القيود التي تعيق عملية إسرائيلية في رفح

2024.02.22 | 07:51 دمشق

آخر تحديث: 22.02.2024 | 07:51 دمشق

القيود التي تعيق عملية إسرائيلية في رفح
+A
حجم الخط
-A

منذ أسابيع وحتى مع بدايات العملية العسكرية في خان يونس والجيش الإسرائيلي يلوح بعملية عسكرية في رفح على غرار بقية المدن في قطاع غزة من الشمال إلى خان يونس، ويرى جيش الاحتلال أنه يتحتم عليه أن يفكك ما تبقى من بنية كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية في رفح كما أنه يمنّي النفس بالنجاح فيما فشل فيه في بقية المدن وهو العثور على أسراه، كما أن عملية الهجوم على رفح تروق كثيرا للفريق القومي الديني في حكومة نتنياهو والذي يرى أن العملية الأوسع مهمة من أجل سيناريو التهجير.

بداية قد يكون الحديث مضللا عندما يظن القارئ أن العملية العسكرية لم تبدأ بعد في رفح، فمنذ أكثر من 130 يوما تتعرض رفح إلى قصف جوي ومدفعي، وقد خلف القصف مئات الشهداء وآلاف الجرحى وعددا كبيرا من البيوت المهدمة، كما استهدف الاحتلال القوات الشرطية في المدينة بهدف نشر الفوضى في المدينة وتأليب الناس على المقاومة والمقصود هنا بالعملية هو عملية برية لاحتلال مدينة رفح.

أي عملية عسكرية ستجعل الأمور كارثية وستطلق موجة جديدة من الانتقادات والاحتجاجات على الاحتلال، قد يصعب السيطرة على نتائجها

مع تأكيد نتنياهو وقادة الجيش والحكومة على ضرورة المضي في عملية رفح فإن هناك جملة من القيود التي تصعب الأمر ومنها الموقف الأميركي الرافض وإن كان ليس بشكل قطعي. وقد بات واضحا أن الأميركان يريدون إنهاء الحرب بأسرع وقت، ولديهم خشية من طول أمدها أكثر من ذلك خاصة أنهم كانوا يريدون انتهاء العملية قبل نهاية العام 2023 في ظل اقتراب موعد الانتخابات وتأثير الحرب عليها في غير صالح إدارة بايدن.

مع الاتهام الموجه لحكومة الاحتلال في محكمة العدل الدولية بالإبادة الجماعية ووجود أكثر من مليون ونصف مليون نازح في رفح في ظل وضع إنساني مأساوي فإن أي عملية عسكرية ستجعل الأمور كارثية وستطلق موجة جديدة من الانتقادات والاحتجاجات على الاحتلال، قد يصعب السيطرة على نتائجها في ظل تحذيرات دولية حتى من حلفاء تل أبيب مثل واشنطن وباريس، وهذا الأمر يجعل جيش الاحتلال يفكر كثيرا قبل التوجه إلى احتلال رفح كما فعل في خان يونس وغزة.

من جانب آخر فيما تعد رفح آخر معاقل المقاومة التي لم تمس بنيتها بضرر من قبل الاحتلال بشكل كبير فإن الهجوم على رفح يفتح معه آفاق توسع أكبر للحرب على المستوى الإقليمي، خاصة أن أطرافا إقليمية مثل حزب الله والحوثيين تعهدوا بعدم السماح بالقضاء على المقاومة في غزة وتخشى واشنطن أيضا من هذا السيناريو.

تتزايد القناعات لدى الاحتلال أن عددا كبيرا من أسراه موجود في رفح وبالتالي فإن أي عملية عسكرية ستعني المخاطرة بفقدان هؤلاء الأسرى إلى الأبد

على مستوى ثالث ترتبط رفح بحدود مع مصر ويبقى أحد سيناريوهات أي عملية عسكرية هو توجه موجات من السكان إلى مصر بحثا عن الأمان، وهو ما ترفضه مصر بشكل معلن حتى الآن ولا تريد أن يكون عليها أي تبعات جراء أي عملية عسكرية محتملة في رفح.

تتزايد القناعات لدى الاحتلال أن عددا كبيرا من أسراه موجود في رفح وبالتالي فإن أي عملية عسكرية ستعني المخاطرة بفقدان هؤلاء الأسرى إلى الأبد، وهذا سيزيد من الضغط على حكومة نتنياهو بشكل كبير جدا.

لا يتناقض مع هذه القيود أن يقوم الاحتلال بعمليات استطلاع بالقوة أو اجتياحات لبعض الأطراف في المدينة بهدف تحقيق مزيد من الضغط على طاولة المفاوضات وهذا هو النهج الذي تتبناه حكومة نتنياهو.

كما أن هذه العوائق لا تلغي بالرغم من موضوعيتها وجود تصميم من جيش الاحتلال على المضي نحو رفح لتدمير بنية المقاومة، فهو خيار قد حسمه نظريا منذ 7 أكتوبر، لكن كما ذكرنا فإن هذه العوائق تبطيء من سيره وإذا توفر بجانبها عوامل أخرى مستجدة ضاغطة على الاحتلال فإن إمكانية دخوله لرفح في ظل المعطيات الحالية تبدو صعبة.