icon
التغطية الحية

الأسواق الشعبية.. خيار الأهالي مع ارتفاع الأسعار في ريف حلب |صور

2022.01.17 | 06:59 دمشق

photo_2022-01-17_06-35-39.jpg
سوق شعبي في مدينة مارع (خاص تلفزيون سوريا)
ريف حلب - حسين الخطيب
+A
حجم الخط
-A

نشطت الأسواق الشعبية مجدداً، في مدن وبلدات ريفي حلب الشمالي والشرقي تزامناً مع ارتفاع أسعار السلع في الأسواق التجارية الدائمة، حيث شكلت الأسواق الشعبية، خياراً رئيسياً للأهالي من أجل شراء حاجياتهم من خضار وفاكهة وألبسة ومواد غذائية وتموينية، بأسعار مناسبة للأوضاع المعيشية المتردية التي يعيشها سكان الشمال السوري.

وتأتي عودة الأسواق الشعبية، بعد توقفها عن العمل لسنوات واقتصار عملها على بعض المدن الرئيسية الآمنة وذلك بسبب الأوضاع الأمنية المتردية التي تعيشها بعض المدن في الريف الحلبي، وما رافقها من قصف جوي ومدفعي من قبل نظام الأسد وداعش، خلال السنوات الماضية، ما دفع السلطات المحلية إلى منع العمل بها نظراً للمخاطر الأمنية المحيطة بالتجمعات البشرية.

الأسواق الشعبية خيار الأهالي

يستعد أبو يوسف، وأبناؤه مع ساعات الصباح الأولى من يوم الجمعة للتسوق في السوق الشعبي في مدينة مارع بريف حلب الشمالي، بعد تحضيره لقائمة طويلة من الاحتياجات الخاصة بأسرته، من أجل شرائها من البازار لكون السوق الدائم باتت أسعاره مرتفعة جداً.

تبدأ رحلة الرجل عند تجمع باعة الخضار والفاكهة، حيث يشتري منهم طبخات لعدة أيام، بعد اختياره البسطات الأقل ثمناً، لينتقل إلى قسم الأواني ويشتري ما يحتاج منه، ويتجول في سوق الألبسة يشتري احتياجاته، ثم يبحث عن أي شيء قد يهمه شراؤه في حال كان غير موجود ضمن القائمة.

ويقول الرجل خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "أعمل في البناء ودخلي الأسبوعي بالكاد 200 ليرة تركية، وهذا الرقم من الصعب أن يوفر كامل احتياجات أسرتي، لذلك ألجأ إلى شراء احتياجات أسرتي من السوق الشعبي لكون أسعاره متناسبة". وأضاف: "يتوفر في السوق الشعبي كل ما أحتاجه، وقبل صلاة الجمعة بنصف ساعة أنهي جولتي في شراء طبخة يوم الجمعة المميزة".

وتعد الأسواق الشعبية ملجأً للطبقات الفقيرة والمتوسطة، لكونها تمتاز بأسعار منخفضة عن الأسواق الدائمة، ويرغب الأهالي الشراء من السوق الشعبي لأنه فرصة لهم للحصول على طبخات الطعام لمدة أسبوع، بأسعار مقبولة، دون إضافات مالية لمصاريف المكان المتمثل بالمحل التجاري في الأسواق الدائمة، والتي تقع على عاتق الأهالي، بينما البازارات تقتصر على أجور رمزية فقط تتيح المنتجات للناس بأسعار جيدة.

 

 

محمد شيخو، من بلدة جبرين، قال خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "إن الأسعار في البازارات (السوق الشعبي) رخيصة، لأن الباعة يريدون بيع أكثر كمية في هذه الفرصة بأرباح معقولة، لذلك أنتظر السوق الأسبوعي في بلدة جبرين الذي يصادف يوم الخميس من كل أسبوع، وأشتري منه جميع احتياجاتي الأسبوعية".

