icon
التغطية الحية

استبيان لتلفزيون سوريا بعد إجازة الزلزال: 8 % سيبقون في سوريا ولن يعودوا لتركيا

2023.03.31 | 05:56 دمشق

استبيان لتلفزيون سوريا بعد إجازة الزلزال: 8 % سيبقون في سوريا ولن يعودوا لتركيا
استبيان لتلفزيون سوريا بعد إجازة الزلزال: 8 % سيبقون في سوريا ولن يعودوا لتركيا
إدلب - عز الدين زكور
+A
حجم الخط
-A

أجرى موقع تلفزيون سوريا استبياناً، شارك فيه 100 شخص عادوا من تركيا إلى سوريا لقضاء "إجازة الزلزال" في الشمال السوري، حيث أظهرت النتائج أن 8% منهم فقط قرروا البقاء في المنطقة التي تعاني ما تعانيه منذ سنوات من دون أي تدخل دولي كاف لتحسين الظروف المعيشية، بل زاد زلزال شباط المدمر الأحوال سوءاً.

وشارك في الاستبيان عينة من 100 شخص، راعى موقع تلفزيون سوريا توزعهم الجغرافي سواء من ناحية مكان الاستقرار حالياً في الشمال السوري أو من ناحية مكان الإقامة السابق في تركيا، وكذلك راعى الاستبيان التنوع الجندري والعمر والحالة الاجتماعية.

هل قررت البقاء في سوريا؟

أظهرت نتائج هذا السؤال أن  48 في المئة يفكرون بالعودة إلى تركيا بعد انقضاء مدة الإجازة، بينما 8 في المئة قرروا عدم العودة، ونسبة 44 في المئة لم يحسموا قرار العودة.

ءؤر
استبيان لتلفزيون سوريا بعد إجازة الزلزال: 8 % سيبقون في سوريا ولن يعودوا لتركيا

كيف تقيم الشمال السوري بعد وصولك إليه؟

أجاب 41 في المئة بـ"أقل من المتوقع"، و17 في المئة "أفضل من المتوقع"، في حين ذهب 42 في المئة إلى تقييم الحالة في المنطقة بـ"الوسط".

ءؤر

توفر أماكن للسكن

أكد 69 في المئة من المستطلعة آراؤهم أنهم يجدون صعوبة في تأمين مكان للإقامة في الشمال السوري خلال الإجازة.

وعن طبيعة أماكن إقامتهم، أظهرت النتائج أن 62 في المئة من المشاركين يقيمون عند أقاربهم خلال الإجازة، و14 في المئة في منازلهم، و14 في المئة في الخيمة، و10 في المئة في مكان مستأجر.

ءؤئر

الاختيار بين ظروف سيئة وأسوأ

ألغت السلطات التركية العام الماضي نهائياً الفرصة الوحيدة التي كانت تسمح للسوري بزيارة بلاده عبر "إجازة العيد"، حيث كانت تركيا تفتح البوابات الحدودية أمام السوريين الراغبين بزيارة أهلهم وأقاربهم ومدنهم وقراهم في الشمال السوري الخارج عن سيطرة النظام السوري لأيام محددة.

إلا أنه وبعد زلزال السادس من شباط، غيّر قرارُ إجازة الزلزال الاستثنائية من قبل السلطات التركية، حسابات السوريين في تركيا، فإما البقاء في الجنوب التركي والعيش على أنقاض الأحلام والمباني وأماكن العمل المدمرة، من دون أي مساعدة تتجاوز الخيمة والطعام، أو الذهاب إلى الشمال السوري الذي ضربه الزلزال ذاته، ويكافح الناجون فيه للحصول على مأوى أو خيمة.

وفي حين سارع بعضهم في اتخاذ قراره لمغادرة تركيا والعودة إلى سوريا، حاول آخرون الانتظار لأخذ القرار، إلا أنهم شاهدوا التمييز الفج في مخيمات الزلزال التي أنشأتها الحكومة التركية في الولايات الجنوبية، كما أن اقتراب موعد الانتخابات التركية وسط استقطاب سياسي حاد يتمحور حول "الوجود السوري في تركيا"، يزيد من قلق السوريين يوماً بعد يوم.

أما أولئك الذين هجروا الولايات التركية المنكوبة وعبروا إلى سوريا، فتعترض النسبة الكبرى منهم، إمكانية تأمين منزل وعمل جديد خلال فترة الإجازة، أو ما بعد الإجازة فيما لو قرروا الاستقرار في المنطقة، في وقتٍ لا يمكن فيه غضّ الطرف عن تدهور الواقع المعيشي والاقتصادي والأمني في الشمال السوري.

وبلغت أعداد السوريين العائدين بموجب "إجازة الزلزال" عبر معبر "باب الهوى" حتى 28 آذار الجاري، نحو 19 ألفاً و832 شخصاً، في حين عبر المعابر التي تديرها "الحكومة السورية المؤقتة" بريفي حلب والرقّة 49 ألفاً و562 شخصاً، حتى تاريخ 23 الجاري.

