icon
التغطية الحية

الجيش السوري الإلكتروني.. هل اختفى إلى غير رجعة بعد تفكيكه من قبل أميركا؟

2022.04.20 | 12:47 دمشق

تفكيك الجيش السوري الإلكتروني الموالي للأسد - المصدر: الإنترنت
تفكيك الجيش السوري الإلكتروني الموالي للأسد - المصدر: الإنترنت
ناشيونال إنترست- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

في نيسان 2013، قام ناشطون على الشابكة موالون للأسد بقرصنة حساب أسوشيتد برس على تويتر من سوريا، حيث نشروا تغريدة حول وقوع تفجير كاذب في البيت الأبيض، تسبب بإصابة الرئيس وقتئذ، باراك أوباما، كما أدى إلى تراجع مؤقت في سوق الأوراق المالية الأميركية بلغ حد 136 مليار دولار أميركي. ثم قامت وحدة القرصنة الرفيعة التي تضم موالين للنظام السوري، والتي تعرف باسم الجيش السوري الإلكتروني ويعتقد أن رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد هو من كان يمولها، باستهداف جامعة هارفارد، وفيلق مشاة البحرية الأميركية، ومنظمة هيومان رايتس ووتش، وغير ذلك من القنوات الإخبارية، وذلك عبر هجمات إلكترونية منفصلة.

 

ElfIxwWW0AAGmeI.png

 

وخلال الفترة الممتدة بين عامي 2011-2014، نفذ الجيش السوري الإلكتروني حملة إلكترونية نشطة للغاية هدفها نشر الدعاية الموالية للأسد، وتشويه المواقع الإلكترونية المعادية لنظامه الديكتاتوري. ولكن بعد عام 2014، ضعف نشاط الجيش السوري الإلكتروني، إلى أن بلغ مرحلة الصمت على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، إذ لم تشهد صفحة هذا الجيش الرسمية على تويتر أي تحديث منذ عام 2015، وكذلك الأمر بالنسبة لصفحته على يوتيوب التي لم تنشر شيئاً طوال ثماني سنوات.

كما أصبحت التقارير الإخبارية حول عمليات القرصنة المنسوبة لهذا الجيش أقل بكثير وتظهر على فترات متباعدة خلال السنوات القليلة الماضية، أي أن التراجع السريع للجيش السوري الإلكتروني في نشاطه السيبراني مثير للدهشة. إذن، ما الذي حل بالجيش السوري الإلكتروني؟

نجاح أميركا في تفكيك الجيش السوري الإلكتروني

يعدّ نجاح الحكومة الأميركية في تفكيك هذه المجموعة أحد الأسباب الرئيسية لانقطاعها النسبي عن النشاط، إذ في عام 2014، جرى تسليم بيتر رومار، وهو مواطن سوري وعضو في الجيش السوري الإلكتروني، كان يعيش في ألمانيا، إلى الولايات المتحدة، ثم أدين في عام 2016 بتهمة جنائية وهي النشاط في مجال الجريمة الإلكترونية. ثم قام مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركي بوضع عضوين آخرين من هذا الجيش، وهما فراس دردر وعماد عمر آغا على قائمة المجرمين الإلكترونيين المطلوبين بشدة في عام 2016.

وفي بيان صدر في العام نفسه حول تلك المنظمة، قال جون كارلين معاون المدعي العام لشؤون الأمن القومي: "في الوقت الذي يسعى فيه جزء من ذلك النشاط لإلحاق الضرر بالأمن الاقتصادي والقومي للولايات المتحدة تحت اسم سوريا، تكشف تلك الادّعاءات المفصلة أن أعضاء هذه المجموعة لجؤوا إلى الابتزاز أيضاً حتى يملؤوا جيوبهم بطريقة غير مشروعة على حساب أشخاص ملتزمين بالقانون في مختلف بقاع العالم". وعلاوة على ذلك، قامت الاستخبارات الأميركية بعمل مبهر يتمثل في ملاحقة الجيش السوري الإلكتروني وفضح مدى خطورة نشاطه في مجال الجرائم الإلكترونية. أما السبب الثاني لتراجع الجيش السوري الإلكتروني وانحساره فيتمثل بحقيقة بسيطة وهي تغير الوضع الجيوسياسي عالمياً بشكل كبير منذ عام 2014، إذ لم تعد الحرب السورية تتصدر سياسات القوى العظمى في العالم.

"امتداد لإيران"

بقي كثيرون يعتقدون أن هنالك ما يربط الجيش السوري الإلكتروني بالحكومتين الإيرانية والروسية، إذ في عام 2013، أعلن الجنرال السابق مايكل هايدن في وكالة الاستخبارات المركزية الذي أصبح مديراً لوكالة ناسا أن الجيش السوري الإلكتروني "هو امتداد للدولة الإيرانية"، وأضاف في وقت لاحق خلال ذلك العام بأن هذا الجيش "يبدو كوكيل لإيران". إذ خلال سنوات النشاط الأولى، شن الجيش السوري الإلكتروني هجمات إلكترونية غير احترافية على مواقع ضعيفة وهشة أمنياً، ولكن بعد عام 2012، توسعت الإمكانات التقنية للجيش السوري الإلكتروني إلى حد بعيد، حيث بدأ ينفذ هجمات إلكترونية معقدة على مواقع إلكترونية محصنة أمنياً بشكل كبير. ولهذا يعزو متخصصون غربيون في مجال الأمن السيبراني وخبراء في مجال الاستخبارات زيادة التطور البادي على الجيش السوري الإلكتروني إلى تدريب إلكتروني وتوجيه قدّمته له إيران. إلا أن هذا الجيش ليس سوى مجموعة ضمن شبكة موسعة من مجموعات القرصنة الإسلامية الموالية لطهران التي أنشأتها إيران ورعتها في أماكن مختلفة من هذه المنطقة.

