icon
التغطية الحية

تحالف الأحزاب الستة وتوحيد الرؤى.. هل غيرت المعارضة التركية خطابها بحق السوريين؟

2022.03.26 | 07:06 دمشق

زعماء تحالف "الاحزاب الستة" التركي المعارض (وسائل إعلام تركية)
زعماء تحالف "الاحزاب الستة" التركي المعارض (وسائل إعلام تركية)
إسطنبول - حمزة خضر
+A
حجم الخط
-A

يصمم تحالف الأمة الذي يضم حزب الشعب الجمهوري "CHP" وحزب الجيد "İYİ Parti" والحلفاء الجدد من الأحزاب المعارضة الأخرى أمثال حزب المستقبل "Gelecek Parti" وحزب الديمقراطية والتقدم "DEVA Parti" على العودة إلى النظام البرلماني، وهو الأمر الذي يتطلب موافقة 168 نائباً برلمانياً حتى يتمكنوا من إجراء استفتاء، أو إيجاد 400 نائب برلماني لتمرير التعديل الدستوري عبر المجلس، مع موافقة رئيس الجمهورية. 

ويعاني التحالف من أزمة اختيار المرشح، حيث لم يتم تحديده إلى الآن، ولكن التساؤل هنا عما إذا كان الشخص الذي سيتم ترشيحه رئيساً سيكون داعماً لتحالف "الأحزاب الستة" من الأحزاب الأخرى، ومع هذا، فإن تصريحات زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، تشير برغبته الشديدة بأن يصبح مرشح المعارضة أمام الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان.

ويمكن الإشارة إلى وعود كليتشدار أوغلو المتكررة بإرسال اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم "بالطبل والزمر" على حسب تعبيره، على أنها مسألة مهمة بالنسبة له، وبأن ملف اللاجئين حاضر بقوة ضمن "برنامجه الانتخابي"، وهو ما يمكن اعتباره نقطة خلاف بين الأحزاب المعارضة والمتقاربة حديثاً، خاصة مع تقبل علي باباجان الوجود السوري في البلاد.

داود أوغلو وباباجان.. شركاء الأزمة

وخلال لقائه المواطنين في ولاية هاتاي التي تعتبر حاضنة لحزب الشعب الجمهوري، عارض علي باباجان وعود كمال كليتشدار أوغلو التي تفضي إلى إعادة اللاجئين السوريين إلى سوريا، بعد أن سأله أحد الحاضرين من الأهالي إن أنطاكيا ستواجه مشكلات "أمنية وإرهابية" خطيرة للغاية إذا تم تقديم تنازلات للسوريين.

وقال باباجان: "أنت تعلم أنه ما لم يتحقق السلام والاستقرار والهدوء في سوريا، فلن يكون لدى السوريين هنا فرصة للذهاب إلى سوريا"، وأضاف: "نحن نعلم أيضاً أن الشعبوية ستؤدي إلى هذا، فمع ذهابنا إلى الانتخابات، ستخرج بعض الأحزاب وتقول صوتوا لنا وسنعيدهم جميعاً، لكنهم لن يتمكنوا من القيام بذلك سواء من المنظور الإنساني أو من حيث القانون الدولي، نحن واقعيون، يجب البحث عن حل للسوريين في سوريا، والسياسة السورية تحتاج إلى إعادة كتابتها بالكامل".

وفي حين يرى البعض بأن تصريحاته تأتي داعمة لوجود السوريين في تركيا، إلا أن بعض الشخصيات المعارضة خارج تحالف "الأحزاب الستة" تعتبر موقف باباجان نابع عن كونه جزءا من "أزمة" اللاجئين السوريين في البلاد.

وفي وقت سابق، صرح رئيس حزب الوطن ومرشح رئاسة الجمهورية السابق عن حزب الشعب الجمهوري، محرم إينجه، بأن مسألة اللاجئين السوريين أتت إلى البلاد خلال فترة مشاركة أحمد داود أوغلو في الحكم: "يتحدثون عن كيفية الجلوس على الطاولة، ويتحدثون عن سوريين، ألم يأت السوريون إلى تركيا في عهد داود أوغلو؟".

