أياد خفية تلعب في حوران وأمين فرع البعث يدعو لاجتياح بصرى ودرعا

2021.03.12 | 05:34 دمشق

438.jpg
+A
حجم الخط
-A

ثمة سؤال مكرر أتلقاه دوما على وسائل التواصل الاجتماعية، للمشاركة حوارا، حول ما يجري في حوران في الجنوب السوري، وتأخذني الحيرة قبولا وقولا، بضغط ندرة المعلومات، وتضاربها غالبا، من المستفيد مما يجري؟ هل جذوة الثورة مستمرة في شوارع حوران وشبابها، أم قهرهم تخاذل القريب قبل البعيد، وباتوا بين مقاربة "المصالح الآنية أولوية على الأهداف النبيلة"، وثمة قوى دولية تتصارع على السيطرة على حوران وحدودها وموقعها الجغرافي عبورا ورسائل سياسية، فالروسي مصالحه ورسائله، ومثله الإيراني، ويليهم بذات الحلف نظام الأسد، وليس بعيدا الإسرائيلي، ثم الجار الأردني وليس بعيدا الخليج العربي بتباين مواقفه، وهذا ما يعسر قراءة المشهد وصعوبته.

الثابت في حوران، أن التسوية التي جرت منتصف 2018 فرضت من القوى الدولية، رعتها روسيا ضمانا وطرفا، وأغمضت الولايات المتحدة طرف عينها جنوبا، وقبل الجار الأردني، وأكره أبناء حوران لفارق القوة العسكرية بين بندقية وطيران، لكن التسوية لم تنجح، فلعبت جميع الأطراف بقواعدها "الخلفية" تحريكا ودفاعا، فيما لم تحرزه بالتسوية، كما زاد رفض الشارع لها لنقض نظام الأسد لكل موجباتها بالإفراج عن المعتقلين أولا، ثم عمل تسويات للشباب الذين كانوا حتى الأمس بقواعد الجيش الحر، وصولا للضباط، والحواجز والاعتقالات، والتضييق على الناس، وهو ما كان مبررا لقيامهم باشتباكات بين الحين والآخر.

ثمة أحداث متسارعة بعيد التسوية بطفس، تبحث عن تفكيك وقائعها، فالتسوية يفترض أن تكون نهاية لعمليات الاغتيال، ودرسا للشارع الحوراني بإدارة ملفه بطريقة، لا تؤدي لنهايات الأمس المشابهة، فمن الصنمين شمالاـ قبل شهورـ  والتي انتهت بترحيل شبابها إلى الشمال السوري، مرورا بالحراك، والمواجهات والقبول بدخول الفرقة الرابعة، وليس نهاية بالمواجهات على الأطراف الجنوبية لدرعا البلد، والتي كادت أن توصل نظام الأسد لمبتغاه لولا التضامن الشعبي الواسع النطاق في عموم حوران.

نجا في الأيام السابقة، القيادي السابق في الجيش السوري الحر، معاذ الزعبي الملقب "أبو الليث" من محاولة اغتيال نفذها مجهولون، على الطريق الزراعي الواصل بين مدينة طفس واليادودة بريف المحافظة الغربي، هذا يدلل على الفاعل أو أدواته وصولا لجميع العمليات السابقة بذات الاتجاه، لكن ماذا عن الاشتباكات  التي جرت بالأسلحة الخفيفة خلال الأيام التالية، واستهدفت مواقع لقوات الأسد في منطقة السوق والمدرسة الشرعية ومبنى الأمن الجنائي بمدينة الصنمين شمالي درعا، بغياب أية جهة عسكرية أو مدنية تقدم نفسها وتقول أهدافها وخطها وموقفها، إضافة لعمليات اغتيال سابقة أودت بثلاثة ممن تتهمهم مواقع إعلامية ونشطاء، بانتمائهم وتعاملهم مع منظومة الأسد الأمنية، في كل من مدينة جاسم شمالا، وليس آخرهم عارف المحاميد بدرعا البلد، وزكريا الحشيش في بلدة اليادودة.

ستسارع أطراف لبراءة هنا، أو تهم هناك، لكن ما يحاك لعموم حوران يتوجب الوقوف موقفا جماعيا، رافضا لأي فعل خارج التوافق والموقف الجماعي، واعتبار كل فعل فردي حتى بأهدافه النبيلة قد يجلب ما لا طاقة لمدن حوران وأهلها بها، ولن يفيد الندم بعد فوات الأوان.

