سياقات وفرص نجاح النظام السوري في تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة

2024.03.02 | 06:16 دمشق

سياقات وفرص نجاح النظام السوري في تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة
+A
حجم الخط
-A

تعاني سوريا على امتداد رقعتها الجغرافية وعلى مدى سنوات من أزمة في توفير الكهرباء، فقبل سنوات من عمر الثورة تنوعت مصادر إنتاج الكهرباء في سوريا، حيث تم الاعتماد على المحطات الحرارية، وعلى السدود المائية المبنية على نهر الفرات، إلا أن الإنتاج العام للكهرباء لم يكن يكفي للاستهلاك العام في البلاد.

وبعد دخول البلاد في حالة حرب عاشت سوريا أزمة كبيرة بسبب عدم توفر الكهرباء، مما أدى إلى تضرر الكثير من المحطات الحرارية والسدود المائية المنتجة للكهرباء. وفيما يتعلق بمناطق سيطرة النظام فهي تعاني من أزمة كهرباء متفاقمة نتيجة لعدم قدرتها على إعادة إصلاح المحطات الحرارية بشكل كامل وذلك بسبب خضوع الدولة لعقوبات دولية ولعدم توفر الفيول اللازم لتشغيل المحطات بعد خروج مناطق إنتاج موارد الطاقة النفطية شرق الفرات عن سيطرة النظام.

ويسعى النظام لتأسيس محطات حرارية جديدة، إذ وقع اتفاقا مع إيران لإنشاء محطتين حراريتين في اللاذقية لإنتاج 500 ميغا واط إلا أنه لم يتم التوصل إلى معلومات دقيقة حول درجة سير العمل في بناء هذه المحطات. كما وقع النظام على مشاريع مماثلة مع روسيا أيضاً ولا توجد معلومات دقيقة حول تفاصيلها، كما لم يتم التوصل لمعلومات دقيقة حول تمويل هذه المشاريع مرتفعة التكلفة والتي تحتاج إلى تقنيات في ظل العقوبات الدولية على النظام.

وإلى جانب العمل على المحطات الحرارية يندفع النظام لاتخاذ إجراءات وخطوات متنوعة لإنتاج الكهرباء تمثلت بطرح مشاريع الطاقة الشمسية المتجددة، وهي تعني الاعتماد على ضوء الشمس لتوليد الكهرباء، عبر تأسيس مزارع من الألواح الشمسية، وهي إحدى أنواع الطاقة المتجددة وهي الأرخص تكلفة من المصادر الاخرى مقارنة بطاقة الرياح التي تحتاج إلى بناء عنفات ضخمة مجهزة بطوربيدات مرتفعة التكلفة، وهذا لا يعني أن بناء وتجهيز مشاريع الطاقة المتجددة الشمسية ذو تكلفة منخفضة، إذ لا بد من توفر القدرة المالية والتقنية للبدء في هذا النوع من المشاريع. وانطلاقاً من ذلك نناقش في سطور هذه المقالة فرص النظام السوري في نجاح مشاريع الطاقة الشمسية التي أطلقها منذ عام 2018.

ومن المهم التنويه إلى أن سوريا تحتاج إلى 7000 ميغاواط من الكهرباء لتلبية الطلب المحلي وهذا الرقم يشمل جميع مناطق البلاد، أما مناطق سيطرة النظام فقد تحتاج إلى 5000 ميغاواط، بينما ينتج النظام بحسب مصادر تابعة لمؤسساته 2000 ميغاواط فقط.

