icon
التغطية الحية

استمرار الاحتجاجات جنوبي سوريا ينذر بتوسعها.. هل تسير مدن أخرى على ذات الخطى؟

2023.08.20 | 11:18 دمشق

آخر تحديث: 21.08.2023 | 09:38 دمشق

استمرار الاحتجاجات جنوبي سوريا ينذر بتوسعها.. هل تسير مدن أخرى على ذات الخطى؟
احتجاج في مدينة القريا بالسويداء ـ تويتر
درعا ـ أيمن أبو نقطة
+A
حجم الخط
-A

شهدت عشرات المناطق في محافظتي درعا والسويداء، جنوبي سوريا، مظاهرات واحتجاجات مناهضة للنظام السوري منذ 17 آب الجاري، تحت عنوان "ارحل بدنا نعيش"، على خلفية تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في سوريا.

وجاءت الاحتجاجات بشكل متزامن مع تفعيل إضراب شمل عشرات المدن والبلدات في درعا والسويداء التي بدأت مدن فيها الإضراب اليوم الأحد.

وأدت الاحتجاجات لإغلاق مئات الأهالي محالهم التجارية، وتعطل حركة السير في بعض المحافظات السورية بعد امتناع السائقين عن نقل الركاب لاحتجاجهم على قرار حكومة النظام برفع أسعار المحروقات.

احتجاجات وإضراب وقطع للطرقات

الدعوات لتنفيذ عصيان مدني وإضراب شامل جاءت من قبل جهة أطلقت على نفسها اسم "الحراك السلمي السوري"، يوم الأربعاء الماضي 16 من آب، رداً على القرارات الاقتصادية الأخيرة التي أصدرها النظام مؤخرا وتردي الأوضاع الأمنية في المناطق التي تقع تحت سيطرة النظام السوري.

احتجاجات في مدينة نوى غربي درعا - الجمعة 18-08-2023

فبعد ساعات من إصدار رئيس النظام السوري مرسوماً تشريعياً يقضي بزيادة الرواتب والأجور للعاملين في القطاع العام بنسبة 100 في المئة؛ صدرت تعديلات الزيادة على أسعار المازوت والبنزين والفيول والغاز السائل.

ونقل "تجمع أحرار حوران" المحلي المختص بأخبار جنوبي سوريا تسجيلات مصورة لمظاهرات شعبية خرجت في مدن وبلدات جاسم، نوى، إنخل، طفس، تل شهاب، الحراك، الكرك الشرقي، بصرى الشام، درعا البلد، جلين، والناصرية في محافظة درعا، ردد فيها المتظاهرون هتافات طالبت برحيل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، رافعين أعلام الثورة السورية.

ولم تخلُ الاحتجاجات من هتافات رددها المتظاهرون للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين في سجون النظام السوري والكشف عن مصيرهم لذويهم، ولافتات كتب على بعضها "لن ينهض هذا البلد إلا برحيل بشار الأسد"، "معتقلينا هم شعلة الثورة لن نتخلى عن حريتكم فصوتكم الخافت أوقد البركان فينا".

وتزامنت الاحتجاجات مع قطع بعض الطرق العامة والفرعية بالإطارات المشتعلة، وإغلاق المحال التجارية نتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية في المحافظتين، جنوبي سوريا.

احتجاجات في مدينة نوى غربي درعا - الجمعة 18-08-2023

كذلك شهدت محافظة السويداء احتجاجات واسعة أغلق خلالها المحتجون الطرق الرئيسة الواصلة بين البلدات والقرى في الريف المؤدي إلى العاصمة دمشق، تزامناً مع إضراب معظم العاملين في قطاع النقل العام بالخطوط الداخلية.

وذكرت شبكة "السويداء 24" أن الاحتجاجات في بلدات (المتونة ومجادل ونمرة شهبا وقنوات والثعلة)، والوقفة السلمية في ضريح "سلطان باشا الأطرش" ببلدة القريّا، جاءت بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وفشل النظام السوري "في إيجاد حلول لمعاناة الناس".

وبحسب مقاطع فيديو نشرتها "السويداء 24، فقد علت هتافات المحتجّين في "ساحة الكرامة"، وكان أبرزها: "سوريا لِنا وما هي لبيت الأسد"، و"خسا من قال عيشتنا ذليلة".

