icon
التغطية الحية

وضعوه في شرابهم.. تفاصيل عن إصابة عائلات بـ"السحر" شمالي حلب ومصير الضحايا

2024.02.15 | 14:31 دمشق

قوات من الشرطة في مدينة اعزاز - أرشيفية
قوات من الشرطة في مدينة اعزاز - أرشيفية
حلب - خاص
+A
حجم الخط
-A

انتشرت فيديوهات مصوّرة أمس الأربعاء، لأطفال وهم يصرخون بحالة هستيرية في مخيمات منطقة شمارين بريف حلب الشمالي، بعد الحديث عن تدبير "السحر" لهم ولعائلاتهم من قبل شبكة تضم رجالاً ونساء.

وبالتزامن مع ذلك، ألقت قوات الشرطة القبض على عدد من الأشخاص المتهمين بالشعوذة ودس السحر لعائلات تقطن في مخيمات شمارين بريف اعزاز شمالي حلب.

وأثارت التسجيلات المصورة المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين سخطاً واسعاً ومطالبات بحملات أمنية ضد السحرة والمشعوذين، في حين تصاعد الجدال عن حقيقة السحر والمس بالجن وتأثيره على البشر، حيث طالب ناشطون بضرورة تدخل أطباء نفسيين وإجراء تحليلات طبية للمصابين.

ملاحظة: المشاهد أدناه حساسة وقد لا تكون مناسبة للجميع

ما تفاصيل القضية؟

أكد رئيس فرع الشرطة المدنية في مدينة اعزاز العقيد أحمد قريوي، إلقاء القبض على أفراد من شبكة تمارس السحر والشعوذة في بعض مناطق ريف اعزاز.

وقال قريوي في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إنّ قوات الشرطة ألقت القبض على امرأتين ورجلين، وتم تنظيم الضبط اللازم بحقهم، وسيتم تقديمهم للقضاء بعد انتهاء التحقيقات.

وأشار إلى أن الشبكة اكتُشفت بناء على شكوى تقدم بها عدد من السكان، مضيفاً أن عملية التحقيق مستمرة مع الأفراد الذين جرى اعتقالهم.

وضعوا "السحر" في شراب الضحايا

وهناك تحفّظ كبير بخصوص الإدلاء بمعلومات حول تفاصيل عمل الشبكة والجرائم التي ضلعت بها، كي لا تسهم بنتائج عكسية على سير التحقيق وضبط بقية أفرادها.

وأفادت مصادر محلية لموقع تلفزيون سوريا، بأن عدداً من المشايخ والرقاة الشرعيين توجهوا إلى المنطقة التي تضررت بها العائلات من "السحر والشعوذة"، وعملوا على رقيتهم وفك السحر عنهم.

أحد الرقاة الذين توجهوا إلى المكان، قال في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إن الشبكة اعتمدت على وسيلتين لتدبير السحر للضحايا، أحدهما وضع السحر في مشروبهم.

وأضاف أن السحر المشروب، يوضع في الغالب بطعام أو شراب الشخص المراد سحره، رافضاً الجزم بحقيقة الرواية المنتشرة حول وضع السحر في خزانات المياه المخصصة للشرب.

وأشار إلى أن شفاء الضحايا من السحر شارف على النهاية، ومعظمهم شُفي بالفعل، مع بقاء حالة واحدة يجري متابعتها من قبل الرقاة الشرعيين.

ليست الحالة الأولى

وفي أواخر عام 2022، ألقت قوات الجيش الوطني السوري والشرطة في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، القبض على رجل مسن يدعى "محمد مصطفى قاسم"، بتهمة امتهان السحر والشعوذة، وتسببه بالأذى لعدة عائلات، وصل إلى حد الطلاق.

ونشرت صفحات محلية فيديوهات تظهر استجواب الساحر بعد اعتقاله، من قبل مدير مركز "دار الشفاء" للرقية الشرعية في مدينة اعزاز، الشيخ محمود بزارة، واستعراض بعض الدفاتر والأوراق التي يستخدمها المتهم بالسحر.

وضبطت الشرطة مع الساحر 6 دفاتر ذات حجم كبير، تحتوي على أسماء رجال ونساء، والغرض من السحر (تفريق وزرع البغضاء على سبيل المثال)، مع السعر، والمبلغ المقبوض.

والأسماء الموجودة ضمن الدفاتر، تعود لأشخاص يُراد تدبير السحر لهم، برفقة أسماء والداتهم، حيث لا تحتوي الدفاتر على أسماء الأشخاص أو الزبائن الذين أرادوا الإيقاع بالضحايا.

