icon
التغطية الحية

"إعلان شوشة" بين تركيا وأذربيجان.. خطوة لتعزيز العلاقات الدفاعية والاقتصادية

2021.06.18 | 15:23 دمشق

thumbs_b_c_fd159e3d06a7978f033fbe2c368cf704.jpg
(الأناضول)
إسطنبول - وكالات
+A
حجم الخط
-A

أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة إلى مدينة شوشة الأذربيجانية في 15 من حزيران الجاري حيث وقع مع نظيريه الأذربيجاني إلهام علييف "إعلان شوشة" الذي تضمن خارطة طريق في مجال تقنيات الصناعات الدفاعية والطاقة والنقل والاقتصاد والعلاقات الإنسانية.

وبحسب وكالة "الأناضول" جاء توقيع الإعلان في الذكرى المئوية لاتفاقية قارص التي وقعت عام 1921 والتي تعد من الاتفاقات الأساسية للعلاقات التركية الأذربيجانية، حيث وقع الاتفاق في مدينة شوشة التي تحمل أهمية خاصة بالنسبة لأذربيجان وتركيا.

ولمدينة شوشة أهمية استراتيجية، لأنه من يسيطر عليها يمكنه السيطرة على إقليم قره باغ بأكمله، حيث تضمن "إعلان شوشة" عزم تركيا على فتح قنصلية في شوشة، وهذا بسبب الأهمية التي توليها أنقرة لهذه المدينة التي تعد "عاصمة الثقافة التركية القديمة".

ولفهم أهمية "إعلان شوشة" يمكن النظر إلى لفظ "التحالف" في اسم الإعلان، فالتحالف في العلاقات الدولية هو اتفاقية دفاعية رسمية توقع بين دولتين أو أكثر وبناء على ذلك فإن هذا النوع من الاتفاقيات يركز على الدفاع أي أنه في حال تعرضت إحدى الدول الموقعة لاعتداء من دولة أو من تحالف آخر تصبح الدولة أو الدول الموقعة ملزمة بتوحيد قواتها للدفاع عن الطرف الذي تعرض للاعتداء.

"إعلان شوشة"

في حال تعرض أي من الطرفين إلى اعتداء أو تهديد من دولة أو دول أخرى يمس استقلالها أو سيادتها أو وحدة أراضيها أو يهدد أمنها أو حدودها المعترف بها دولياً يعقد الطرفان مشاورات ويتخذان الخطوات اللازمة لمنع هذا الاعتداء أو التهديد بما يتوافق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة ويقدمان لبعضهما المساعدة اللازمة.

ويتم تحديد حجم ونوعية هذا الدعم عن طريق اللقاءات العاجلة بين الطرفين، كما يتم تلبية الاحتياجات العسكرية الدفاعية من أجل اتخاذ تدابير مشتركة ويتم ضمان التنسيق بين القوات والوحدات الإدارية بالقوات المسلحة للطرفين.

من ناحية أخرى يوضح "إعلان شوشة" أن هدفه دفاعي ولا يستهدف أي دولة، وينص على عقد اجتماعات لمجلسي الأمن القومي للطرفين لمناقشة التطورات الإقليمية والدولية التي تمس المصالح الوطنية للبلدين، ما يعني الارتقاء بعلاقاتهما إلى مستويات أعلى.

أبرز مجالات التعاون قطاع تكنولوجيا الصناعات الدفاعية

أعلن أردوغان عن تأسيس مصنع في أذربيجان من أجل الإنتاج المشترك ونقل التكنولوجيا، وهذا يعني أن أذربيجان سوف تتحول عبر هذا المشروع من دولة مستوردة للتكنولوجيا العسكرية إلى دولة منتجة.

وتضمن إعلان شوشة أيضاً إنشاء الممر الأوسط بين وسط آسيا وتركيا وأذربيجان والمدعوم من المجلس التركي، حيث أدى خط سكة حديد باكو - تفليس - قارص إلى ظهور فرص جديدة للتعاون في المنطقة.

