icon
التغطية الحية

اقترن ذكره بمسح أوروبا وقمامة لبنان.. المعلم الذي خدم نظام الأسد

2020.11.16 | 11:07 دمشق

465656.jpg
وزير خارجية نظام الأسد السابق، وليد المعلم (وكالات)
إسطنبول - تيم الحاج
+A
حجم الخط
-A

يُطلق الموالون لنظام الأسد عليه لقب "مهندس الدبلوماسية في سوريا"، في الوقت الذي أخفق فيه معارضو النظام باعتماد لقب واحد له، يستنبطونه من سيرته، إذ أغرقتهم تصريحاته الخارجة عن المألوف في بحر عميق من النعوت والأوصاف له، فصعّب عليهم اختيار إحداها له، فهو عرّاب مصطلح "المؤامرة الكونية"، الذي لا يعرف من هو وزير خارجية أميركا، أكبر دولة في العالم.

لم يغب الرجل عن أعين ومسامع السوريين طوال العشر سنوات الأخيرة، فظهوره متكرر على شاشات النظام وداعميه، نظراً لقدرته وبراعته في اللعب على الكلمات، ولكونه مسؤولا عن إيصال ما يريد أن يقوله نظام الأسد للعالم.

 وكلما كاد أن يفعلها ويطيل في الغياب، كان السوريون المعارضون يتذكرونه بصورة أو تسجيل فيديو يسترجع أشهر تصريحاته، لكن اليوم، وبعد أن غيبه الموت، فلم يعد لنائب رئيس مجلس وزراء النظام، ووزير خارجيته، وليد المعلم، القدرة على إطلاق التصريحات المثيرة للجدل، وستبقى له فقط المواقف التي سيقيمه من خلالها السوريون.

اقرا أيضاً: وفاة وزير خارجية نظام الأسد وليد المعلم في مشفى الشامي بدمشق

سيرة حافلة بالمناصب أتقن السير خلالها في السلك الدبلوماسي

بصرف النظر عن الموقف من وليد المعلم، فتاريخه حافل بالعمل في السلك الدبلوماسي، مثّل من خلاله نظام الأسد، في محافل عديدة، عبر العديد من المناصب، وفي كثير من الدول، والمحافل الدولية.

 من القاهرة بدأت مسيرة المعلم، بعد حصوله على بكالوريوس اقتصاد من جامعتها عام 1963، عمل بعدها في بعثات النظام في كل من تنزانيا والسعودية وإسبانيا وإنجلترا، قبل أن يتولى مطلع عام 1975، منصب سفير نظام الأسد في رومانيا.

عاد المعلم المولود في دمشق عام 1941، إلى دمشق لتولي بعض المسؤوليات ضمن وزارة الخارجية، إلى أن عين سنة 1990 سفيراً في أميركا لغاية عام 1999.

قام المعلم خلال تلك الفترة بدور أساسي انطـلاقاً من مرحلة ما بعد "مؤتمر السلام في مدريد"، وصولاً إلى اجتماعات وزير خارجية النظام، حينئذ، فاروق الشرع، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، وقتها، إيهود باراك عام 1999.

كانت الألفية الجديدة، نقطة تحول له في وزارة خارجية النظام، إذ عُين معاوناً لوزيرها، ثم نائباً له، عام 2005، وكانت مسؤولياته تشمل العلاقات مع لبنان، إذ أجرى العديد من الزيارات إلى بيروت، قبيل اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق، رفيق الحريري، والذي كان من نتائجه انسـحاب قوات نظام الأسد من لبنان.

في نيسان 2006، تولى المعلم منصب وزارة الخارجية، وساهم في ربط علاقات جديدة مع عدد من الحكومات الغربية، وهذا قبل أن تعود العلاقات إلى التأزم مع بداية الثورة السورية في آذار عام 2011.

اقرأ أيضاً: ما هي الأمراض التي يرجّح أنها أودت بحياة وليد المعلم؟

عرّاب عبارة "المؤامرة الكونية" صاحب تصريحات محيّرة

خدم المعلم خلال العشر سنوات الأخيرة، نظام الأسد أيما خدمة، إذ لمع نجمه بعد تمهيده الطريق أمام "نظرية المؤامرة الكونية" على النظام، قال هذه العبارة في تشرين الثاني عام 2011، ليعلن بشكل واضح للسوريين المعارضين أولاً وللعام ثانياً وللعرب الذين قرروا، حينئذ، رفع الغطاء عن النظام، أن المتظاهرين في الساحات هم مجموعات مسلحة وأن ما يجري مؤامرة لإسقاط النظام الممانع.