إعلان العصيان المدني في السويداء

وشهدت السويداء، اليوم الأحد، إعلان العصيان المدني وإغلاق جميع الطرق الرئيسية والفرعية المؤدية إلى المدينة من قبل عشرات المحتجين، قالوا إن ذلك "ردًا على القرارات الحكومية الجائرة والأوضاع المعيشية الكارثية التي وصلت إليها البلاد".

وبحسب شبكة "السويداء S.N.N" فإن جميع الدوائر الحكومية في بلدات وقرى المحافظة أغلقت من قبل المحتجين، كما أغلق طريق دمشق السويداء، في حين تشهد المحافظة حالة شلل تامة وإضراب عام، كما أقفل التجار محالهم التجارية معلنين مشاركتهم في الإضراب العام، وأشارت إلى أن أسواق السويداء خالية من المارة تنفيذًا لهذا الإضراب.

وأمس السبت، أصدر عدد من تجار السويداء بياناً أكدوا فيه التزامهم بدعوات الإضراب والحراك السلمي في مواجهة السياسات التي أدت إلى تجويع الشعب السوري.

وتزامناً مع إضرابات واحتجاجات درعا والسويداء، شهدت "ساحة السيوف" في مدينة جرمانا بريف دمشق، وقفة احتجاجية رُفعت خلالها لافتات: "حقنا نعيش بكرامة".

ما هو الحراك السلمي السوري؟

يتألف الحِراك من مجموعة ناشطين سوريين في الداخل السوري، لاقى التشكيل الأخير رواجاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي في الجنوب.

من جانبه أكد المعتصم بالله "أحد منسقي الحراك السلمي السوري" في ريف درعا الغربي لموقع "تلفزيون سوريا" أن المظاهرات في الجنوب السوري لم تتوقف منذ سيطرة النظام على المنطقة منتصف 2018، والاحتجاجات أخذت أشكالا مختلفة، ولم تكن درعا يوماً بعيدة عن المشهد السوري، على العكس كانت سابقة لنصرة السوريين في سبيل تخليصهم من الطغيان.

وأضاف المعتصم بالله أن النظام أوغل في الدماء واليوم يحاول قتل من تبقى من السوريين عبر سياسة التجويع واعتماد سياسات اقتصادية عشوائية غير مدروسة، يهدف من ورائها لإحكام الخناق على المدن السورية الموالية والمعارضة وتهجير الشباب العاطل عن العمل.

واستدرك أن الحِراك وإن كان مطلبياً فإننا ملتزمين بثوابت الثورة وندعو من خلال المظاهرات التي خرجت وستخرج في المحافظة إلى إطلاق سراح المعتقلين وإسقاط النظام للبدء ببناء سوريا الموحدة، دولة القانون والعدالة الاجتماعية.

ويوم أمس السبت، أصدر "الحراك السلمي السوري" بياناً أكدوا فيه على ثوابت وأهداف الحراك وسلميته، رافضين استثمار الحراك لغايات حزبية أو فئوية.

وأكد البيان على ضرورة استمرار الحراك حتى تحقيق الأهداف التالية:

  • الإفراج عن المعتقلين من دون قيد أو شرط وبشكل فوري.
  • رحيل نظام الأسد الذي كان سبباً في دمار سوريا منذ آذار 2011 يوم قابل الهتاف بالرصاص، والكلمة بالبندقية.
  • تفكيك المنظومة الأمنية الحاكمة للدولة منذ سبعينيات القرن الماضي.
  • محاسبة المتورطين في عمليات القتل والتعذيب ومرتكبي جرائم الحرب من أي طرف كان.

أما الصحفي سمير السعدي، يُبيّن أن الأوضاع في الجنوب السوري منذ عقد اتفاق التسوية في تموز 2018 وحتى تاريخ اليوم تشهد فوضى وانفلات أمني، ولم تتوقف عمليات القتل والاعتقال والتنكيل بالمدنيين وفرض الإتاوات على حواجز النظام.

ويضيف السعدي لموقع "تلفزيون سوريا" أن النظام لم يغير من أسلوبه ومنهجيته في التعامل مع الناس، بالتالي خروج مظاهرات أمر طبيعي، مشيراً إلى وجود حِراك سلمي وآخر مسلّح رداً على أفعال النظام في محافظة درعا.

