icon
التغطية الحية

الأكل الطيب وحسن الضيافة لغة الحب في سوريا والشرق الأوسط

2022.10.10 | 16:14 دمشق

صانع محتوى الطعام السوري أحمد الذهبي
صانع محتوى الطعام السوري أحمد الذهبي
ميدل إيست مونيتور - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

يتابع أكثر من خمسة ملايين شخص المحتوى الذي يقدمه أحمد الذهبي حول الوصفات الشعبية عبر تيك توك، وينتظرون بشوق الوصفة التالية لتظهر على صفحته المعروفة باسم:  "The Golden Balance", حيث يجمع فيها هذا الشاب السوري الأميركي عشاق الأكل وكل من يطمح لأن يصبح طاهياً عبر الإنترنت من خلال وصفاته الصحية سهلة التحضير.

ولد هذا الشاب ونشأ في ميتشيغان، وأصبح عمره 25 عاماً ليتحول اليوم إلى صانع محتوى استلهمه من طبخ أمه التي تأثرت بمطبخ الشرق الأوسط كثيراً، بعدما كبر وهو يساعدها ويراقبها وهي تقوم بأعمال المطبخ.

ويخبرنا بأن الطعام كان دوماً محور حياته منذ نعومة أظفاره، وبتشجيع من والدته، أصبح أستاذاً في العديد من المطابخ، وتابع تجربته وإعداده لوصفاته وأطباقه الشهية، وعن ذلك يخبرنا صانع المحتوى أحمد الذهبي فيقول: "كانت علاقتي بالأكل مختلفة على الدوام طوال حياتي، فلقد نشأت وأنا أحب الأكل حباً جماً منذ أن كنت طفلاً، إذ كانت شهيتي كبيرة وكنت آكل أكثر من أبي وأمي مجتمعين. وكانت أمي تدعوني للمطبخ حتى أساعدها في تحضير الوجبات وإعداد حفلات العشاء، ومن هنا بلغ اهتمامي بالطهي ذروته".

مكونات ونكهات مستوحاة من سوريا

إن الكثير من المكونات والنكهات التي يستخدمها في وصفاته مستوحاة من المواد المعطرة والألوان والروائح في سوريا وغيرها من دول الشرق الأوسط، ويعلق أحمد على ذلك قائلاً: "إن ما كبرت وأنا أتناوله أثر في ذوقي بكل تأكيد، لذا لا فرق إن كانت الوصفة وصفة سهلة من سوريا أو طبق مندي من اليمن، لأنه لابد لهويتي أن تلعب دورها في طريقة الإعداد والطهي ما يدفعني لمشاركتها مع العالم بأسره".

ضمن هذا المجال الذي يظهر فيه من أمثاله الكثير، ينشر أحمد وصفاته الصحية الخاصة التي تشمل أطباقاً بالمعكرونة ووصفات الكاري، كما أن هنالك قسماً خصصه في صفحته لفيديوهات مدتها 60 ثانية، يتحرك فيها قصداً ليشير إلى الكميات بدقة وليشرح السبب الذي يجعل من هذه المكونات وطريقة التحضير أفضل من غيرها بالإضافة إلى حديثه عن الطرق البديلة. أما الأجواء في تلك الفيديوهات فتشعرك بأنه بوسعك أن تحضر وجبة شهية كما يفعل هذا الشاب، وفي ذلك ما يشجع الجمهور بكل مودة، تماماً كما هي شخصية أحمد.

اقرأ أيضا: مطعم لشابين سوري ومصري في أميركا: الفلافل أطيب من التاكو

 

ودوماً، يخبرنا أحمد بأن هذه هي طريقته الخاصة القائمة على الطريقة التقليدية لتحضير طبق معين، ويقول: "إنني أشجع المعجبين لدي على البحث في المطبخ لإضافة نكهات ومكونات تناسب أذواقهم، ولهذا يمكن أن تسمعوني وأنا أقول: "أضيفوا على الوجه ما تحبونه، لأن هذا ما أحبه أنا"، كما أقدم مقترحات حول الأشياء التي يمكن إضافتها للطبق".