ومن ضمن المصادرات، دفتر مكتوب بخط يده يعود لنحو 30 عاماً، يحتوي على "طلاسم وأسماء جن وشياطين وجداول ونجوم سداسية"، وفي الصفحة الأولى من الدفتر كُتب: "باب سحر المحبة والتهييج"، بغرض تدبير السحر لرجل ما، من أجل أن تكون زوجته كل شيء بالنسبة له، ويتم اللجوء إلى هذا النوع من السحر، من قبل "الضرائر" بنسبة كبيرة.

ما حكم الساحر شرعاً؟

وكان الشيخ محمود بزارة، قد قال في حديث مع موقع تلفزيون سوريا: "حكم الساحر في الشرع هو القتل، ولكن هناك الحد، والتعزير، فالحد هو ما جاء في كتاب الله، وعلى لسان النبي صلى الله عليه وسلم، بقتل الساحر، أما التعزير فيرجع الأمر للقاضي، وممكن أن يصل حد التعزير إلى القتل".

أما من الناحية القانونية في المنطقة، فلا يوجد مادة تجرّم السحر، فيتم مقاضاة الساحر بتهم الشعوذة والاحتيال والنصب وإلحاق الأذى بالآخرين، وعادة يكون الحكم السجن لمدة 3 أشهر، وفي بعض الحالات يُمدد إلى 6 أشهر أو عام.

وفي حين يرى الشيخ محمود بزارة أن "التشهير بالساحر أمام الناس يساعد على تجنبه، وإيقان الناس بحقيقة وجود السحر، بما يسهّل من توعيتهم، إضافة إلى تحجيم عمل بقية السحرة، خوفاً على أنفسهم من الاعتقال"، إلا أن ناشطون جادلوا في حقيقة السحر والمس بالجن مؤكدين أن هذه الأعراض التي تظهر هي أمراض نفسية ينبغي متابعتها من أطباء نفسيين مختصين، وكان الرد من مشايخ وعلماء دين أن الأعراض المتطابقة بين المصابين وتصرفاتهم العنيفة عند تلاوة القرآن الكريم تدل على وجود إصابة بالمس وليس مرضاً نفسياً.

السحر في سوريا

تنتشر ظاهرة السحرة في سوريا سابقاً، وكان لهم صولات وجولات بسبب الاستعمال السياسي لهم، وقد نص قانون العقوبات السوري على فرض عقوبة لممارسة أعمال الشعوذة ومناجاة الأرواح وغيرهما بقصد الربح، وهي محددة بنص المادة 745، وتتمثل بالحبس من يوم إلى عشرة أيام وبغرامة مالية من 500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية مع وجود تشديد للمادة.

وبما أن مناطق الشمال السوري تتداخل مع تركيا، يمكن الإشارة إلى أن القانون التركي ينص على حظر جميع أشكال الاحتيال المالي في إطار قانون العقوبات الجنائية، بما في ذلك الاحتيال بوساطة أعمال السحر والشعوذة والعرافة، ويعاقب من تثبت تهمته بممارسة السحر بالسجن من 3 إلى 10 سنوات، إضافة إلى غرامات مالية.

والمادة رقم 158\1\A في القانون التركي تنص على أن عقوبة استغلال المشاعر الدينية في حال تم إثبات هذا الذنب بين سنتين إلى سبع سنوات حبس، وغرامة مادية تصل إلى خمسة آلاف ليرة تركية.

سبل إبطال السحر

في وقت سابق، قال الشيخ محمد سميع، عضو رابطة العلماء السوريين، خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "إن السحر هو مرض من الأمراض لا بد من علاجه، فإبطال السحر مطلوب وواجب، وتوجد آيات كثيرة في القرآن كآية الكرسي تبطل السحر، وأحاديث كثيرة فسرت السحر وطرق الشفاء منه، فالسحر داء وله دواء، لكن هذا الدواء يحتاج إلى أهل الاختصاص، وتوجيه الناس إلى الرقاة يجوز، لكن بشرط أن يكون الشيخ أو طالب العلم يرقي بالرقية الشرعية بقول الله وقول رسوله، وليس بالمشعوذين والكهان أو الذين حولوها إلى مهنة وجعلوها سبباً للتكسب ويعملون بالشعوذة وكتب علاج السحر التي تحتوي على الكذب والافتراء، أما القول المتناقل بين الناس، السحر لا يفكه إلا السحر، فهو باطل".