الأسد وانتخابات المهزلة

2022.09.29 | 04:50 دمشق

الأسد وانتخابات المهزلة
+A
حجم الخط
-A

ربما أكثر ما يثير الدهشة في نظام الأسد هو اعتياده الكذب العلني المستمر حتى ولو كان فاقعا أحيانا لدرجة البجاحة، مع إدراكه أن كذبه هذا لن يصدقه أحد أبدا، لكن كي يستمر الحكم وعلى حساب دماء السوريين واحترام عقولهم يستمر الكذب ويصبح أشبه بالإهانة اليومية للسوريين.

آخر كذبات الأسد كانت الانتخابات المحلية التي لم يهتم بها أحد من السوريين كونها كذبة أخرى حول استقرار نظام سياسي لشعب مهجر ومشرد وفقير ويعيش نصفه في مخيمات اللاجئين، بيد أن الكذبة ذاتها يجب أن تستمر كي يقول الأسد أن نظامه مستقر وأن الحرب انتهت وأننا نحترم "المواعيد الدستورية" وغير ذلك من الكذبات التي يرددها الإعلام السوري بشكل يومي.

لا يهتم النظام كثيرا لفكرة الصدقية فهي لا تؤثر بمعنى الشرعية التي بالنسبة له هي القوة والقوة وحدها

تعيش الدكتاتوريات على الكذب وقصص الستار الحديدي في الاتحاد السوفييتي قصة كيف عاشت الكذبة واستمرت 70 عاما قبل أن تتبخر كليا ونظام الأسد لا يختلف عن ذلك فخمسون عاما من الكذب المستمر على الشعب وتضاعف الكذب مع الثورة التي أصبح الأسد يقدم روايات من الخيال تثير السخرية حتى من قبل مواليه ومؤيديه كروايات المطر والاستديوهات وغير ذلك.

لا يهتم النظام كثيرا لفكرة الصدقية فهي لا تؤثر بمعنى الشرعية التي بالنسبة له هي القوة والقوة وحدها بما تعنيه من ممارسة العنف بحده الأقصى بحق السوريين الذي يرفضون تصديق كذباته وترديد رواياته.

تأثير الكذب أيضا قوي على استمرار فكرة الخنوع على تحريض الناس ضد بعضهم البعض بوصف الكذب أصبح العملة الرائجة والحقيقية الوحيدة، وهو ما يقود إلى دمار كامل لمجتمع قوضت كليا مناعته وأصبح متعفنا من كثرة الأمراض والجراثيم.

كذبة الأسد في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية استمرار لسلسلة طويلة من ترداد أن النظام شرعي بهدف عقد الانتخابات في وقتها مهما كانت هذه الانتخابات مزيفة وكاذبة، ثم تأتي جوقة من المسؤولين تخرج بترداد كذبات غاية تبرير الكذبة وهكذا يمتد حبل طويل من الكذب لا نهاية له.

ما بين استمرار الكذب والحقيقة دفع السوريون دماء غزيرة من أجل فكرة الحرية والحقيقة والدفاع عنها

كتب كثير عن مفهوم البروباغندا في المجتمعات المغلقة والأنظمة التسلطية لكن الكذب يختلف عن مفهوم الدعاية الإعلامية، فالكذب هنا ليس في التبرير السياسي وإنما في الفعل ذاته عبر عقد انتخابات لا تعني السوريين في شيئا ولن تعيدهم إلى بيوتهم أو تسكنهم قراهم التي شردوا منها. فليس المطلوب منها الوصول إلى حل سياسي تكون غايته حل مشكلات السوريين، فقد وصل الأسد إلى طريق مسدود ولا تغني معه كل قناعات الناس التي يعيشونها كبديل عن كذبه، لكن الكذب هنا هو استمرار لسياسة القوم والحكم بالعنف إنه ممارسة لحرف الحقيقة وإجبار الناس على تزييف واقعها، واستمرار الكذب كي يتحول كما قلت إلى الحقيقة ذاتها فلا وجود أو قيمة للحقيقة وإنما الكذب هو الهدف الأول والنهائي الذي يعيش من خلفه النظام ويعتاش عليه.

ما بين استمرار الكذب والحقيقة دفع السوريون دماء غزيرة من أجل فكرة الحرية والحقيقة والدفاع عنها، صحيح أن الكذبة ربما انتصرت مؤقتا الآن لكن لا نصوع للحقيقة إلا مع وجود الكذب الذي لا يمكن له أن يخالف الحقيقة التي يعيشها ويراها السوريون أينما كانوا وارتحلوا، فالحقيقة ستنتصر بالنهاية مها استمر الأسد في حبل كذبه وانتخاباته المهزلة.