وأوضح "إعلان شوشة" أن الدولتين قررتا اتخاذ الخطوات اللازمة لتشكيل آلية تضمن حرية حركة السلع بينهم، وبهذا الإعلان اتخذت الدولتان خطوة جديدة نحو توقيع اتفاقية تجارة حرة، بعد دخول اتفاقية التجارة التفضيلية حيز التنفيذ في الأول من آذار الفائت.

وكان علييف صرّح قبل ذلك بأن أذربيجان ستشكل "نموذجا مصغراً" من الجيش التركي ومع توقيع إعلان شوشة تأكد هذا التصريح بصورة رسمية وقرر الطرفان في الإعلان العمل المشترك والسعي لإعادة هيكلة القوات المسلحة وتحديثها وفقاً لمتطلبات العصر.

 

بيان شوشة "خارطة طريق مستقبلية لعلاقات البلدين"

كان التأكيد على أهمية التعاون مع المجلس التركي خصيصاً وليس مع أي منظمة إقليمية أو دولية أخرى مؤشراً على أهمية المجلس بالنسبة لسياسات الدولتين، حيث نجحت أذربيجان وتركيا في تشكيل واقع جيوسياسي جديد عقب حرب قره باع الثانية، وتسعيان لدعم هذا الواقع الجيوسياسي بمقترحات جديدة للتعاون.

وأدت مشاريع الطاقة والنقل إلى تغير الموازين الجيوسياسية لصالحهما، وترى باكو وأنقرة أن التعاون الإقليمي يصب في مصلحة الاستقرار في المنطقة ويخدم التنمية الاقتصادية، ويعتبر بيان شوشة الذي وصفه الرئيس التركي أردوغان بأنه "خارطة طريق مستقبلية لعلاقات البلدين" استمراراً لجهود الدولتين لمواصلة توحيد قدراتهما وإمكاناتهما في كل المجالات، عقب حرب قره باغ الثانية.
وعند النظر إلى الاتفاقات التي تم توقيعها حتى توقيع "إعلان شوشة"، يمكن القول إن الأهداف التي تم وضعها بخصوص علاقات البلدين قد تم تحقيقها إلى حد كبير، بالإضافة إلى تأكيد الدولتين الحليفتين أنهما منفتحتان على التعاون الإقليمي، إلا أنهما في الوقت نفسه لن تترددا في الرد على التهديدات التي تواجههما.

ودعمت تركيا منذ بداية النزاع في "قره باغ" وبقوة، موقف أذربيجان تجاه تحرير أراضيها وقطعت علاقاتها الدبلوماسية مع أرمينيا وأسهمت في تعزيز قدرات باكو العسكرية. وقد انعكست المواقف الحازمة التي أعلنتها أنقرة في دعم أذربيجان على زيادة الثقة من قبل حلفائها بدورها الإقليمي.

إلى جانب ذلك، تمتلك تركيا علاقات استراتيجية خاصة مع أذربيجان نابعة من المصالح واللغة والثقافة المشتركة، إلى جانب علاقاتها الاستراتيجية مع جورجيا. وقد أسهمت الانتصارات العسكرية التي حققتها أذربيجان في "قره باغ" من خلال الدعم التركي الواضح والقوي، في تحول أنقرة إلى لاعب أساسي في منطقة جنوب القوقاز، وهو ما يصب في مصلحة باكو أيضًا، التي طالما نظرت بعين الريبة إلى الدور الروسي والإيراني.

وأطلق الجيش الأذربيجاني عملية بإقليم "قره باغ" في أيلول الفائت رداً على هجوم أرميني استهدف مناطق مدنية تمكن على إثرها من استعادة السيطرة على 5 مدن آخرها شوشة بالإضافة إلى 3 بلدات وأكثر من 200 قرية، فضلا عن تلال استراتيجية، وبعد 44 يوما من العمليات العسكرية في "قره باغ" أبرمت كل من روسيا وأذربيجان وأرمينيا اتفاقا لوقف إطلاق النار يتضمن إنشاء ممر جديد يربط بين أذربيجان وناختشيفان (ذاتية الحكم).