إرهاب "داعش" سلاح الأسد والملالي الفاشل

2023.09.27 | 06:23 دمشق

آخر تحديث: 27.09.2023 | 06:23 دمشق

إرهاب "داعش" سلاح الأسد والملالي الفاشل
+A
حجم الخط
-A

تحت يافطة تحرير فلسطين، مروراً بتحرير الجولان، وصولاً لرفع شعار "المقاومة والممانعة"، استبدَّت الأسدية بالحياة السورية لعقود؛ وكذلك فعلت جمهورية الملالي بإيران ومحيطها. المشروع الأسدي المدعّم خارجياً، والقمعي داخلياً كان لتحويل سوريا إلى مزرعة خاصة أبدية؛ ومشروع الملالي متخادماً ومتماهياً مع المشروع الغربي والصهيوني، كان لإخضاع المنطقة العربية برمتها.

بعد ثلاثة عقود على المشروعين وتنسيقهما العضوي، انطلق الربيع العربي. استنفر الغرب والصهاينة، واستنفر الملالي أكثر، ولكن الأسدية لم تحسب بأنه سيصلها. أراد الملالي احتواء ما يحدث، وأطلقوا عليه اسم "النهوض الإسلامي" تيمناً بثورتهم "الإسلامية" وباسم كيانهم "الجمهورية الإسلامية الإيرانية". أما الغرب - وأميركا تحديداً- فقررت أن تدير اللعبة، وتتحكم بها من الخلف، للسيطرة على الجميع، عبر استنزاف الجميع.

ما إن وصل الربيع العربي إلى سوريا، إلا واستنفر الملالي بكل طاقتهم، وبشكل مختلف؛ وسمّوا ما يدور في سوريا "إرهاباً" و"مؤامرةً كونية"، تحسباً أيضاً لاحتمالية وصول موجة التغيير إلى لبنان أو العراق. استنفر ملالي طهران أدواتهم، المالكي وحسن نصر الله في هذين البلدين.

وكان المالكي (وبكل غباء، كما رأى الملالي) قد رفع كتاباً للأمم المتحدة يشكو فيه الإرهاب الذي يرسله النظام الأسدي إلى العراق. أوقفوا توجهه ذاك، ودفعوه باتجاه إطلاق إرهابيين من معتقلات العراق، وبسحب الجيش العراقي، تاركاً للإرهابيين المعتقلين المال والعتاد والسلاح الذي يكفي لجيش كامل.

عندها انطلقت "داعش"، وتحولت إلى شركة مساهمة ترمي الدول كل وسخها الإرهابي فيها. وأضحى ذلك الذريعة لتَشَكُّل تحالف دولي، وتثبيت حجة كل تدخل في سوريا تحت يافطة الإرهاب، ولتسويق سردية النظام الأسدي بأنه يقاوم الإرهاب، وليضع الشعب السوري الثائر سلمياً تحت يافطة "الإرهاب".

كان ملالي إيران وحرسهم الثوري أصحاب القرار الحاسم بمواجهة انتفاضة الشعب السوري السلمية بالحديد والنار. وكانت ولادة داعش الفورية لتستقيم رواية نظام الأسد الإرهاب. واسم (د ا ع ش)، لِمَن لا يتذكر، مُكَوَّنٌ مِن /د/ دولة، /ا/ إسلامية، /ع/ العراق و/ش/ الشام؛ أو ISIS { The Islamic State for Syria and Iraq}. ولا بد أن {إسلامية} أتت تيمناً بجمهورية ملالي إيران الإسلامية. و{العراق} ارتكاز مشروع الملالي التوسعي وقاعدة ما سُمي بالهلال الشيعي ورأسه لبنان؛ أما واسطة عقد المشروع، فكانت {سوريا}.

اختراع الملالي لداعش أنجز لحلف "المقاومة والممانعة" جملة من الأهداف، وعلى رأسها جذب التدخلات الدولية المتعددة، وتفقيس خلايا إجرام أخرى تزيد من منسوب الإرهاب

دخل الملالي وحرسهم الثوري، وأذرعهم وميليشياتهم لمقاومة انتفاضة الشعب السوري؛ وتدرّجت أشكال إجرامهم من استخدام السلاح الثقيل، للاعتقال، للبراميل، لتفجير خليّة الأزمة، للتشريد، للخطف، لاستصدار المراسيم والقوانين، لاستدعاء الروس، وصولاً إلى التغلغل في كل "مؤسسات" الدولة السورية. أما "داعش" فقد بقيت السلاح المفضل.

