إخفاق جيش الاحتلال في غزة وحكمة الجنرالات السابقين

2024.04.29 | 05:50 دمشق

آخر تحديث: 29.04.2024 | 05:50 دمشق

إسرائيل
+A
حجم الخط
-A

قبل عدة أيام استقال أهارون هاليفا قائد شعبة الاستخبارات الإسرائيلية في الجيش الإسرائيلي وتعد الشعبة الجهة الأمنية الأكثر ثقلا لدى دولة الاحتلال الإسرائيلي في تقدير الموقف الأمني وحتى السياسي وتشير هذه الاستقالة ليس إلى مستوى الفشل في 7 أكتوبر فحسب بل إلى كل ما تلا ذلك من تقدير للموقف الأمني.

اليوم يتحدث جنرالات وقادة أمنيون متقاعدون بحرية أكبر في أروقة الاحتلال الإسرائيلي حيث لا يخفون انتقاداتهم للسياسة الحالية ويتكلمون بشكل واضح عن الفشل السابق واللاحق وفي هذا السياق فقد حذر جنرالات من أن خطة الجيش الإسرائيلي لاجتياح رفح لن تحقق أهدافا عسكرية وستخدم مزيدا من توريط إسرائيل عالميا.

يشير القادة السابقون إلى مثال خان يونس التي لم يحقق فيها الاحتلال شيئا حيث تعود حماس مرة أخرى وتثبت أقدامها وتعيد ترتيب أوراقها في هذه الأماكن بعد انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي. ويشير هؤلاء القادة إلى أن الاحتلال لم ينجح حتى الآن في تسليم هذه المناطق لأي طرف غير حماس فلم تنجح الخطط لتسليم إدارة غزة إلى عشائر أو رجال أعمال أو إلى الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية مع أن الجنرالات السابقين في دولة الاحتلال يفضلون هذا الخيار الأخير لأن الاحتلال يقيم معهم تعاونا وتنسيقا أمنيا ناجحا في الضفة الغربية ومن وجهة نظر الجنرالات فإنهم ليسوا جيدين لكنهم أفضل من حماس وهم على الأقل لم يفعلوا بإسرائيل 7 أكتوبر.

من ناحية أخرى هناك دور يقوم به القادة السابقون وهم يشيرون إلى أن القادة العسكريين الذين كانوا مسؤولين عن الفشل في 7 أكتوبر يسعون من خلال محاولتهم التغطية على الفشل السابق إلى مزيد من توريط دولة الاحتلال بشكل أكبر وعلى سبيل المثال يشيرون إلى أن معركة عسكرية في رفح والتي يسعى الجيش لبدئها لن تؤدي لانهيار حماس بل ستورط إسرائيل ودولا عربية وقعت على اتفاقيات سلام مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. كما يشيرون إلى أن حماس جهزت كمينا استراتيجيا للجيش الإسرائيلي في رفح.

ويشير هؤلاء القادة إلى أن عسكريين مثل وزير الدفاع غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي يضغطون لتنفيذ عملية في رفح ويحذرون من أن هذا الضغط يفتح الأبواب لتوسع الحرب الإقليمية الشاملة والتي يعتقدون أن دولة الاحتلال ليست مستعدة لها أبدا وأنها ستكون حربا مدمرة وسيكون الدمار أشبه بالدمار الذي أحدثه الجيش الإسرائيلي في غزة مع خسائر شديدة وكبيرة جدا.

يصور القادة العسكريون المتقاعدون في دولة الاحتلال أنفسهم بصورة الحكماء الذين يتجردون من المصالح السياسية الذاتية ويسعون للمصالح العليا لدولة الاحتلال فقط ولذلك هم يرون أن الأطراف التي تصنع القرار في دولة الاحتلال الآن تتصرف بمنطق غير مسؤول وخطير وتقود الأمور نحو كارثة غير مسبوقة ويرون أن القيادة الحالية تطلق النار على نفسها وأن القيادة التي لا تنجح في تحقيق الأهداف التي وضعتها في جبهة واحدة لن تستطيع تحقيق الأهداف في عدة جبهات مجتمعة.

وفي سياق غير بعيد فإن الجمهور الإسرائيلي لا يبعد كثيرا عن هذه النظرة فقد أشار استطلاع نشرته صحيفة معاريف أن أكثر من 63% من الإسرائيليين يعتقدون أن الوقت قد حان لكي تستقيل قيادة الجيش الإسرائيلي وأن عليها أن تتحمل مسؤولية الفشل والإخفاق الأمني والعسكري الذي حدث في 7 أكتوبر 2023 وما بعدها.

كما أن عددا من الكتاب الإسرائيليين وعلى سبيل المثال أفرايم غانون من معاريف أشاروا إلى أن الإيهام بأن الجيش على مسافة خطوة من النصر في رفح هو نكتة وأمر منفصل عن الواقع وأن من يوهم نفسه بذلك بعد أكثر من نصف عام على حرب لا نهاية لها  فهو أيضا منفصل عن الواقع. إن مئات من عناصر المقاومة أعادوا انتشارهم في كافة مناطق غزة بعد نصف سنة من الحرب والآن يستأنفون إطلاق الصواريخ وإطلاق الهاون على بلدات غلاف غزة وحتى على عسقلان.

وهذه نماذج من مواقف لجنرالات سابقين واستطلاعات رأي وأفكار لكتاب تشير إلى حجم خيبة الأمل في الجيش الإسرائيلي وإلى حجم خيبة الأمل في صناع القرار الذين لم يتوصلوا لصفقة ولم يستطيعوا تحقيق الأهداف السياسية أو العسكرية وهي بحد ذاتها مؤشر على التزعزع وانعدام الثقة وهذه عوامل تؤثر في مجريات المعركة ضد الاحتلال وهذا الأمر يقوي موقف المقاومة الفلسطينية ميدانيا وسياسيا.

إن الجيش الإسرائيلي ذاهب لمزيد من التورط في غزة والمقاومة تعرف البيئة أكثر منه وتعرف نقاط ضعفه ومن المتوقع أن تكون خسائر الجيش الإسرائيلي أكبر في المرحلة القادمة إذا استمر القتال وهو الأرجح والتورط سيقود لمزيد من التورط.

ما يقوله الجنرالات السابقون في جيش الاحتلال أقرب للحقيقة وهو ما يعجز القادة الحاليون عن قوله لأن لديهم وهما في التغطية على فشلهم ويعتقدون أن فائض القوة والتدمير سيؤخر عملية حسابهم وقد يمد في أعمارهم الوظيفية وقد يكون هذا معميا لأبصارهم عن المستنقع الذي ينحدرون فيه أكثر.