icon
التغطية الحية

أزمة اندماج أم فشل حكومي.. من يتحمل مسؤولية تصاعد جرائم اللاجئين بألمانيا

2024.03.23 | 05:47 دمشق

آخر تحديث: 23.03.2024 | 05:47 دمشق

561651561165516561
الشرطة تعتقل مثيري شغب في مدينة هايلبرون بولاية بادن فورتمبيرغ الألمانية (Seidel Ralf)
ألمانيا - محمد حسن
+A
حجم الخط
-A

شهدت ألمانيا خلال السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في الجرائم التي يرتكبها أجانب أو لاجئون، وزادت حدتها بشكل أكبر خلال العام الماضي 2023، وفق إحصائيات جديدة أصدرتها بعض الولايات الألمانية مؤخراً، ما أجج من جديد الجدل السياسي الدائر في البلاد بشأن اللاجئين.

ويعتبر تحليل أرقام الجرائم التي يرتكبها أشخاص من أصول مهاجرة أو لاجئون، حقل ألغام بالنسبة للعديد من السياسيين والأحزاب في ألمانيا، خاصة مع اقتراب انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في حزيران المقبل.

ويحذر سياسيون من خطر أن يُحدث الجدل في نسب الجرائم، فجوة بين المجتمع الألماني واللاجئين، أو أن يتسبب في إثارة كراهية الأجانب بين الناس، وعبر إطلاق اتهامات بأن "الأجانب مجرمون". وهذا ما تسعى الأحزاب اليمينية المتطرفة إلى استغلاله من أجل كسب أصوات جديدة في الانتخابات.

وكان الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" المعارض قد دعا في بيان له إلى ترحيل أي شخص لا يلتزم بالقوانين الألمانية ويرتكب جرائم خطيرة. معتبراً أن "ارتفاع نسبة المشتبه بهم غير الألمان في إحصاءات الجرائم أمر إشكالي ولا ينبغي الاستخفاف به".

وبالمقابل، أعربت يوليا هولر، المتحدثة باسم السياسة الداخلية لحزب الخضر والنائبة في برلمان ولاية شمال الراين، من خشيتها من "أن تستغل القوى اليمينية المتطرفة التابعة لحزب البديل من أجل ألمانيا نسبة المشتبه بهم من غير الألمان لأغراضها العنصرية".

 

ارتفاع نسب جرائم الأجانب في بافاريا

وزارة الداخلية في ولاية بافاريا جنوب شرقي ألمانيا وهي ثاني أكبر الولايات بعدد السكان، أعلنت يوم الإثنين ارتفاع عدد الجرائم المسجلة في الولاية إلى 4361 جريمة في عام 2023، أي بزيادة نسبتها 2.4 في المئة مقارنة بعام 2022.

وووفقاً للوزارة فإن "من بين 266 ألفاً و390 جريمة مسجلة في بافاريا عام 2023، كان 39.6 في المئة من المشتبه بهم، من غير الألمان، بينما في عام 2022، كانت نسبتهم 36.5 في المئة". بحسب ما نقلت صحيفة (بيلد) الألمانية.

وأشارت الوزارة إلى أن "عدد جرائم السرقة ارتفع إلى 152 ألفاً و495 جريمة، بزيادة قدرها 10.5 في المئة مقارنة بعام 2022، وبلغت جرائم السرقة من المتاجر على وجه الخصوص 42 ألفاً 449 حالة، بزيادة قدرها 19.5 في المئة". ومعظم مرتكبيها بحسب الوزارة "هم من المهاجرين".

ارتفاع ملحوظ بعدد مرتكبي الجرائم من السوريين

وفي ولاية شمال الراين غربي ألمانيا وهي أكبر الولايات بعدد السكان، أعلنت وزارة الداخلية فيها عن الإحصائيات الرسمية للجرائم المرتكبة خلال عام 2023، فمن بين ما مجموعه 484 ألفاً و642 جريمة جنائية مسجلة، كان هناك 169 ألفاً و215 مشتبهاً به لا يحملون جواز سفراً ألمانياً أي بنسبة 34.9 في المئة من جميع المشتبه بهم.

واعتبرت الوزارة أن هذا العدد من مرتكبي الجرائم الأجانب كبير جداً وفوق المتوسط الطبيعي، باعتبار أن الأجانب في ولاية شمال الراين يمثلون فقط 15.6 في المئة (2.8 مليون) من المجموع الإجمالي للسكان البالغ عددهم أكثر من 18 مليون نسمة.

وتشير الإحصائية إلى أن "عدد السوريين المشتبه بهم في ولاية شمال الراين ارتفع بنسبة 21.3 في المئة، أي من 13 ألفاً و59 حالة في عام 2022، إلى 15 ألفاً و839 في 2023، كما ارتفع عدد المشتبه بهم من دول شمال إفريقيا، مثل المغرب والجزائر وتونس ومصر وليبيا، بشكل كبير، ومع ذلك فإن معظم المشتبه بهم غير الألمان كانوا من الأتراك".

أما الجرائم التي برزت فيها نسبة الأجانب بشكل كبير، فشملت وفق الإحصائية "النشل (80.1 في المئة)، وسرقة المتاجر (47.6 في المئة)، والسطو (47.3 في المئة)، والسرقة (45.7 في المئة)، والجرائم ضد الحياة (41.6 في المئة)، والجرائم الخطيرة والجسيمة (40.3 في المئة)، والجرائم الجنسية باستخدام القوة (37.1 في المئة).

