حكومة حسان دياب: حزب الله يطلق مؤتمره التأسيسي

2019.12.19 | 17:11 دمشق

images_11.jpg
+A
حجم الخط
-A

يطلق حزب الله مع الدفع بحسان دياب إلى واجهة مشهد التكليف بتشكيل الحكومة حرباً مفتوحة ليس ضد سعد الحريري وحسب، بل ضد الثورة وضد المجتمع الدولي والعربي في آن واحد. توقيت السير بهذا الترشيح حالياً يعني تسريع وتيرة العمل على تطبيق مشروع المؤتمر التأسيسي وإيصاله إلى مراحله النهائية.

يعتقد الحزب أن إيران نجحت في احتواء الاحتجاجات الداخلية وقمع ثورة العراقيين ضدها بالتزامن مع انشغال إدارة ترمب بمعاركه مع الديمقراطيين في الكونغرس ومجلس الشيوخ، ما يعني أن وتيرة الحرب الأميركية ضدها ستتراجع، وتاليا فإن عليها زيادة الضغط تمهيدا لتجنب خوض مفاوضات من موقع الضعف الشديد.

يمثل لبنان أحد أوراق إيران التفاوضية ولم يكن إصرار حزب الله على تسمية الحريري لتكليف الحكومة سوى نوع من إطلاق لعبة إغواء الغرب لتعويم البلد ماليا، ولكن مجموعة الإصلاحات الجدية المطلوبة قبل تيسير تدفق الأموال جعلت من أي دعم مادي للبلد غير مترافق مع تطبيقها بشكل كامل، يتخذ صيغة التمويل المباشر لحزب الله.

وإذا كانت فرنسا راعية مؤتمر سيدر قد أعلنت عدم ممانعاتها لتشكيل حكومة تضم ممثلين عن حزب الله، فإن أميركا والسعودية ودول الخليج أعلنوا جميعا رفضهم القاطع لهذا المنطق جملة وتفصيلا. أدى ذلك إلى انطلاق وتيرة تصعيد لا تراعي

استبق حزب الله الارتفاع المتوقع في وتيرة التصعيد ضده بحرب مفتوحة ضد النظام اللبناني

مصالح اللبنانيين ولا تقيم وزنا لثورتهم، بل تمهد لتركهم أمام أنياب حزب الله وحلوله الأمنية في ظل حرب مفتوحة عليه ستخاض بلا ضوابط ولا اعتبارات. 

استبق حزب الله الارتفاع المتوقع في وتيرة التصعيد ضده بحرب مفتوحة ضد النظام اللبناني. قرر الخروج على ثوابته وإطلاق غزوة مؤتمره التأسيسي والسيطرة على كل الرئاسات الثلاث فاتحا الباب أمام تكريس لبنان كجزيرة إيرانية معزولة لا يمكن التعامل معها إلا بمنطق العداء أو اللامبالاة.

واللافت أن إخراج الحريري من الحكم يلتقي مع هدف قمع الثورة أو تطييفها، فما أن أعلن امتناعه عن المشاركة في سباق التكليف بعد أن اتضح له جدية الرفض الأميركي والعربي لتشكيل حكومة يقودها، ويحكم حزب الله السيطرة على مفاصلها وتمنحة شرعية ممنوعة، حتى بدا للجمهور السني أن الثورة لم تكن عامة بل خاصة، وتستهدف الحضور السني من خلال التصويب على سعد الحريري وحسب.

من هنا تسارع ظهور الأصوات السنية التي تعلن انفصالها عن الثورة من دون أن يعني ذلك إعادة تعويم لشعبية سعد الحريري، بل ظهر هذا الجمهور في هيئة من الإحباط والشعور بالغبن والإذلال، بشكل ينذر بنشوء موجة غضب سني متشظية المعالم، يمكن لحزب الله البناء عليها لإعادة إنتاج خطاب دعشنة السنة.

 يستطيع الحريري أن يكون معارضا ولكنه لا يمكنه أن يكون بطل الثورة، بل يرجح أن يكون وضعه شبيها بحال الجدار الذي أقيم مؤخرا في المنطقة التي تفصل خندق الغميق عن منطقة العازارية المؤدية إلى ساحتي رياض الصلح وساحة الشهداء، أي أنه سيكون مجبرا على لعب دور الفصل بين جمهوره الذي سيخرج عليه وعلى الثورة وعلى النظام اللبناني ككل في آن واحد.

لا شك أن هذا الدور الذي وقع فيه سعد الحريري سيكون شديد الصعوبة لأن حزب الله

 ينتج حزب الله ظروف إطلاق حرب مذهبية يجد فيها عنوانا لمؤتمره التأسيسي، وهي مرفقة بمؤشرات انهيار عام مالي واقتصادي وسياسي غير مسبوق

مع تأسيسه لحكومة مواجهة، سيدفع دون شك في اتجاه الحل الأمني الشامل المعزز بشرعية سيطرته التامة على كل مؤسسات الدولة. تاليا فإن تطييف الثورة الذي يسعى إليه منذ فترة سيجد الباب مفتوحا أمامه إزاء هذا الشعور السني العارم بالإهانة مع السطو على مواقع السنة في الحكم.

 ينتج حزب الله ظروف إطلاق حرب مذهبية يجد فيها عنوانا لمؤتمره التأسيسي، وهي مرفقة بمؤشرات انهيار عام مالي واقتصادي وسياسي غير مسبوق. يريدها الحزب حاليا لأنها ستسمح له بإعادة توظيف فائض القوة الذي سلبته منه الثورة في ميدان يبرع فيه ويتيح له إعادة توظيف سلاحه وشرعنة حضوره.

في ظل اختلال موازين القوى لصالحه لن تتخذ الأمور طابع الحرب بقدر ما ستكون مجزرة يرتكبها الحزب ضد كل من لا يقبل بالخضوع لسلطة زمانه.

يدفع حزب الله بالأمور إلى أقصاها معتقدا أنها لن تصل إلى النهايات، وأنها ستتوقف عند حد يضمن له النجاة والاستمرار في السيطرة على البلد، ولكن الواضح الوحيد هو أن أميركا والسعودية والعرب يلعبون مع إيران حاليا بمنطقها نفسه وهو منطق الأرض الخراب.

هكذا لا تكون المعادلة مرتبطة بقبول أو رفض التسليم بسلطته على البلد، ولكن في ما سيكون عليه البلد الذي سيسلم له.

لا شي يشير إلى أن هذا البلد المتروك لسلطة حزب الله سيكون شيئا سوى مقبرة جماعية لنا وله. وهكذا فإن سبل المواجهة مع إيران عبر حزب الله وحّدت النظرة والمصير بيننا وبينه وحرمتنا ليس من حقنا في أن نكون ضحاياه، ولكن من حقنا في أن نكون ضحايا في المطلق، وأحالتنا إلى ركام يفتقد للمعنى يطلق عليه في التعبير الحربي اسم الخسائر الجانبية.