تلفزيون سوريا وانطلاقته.. ما الجديد؟

2024.04.25 | 12:07 دمشق

آخر تحديث: 25.04.2024 | 14:21 دمشق

545454545454545454545454545454545454
+A
حجم الخط
-A

مع دخوله سنته السابعة، أعلن تلفزيون سوريا يوم الأربعاء 24 نيسان/ أبريل 2024 عن انطلاقة جديدة في حفل حضرته شخصيات سورية تعكس تمثلات المجتمع السوري وتنوعاته، حيث بدأت انطلاقة التلفزيون من ساحة الكرامة في السويداء وانتقلت إلى إدلب واعزاز في أقصى الشمال لتبدأ تمام الرابعة في أستوديوهات التلفزيون في إسطنبول. تمثل الانطلاقة فرصة لتوضيح بعض محددات عملنا، وما تحقق وما تروم انطلاقتنا تحقيقه.

لطالما احتاجت سوريا إلى تلفزيون وطني، مؤسساتي البناء والهيكل، ديمقراطي التوجه، يشكل ببساطة منبرا إعلاميا مختلفا ولا نقول بديلا عن إعلام النظام، ويصقل في الوقت عينه التجارب الإعلامية التي نشأت بعد عام ألفين وأحد عشر.. وعلى هذا الأساس، امتلك تلفزيون سوريا مقومات نجاحه بمجرد إطلاقه عام ألفين وثمانية عشر، لكونه يلبي حاجة، إنها الحاجة إلى مؤسسة إعلامية مهنية تعددية تحمل قيم الحرية والعدالة والمساواة، وتجمع السوريين في الوطن والمنافي.

انطلاقة أشبه ما تكون بتأسيس ثان، ترسخنا كقناة احترافية تستثمر في المهنية والموضوعية كمنهجية عمل دون أن تهمل أو تخفي انحيازاتها القيمية في سياستها التحريرية، ودون أن تنسى أنها موجهة إلى الشعب السوري كله، وإلى كل من يحب سوريا

 وقد كانت هذه الفكرة نقطة البداية في مسار تطور مطرد نحتفل اليوم بنضوجه أكثر على شكل "انطلاقة جديدة".. انطلاقة أشبه ما تكون بتأسيس ثان، ترسخنا كقناة احترافية تستثمر في المهنية والموضوعية كمنهجية عمل دون أن تهمل أو تخفي انحيازاتها القيمية في سياستها التحريرية، ودون أن تنسى أنها موجهة إلى الشعب السوري كله، وإلى كل من يحب سوريا.

في الأخبار، التي تشكل مع برامجها السياسية نحو ستين في المئة من محتوى التلفزيون، بنيت استراتيجيتنا على فرضية طموحة تقول: يمكن للمتابع فهم عموميات الصراع السوري من دون الحاجة إلينا، ولكن معرفة تفرعاته وتشابكاته وتحولات حيوات السوريين تحتم عليه العودة إلى منصات تلفزيون سوريا. وفي سبيل ذلك جرى التوسع في شبكة المراسلين، لتضم نحو خمسة وعشرين مراسلا في مختلف بلدان اللجوء السوري، بالإضافة إلى أكثر من خمسة وستين من المتعاونين في الداخل السوري.

 باختصار، أضحت كل بقعة جغرافية تحت عدستنا، وبات مراسلونا يظهرون في كل مكان بمجرد زوال التهديد الأمني، وهو ما حصل في السويداء بعد أيام من انتفاضتها الواعدة، وقد مكننا ذلك من اعتماد سياسة الهواء المفتوح لأي طارئ سوري وعربي، ولعل تجربتنا في الزلزال كانت خير برهان على أننا سنكون دائما صورة البلاد وصداها، خاصة إذا ما غابت عن المحطات الإخبارية الأخرى.. باختصار أضحت كلمة أخبار سوريا ملاصقة لتلفزيون سوريا، ويكفي أن تكتب هاتين الكلمتين في محرك البحث ليظهر موقع التلفزيون وشاشته في رأس نتائج البحث.