اختراع الملالي لداعش أنجز لحلف "المقاومة والممانعة" جملة من الأهداف، وعلى رأسها جذب التدخلات الدولية المتعددة، وتفقيس خلايا إجرام أخرى تزيد من منسوب الإرهاب، وتثبّت سردية النظام بمحاربته للارهاب، تشوّه ثورة سلمية نبيلة لشعب خرج للحرية ودَفْع الظلم والاستبداد. عبر داعش وباسمها وبذريعتها، ارتكب الجميع جرائم يصعب وصفها. وها هي الآن تأتي على رأس الأدوات والوسائل لخنق صوت الحرية القادم من الجنوب السوري، والبند الأساس في التحرك بمعيّة "قسد" في الشمال الشرقي السوري، لتشويه حراك دير الزور.

مع انطلاقة انتفاضة السويداء، وعودة جذوة الثورة السورية وروحها؛ ومع الحيرة التي أربكت نظام الأسد، وفضحت سرديّته المشؤومة بحماية الأقليات؛ ومع انكشاف فشله تجاه حاضنته وداعميه والعالم؛ استنفر الملالي وأرسلوا اللهيان، وزير خارجيتهم، ليبدأ نظام الأسد بتنفيذ مخطط الملالي تجاه ما يحدث في السويداء. كان أول بند على أجندتهم التلويح بالرعب الداعشي أداتهم الأساس التي لا تخيب في الحالات العصيبة التي تحلُّ بهم. خرج تهديد أبواقهم حول هروب لعناصر داعش من المعتقلات- الأمر الذي يذكّر بما فعله المالكي عام 2011 و2012، عندما انطلقت بذرة داعش أساساً، وبما فعلوه شرق السويداء عام 2018. ثم بدأ خلق الفتنة الداخلية بين أركان "المرجعية" الروحية في السويداء؛ ليتبع ذلك فتح "بورظان" وئام وهاب وأمثاله مندوب الملالي وحسن نصر الله في لبنان، وصولاً إلى أسطوانة التخوين التقليدية وإسرائيل.

تمَّ الإيعاز لمجلس محافظة السويداء، الذي عيّنته السلطة الأمنية الأسدية "انتخابياً"، أن يطلب هذا التدخل لوقف ما سمّوه الفوضى ورفع شعارات (غير وطنية) وتنفيذ مخططات خارجية

     تجاه ما يحدث في الجنوب السوري، لم يبق أمام منظومة الاستبداد إلا أحد مسارين:

  •  التدخل العسكري الذي يلحُّ عليه الاحتلال الإيراني، حيث تمخّض اجتماع تم في سفارة ملالي إيران في دمشق عن توجهٍ قوامه عسكري. لقد تمَّ الإيعاز لمجلس محافظة السويداء، الذي عيّنته السلطة الأمنية الأسدية "انتخابياً"، أن يطلب هذا التدخل لوقف ما سمّوه الفوضى ورفع شعارات (غير وطنية) وتنفيذ مخططات خارجية. وكان أول الغيث إطلاق النار من حزب البعث، وبعض التفجيرات وإطلاق النار بعد أسبوعين، ولا ندري إن كان سيستأنَف!
  •  أما المسار الثاني، والمكمّل للأول، وغير المُعلَن، والخاص بالاحتلال الإيراني حصراً، فهو أسلوب الاغتيالات والتفجيرات والإخلال بالأمن الداخلي. ومَن غير "داعش" أكثر أهليةً للقيام بالمهمة الأقذر! إلا أن انكشاف الفاعل سلفاً –أكان النهج العلني أو الخفي- للمنطقة وللعالم، والتشظي المتوقع بأدوات "النظام" العسكرية والانقسامات المؤكدة، وتجربة محافظة السويداء سابقاً مع "داعش" الإيرانية- الأسدية، ستكون مزيداً من الفضيحة للاحتلال الإيراني، وانتحاراً لمنظومة الاستبداد الأسدية، وتسريعاً بسقوطها.