"نجونا بثيابنا"

أحمد الزين، القادم من مدينة "أنطاكية" التركية، بعد نجاته وعائلته من الزلزال المدمّر، أضحى مقيماً في خيمة قرب منزل قريبه في بلدة "حزانو" شمالي إدلب، بعد أن خسر كل ما يملك من أثاث وأشياء وأغراض تحت الركام.

عاد "أحمد" إلى بلدته، ضمن الإجازة الاستثنائية، بعد أن بات مشرّداً أكثر من أسبوع في مدينة أنطاكية، قبل أن يقرر النزول إلى الشمال السوري.

يقول: "إنّ الفترة التي بتّ فيها مشرداً مع عائلتي وعوائل والدي وإخوتي الثلاثة، بدءاً من مدينة أنطاكيا، ثم قيصري ثم مرسين، استنزفت كل ما ندّخر من أموال، ليتنا اتخذنا قرار الإجازة قبل هذه الرحلة الشاقّة بحثاً عن مكان آخر للاستقرار، كنّا وفرنا هذه الأموال".

استبيان لتلفزيون سوريا بعد إجازة الزلزال: 8 % سيبقون في سوريا ولن يعودوا لتركيا

تعاني عائلة أحمد، وفق حديثه لموقع تلفزيون سوريا، بالدرجة الأولى من تأمين المأوى، بعد أن بات هو بالخيمة، وعوائل والده وإخوته توزّعوا على منازل أقاربهم، ويردف: "لا يمكن الحديث عن استئجار منزل بأقل من 70 دولاراً، وهذا المبلغ غير مقدور عليه لأننا من دون عمل".

وتحضر مسألة العمل، كواحدة من أبرز التحديات التي تواجه سورييي الإجازة في الشمال السوري، وهو الأمر ذاته الذي دفع "أحمد" وعائلته الكبيرة إلى طرق أبواب ولايات أخرى قبل اتخاذ قرار العودة بـ"إجازة الزلزال".

العمل هاجس العائدين

يعتبر "أحمد" أنّ "جميع الخدمات المتوافرة في منطقة شمال غربي سوريا، جميعها لا تنفع أمام الصعوبة في تأمين فرصة عمل جيدة، فمن دونه لا يمكن توفير حتى ربطة خبز لأطفالي الأربعة".

ويضيف: "لم أحسم قرار العودة من عدمها.. لأن العمل هاجس بالنسبة لي ولكثيرين عادوا من الولايات التركية المنكوبة.. 30 ليرة تركية أو 50 ليرة مياومة، لا يمكن أن تؤمن لي أدنى المستلزمات الضرورية".

ويتصدر العمل ومكان الإقامة، قائمة التحديات التي تواجه استقرار السوريين العائدين إلى الشمال السوري، بموجب "إجازة الزلزال" الاستثنائية، لكن يعقّب "أحمد": "من الصعب التفكير بالعودة في الأفق القريب لأن مدينة "أنطاكية" حيث تركت بقايا منزلي وعملي، تحوّلت إلى ركام وتحتاج إلى أكثر من سنة لإعادة إعمارها".

لا تقف هذه الهواجس والتحديات عند "أحمد" فقط، إنما قريبه أحمد خالد الزين، هو أيضاً يجد صعوبة في تأمين منزل، بعد أن نزل في منزل أقاربه في بلدة "حزانو".

يقول "الزين" لموقع تلفزيون سوريا: "لا يمكن المقارنة بين تركيا والشمال السوري، من حيث الأجور، إذ كنت أتقاضى مياومة في تركيا تقترب من الـ 200 ليرة تركية، بينما هنا لا تتجاوز الـ 50 ليرة".

وبالعودة إلى ظروف تأمين المأوى، يعتبر محدّثنا أنّ "إيجار المنازل في الشمال السوري، يفوق الإيجارات في تركيا، مع فارق الدخل الذي لا يتناسب مع تكاليف المعيشة هنا".

لجأ "الزين" إلى الإقامة في منزل عمّه، بعد أن تعذّر عليه تأمين خيمة، التي وصل سعرها إلى أكثر من 150 دولاراً، في حين يصف عمليات توزيع الخيام على المتضررين بـ"الفوضوية وغير المنصفة".

وأما أحمد السلوم، المنحدر من مدينة "اللطامنة" بريف حماة، فيرى أنّ "التحدي الأكبر الذي يواجه استقراري في المنطقة هو الأحوال المعيشية، وشحّ فرص العمل، مقارنةً بتركيا، التي يوفّر سوقها كماً واسعاً من سبل العمل".

ويقول "السلوم" لموقع تلفزيون سوريا: "حالياً زيارتي لمدة 3 أشهر، هي بمنزلة فرصة لدراسة الواقع في الشمال السوري، إذا كان مناسباً فمن الممكن أن أستقر، وإلا فسأرجع إلى تركيا".