ومن البديهي القول إن غالبية تفاعلات السوريين اليوم هي في الفضاء الافتراضي والذي غدا مجالا عاما صانعا للقيم والرموز.. من هنا، فإن الحضور في وسائل التواصل الاجتماعي مشاهدة وتفاعلا بات مؤشرا رئيسيا لقياس تطور المحطات التلفزيونية، وهو ما منحناه أولوية وأهمية كبرى في عملنا، ولا نبالغ إذا قلنا: إن النتائج التي حققها التلفزيون كانت لافتة، وجعلته من أسرع المشاريع الإعلامية العربية نموا وانتشارا. وقد قمنا مرارا بنشر نتائجنا التي تضعنا إلى جانب كبريات القنوات الإعلامية في العلن لا مفاخرة، وهو أمر يدعو للمفاخرة بالطبع، لكن لوضع أنفسنا أمام تحدي زيادتها ومواجهة التقصير.. ولا ضير في القول: إن التنافس في هذا الميدان مع ثورة الذكاء الصناعي يمثل تنافسا على المستقبل لا سيما عند الجيل Z، إذ تؤكد المعطيات الإحصائية اليوم أن البشر يستهلكون نسبة واحد على خمسة 5/1 من المنتج الذي يتم إنتاجه عالميا، وهو ما يفرض تحديات على المنتج التلفزيوني التقليدي والبرامجي منه على وجه التحديد.. في ضوء ذلك، تم اختيار برامجنا وفق منهجية تستهدف شرائح بعينها لا الشرائح جميعها، أو ما نسميه "الجمهور المهتم". وقد أطلقنا قبل عامين باقة برامج منحناها وقتها لترسخ اسمها لدى الجمهور ثم لنعمل على تطويرها، لذلك ستحتفظ برامج "منتدى دمشق"، "الذاكرة السورية"، "ضمائر متصلة"، "المؤشر" بوجودها مع تطويرها كليا شكلا ومضمونا، لتضاف إليها ثلاثة من البرامج القصيرة الأخرى والتي سنعلن عنها تباعا بالإضافة إلى ثلاث تجارب بودكاست.

وإن وجود هذا المحتوى المختلف والمتنوع والخالص في حقوق ملكيته للتلفزيون شجعنا على الدخول في امتحان ال livestreaming والذي يعرف صناع المهنة كم هو صعب في تفاصيله ومتطلباته خاصة على قناة محلية، وستكون هي القناة المحلية الأولى عربيا التي تنحو هذا المنحى، ليس رغبة في التقليد بمقدار ما هو تحد للدخول في المستقبل، ففي بداية هذا العام، تجاوزت المشاهدات على البث الحي في منصات الديجتال المختلفة ولأول مرة عدد المشاهدات على الشاشة التقليدية والكايبل مجتمعين.

تمكنا أخيرا بدعم من مجموعة فضاءات وإدارة مالية وتشغيلية متميزة، من بناء استوديوهات تعد واحدة من الأكبر والأكثر تقدما على مستوى الصناعة التلفزيونية في تركيا إن لم تكن الأكبر

بإيجاز، وعلى الرغم من الطفرة الإيجابية على المستوى التحريري، كانت عملية إدارة التشغيل والبنية التحتية التقنية والإنتاجية تمثل تحديا دائما للتلفزيون، حتى تمكنا أخيرا بدعم من مجموعة فضاءات وإدارة مالية وتشغيلية متميزة، من بناء استوديوهات تعد واحدة من الأكبر والأكثر تقدما على مستوى الصناعة التلفزيونية في تركيا إن لم تكن الأكبر.

إن وجود البنية التحتية اللازمة سيمكننا من استكمال استراتيجيتنا بأن نكون شاشة السوريين الرئيسية، إضافة إلى توسيع شرائحنا وتحديث الخطاب والأدوات المستخدمة في إيصاله، وتحمل كل الأعباء الناجمة عن ذلك ما دامت سياستنا التحريرية ثابتة.

في النهاية، نعبر عن امتناننا الكبير لمجموعة فضاءات، ومقرها الدوحة في دولة قطر، على دعمها المستمر.