سياق عملية إنتاج الطاقة الشمسية في مناطق النظام السوري

أطلق النظام السوري في عام 2021، قانوناً لاستحداث صندوقٍ لدعم إنتاج الطاقات المتجددة ورفع كفاءتها والتوسع في مشروعات الطاقة الشمسية لتوليد 2000 ميغاواط بحلول عام 2030، إلا أن هذا الرقم ما زال بعيداً جداً عن الواقع بحسب المعطيات، فإلى حين كتابة هذه المقالة شهدت سوريا في عام 2023، إنتاج أول ميغاواط من الطاقة الشمسية في حمص بالمدينة الصناعية بحيساء وهو مشروع يستهدف إنتاج 10 ميغاواط، وكشف المسؤول في المدينة الصناعية عن تقدّم شركات جديدة بطلب لتخصيص 130 هكتارًا لإنتاج 130 ميغاواط من الكهرباء الشمسية. وأعلن النظام عن تنفيذ مشروع في مدينة الشيخ نجار في حلب بقدرة 45 ميغاواط بعد أن كان 30 ميغاواط، ومشروع بالمدينة الصناعية في عدرا بقدرة 100 ميغاواط يجري العمل عليه. ووقع النظام في بداية العام الجاري 2024 اتفاقية مع شركة صينية لتنفيذ مشروع طاقة شمسية لإنتاج 36 ميغاواط من الكهرباء. نستنتج من سياق عملية إنتاج الطاقة المتجددة الشمسية في مناطق النظام أنها في بدايتها، ومن غير المتوقع الوصول إلى 2000 ميغاواط في عام 2023، ونناقش ذلك في القسم التالي.

فرص نجاح إنتاج الطاقة الشمسية في مناطق النظام السوري

نجاح مشاريع الطاقة الشمسية المتجددة تحتاج إلى توفر مجموعة من العوامل وأهمها: أولاً، توفر القدرة المالية على تمويل المشاريع، حيث تقوم على بناء أعداد ضخمة جداً من الألواح الضوئية والتي تعد كلفتها مرتفعة مقارنة بإنتاج الطاقة عبر المحطات الحرارية التي تعمل على الفيول، كما تحتاج الألواح الشمسية إلى توفير الصيانة بشكل مستمر لأنها معرضة للأعطال، والنظام في الوقت الحالي يعاني من أزمة مالية تصعب عليه تمويل المشاريع الكبيرة، إلا أنه قد يلجأ إلى تمويل المشاريع من الشركات المنقذة بإعطائها الحق في الاستفادة من الإيرادات المالية لبيع الكهرباء، أو بإشراك القطاع الخاص. ثانياً، توفر الاستقرار والبيئة الآمنة، وهو سبب آخر قد يمنع الشركات الدولية من الاستثمار في سوريا، فعدم وجود البيئة الآمنة قد يبعد الشركات عن الاستثمار، بحكم أن أي استثمار يحتاج إلى استقرار سياسي واقتصادي في البلاد لتحقيق المكاسب، ولا يتوفر لدى مناطق سيطرة النظام السوري الحد الأدنى من الاستقرار السياسي والاقتصادي، كما يتطلب تأسيس مزارع الطاقة الشمسية ضمان عدم تعرضها لعمليات قصف تؤدي إلى الضرر بها لحساسيتها البالغة، ومن الممكن تدمير جزء كبير من هذه المزارع من خلال طائرة مسيرة منخفضة التكلفة.

وإلى جانب عدم قدرة النظام السوري على تهيئة الظروف والعوامل الملائمة لتأسيس مشاريع الطاقة الشمسية، تعرقل العقوبات الدولية المفروضة عليه من جذب الشركات العالمية للاستثمار في مناطق سيطرته، ففي عام 2021 وقعت شركة إماراتية عقداً مع النظام لتنفيذ مشروع الطاقة الشمسية إلا أنها انسحبت منه، وقد يكون السبب وراء ذلك الخوف من التعرض لعقوبات دولية.

بالنتيجة لا يتوفر لدى النظام عوامل كافية لنجاح تأسيس وتنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية بسبب التكلفة المرتفعة، والعقوبات الدولية المفروضة عليه والتي تعرقل دخول الشركات العالمية للاستثمار، مع عدم وجود بيئة مستقرة سياسياً واقتصادياً وأمنياً، لذلك يرى أن طموح النظام للاعتماد على الطاقة الشمسية مبالغ فيه في الواقع الحالي، ومع استمرار عدم توفر العوامل سابقة الذكر قد لا يستطيع النظام من تحقيق هدفه لتوليد 2000 ميغاواط من حاجة الاستهلاك لمناطق سيطرته، وقد لا يتخطى الرقم 1000 ميغاواط حتى عام 2030.