بعد ذلك، زاد المعلم من إطلالاته وبات الواجهة التي يصدرها نظام الأسد لإيصال الرسائل للداخل والخارج، إذ سعى جاهداً عبر مؤتمراته وتصريحاته المختلفة، للدفاع عن رأي النظام، والعمل على التقليل من شأن ما تشهده سوريا، متجاهلاً ضحايا الآلة القمعية التي رسخها النظام للحفاظ على نفسه.

وفي سيرة الرجل خلال الثورة السورية وحتى وفاته، بطريقة لم يعلن عنها النظام حتى الساعة، عشرات التصريحات، التي وصفت بالمحيرة، والتي من المفترض أن لا تخرج من رجل دبلوماسي مفوّه.

أبرزها حينما، ردّ على مراسل قناة "روسيا اليوم"، بأنه لا يعرف من هو  مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي الذي تسيطر قوات بلاده على معظم منابع النفط شمال شرقي سوريا، وتنتشر وحداتها العسكرية بالآلاف في سوريا، إلى جانب دعوته إلى تناسي أوروبا من الخارطة وتجاهلها، وادعائه أن شوارع  مناطق سيطرة النظام نظيفة بعد سبع سنوات من الحرب، على عكس شوارع لبنان، حيث حاول اختصار المشكلة في سوريا بالقمامة، وقد ردت على تصريحه هذا شريحة واسعة من الحقوقيين والناشطين وحتى بعض النواب اللبنانيين.

وبينما كانت تركيا ترسل آلاف الجنود لنشر نقاط تركية في شمال غربي سوريا، وفق اتفاق مع روسيا، ظهر المعلم أمام أحد السواحل السورية، وهدد بأن النظام سيعيد لواء إسكندرون إلى سوريا.

يضاف إلى ما سبق، عشرات التصريحات التي تمجد بشار الأسد، كقوله "بشار ملك السوريين لا يحق لأحد التحدث عن مقام الرئاسة في سوريا"، كان المعلم يطلق هذه التصريحات، بعد تهديده باستعادة إدلب، واصفاً جميع من فيها بـ "الإرهابيين"، غير مكترث للمجازر التي تحصل فيها وبغيرها من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة على يد الطائرات الروسية والمدافع الإيرانية.

المعلم على لائحة المعاقبين أميركياً وغربياً

كحال معظم مسؤولي نظام الأسد، لم يفلت المعلم من العقوبات التي سنتها الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية.

فمنذ  آب 2011، أدرج ضمن قائمة أسماء طويلة عاقبتها أميركا، شملت منع التعامل المالي، وحجز الأموال الموجودة في المصارف الأميركية.

 كما أن المعلم مشمول بالعقــوبات التي فــرضها الاتحاد الأوروبي على أبرز رموز نظام الأسد، والتي تنص على تجميد الأصول وحظر السفر.

كرس المعلم سنواته الأخيرة من حياته، لتحقيق المهمة الأصعب في العالم، وفق مراقبين، والتي تتمثل بإقناع العالم أجمع بأن لا شيء يحصل في سوريا غير "مؤامرة كونية"، منافحاً ومدافعاً عن بشار الأسد، معتبراً أنه الرئيس "الشرعي" لسوريا.

اختار مهاجمة قانون "قيصر" الأميركي في آخر مؤتمراته الفردية، ثم ظهر إلى جانب، وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في أيلول الفائت، في زيارة الأخير التي وصفت بالمهمة، والتي كرر فيها المعلم سرديته المعتادة، قبل أن يغيب عن الإعلام، ويفوت فرصة المشاركة في "مؤتمر اللاجئين"، ومن ثم حضور اجتماع بشار الأسد، مع كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني، علي أصغر خانجي، قبل خمسة أيام، هذا الاجتماع الذي حضره عوضاً عنه، نائبه، فيصل المقداد المرشح الأبرز لخلافته.