ويضيف: "إن الأسواق الدائمة تضيف أرباحاً عالية جداً إلى جانب إضافة أجور المحل التجاري والمصاريف من مياه وكهرباء، ما يرفع سعر البضائع المتوفرة في المحل، لذلك أفضّل الشراء من السوق الشعبي، حيث تجري فيها مضاربات في الأسعار وذلك من صالح المشتري، في الحصول على ذات المادة بفارق يتجاوز الـ 3 ليرات تركية عن الأسواق الدائمة في حال كانت المادة من الخضراوات".

تسويق المنتجات المحلية

يعرض الباعة القادمون إلى السوق الشعبي مختلف المنتجات منها المحلي والمستورد، حيث يعمل بعض الفلاحين على تسويق منتجاتهم الزراعية، من حبوب ومواد تموينية، وخضار ومن أبرز المنتجات التي تعرض في الأسواق: (الخضار والفاكهة والأسماك واللحوم البيضاء والحمراء، والمواد الغذائية، والمؤن الشتوية، والحبوب، والألبسة، والأواني، والأدوات الكهربائية، والمنظفات).

بالإضافة إلى تجارة الماشية، من ماعز وأغنام وأبقار، حيث يبيع في هذا السوق مربو الماشية دوابهم ويشترون غيرها، بينما يهتم آخرون بتجارة وتربية الطيور فيعرضون ما لديهم من دجاج وحمام وعصافير وبط في محاولة منهم لخلق سوق تجاري يمنحهم فرصة في كسب الرزق.

ياسر أبو جميل، رجل أربعيني، يعرض منتجاته الزراعية التي يقطفها من حقله الزراعي، في البازار الأسبوعي الذي يقام يوم الجمعة في مدينة مارع، يحاول الرجل وضع أرباح بسيطة على بضاعته وفي نهاية السوق يكسر السعر لبيعها بشكل كامل.

وقال الرجل خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: إن البازار مهم جداً في عملية تسويق المنتجات حيث أتخلص من استغلال التجار والمحتكرين أعرض بضاعتي في هذا السوق وأبيعها بالشكل المناسب، ما يزيد الطلب عليها مع سعرها المناسب دون إضافات تثقل عاتق الزبائن".

وتشكل الأسواق الشعبية فرصة جيدة للمدنيين من أجل الحصول على لوازمهم الأسبوعية بأسعار مخفضة عن الأسواق، حيث تلغي دور الوسيط بين المنتج والمشتري، الذي يزيد سعر المادة، كما أنها توفر فرص عمل للكثير من الرجال والنساء على حد سواء.

فرصة عمل.. مهمة

يجد كثير من الأهالي في الأسواق الشعبية المتنقلة بين مدن وبلدات ريف حلب الشمالي والشرقي فرصة عمل جيدة تعينهم على تحمل قسوة الحياة، هذا ما يجعل كثيرا منهم يتنقلون مع تنقل الأسواق لتجارة المنتجات المتنوعة سواءً المواد الغذائية والخضار وغيرها.

إبراهيم ناصيف، رجل نازح من بلدة منغ، بريف حلب الشمالي، يعمل في بيع المعجنات والحلويات، قال في حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "إنه يعمل طيلة أيام الأسبوع في بيع المعجنات متنقلاً بين الأسواق، ولديه سيارة صغيرة، يحمل فيها أنواعاً متعددة من المعجنات، يجوب المدن والبلدات بحسب توقيت البازارات، حيث يذهب إلى اعزاز وسجو وصوران وتلالين ومارع، وأخترين وجبرين".

ويضيف: "بينما أكمل باقي النهار في التجوال بين الحارات وأحياء بلدات ريف حلب الشمالي، أبيع للناس مواد التنظيف، حيث يوفر لي هذا العمل مصدر دخل جيد يعينني على تحمل نفقات أسرتي، في أوج أزمة الغلاء المعيشي الراهن".

كيف تعمل الأسواق الشعبية؟

وتجمع الأسواق الشعبية العشرات من الباعة من مناطق مختلفة بشكل أسبوعي، يشكلون من تجمعهم سوقاً متنوعاً من البضائع، تتنقل بين مدن وبلدات ريفي حلب الشمالي والشرقي، توفر هذه الأسواق فرصة عمل دائمة في حال استمرارها وتنقلها بين المناطق.

