icon
التغطية الحية

وزيرة الداخلية البريطانية: سأغرق المهربين وأساعد اللاجئين

2020.10.05 | 23:29 دمشق

20200113_2_40297787_51149827.jpg
تايمز- ترجمة وتحرير: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

احتلت بريتي باتيل موقع الصدارة في المؤتمر الافتراضي لحزب المحافظين، وبدت وكأن الدنيا لم تعد تسعها لفرط سعادتها، إذ لم تعد هنالك مأثرة تضاهي مأثرتها بعدما عرضت سياستها الخاصة بالمهاجرين كموضوع ضمن بيان الحكومة البريطانية الموجز حول الحروب خلال الأسبوع الفائت.

ولابد لوزيرة الداخلية البريطانية أن تستغل خطابها لتحدد القوانين التي رسمتها للتعامل مع طالبي اللجوء في محاولة منها لوقف رؤية القوارب الصغيرة وهي تعبر القنال.

بيد أنها باتت في مأزق بعدما قامت بنشر قوارب لحرس الحدود لتوقف تدفق المهاجرين في الصيف، فأتت الرياح بعكس ما اشتهت السفن حيث وصل المزيد من القادمين خلال الشهر الماضي ليتجاوز عددهم أعداد كل من وصلوا في عام 2019. وتعكس تسريبات عادت باللائمة على الحكومة بأن المسؤولين فكروا بإنشاء مراكز في جزيرة أسنشن وغينيا الجديدة وذلك لمعالجة استمارات طالبي اللجوء.

ولم يقف أحد في وجه باتيل في تلك البيانات الموجزة ولهذا تقول: "إنني من هذا النوع من الأشخاص الذي يواصل عمله بصرف النظر عن أي شيء آخر، ثم إنه من المحبط أن نشاهد عملية القنص التي تحدث في الكواليس. لذا فإن الدافع الوحيد في حياتي هو البقاء، وهو ما أقوم به كل يوم، فأنا ناشطة في الحكومة، وهذا يعني أن نعاين ما هو موجود تحت القبعة، وأن نطرح أسئلة صعبة، وأن نكون على قدر التحدي، وأن نشكك في السياسة والقوانين والتشريعات السابقة، حتى نتمكن من تقديم إجابات صحيحة لعامة الناس".

اقرأ أيضاً: شبكة بريطانية تجمع الأموال لتهريب عائلات داعش من مخيمات قسد

ولاغرو في ذلك، فباتيل التي بالكاد يصل طولها إلى 152 سم تتسم بقوة تساعدها على تمريغ أنوف أكثر الناس أنفة وأرفعهم رتبة وأكثرهم بيروقراطية بالوحل.

ما مشروع قانون اللجوء البريطاني الجديد؟

 ستقوم باتيل اليوم برسم معالم التغيير الأساسي في المنهج، ولا يتمحور ذلك كثيراً حول عملية معالجة استمارات طلب اللجوء، بل حول الطريقة التي يتم معالجتها بها، فهي تعتزم طرح نظام مؤلف من مرحلتين لتكوين أساس قانوني يمكن من خلاله حرمان الأشخاص الذين سلكوا طرقاً غير قانونية للوصول إلى بريطانيا من حق اللجوء، في الوقت الذي يتم فيه تسهيل الإجراءات على من استعانوا بطرق جديدة رسمت لتحديد وضعهم بأنهم الأضعف.

وحول ذلك تخبرنا بالقول: "كل من يصل إلى بلادنا اليوم ويقدم طلب لجوء تتم معاملته بالطريقة ذاتها، بصرف النظر على الطريق الذي دخله للوصول إلى ديارنا، وهذا ليس بصحيح بكل بساطة".

إذ عموماً، انخفض عدد طلبات اللجوء، إلا أن عدد الأشخاص الذين يدفعون لأشخاص آخرين، أي للمهربين ليقوموا بنقلهم عبر أوروبا، ومن ثم عبر القنال مابرح يزداد. فقد وصل إلى البلاد ما يربو على ستة آلاف شخص خلال هذا العام، مقارنة بألف وثمانمائة وتسعين شخصاً وصلوا في عام 2019.