على الرغم من موهبته الواضحة في التقديم والوقت الذي يمضيه في استكمال الأطباق، إلا أن أحمد لا يعرف عن نفسه كطاهٍ، بل إنه لا يطمح لأن يكون طاهياً، وعن ذلك يقول: "بكل بساطة أرى نفسي إنساناً عادياً يعشق الطعام، والجمهور يستمتع بشخصيتي الحقيقية والصادقة، وذلك لأن الشخصية هي كل شيء في عالم صناعة المحتوى، ولذلك أقدم نفسي كما أنا دون أية رتوش، وأترك للمعجبين أن يعرفوا بأن ما أقدمه يمثل عملية تعلم بالنسبة لي أنا أيضاً، لذا فإن علينا تقبل الأخطاء بما أننا نتعلم سوية... وذلك لأن وصفاتي تتطور باستمرار، وكثيراً ما أجد نفسي وأنا أوثق وصفات مختلفة على مدار الساعة حتى أجربها، وقد يتأثر ذلك في بعض الأحيان بما أحبه وأتوق إليه أيضاً".

الأكل الطيب لغة الحب

في الوقت الذي أصبح فيه لدى أحمد اليوم أكثر من ألف فيديو، نجد بأن توقيعه "والآن بسم الله" هو الذي شهره عالمياً، لأنه يختتم فيديوهاته بتلك العبارة التي تخطف الانتباه، وذلك بعدما سأله أحد المعجبين عن سبب عدم قوله لها في أحد فيديوهاته قبل أن يشرع بتناول الطعام، ويعترف بما جرى فيقول: "سألت نفسي السؤال ذاته، بعد ذلك صرت أدمج تلك العبارة في فيديوهاتي بكل سلاسة، وذلك لأن عبارة بسم الله ليست لدين معين، بل إن كل الناطقين بالعربية يستخدمونها".

وبوصفه مسلماً، يشرح لنا أحمد بأن الغرض من تلك العبارة هو طلب النعم من الله والترحيب بها، بما يسهل قضاء الأمور وإنجازها.

استمد أحمد معظم وصفاته من المكان الذي تنتمي له أسرته، ومن المحبة والتاريخ والتقبل، وذلك لأن تناول الأسرة للغداء معاً أمر غير قابل للنقاش وفرصة يسرد من خلالها أبواه قصصاً حول الطعام الذي يتناولونه أو العادات الإسلامية المرتبطة بذلك، ويشرح أحمد ذلك بقوله: "في الثقافة الشرق أوسطية، نعتبر الأكل الطيب وحسن الضيافة لغة الحب، وعادة بالنسبة لنا، ولهذا سواء أدعوت أصدقاءك أم كنت فقط مع أهل بيتك، لابد لكم أن تجتمعوا لتتناولوا وجبة سوية، ولقد لعب أبي دوراً كبيراً في ذلك وأكد على أهمية حضور كل أفراد الأسرة لتناول الغداء عند الساعة الخامسة مساء كل يوم. إلا أني لم أكن أدرك بأن ذلك أمر غريب بالنسبة لبقية الأسر، إلى أن كبرت، وهذا ما جعلني أدرك أهمية تشديد الأسرة على الطعام سواء في الدين أو في الثقافة".

أما اسم صفحته: التوازن الذهبي فمستوحى من اسم عائلته، في حين أن كلمة ميزان تمثل الهدف النهائي الذي يشجع دينه كل من يتبعه على تطبيقه في كل نواحي الحياة: أي التوازن.

على الرغم من أن أحمد استلهم الكثير من مختلف مطابخ العالم، إلا أن لجمهوره التأثير الأكبر عليه، من خلال ما يكتبونه له من تعليقات، وقد كانت لحظة سوريالية بالنسبة لهذا الشاب صانع المحتوى عندما بدأت شخصيات مهمة متخصصة في مجال الطعام تدعمه وتقدر ما يقدمه، على الرغم من أنه كبر وهو معجب بتلك الشخصيات، ولهذا يتوق أحمد للمزيد من التطور والابتكار ليقدم خبراته الصحية لجمهوره، وعن ذلك يقول: "تطور عملي على مدار السنين، إلى أني بقيت أركز منذ مدة طويلة على تشجيع نمط حياة صحي ومتوازن وذلك فيما يتصل بالطعام.. وسيستمر حضوري عبر الشابكة ليشجع على نشر الحب من خلال الطعام، وعلى كسر الحواجز بالنسبة للمطبخ، وذلك حتى ألهم المعجبين على أن يصبحوا نسخة أفضل من أنفسهم، وكل ذلك يبدأ من الطعام".

المصدر: ميدل إيست مونيتور