icon
التغطية الحية

الجولاني يشيد بحراك السويداء ومطالب دروز إدلب تكشف سوء واقعهم المعيشي

2023.09.07 | 15:46 دمشق

لقاء الجولاني بوجهاء وأعيان بلدات وقرى جبل السماق في ريف إدلب
لقاء الجولاني بوجهاء وأعيان بلدات وقرى جبل السماق في ريف إدلب
إسطنبول - خاص
+A
حجم الخط
-A

أشاد أبو محمد الجولاني قائد هيئة تحرير الشام بمظاهرات السويداء وذلك في لقائه "وجهاء وأعيان" بلدات وقرى جبل السماق في ريف إدلب، لكن مطالب وفد دروز إدلب كشفت سوء واقعهم المعيشي رغم إعلانهم اعتناق الإسلام مجبرين بعد المجزرة التي ارتكبتها جبهة النصرة بحق ما يقرب من 20 شخصاً من قرية قلب لوزة الدرزية.

وقال الجولاني في اللقاء الذي بثته "وكالة أمجاد": نبارك انتفاضة أهالي السويداء ونؤيدهم في مطالبهم، كما نبارك انتفاضة أهلنا في درعا والمنطقة الشرقية ضد الظلم".

وكرّر الجولاني توصيفه للواقع المعيشي في مناطق سيطرة "حكومة الإنقاذ" بعد "الخطة التنموية" التي أطلقتها الإنقاذ قبل ثلاث سنوات، ويرى أن الواقع المعيشي كل عام أفضل من الذي سبقه

مطالب تكشف حقيقة الواقع المعيشي في جبل السماق

وتقدم وفد الدروز بمجموعة من المطالب الخدمية والمعيشية تتمثل في استكمال تسليم الأملاك والعقارات لأهاليها، وافتتاح مدرسة إعدادية ومركز طبي ومساجد، وتأمين فرص عمل لجيل الشباب المتخرجين من الجامعات حديثاً، ودعم المنطقة بالمساعدات الإغاثية، ودعم المزارعين.

وطالب أحد الحضور برفع نسبة الأملاك والأراضي المعادة إلى 50 في المئة بدلاً عن 30 في المئة المعمول بها حاليا. حيث أقرت حكومة الإنقاذ سابقاً قراراً يسمح لأقارب المهجرين والمغتربين باستعمال 30 في المئة من أراضيهم.

وقال أحد الحضور إن المنطقة تضم حالياً مدرستين فقط، واحدة منهما تتبع لمدارس "الوحي الشريف" في قرية قلب لوزة، ومركز طبي واحد في قرية تلتيتا.

وتدير هيئة تحرير الشام - بطريقة غير رسمية - سلسلة مدارس تدعى "دار الوحي الشريف" مستغلة انقطاع الدعم عن القطاع التعليمي في شمال غربي سوريا وحاجة الأهالي لتعليم أطفالهم، ولا سلطة لمديرية التربية والتعليم عليها، وتتخذ هذه المدارس من عبارة "نحو جيل قرآني فريد" شعاراً لها، وتسعى لاستقطاب عناصر هيئة تحرير الشام والأيتام وغيرهم.

"نرفض تسمية دروز"

وقال أحد الحضور من وفد الدروز للجولاني: " نحمد الله على نعمة الإسلام وأن منّ الله علينا بالاسلام، ونطلب منكم أن يتم التوجيه لمن لهم الأمر أننا نرفض تسمية دروز، فهذه العباءة خلعناها قبل 10 سنوات ونحن من هذا المجتمع في بوتقة واحدة، لكن هذه التسمية تثير في بعض النفوس الضعيفة محاولة الاصطياد في الماء العكر"، ثم طالب المتحدث بإزالة المخيمات العشوائية في محيط الحقول والبساتين، وتعبيد الطرق التي تم حفرها.

والجدير بالذكر أن من بقي من دروز جبل السماق في قراهم تحت حكم جبهة النصرة ومن ثم هيئة تحرير الشام، أُجبروا على اعتناق الإسلام، تجنباً للمضايقات والظلم الواقع بحقهم، وذلك بحسب شهادات من وجهاء جبل السماق لتلفزيون سوريا وبحسب العديد من التقارير الحقوقية.

وقال الجولاني: "النظام السوري يحاول إثارة النعرات الطائفية والثورة أثبتت عكس ذلك رغم الأخطاء، والطوائف في سوريا عاشت مع بعضها منذ 1400 عام، وعندما انتهت الحملات الصليبية لم يغادر مسيحيو سوريا بلدهم".