 هل يعيد حلفاء الأمس رسم المشهد الحوراني؟

أبرز المشاهد المتوقعة لحوران من تحولات" دراماتيكية" ما نقلته هذا الأسبوع، صحيفة البعث السورية عن حسين الرفاعي أمين فرع الحزب، ورئيس اللجنة الأمنية بدرعا في سياق ما يخطط لحوران  قائلا :"لاقى التحرك الأخير الذي قامت به الدولة ومؤسساتها في المحافظة، وإنجاز ملف لتسوية في مدينة طفس ارتياحاً كبيراً لدى الأهالي وأبناء المحافظة عموماً، الأمر الذي دفع بهم إلى المطالبة بإضافة مناطق أخرى أسوة بطفس".

وكشف "أن هناك جهودا كبيرة تبذل من أجل أن تعمم هذه التجربة في منطقتي درعا البلد و بصرى الشام شرقا، حيث لا يزال أهالي وسكان هاتين المنطقتين يعانون من التهجير وهناك أكثر من 12 ألف مهجر من بصرى يقطنون في مناطق ريف دمشق غير قادرين على العودة إلى منازلهم وأراضيهم التي هجرتهم منها الفصائل المسلحة".

خطورة تصريحات الرفاعي من موقعه أولا، ثم من مباشرتها وتحديد أهدافها، بالسيطرة على بصرى شرقا ودرعا البلد، وهي لأول مرة منذ التسوية، لا تحتاج لأدوات غير مباشرة تتمثل عادة بتنفيذ القوى الأمنية والعاملين بفلكها، ببعض العمليات التي تدفع بالسكان للتململ وتمني سيطرة جيش الأسد كخيار، أو تنفيذ عمليات اغتيال، أو تحريك بعض الفوضويين القادرين على السيطرة عليها ولا يسمح بانفلاتها.

وبين تصريحات الرفاعي وما يمثله من طرف تتضح رغبته بعدم الانسحاب من المشهد الحوراني وبين الإيراني وما قد يحركه تفعيلا لمطالب الرفاعي، والروسي حيث انتهى بالأمس من تسوية طفس، إضافة لواقع الشارع الحوراني حيث الضغط الأكبر عليه, قد تفتقد بعض الزوايا والتقاطها، لكن المشهد الحوراني مستمر بيومياته وتفاصيله، عاكسا بعضا من المشهد السوري برمته.

وتشي القراءة الآنية لتسوية طفس أن الروسي نجح بـ"الاحتواء" وهو يدلل في أحد وجوهه، لإشارات روسية بالغة الأهمية، باعتباره بات اللاعب المتفرد في كامل الجنوب السوري، رغم انزعاج الإيراني ورهانه الطويل على بعض أوراقه في حدود الجغرافيا الملتهبة.

يؤكد الرفاعي في معرض تصريحاته ولتجنب المواجهة مع الروسي" أن الدور الروسي هو بمثابة الضامن لهذه العملية السياسية، والتي تتم بشكل سلمي وفق شروط معينة، موضحاً " أن الأصدقاء الروس أبدوا استعدادهم الكامل من أجل تنفيذ مصالحات في منطقة درعا البلد وذلك من أجل إنضاج التسويات وبسط حالة الأمن والأمان في كل مكان يدخله الجيش العربي السوري".

لكن رسائل الروسي في عموم تسوياته كانت تبعث برسائل "طمأنة" حتى لحليفه الإسرائيلي أولا، ولدول الجوار، ثم للمجتمع الدولي تاليا بقدرته على ضبط إيقاع أدوار وأحجام القوى المتصارعة في عموم الساحة السورية، وصولا لشركائه في التحالف ضد ما يسمونه" الإرهاب" الإيراني والسوري، بالقول علنا، لا أدوار رئيسية لكم في التحولات" الدراماتيكية" ويمكن جبر "خواطركم" بهوامش أخرى من تقاسم "الكعكة" القادم، وللمجتمع السوري بعمومه، من خلال نموذج الجنوب السوري، إن الروسي وإن قتل بطائراته، لكنه الضمانة الأقرب لبعض مصالحهم "ووقف الاستنزاف والتهجير من مدنكم على يد بقية شركائي". فما هي رسائل البعث التي لا يتطابق فيها مع حليفه الروسي، وهل أصلا هو موافق على رسائل الروسي السابقة بما فيها للإسرائيلي؟.