فرصة وتخوّفات

يتابع محدّثنا "السلوم" حديثه، أن "الإجازة فرصة لكل الناس للقاء الأهل والأقارب، بعد المحنة التي عشناها من تضرر في المنزل والماديات، إلى جانب تسجيل حالة وفاة من أقاربنا، وفرصة أيضاً لمعاينة الوضع في الداخل السوري".

أمّا السيدة فاطمة حاج محمد، المنحدرة من قرية "مسكنة" بريف حلب، نجت مع عائلتها من مدينة أنطاكية، بعد تهدّم جزء من منزلها على أطفالها ما أدى إلى إصابتهم بجروح طفيفة، فتبدي في حديث لموقع تلفزيون سوريا تخوّفها من عدم إمكانية العودة إلى تركيا، بموجب الإجازة، واعتبارها "عودة طوعية".

"حاج محمد" تقول إنّ "زيارتي كانت اضطرارية، بعد رحلة تشرّد طويلة في خيمة، لم أتمكن من العيش فيها، فقررت زيارة أهلي في إدلب، ريثما يتمكن زوجي من تأمين فرصة عمل جديدة ومنزل مناسب للإقامة".

وتوضح أنّ "باب المعيشة في تركيا أوسع مقارنةً في الشمال السوري، وكنا نتمتع باستقرار معيشي أفضل، قبل وقوع الزلزال وتشرّدنا في الشارع".

وفي هذا السياق، يخشى الباحث والمحاضر في جامعة "الشام" (مقرّها اعزاز)، محمد البقاعي، من "تغيير أو تبديل في قرارات السلطات التركية، يعرقل عودة بعض السوريين إلى تركيا، بعد انتهاء مدة الإجازة التي قدموا بموجبها"، معتبراً أنّ "الصورة لا تبدو واضحة حتى الآن".

ويضيف "البقاعي" في حديثٍ لموقع تلفزيون سوريا، أنّ "أولى التحديات الرئيسية التي تواجه استقرار السوريين في الشمال السوري، السكن، وهي تختلف بين أبناء المنطقة الأصليين وبين المهجّرين إليها من أبناء المحافظات السورية الأخرى"، مبيناً أنّ "مشكلة السكن سيكون حلّها أكثر سهولةً بالنسبة لأبناء المنطقة، عن باقي السوريين المنحدرين من المناطق الأخرى".

ويتابع عن التحدي الأبرز الذي يواجه استقرار السوريين في المنطقة وهو العمل، قائلاً: "نحن نتكلم عن منطقة، تتجاوز فيها البطالة نسبة الـ 80 في المئة، ونسبة الفقر تصل إلى 90 في المئة، ولذا ففرص العمل محدودة وغير ذات جدوى لتوفير الحدود الدنيا لمعيشة العائلات".

في حين يجد أنّ "التعليم، أقل الملفات صعوبةً، على اعتبار أنّ أبناء السوريين القادمين من تركيا، بإمكانهم الالتحاق بالمدارس مباشرةً، من دون أية صعوبات، رغم اختلاف مستوى التعليم بين المنطقة وتركيا".

"تراجع في مشاريع الإنعاش المبكّر"

ويتوقع "البقاعي" في حديثه "تراجع مشاريع الإنعاش المبكّر، على حساب مشاريع الاستجابة الطارئة لأزمة الزلزال، بعد أن شهد العام 2022 انتعاشاً ملحوظاً لها، ولذا فستتراجع فرص الاستفادة للسوريين القادمين من تركيا من هذه المشاريع".

وعند الحديث عن إمكانية استقرار السوريين في الشمال السوري، لا يمكن غضّ الطرف بحسب "البقاعي" عن المسألة الأمنية، التي يعتبرها "شهدت ثباتاً كمّياً، في حين لم تشهد نهاية تؤدي إلى الاستقرار المطلوب، إذ تسجل المنطقة من 100 إلى 150 حادثاً عسكرياً متنوعاً شهرياً، كما تسجل من 40 إلى 50 حادثاً أمنياً، بحسب مؤشرات العام الفائت".

ويعتقد "البقاعي" في ختام حديثه أنّ "مسألة الاستقرار ترتبط بالإطار الفردي وليس بالجمعي، فكل عائلة أو شخص لديه ظروف متباينة عن الآخر، وهي تحدد طبيعة قراره بالعودة أو البقاء، إلا أن المؤشرات الحالية لا تشجّع على الاستقرار في المنطقة، باستثناء من فقد عمله وسكنه فأصبحت المنطقة أقل كلفة نسبياً من تركيا بالنسبة له".

ولا يمكن فصل واقع منطقة شمال غربي سوريا، على جميع الصعد، الاجتماعية والتعليمية والأمنية والصحية وغيرها من القطاعات الضرورية، عن أزمة الزلزال، التي ساهمت في تدهور الحياة العامّة.

ومن جانبه، يتوقّع فريق "منسقو استجابة سوريا"، أنّ "تعافي المنطقة بنسبة 60 في المئة يحتاج إلى 3 سنوات من الكارثة الأخيرة، وأكثر من 5 سنوات للعودة إلى الوضع الذي كانت عليه ما قبل الكارثة".