وتعلق السيدة باتيل على ذلك بالقول: "إن نظام طلب اللجوء لدينا يسمح لأعمال إجرامية تتم على مستوى العالم أن تنتهك نظامنا، والغريب أنه يقوم باستبعاد الفئة الأضعف التي تحتاج للمساعدة والدعم. ولا يمكن تبرير ذلك من الناحية الأخلاقية، فهذا النظام معطل وفاشل بشكل يفوق التصور".

ولكن مع العصا تظهر الجزرة التي أضيفت لها لتظهر بريطانيا بمظهر من يحاول أن يخلق بيئة معادية لمنع وصول المهاجرين، وهذا ما عبرت عنه باتيل بالقول: "علينا أن نبذل المزيد بوصفنا دولة لنبدي تعاطفاً تجاه من يحتاجون للمساعدة والدعم. كما نرغب بأن نقيم ممرات جديدة آمنة وقانونية لمن يهربون من الاضطهاد والقمع، ولكن هذا بحد ذاته يرسل إشارة تحذير لكل قادم بأننا لن نقبل طلب اللجوء الخاص به في حال قدومه عبر طرق غير شرعية".

شاهد: بريطانيا تسحب الجنسية من داعشية وتفكر بأسماء الأسد

وترى باتيل بأن الحكومة ستعمل مع الأمم المتحدة والمنظمات المتخصصة باللاجئين على تحديد الفئات الأكثر ضعفاً في المخيمات التي أقيمت في الشرق الأوسط حتى يتمكن هؤلاء من تقديم طلبات لجوء، وأشارت إلى أن بريطانيا قامت بإعادة توطين الكثير من السوريين أكثر من أي دولة أوروبية أخرى، بالرغم من أن ذلك إن دل على شيء فإنما يدل على وجود خطة إعادة توطين واحدة، كما أشارت إلى وجود "طريق إنساني محدد" تم تخصيصه لسكان هونغ كونغ حتى يتسنى لهم القدوم إلى بريطانيا.

بيد أن عملية وضع وتحديد تفاصيل ما تعتبر غير قانوني في ذلك القانون التشريعي ستصبح مسألة معقدة، نظراً لأن الكثير من طالبي اللجوء قد اضطروا للاستعانة بوثائق مزورة للهروب من الأنظمة القمعية، وهنا تصرح وزيرة الداخلية البريطانية بالقول: "مازال يتعين علينا أن ننظر في كل حالة على حدة"، إلا أن التعليمات الموجهة للمحاكم تدور حول رفض طلبات اللجوء التي تقدم بها من وصلوا بالقارب ومن يمكنهم تقديم طلب لجوء في دولة أوروبية أخرى، ما لم تحدث أي ظروف استثنائية أخرى.

وهنا تقول باتيل: "يجب أن يلتزم قانون اللجوء لدينا بما كتب على العلبة، أي يجب أن تؤمن هذه الدولة ملاذاً آمناً للهاربين من الاضطهاد والقمع والطغيان، ولن يحدث ذلك بين ليلة وضحاها، بل سيتم خلال العام المقبل".

ولكن هل يتضمن ذلك إنشاء مراكز جديدة لمعالجة طلبات اللجوء؟ لم تستبعد باتيل ذلك عندما قالت: "إنه لتقصير من قبلنا ألا نقوم بدراسة كل الخيارات. إذ بسبب فيروس كورونا قمنا بتغيير جذري لطريقة إيواء طالبي اللجوء، وبات علينا نقلهم إلى أماكن مخصصة لطالبي اللجوء وإيداعهم في فنادق اقتصادية".

فيما ذكرت مصادر مقربة من الحكومة البريطانية بأنه من المرجح فتح السجن المهجور في جزيرة وايت وكذلك المركز المقام في القاعدة البحرية في جوسبورت بهامبشاير أكثر من فكرة إقامة مراكز في جنوب الأطلسي.