حزب الجيد وتجفيف منابع الكراهية

وخلال الأيام القليلة الماضية، يمكن القول بأن تغييراً حصل في خطاب حزب الجيد "İYİ Parti" عبر التصريحات التي تطلقها زعيمة الحزب، ميرال أكشينار، الداعية إلى عدم مهاجمة اللاجئين في البلاد.

وقالت أكشينار خلال كلمة ألقتها أمام كتلتها الحزبية البرلمانية: "لا نريد أن يُعامل اللاجئون بلا ضمير، إن السيد رجب طيب أردوغان هو المسؤول الوحيد عن وصول اللاجئين إلى هذا البلد".

وعلى الرغم من اعتماد حزب الجيد على الخطاب المناهض للاجئين السوريين في تركيا خلال فترة صعوده باستخدام أذرعها التي سوقت لخطاب الكراهية في تركيا أمثال أوميت أوزداغ، الذي فصل من الحزب وأسس حزبه الخاص، وإيلاي أكسوي، التي غادرت الحزب لتنضم للحزب الديمقراطي، إلا أن أكشنار قد استنكرت الأفعال العنصرية ضد اللاجئين.

وأضافت في حديثها أمام كتلتها النيابية: "نحن ضد اللغة التمييزية والعدائية المستخدمة ضد اللاجئين، إن الخطاب العدائي والأفعال العنصرية هي أساليب أولئك غير القادرين على حل المشكلات، ومثل هذه المفاهيم لا تقدم حلاً للمشكلة".

وقسمت أكشينار اللاجئين وقالت إنهم واقعون بين عقليتين مختلفتين في تركيا، إما أصحاب مقولة "الأنصار" الذين حولوا تركيا إلى ممر للمهاجرين بحسب تعبيرها، وقسم مناهض للاجئين، والتي وصفتهم بعقول القرون الوسطى: "وهذان الفكران يقدمان خيارين لتركيا، إما أن تكون واعياً وأن تبقى ساكناً مثل الإجاص، أو أن تكون عديم الضمير وتهين وتضرب اللاجئين، إنهم يريدون أن تناقش تركيا مشكلة اللاجئين حول هاتين الفكرتين الضحلتين".

وأكدت أكشينار على عدم سعي حزب الجيد إلى اتباع أسلوب مهاجمة اللاجئين للسعي وراء مكاسب سياسية، وبأن الحزب يرفض "سطحية هذا النقاش" التي فرضت على تركيا بسبب الصخب السياسي: "إن المناقشة المحشورة بين الضمير والغضب، لا معنى لها ولا فائدة منها لأمتنا".

التوافق عنوان المرحلة القادمة

نستطيع القول بأن الأحزاب السياسية في معظمها متفقة على إيجاد ضرورة إيجاد حل سلمي في سوريا لضمان عودة اللاجئين، إلا أن الملاحظ بأن الخطاب المعادي للاجئين بدأ في التراجع رغم تناميه خلال السنوات السابقة، وبعض الأحزاب التي جعلت من نفسها منابر للخطاب العنصري، أصبحت تتملص من "شعبويتها" عبر نبذ الأحزاب القائمة على الفكر والخطاب التحريضي.

ويمكننا أن نرجئ الأسباب إلى رؤية الأحزاب ضرورة عملهم سوية عبر تقريب وجهات النظر فيما بينهم، وهو الأمر الذي جعل بعض زعماء المعارضة تقوم بتخفيف حدة خطاباتهم ضد اللاجئين السوريين في البلاد، بعدما كانوا يعتبرونه الملف الرئيسي لبرامجهم الانتخابية.

ولعل السبب الأهم في ذلك هو ذهاب أهمية الملف لدى المعارضة التركية كونه كان الملف الأكثر فاعلية في جذب الناخبين الأتراك، إلا أن تحالف الأحزاب الستة قد ساعد في زيادة نسبة الناخبين لهذا التكتل على مختلف انتماءاتهم الفكرية والقومية من المحافظين والليبراليين الأتراك.