وبما أن الجيش السوري الإلكتروني يخضع لوصاية إلكترونية من قبل إيران، لذا بوسع طهران أن تملي عليه ما يجب أن يفعله، فعلى سبيل المثال، وتحديداً في شهر تشرين الأول من عام 2015، أي قبل فترة قصيرة من تراجع نشاط هذا الجيش في الفضاء الإلكتروني، دخلت إيران في محادثات مع الحكومة الأميركية على مستويات متعددة، وكان الهدف منها هو إيجاد حل للحرب السورية. وبما أن الجيش السوري الإلكتروني لعب دوراً في زعزعة الاستقرار، لذا يعتقد بأن إيران عملت على تهميشه لتضمن لنفسها مقعداً دائماً في محادثات السلام السورية إلى جانب ممثلي الدول الأخرى، وعلى رأسهم روسيا والسعودية والولايات المتحدة وتركيا.

دعم روسي ثم تهميش

وإلى جانب الدعم الكبير الذي قدمته طهران للجيش السوري الإلكتروني، حصل هذا الجيش أيضاً على مساعدة ودعم من قبل روسيا التي تعدّ أهمّ حليف لنظام الأسد، وذلك لأن مخدّمات هذا الجيش موجودة في روسيا، فقد أوردت صحيفة الغارديان في نيسان 2013 بأن هذا الجيش حصل على "مساعدة تقنية على فترات متقطعة من قبل روسيا"، إلا أن تركيز موسكو على أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي خلال الفترة الأخيرة، دفع بالملف السوري إلى هوامش السياسة الخارجية الروسية. وبالنظر إلى الضغوط الدولية الهائلة التي تتعرض لها موسكو عقب غزوها لأوكرانيا، لا أحد يرجح أن تواصل الأجهزة الأمنية الروسية دعمها التقني لهؤلاء القراصنة الموالين للأسد.

تمويل رامي مخلوف للجيش الإلكتروني

إذا أمعنا النظر في الأحداث الأخيرة التي وقعت لرامي مخلوف، الذي يعدّ الداعم المالي الأساسي لهذا الجيش، وابن خال الأسد، نجد أنه من المستبعد أن يعود هذا الجيش إلى سيرته الأولى. إذ بحسب شهادات أدلى بها ناشطون من المعارضة السورية إلى جانب أحد العناصر السابقين في هذا الجيش، فإن مخلوف كان يمول وبشكل كبير تلك الجماعة المتخصصة بالقرصنة من مقر شركته في دبي، حيث كان أعضاء هذا الجيش يحصلون على راتب يصل إلى ألف دولار عن كل هجمة إلكترونية ناجحة تستهدف مؤسسة مالية أو سياسية غربية. ولكن في ربيع عام 2020، وقع خلاف بين مخلوف والأسد، ولهذا بدأ بتوجيه انتقاداته للنظام عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وفي الوقت الذي ما تزال فيه الفرضيات حول أسباب هذا الخلاف الحاصل ضمن الأسرة الحاكمة في سوريا في طور الانتشار والتداول، قد ينظر بعضهم إلى هذا الشقاق على أنه سبب آخر من الأسباب التي أدت إلى حلّ الجيش السوري الإلكتروني.

من المحتمل أن تظهر مجموعة إلكترونية أخرى موالية للأسد في المستقبل القريب، لكن من غير المرجح لها أن تطور إمكاناتها لتصل إلى مستوى الجيش السوري الإلكتروني، إذ مع تغير الأوضاع الجيوسياسية والديناميات الداخلية للنظام في سوريا، تراجعت التوقعات حول ظهور مجموعة سيبرانية سورية تتمتع بقوة تضاهي قوة الجيش السوري الإلكتروني، ولكن مع قيام حالة من التوتر مؤخراً بين الولايات المتحدة وإيران، قد تعود طهران إلى وكلائها الإلكترونيين من الشيعة لتعيد تنشيط العمليات الإلكترونية التي تستهدف مواقعَ أميركية وإسرائيلية. وفي الوقت الذي أصبح فيه الجيش السوري الإلكتروني الذي يعود إلى أوائل العشرية الثانية من الألفية الثالثة شيئاً من الماضي، لا بد للولايات المتحدة أن تراقب عمليات الشراكة السيبرانية التي تدخل فيها إيران داخل منطقة الشرق الأوسط وما بعد الشرق الأوسط.

المصدر: ناشيونال إنترست