليث بحاجة لدعم نفسي قبل كل شيء، فعملنا معا على تحسين ثقته بنفسه، كما أن استبدال كرسيه المتحرك بساق صناعية منحه دعماً معنوياً كبيراً، وهذا ما ساعده على إحراز تقدم في المدرسة، إذ كلما أذهب لرؤيته يفاجئني بشهادات التميز التي حصل عليها في العديد من المواد، إلى جانب أنه صار يستجمع شجاعته ويقيم علاقات صداقة".

 

boy-walking-down-stairs

ليث وهو ينزل على درج البناء الذي يقيم فيه مع جده وجدته

تلقت أسرة ليث حتى الآن أربع حوالات نقدية من أصل ثماني، إذ تقول روضة: "إن كل ليرة تصرف على ما يحتاجه ليث، فقد جلبت له ثياباً وبزة مدرسية، وقرطاسية، وأدوية، ودفعت أجرة بعض الدروس الخاصة له، إلى جانب مصاريف تنقلاته إلى المدرسة لأنه لا يستطيع أن يمشي لمسافات طويلة"، أي إن أولويتها في الحياة هي صحة ليث وتعليمه، وعن ذلك تقول: "إنه نقطة قوتي في الحياة، إذ مهما بلغ مني التعب لا بد أن أقوم لأعتني به".

يحكي لنا غيث كيف تغيرت حياته فيقول: "لبست ثياباً جديدة في العيد اشترتها لي جدتي، وعندما رآني الجيران وأنا أرتديها أخبروني بأني أبدو أنيقاً... أحب جدتي كثيراً".

يحلم غيث بأن يصبح طبيب قلبية مستقبلاً، وذلك لأنه يرغب بأن يساعد جدته حتى تعيش حياة صحية مديدة.

المصدر: يونيسيف