وقال الشرعي في تحرير الشام مظهر الويس إن أهداف الثورة السورية تتمثل في "الحرية والعدالة والكرامة والعيش المشترك".

ثم وعد الجولاني وفد الدروز بتحقيق مطالبهم لكن "على دفعات ومراحل" لأن الخطة التنموية التي أطلقتها "حكومة الإنقاذ" منذ 3-4 سنوات لم تصل لقرى جبل السماق بعد، وبرر التأخر بأن إدلب كانت مهمشة على عهد النظام وأن "الإنقاذ" بدأت بالخطة من الصرف الصحي.

وطالب الجولاني الوفد الدرزي بـ "مراعاة الظروف التي تمر بها الثورة وظروف الحرب".

وزار الجولاني جبل السماق في حزيران من العام الفائت ضمن سلسلة زيارات للأقليات الدرزية والمسيحية في إدلب.

واستبقت زيارات الجولاني خطوات عديدة قامت بها هيئة تحرير الشام للدفع بملف الأقليات قدماً ومن أبرز تلك الخطوات إنهاء كل من "مكتب أملاك النصارى" و"لجنة الغنائم" وإنشاء ما أطلق عليه الإدارة العامة للإسكان" وذلك لإزالة الصبغة الدينية والشرعية عن الأملاك التي تضع تحرير الشام يدها عليها إن كان للمسيحيين أو حتى المسلمين وذلك لتسهيل إعادة تلك الأملاك لأصحابها من دون الوقوع في حرج شرعي مع عناصرها.

الإدارة العامة للإسكان قامت بدورها بإخراج عدد من المهجرين والمقاتلين الأجانب من منازل المسيحيين التي كانوا يقيمون فيها وأمنت منازل بديلة لمن هم في صفوف تحرير الشام فقط.

لكن كل تلك الخطوات التي سعى من خلالها الجولاني ليكون حاميا للأقليات في إدلب تلقت ضربات موجعة ورسائل بالدم، فبعد لقائه بالمسيحيين العام الماضي بأيام قليلة تعرضت قرية الجديدة المسيحية لقصف جوي روسي أوقع مجزرة راح ضحيتها 7 مدنيين بينهم 4 أطفال.

على الرغم من أن ضحايا المجزرة لم يكونوا من المسيحيين لكن بعض المراقبين اعتبروا أن استهداف القرى المسيحية عبارة عن رسالة موجهة للمسيحيين الموجودين في مناطق سيطرة نظام الأسد مفادها أن عودتهم إلى قراهم في إدلب محفوفة بالمخاطر، وأن إدلب ليست آمنة وهي تحت الضربات الجوية في أي وقت.

أيضاً القرى الدرزية في جبل السماق ومحيطه شهدت عدة حوادث قتل وتحريض طائفي رغم أنها تعيش حالة من الأمن والهدوء النسبي منذ العام 2016.

فخلال شهر واحد وبعد زيارة الجولاني إلى قرى الدروز في جبل السماق شهدت المنطقة جريمتي قتل قضى خلالهما رجلان وامرأة لم تحدد هوية مرتكبها، ففي مطلع آب الحالي قتل الشاب حكمت رياض هداد في محيط قريته كوكو الدرزية بجبل السماق، كما عثر الأهالي على جثتي كل من السبعيني تركي بياس وزوجته هدى زيبار أمام منزلهما في قرية كفتين الدرزية.

"جهاز الأمن العام" التابع لـ "هيئة تحرير الشام" في إدلب، قال إنه ألقى القبض على المتورطين بقتل الرجل وزوجته، "وهما أبو بكر الأوزبكي، وعبدالله الأوزبكي"، مشيراً إلى أنهما "ينتميان إلى مجموعة من المقاتلين الأوزبك الموجودين  في سوريا، ولهم صلات بتنظيم الدولة، وكشفت الهيئة كذلك، أنهم "اغتالوا في وقت سابق "حكمت هداد" الذي قتل مطلع آب 2022، في جبل السماق".

أيضاً لم يقف الأمر عند هذا الحد بل حاولت جهات مجهولة إثارة صراع طائفي بين أهالي المنطقة من الطائفة الدرزية وبين المقاتلين الأجانب المنحدرين من تركستان الشرقية وأوزبكستان والذين استوطنوا في المنطقة بعد فرار العديد من سكانها عقب المجزرة التي ارتكبت بحقهم في العام 2015.