وتابع، الوضع المعاشي في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري غير مقبول، أدى لحِراك في الشارع السوري بدءًا من مناطق الجنوب ويأتي ليؤكد على مبادئ الثورة ومطالبها بإطلاق سراح المعتقلين بدون شروط، ورحيل النظام السوري هو أساس وبداية للحل في سوريا.

النظام السوري يراقب

في مدينة إنخل، شمالي درعا، خرج العشرات من أبناء المدينة في مظاهرة مناهضة للنظام، ظهر يوم الجمعة، مطالبين بإسقاط النظام والإفراج عن المعتقلين.

المظاهرة جالت شوارع المدينة واستمرت حتى حلول الظلام، وتجمّع المتظاهرون قرب مركز فرع أمن الدولة التابع للنظام وسط المدينة، حيث أطلق عناصر الفرع قنابل ضوئية أدى لاستنفار عام في القطع العسكرية التابعة للنظام في محيط إنخل.

وعلى الرغم من مطالبات النظام لوجهاء مدينة نوى بوقف الإضراب والاحتجاجات، يستمر أهالي المدينة بتفعيل الإضراب لليوم الرابع على التوالي، مغلقين محالهم التجارية إضافة لقطع الطريق العام في المدينة.

ولم تسجّل أي حالة تدخل من قبل قوات النظام السوري نحو المتظاهرين في المدن والبلدات التي شهدت موجة جديدة من الاحتجاجات في الأيام القليلة الماضية، واكتفت في بعض الأحيان بإطلاق النار في الهواء بهدف ترهيب المتظاهرين من الاقتراب من مقارها الأمنية.

لكن مصادر خاصة بدرعا قالت لموقع تلفزيون سوريا إن هناك استنفاراً أمنياً لقوات النظام على الحواجز العسكرية في محافظة درعا بات يظهر بشكل ملحوظ منذ يوم الجمعة، إضافة لنشر دوريات أمنية بين المدن والبلدات تحسباً لأي طارئ.

وأكدت المصادر تركز الاستنفار الأمني لعناصر النظام في درعا المحطة، مركز المحافظة، وعلى الحاجز الرباعي على مفرق المسيفرة - الجيزة، وحاجز بلدة النعيمة على المدخل الشرقي لمدينة درعا.

من جهته، قال الناشط الحقوقي عاصم الزعبي لموقع "تلفزيون سوريا" إن النظام دائماً يؤكد بأن درعا والسويداء تخضع لسيطرته وبالتالي فإن حجة وجود مجموعات مسلحة كذريعة للتدخل باتت غير موجودة وأي تدخل من قبله لو استطاع التدخل سيعتبر انتهاك وسيكون بمواجهة المجتمع الدولي تحت جريمة استهداف مظاهرات سلمية.

ويضيف الزعبي "لا يستطيع النظام كالسابق استهداف المظاهرات أو المناطق التي تخرج فيها مظاهرات بالقصف كما كان سابقاً لأنه ضعيف من جهة ويعلم أن ذلك سيشعل المنطقة من جديد وبشكل أكبر مما هو عليه في الوقت الراهن".

"يتخوف النظام من المواجهة العسكرية من جديد لأنها ستكون قاضية له على الأقل في الجنوب السوري ولكن يعلم في ذات الوقت أنها قادمة ولكنه يحاول تأخيرها ما أمكن، وستكون المسمار الأخير في نعش مصالحته مع الدول العربية التي تترنح ويبدو أنها ستسقط قريبا" بحسب الزعبي.

هل ستستمر الاحتجاجات؟

وقال المعتصم بالله "هناك تنسيق وتجهيز مسبق بين السويداء ودرعا وريف دمشق لأن يكون التحرك في قادم الأيام أعم وأشمل، لاسيما أنه سيتخذ أكثر من شكل، مثل المظاهرات والإضراب والعصيان المدني".

وأضاف أن محاولات تجري للتواصل مع محافظات أخرى لتدخل على خط الاحتجاج والمطالبة برحيل نظام الأسد، بحيث تكون الأنشطة والشعارات واحدة.

حِراك شعبي يزداد يوماً بعد يوم ليشمل مناطق جديدة، في ظل حالة من الغليان والغضب لدى شريحة واسعة من السوريين في الداخل، نتيجةً لتدهور الأوضاع المعيشية من جهة، وتردي الأوضاع الأمنية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام من جهة أخرى.