غانتس الذي يريد إعادة غزة للعصر الحجري

2024.03.20 | 04:57 دمشق

غانتس الذي يريد إعادة غزة للعصر الحجري
+A
حجم الخط
-A

لا يخفى على أحد وجود الخلافات الداخلية بين مكونات وقيادات دولة الاحتلال الإسرائيلي، وبين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو، وفي هذا السياق استقبلت الإدارة الأميركية وزير مجلس الحرب ورئيس حزب معسكر الدولة بيني غانتس في واشنطن، ثم تم استقباله في لندن في محاولة تبدو بقراءة أولية أنها تهدف للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورفع أسهم غانتس كخليفة محتمل لنتنياهو في السباق الداخلي الذي يتم التمهيد له بمجرد انتهاء الحرب.

ويدرك نتنياهو هذه الديناميكيات التي من الواضح أنه سيخسر فيها وفق أحد التقديرات، ولذلك نجد أن نتنياهو يستمر في إدامة أمد العدوان على غزة لأسباب شخصية تتعلق ببقائه السياسي، إضافة لأهداف أخرى وهو يتحمل المسؤولية عن حرب الإبادة التي قتل فيها أكثر من 30 ألف فلسطيني جلهم من النساء والأطفال.

ومع ذلك رغم تحميل المسؤولية لنتنياهو فإن هذا لا يعني أن بقية المسؤولين في حكومة الاحتلال والمعارضة هم أقل تطرفا أو أقل إيغالا في دماء الشعب الفلسطيني، فكلهم مجمعون على تصفية القضية الفلسطينية وعدم منح الشعب الفلسطيني أي حقوق، كما أنهم يختلفون إن اختلفوا فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني حول الطريقة التي يتم فيها إخراج عمليات القتل والتهجير، وإلا فالخطط والممارسات الصهيونية التي تكثفت اليوم تنتمي إلى سلسلة من المجازر والمذابح والتنكيل منذ عام 1948.

النظر إلى ماضي غانتس يوضح أنه يحمل سجلا إجراميا لا يقل عن نتنياهو، فقد كان غانتس رئيس الجيش في العدوان على غزة في عام 2012 وفي عدوان 2014

حاليا يتم التركيز على نتنياهو فقط للأسف كمسؤول عن الإبادة الحاصلة حتى من بعض دول المنطقة ومسؤوليها، وكأن غانتس على سبيل المثال حمامة سلام. وقبل كل شيء لا بد أن نقول إن غانتس هو عضو في مجلس الحرب الحالي وبالتالي هو شريك في الجريمة الحالية.

كما أن النظر إلى ماضي غانتس يوضح أنه يحمل سجلا إجراميا لا يقل عن نتنياهو، فقد كان غانتس رئيس الجيش في العدوان على غزة في عام 2012 وفي عدوان 2014. وغانتس الذي جاء والده من رومانيا لفلسطين هو مستوطن وأمه من أصل مجري سكنوا في مستوطنة في وسط فلسطين، وبالتالي فإننا نتحدث عن غانتس نفسه كمستوطن فكيف سيكون شخص مثله ضد الاستيطان الذي تظهر الإدارة الأميركية أنها تعارضه وكذلك أغلبية المجتمع الدولي؟

درس غانتس التاريخ في جامعة تل أبيب ولكنه كان له دور في عملية تزوير التاريخ والجغرافيا التي تتبناها دولة الاحتلال في كل ممارساتها، وليس ضد الشعب الفلسطيني فحسب فأعماله شملت أكثر من منطقة ففي عام 1978 شارك غانتس في عملية الليطاني في لبنان، حيث قتل 400 لبناني، كما شارك غانتس في حرب لبنان 1982.

وأسهم غانتس في عام 1991 في نقل 14 ألف يهودي من إثيوبيا إلى دولة الاحتلال بعد عمله في سلاح الجو الإسرائيلي في خطوة لتغيير الديموغرافيا. ثم شغل غانتس منصب قائد فرقة الضفة وكان له دور كبير في الاعتداء على الفلسطينيين في الضفة وقمع حراكهم في الخليل بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي في 1994.

وقد أصبح غانتس رئيسا للأركان في 2011 وقاد عملية عمود السحاب ضد غزة في 2012 وعملية الجرف الصامد في 2014 والتي استشهد فيها أكثر من 1500 فلسطيني، ويومها تباهى غانتس بشكل معلن أنه أعاد غزة إلى العصر الحجري، ومن الواضح أنه قرر مع نتنياهو في عام 2023 و2024 أن يعيدوا غزة إلى عصر ما قبل التاريخ عبر تدمير كل شيء.

الجيش الإسرائيلي أعدم أطفالا فلسطينيين، لأن الاحتلال هو أصل الشرور، حتى إن بيني غانتس وزير الحرب هو مجرم حرب

لو نظرنا إلى آراء غانتس السياسية فإن غانتس يرى في إسرائيل دولة يهودية ديمقراطية، ويرى بشكل متشدد أن القدس هي العاصمة الموحدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وهو يتجنب الحديث عن دولة فلسطينية ويرى أن غور الأردن جزء من دولة الاحتلال، وبالتالي فإن ما يدور عن تصوير غانتس بأنه مختلف عن نتنياهو لا يمكن أن ينطلي على عاقل.

وربما كما يقال الحق ما شهدت به الأعداء فنكتفي بما قاله عضو الكنيست عوفر كاسيف من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة- حداش، في 2022، حيث أعلن أن "الجيش الإسرائيلي أعدم أطفالا فلسطينيين، لأن الاحتلال هو أصل الشرور، حتى إن بيني غانتس وزير الحرب هو مجرم حرب".

في كثير من الأحيان يتم العمل على تمييع المواقف ومحاولة رمي كل المسؤوليات على شماعة واحدة لحرف الأنظار عن المشكلة الحقيقية، وهي وجود احتلال وشعب تحت الاحتلال. ولذلك فإن النظر إلى سيرة غانتس الذاتية تشير إلى أنه مجرم حرب لا يقل تطرفا ودموية عن نتيناهو.

وهنا فإن الإدارة الأميركية التي تعد شريكة في العدوان على غزة تستمر في مسلسل الإلهاء عبر إظهار أن غانتس مختلف، ولا يعدو ذلك سوى خلافات شخصية مع نتنياهو ومحاولة لتبييض صورة الإدارة التي لم تكف في الحقيقة يوما عن دعم الاحتلال وجرائمه والتغطية عليها في كل المحافل.