مطلع تموز 2022 شهدت بلدة قلب لوزة الدرزية ومحيطها بجبل السماق شحنا طائفيا إثر تغوّط شخص مجهول داخل أحد مساجد القرية، وهو ما رفضه واستنكره أهالي القرية الذين يحاولون تجنب التركستان وما يسبب الاحتكاك معهم.

وبعد حادثة التغوط حدثت عدة تجاوزات من قبل التركستان بحق أهالي القرية الذين كانوا يتجنبون أي تصعيد خشية ارتكاب مجزرة بحقهم كتلك التي حدثت عام 2015 على يد سفينة التونسي القيادي السابق في جبهة النصرة والذي قتل باشتباك مع جهاز الأمن العام التابع لتحرير الشام العام الماضي.

حادثة التغوط لم تنته رغم مطالبة الدروز بالكشف عن الفاعل، فبحسب مصادر موقع تلفزيون سوريا قام أحد المقاتلين الأجانب المدعو عبد الله الأوزبكي برفع بندقيته بوجه المصلين الدروز الذين أجبروا خلال فترة حكم جبهة النصرة على اعتناق الإسلام وهاجمهم المسلح الأوزبكي قائلاً: "أيها الدروز لقد دنستم المسجد" وأجبرهم على الوقوف في جانب بمعزل عن بقية المصلين من المسلمين السنة وهم بإطلاق النار عليهم قبل أن يمنعه رفاقه من ذلك ويخرجوه من المسجد.

هيئة تحرير الشام تحركت على الفور والتقت بسكان المنطقة الذين أخبروا إدارة منطقة حارم التي يتبعون لها بعدم قدرتهم على التعايش مع المقاتلين التركستان والأوزبك في المنطقة، ووعدتهم الهيئة بحل الأمر بالتزامن مع دفع جهاز الأمن العام بقوة منه ووحدات شرطية تتبع لوزارة الداخلية إلى قلب لوزة لضبط الأمن.

مجزرة قلب لوزة

في 10 من يونيو من عام 2015 وقعت مجزرة في قرية قلب لوزة، شكلت حدثاً رئيسياً ومفصلياً لأهالي جبل السماق، وحصل ذلك عندما حاول قائد تونسي في جبهة النصرة، مصادرة منزل أحد سكان القرية الذين اتهموا بالعمل لصالح النظام، وإثر  احتجاج القرويين فتح عناصر المجموعة النار على  المحتجين، بعد أن اتهمهم القائد التونسي بـ "التجديف (السخرية من معتقدات الإسلام)"، ما أدى لمقتل نحو 20 شخصاً بينهم مسنون وطفل.

بعد ذلك أصدرت "جبهة النصرة" بياناً استنكرت فيه الحادثة ووصفتها بـ"الخطأ غير المبرر"، وتوعدت بمحاكمة العناصر المتورطين. وفي مقابل ذلك يقول شريف، "رغم إصدار الجبهة بياناً اعترفت فيه بمسؤوليتها عن الجريمة، لكنها لم تحاسب المرتكبين، ولم تدفع تعويضات واكتفت بطرد التونسي من صفوفها".

ءئرؤ

تقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إن هيئة تحرير الشام منعت ممارسة الدروز لشعائرهم الدينية واستعاضت عن مراكز العبادة الخاصة بهم بالجوامع الخاصة بالمسلمين. ووثقت الشبكة 53 حالة خطف، بينهم 3 أطفال وسيدة تعرض لها أبناء القرى ذات الغالبية الدرزية في محافظة إدلب منذ مطلع عام 2012 وحتى آب من عام 2022، وتوزعت المسؤولية عن عمليات الخطف هذه  على النحو التالي:

  • تنظيم الدولة: 16 عملية خطف
  • هيئة تحرير الشام: 23 عملية خطف
  • تنظيمات متشددة أخرى: 14 عملية خطف

وتقدر الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن نسبة السكان من القرى الدرزية المتبقية في قراهم تقدر بنحو 20% من أصل سكانها غالبيتهم العظمى من كبار السن، حيث شهدت تلك القرى أكبر موجة نزوح قدرت بنحو 50% من السكان مطلع عام 2012 وحتى عام 2014 بسبب العمليات العسكرية والقصف الذي كانت تشهده إدلب عامة، وبعد سيطرة تنظيمات متشددة على المنطقة.