وما يثير القلق أن هناك زيادة بنسبة 13.6 في المئة من الأطفال (سبعة آلاف حالة)، و21.9 في المئة من الشباب والمراهقين (24 ألف حالة)، بين المشتبه بهم الأجانب. بحسب صحيفة "دي فيلت" الألمانية.

وزير يحمّل اللاجئين مسؤولية زيادة معدلات الجريمة

وزير الداخلية في ولاية بافاريا يواخيم هيرمان النائب عن حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي"، وخلال عرضه إحصائيات الجريمة لدى الشرطة في ميونخ، اعتبر أن"اللاجئين والأجانب هم السبب الرئيسي في زيادة الجرائم الجنائية".

وقال هيرمان "من الواضح أن الأجانب، وعلى وجه الخصوص اللاجئون المهاجرون، هم السبب في زيادة حالة الجريمة". مضيفاً "تُظهر إحصاءات الجريمة بوضوح أن الهجرة غير المنضبطة لها تأثير سلبي أيضاً على الوضع الأمني".

من جهتها، انتقدت المجموعة البرلمانية للحزب "الاشتراكي الديمقراطي" في برلمان ولاية بافاريا، ما قاله هيرمان بشدة بسبب "الخلط بين سياسة الهجرة التي يتبعها الاتحاد الاجتماعي المسيحي ومكافحة الجريمة".

وقالت كريستيانة فايشتماير المتحدثة باسم السياسة الداخلية للمجموعة البرلمانية وضابطة شرطة لسنوات عديدة إن "الوزير يصطاد في المياه العكرة، عندما يطالب بعقوبات شاملة لجميع طالبي اللجوء فقط لأن هناك أشخاصاً في المجموعة يرتكبون جرائم". مضيفةً أن "هذه المسؤولية الجماعية، على أساس الأصل والوضع فقط، لا تليق بدولة دستورية ليبرالية".

"فشل حكومي"

وفي مقابلته مع الصحفيين يوم الثلاثاء حول إحصاءات الجريمة، ركز وزير الداخلية في ولاية شمال الراين هربرت رويل النائب عن (الاتحاد الديمقراطي المسيحي)، على المشتبه بهم من الأجانب باعتبارهم "يشكلون نسبة عالية" هذا العام.

فكر رويل طويلاً في كيفية معالجة جانب حساس من إحصاءات الجريمة، وقال إنه "موضوع أصبح أكثر إلحاحاً، وبات أمراً أعاني منه منذ فترة طويلة، كيف يمكن التعامل معه". مضيفاً "علينا أن نتحدث عن الإجرام الأجنبي، ولكن يجب أن نحاول القيام بذلك بطريقة مهنية ومختلفة، بعيداً عن أي تجاذبات سياسية".

وفي إشارة غير مباشرة إلى حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، قال "قبل أن نسمح لأي جهة من أن تصطاد في المياه العكرة، وتستغل هذه الإحصائيات لصالحها، يجب أن نعترف أن الحكومة فشلت في أداء مهامها على أكمل وجه في إدماج اللاجئين".

ويرى الوزير رويل أن "التعتيم على المشكلة لا يساعد، وكذلك رسم صورة قاتمة، لا يحل المشكلة، بل يخلق فقط مزاجاً سلبياً"، مضيفاً "لا توجد لدينا مشكلة مع الأجانب، بل لدينا مشكلة مع الجرائم التي يرتكبها الأشخاص الأجانب".

"أزمة اندماج"

ويتحدث رويل عن أن "تجارب العنف في بلدان المنشأ تزيد من خطر ارتكاب الجرائم، وكثيراً ما يجري الحديث عن أشخاص يتجولون حاملين السكاكين". يقول "لو كانوا يسلكون هذا الطريق، لربما كنت سأحمل سكيناً في جيبي أيضاً، ولكن هنا في ألمانيا، لا تحتاج إلى سكين، ولذا علينا أن نوضح ذلك لهم".

ويشكو الوزير من أن "عدم إتقان اللغة الألمانية والإقامة الطويلة في السكن الجماعي للاجئين من دون عمل من شأنه أن يعيق الاندماج". مضيفاً "تخبرنا الأرقام بأننا لم نقم بواجبنا فيما يتعلق بالاندماج".

وبرأيه أن "الاندماج بشكل حقيقي غير ممكن في الوقت الحالي لأن كثيراً منهم يأتون بسرعة كبيرة". محذراً "إذا لم نتمكن من دمج هؤلاء الأشخاص بشكل صحيح، فإن أعداد الجرائم ستستمر في الارتفاع".

ويؤكد أنه "لا توجد إجابات أو حلول بسيطة، لكننا بحاجة إلى مفاهيم أمنية أفضل لمراكز المدن، ومزيد من الوقاية والسيطرة والوجود الشرطي، ومناطق حظر الأسلحة، يمكن السيطرة عليها، وإلا فهي غير فعالة، ويجب أن يكون واضحاً للقادمين أن الشرطة ليست العدو الفاسد، بل هي صديق ومساعد".

ومع ذلك، يحاول الوزير أن يقدم نظرة إيجابية قائلاً: "على الرغم من كل المشكلات، فإننا نعيش حياة آمنة جداً في ولاية شمال الراين، وعندما ننظر حولنا، نرى أننا في حالة جيدة، ونحن بعيدون كل البعد عن ظروف مثل تلك الموجودة في الضواحي الباريسية أو الضواحي السويدية".