ما الذي يمكن لرامي مخلوف أن يفعله؟

2020.05.20 | 00:01 دمشق

420202821232567.jpg
+A
حجم الخط
-A

وضع النظام حداً للوساطات وجهود المصالحة التي كان يقوم بها مقربون من طرفي الصراع (الأسدي-المخلوفي) من أجل حل الأزمة التي تفجرت بين قطبي الحكم السياسي والاقتصادي، وقرر بشكل حاسم وضع اليد نهائياً على أموال رامي مخلوف.

والواقع أن الأخير لم يكن يملك بقدر ما كان يدير، الإمبراطورية المالية التي كان يتربع على عرشها لم تكن في يوم إلا إمبراطورية ابني حافظ الأسد، مثلما هي سوريا كلها في عرف هذه العائلة وقناعاتها.. أو ليست سوريا هي سوريا الأسد.

سيكون من المضحك القول إن رامي مخلوف لم يكن يدرك هذه الحقيقة، لكن المضحك فعلاً أن لطول أمد التحكم بالأموال التي أوكلت إليه ظن أنه بات، على الأقل شريكاً بها، ولذا فقد عز عليه التنازل عنها عندما حان وقت المطالبة بها، وتشبث بها كما يتشبث ابن عمته (الرئيس) بكرسي الحكم في قصر الشعب رغم كل ما جرى في السنوات التسع الماضية، إذ لا يشك الآخر أن هذا الكرسي لا يمكن أن يخرج من تحته، بعد عقود من هيمنة آل الأسد عليه.

ستطوى صفحة رامي مخلوف بأسرع مما يعتقد كثيرون، وستمر بأقل من كثير من أمنيات الشعب التي ارتفع سقفها مع بدء التراشق الإعلامي بين طرفي الصراع

ستطوى صفحة رامي مخلوف بأسرع مما يعتقد كثيرون، وستمر بأقل من كثير من أمنيات الشعب التي ارتفع سقفها مع بدء التراشق الإعلامي بين طرفي الصراع، حيث حذا الأمل الكثيرين بأن تشكل هذه الأزمة المسمار الأخير في نعش النظام.

والواقع أن رامي مخلوف ليس بيده ما يمكن أن يهدد به النظام أمنياً أو عسكرياً، وكل ما يقال عن وضع الملف في سياق صراع النفوذ بين روسيا وإيران ليس سوى كلام مرسل بلا سند أو دليل، ولن يكون في جعبة رامي مخلوف أكثر من نشر المزيد من غسيل النظام الوسخ.

لكن الفضائح التي قد يتجرأ رامي مخلوف على الإفصاح عنها، إن تجرأ وفعل، لن تهز شعرة في طرف هذا النظام الذي لم يعنه تعميم صورته في العالم كنظام استبدادي مجرم يقتل الشعب ويعذبه حتى الموت ويدمر منازل المواطنين ويهجرهم ويسرق أموالهم ويجلب الغرباء ليحتلوا أرضهم ويستولوا على كل مقدرات وطنهم..إلخ مما شاء القول أن يقول في هذا السفر الأسود.. هذا النظام الذي لم يحفل بكل ذلك هل سيكون معنياً بالفعل إذا ما أضيف للشعر بيت؟!

اعتقد البعض أن رامي مخلوف، الذي ورث أبيه محمد مخلوف في إدارة خزينة آل الأسد عندما ورث بشار منصب والده حافظ الأسد كحاكم عام ٢٠٠٠، يمكن أن يتسبب بانقسام داخل الطائفة العلوية، بعد أن بنى شعبية داخلها من خلال تبرعاته والمساعدات التي قدمها لأسر قتلى الطائفة وجرحاها خلال السنوات التسع الماضية، وأنه يمتلك ولاء يكفي لإثارة مخاوف النظام أمنياً، لكن هذا الاعتقاد يهمل أنه مهما بلغ هذا الولاء فإنه لن يصل مطلقاً إلى الحد الذي يكون موضع مفاضلة مع الولاء للأسد، ناهيك طبعاً عن تضخيم أرقام التبرعات والمساعدات التي كانت تقدمها مؤسسات مخلوف (الخيرية) والتي سيعمل النظام على تسريبها وكشف الحقيقة حولها بلا شك.

البعض الآخر ربط بين التدهور غير المسبوق بسعر صرف الليرة مؤخراً وبين تصاعد الأزمة داخل الأسرة الحاكمة، وهو ربط صحيح إلى حد ما، وبالتالي فإن هؤلاء يعتقدون بقوة ربما أن انهيار الليرة سيؤدي حتماً إلى انهيار النظام.

والواقع أن هناك نقطتين لا بد من أخذهما بعين الاهتمام هنا:

الأولى أن تدهور سعر صرف الليرة كان السبب الرئيس في تفجر الأزمة بين النظام وبين رامي مخلوف، وليس نتيجة لهذه الأزمة، رغم أن انتقال الخلاف إلى العلن زاد من حدة هذا الانخفاض.

أي نظام ديكتاتوري لا يمكن أن يسقط، كما يعلمنا التاريخ، بسبب انهيار عملته، بل إن كثيرا من الأنظمة الاستبدادية التي تسببت بخسارة عملة البلاد كل قيمتها، ما زالت تحكم.

والثانية أن أي نظام ديكتاتوري لا يمكن أن يسقط، كما يعلمنا التاريخ، بسبب انهيار عملته، بل إن كثيرا من الأنظمة الاستبدادية التي تسببت بخسارة عملة البلاد كل قيمتها، ما زالت تحكم وتتمرغ بنعيم السلطة بينما تستمر الشعوب التي تحكمها في المعاناة والفقر.

لقد حذرت في مقال سابق من التعويل على التطورات الأخيرة من قبل المعارضة والاندفاع مجدداً خلف الاعتقاد بأنها ستؤدي حتماً إلى سقوط النظام، وقلت إن هذه المعطيات لا تكفي للقول إن نهاية حكم الأسد قد حانت، فمثل هذا النظام لا يمكن أن تسقطه فضيحة أو أزمة اقتصادية، بل إن سقوطه أو بقاءه أو تغييره بات، ومنذ سنوات، محكوماً بتوافقات دولية وإقليمية معقدة.

كلمات مفتاحية