وتخضع الأسواق الشعبية (البازارات) لرقابة فعلية من اللجان التموينية التابعة للمجالس المحلية، والموكلة في مراقبة وتنظيم الأسواق المتنقلة، حيث يتنقل البازار بين مناطق صوران واعزاز مارع وجبرين وتلالين وأخترين وسجو.

يقول مصطفى الرحمو، رئيس اللجنة التموينية في المجلس المحلي لمنطقة أخترين شمال حلب خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "تعمل اللجنة التموينية في المجلس المحلي على مراقبة الأسعار وصلاحية المنتجات الغذائية الموجودة في البازار إضافةً تنظيمه وتحديد أماكن وجوده، إلى جانب فرز عناصر من الضابطة والشرطة في أثناء وجود البازار، لحل النزاعات والخلافات في حال حصولها بين الباعة ومرتادي السوق الشعبي".

ويضيف: "تتيح البازارات خلق نوع من المنافسة بين الباعة، لكونها تقدم منتجات بأسعار أقل من المحال التجارية، الأمر الذي ينعكس على حركة السوق التجارية وتقديم منتجات بأسعار مناسبة مع متوسط دخل الأسر في الريف الحلبي". مشيراً، إلى أن المجلس المحلي في مدينة أخترين يخطط لبناء سوق مسقوف مخدم ببنية تحتية تمكن البائع من عرض بضائعه في السوق بشكل دوري بأسعار متناسبة، دون التأثر بالعوامل الجوية".

 

 

ما أهمية الأسواق الشعبية؟

وتعتبر الأسواق الشعبية شكلاً من أشكال اقتصاد الظل، والتي لا ترغب بها الحكومات في الظروف الطبيعية لكونها تكون خارج الحسابات القومية، كما أنها لا تسهم في الضرائب ولا تدخل في حساب الناتج المحلي الإجمالي، ولهذا تسعى الدول عادة للحد من هذه الأسواق أو لتنظيمها بحيث يتم الاستفادة منها بشكل إيجابي والتقليل منها لأدنى حد سلبي، بحسب ما أوضح الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا.

وأضاف: "تعد الأسواق الشعبية قطاعاً رئيسياً في الدول الفقيرة، لكونها ذات أسعار وتكاليف منخفضة نسبياً لعدة أسباب، منها انخفاض عدد الوسطاء وقصر قنوات التوزيع، وهي تحقق منفعة للبائع وللمشتري، وتتميز بمنتجات أولية قد تكون زراعية وحيوانية أو صناعات أولية لا تحتاج لخبرة عالية أو مواد أولية مستوردة، لذلك فهي تعد أداة فعالة في تخفيف العبء الاجتماعي عن الأفراد لا سيما في ظل تراجع الدخل وانتشار الفقر كحالة في سوريا".

ويرى الباحث، أن الأسواق الشعبية في ظل الواقع السوري، تعد حلاً جيداً ذا بعد اقتصادي واجتماعي لا سيما أنها تنشط سوق المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، والتي تعتبر الأسواق الشعبية سوق تصريف رئيس بالنسبة لها، ويمكن تشجيعها من خلال تخفيف الإجراءات الإدارية اللازمة لافتتاحها وتنظيمها بالقرب من التجمعات السكنية وإعفائها من أي ضرائب أو رسوم لكون عوائدها بسيطة.

ويأتي ذلك مع تردي الوضع المعيشي لدى الأهالي في مناطق ريفي حلب الشمالي والشرقي (درع الفرات) و (غصن الزيتون)، وما رافقه من انخفاض لليرة التركية أمام الدولار الأميركي، الأمر الذي تسبب في عزوف الأهالي عن الشراء من الأسواق الدائمة، التي عرفت بارتفاع أسعارها نتيجة تكاليف المكان والضرائب وغيرها.