بيد أن وزيرة الداخلية لم ترفض المزاعم القائلة بأن الأساليب التي تمت مناقشتها لمنع عبور القوارب لبحر المانش شملت اعتماد آليات لصناعة أمواج الغرض منها هو إجبار القوارب المطاطية على العودة إلى المياه الإقليمية الفرنسية، وهذا ما تجلى بقولها: "إنها أساليب إجرائية، بكل صراحة، لذا لن أشرع بمناقشتها".

اقرأ أيضاً: بريطانية تنتقد حكومة بلادها بعد ترحيل قسري لسوريين إلى إسبانيا

ولقد حاول البعض أن يصور باتيل على أنها منافقة ذات وجهين فيما يتصل بملف الهجرة واللجوء بما أن والديها وصلا إلى المملكة المتحدة من أوغندا. إلا أن باتيل رفضت ذلك بالقول: "لقد أتى الآسيويون الأوغنديون إلى هذه الدولة في ظل حكومة من حزب المحافظين أقامت لهم ممراً آمناً حتى يأتوا إلى هذه البلاد، وهذا ما أفعله الآن، فنظام اللجوء لدينا لم تطله الإصلاحات منذ عشرين سنة، وإننا نتطلع لتطوير تلك القوانين حتى تصبح صارمة وفي الوقت ذاته عادلة".

بيد أن الانتقال إلى نظام مؤلف من مرحلتين لمنح اللجوء سيأتي مع إجراءات داعمة، فمشروع القانون العادل للحدود الذي تقدمت به باتيل يشتمل أيضاً على خطط لدعم القوانين بهدف ضمان عدم قيام طالبي اللجوء بتقديم طلبات لا تنتهي يذكرون فيها مزاعم مختلفة حول ضرورة منحهم الإقامة في تلك الدولة.

وهذا ما تؤكده باتيل بالقول: "إن ذلك جزء من هذا النظام، فنحن نعاين طلبات مزعجة لا تنتهي يقدمها هؤلاء الذين ليسوا بحاجة للحماية من بين من أتوا إلى بلادنا. وهنالك شركات قانونية معروفة توسعت أعمالها كثيراً بفضل عمليات الطعن والاستئناف ومراجعة وضع الهجرة وكذلك عبر دفع كفالة للمهاجرين. ففي بعض الأحيان نكون قد وصلنا لمحاولة ترحيل الشخص في يوم معين عندما يقوم هو بتقديم استئناف أو طلب في ذات اليوم، فقد رأينا أناساً يستغلون حقوق الإنسان، ويمارسون الاستعباد في عصرنا هذا ويدرجون كل ذلك ضمن الأسباب التي تمنع ترحيلهم. لذلك يتعين علينا أن نقوم بترحيل المنتهكين والمجرمين الأجانب أو من أبناء البلد ممن وصلوا على بلادنا، وانتهكوا قوانيننا، وشاركوا في جريمة مقيتة، وأمضوا عمرهم في السجون ومع ذلك يعز عليهم أن نقوم بترحيلهم نظراً لأنهم قدموا استئنافاً".

وفي وقت قريب، وتحديداً يوم الخميس الماضي سافرت طائرة مخصصة لترحيل المهاجرين وعلى متنها راكب واحد فقط وذلك لأن الآخرين تقدموا بطلبات للاستئناف في اللحظة الأخيرة، ولهذا يرى فريق باتيل أنه في السنوات الثلاث الماضية، تقاضت أهم عشر شركات متخصصة بتقديم المساعدة القانونية للمهاجرين أكثر من 40 مليون جنيه إسترليني من جيوب دافعي الضرائب.

ولهذا سيتم طرح نهج مؤلف من مسارين متوازيين بهدف إعادة المزيد من الأشخاص الذين رفضت طلبات لجوئهم، وهذا ما ذكرته باتيل بقولها: "يجب علينا أن نتبع أساليب أكثر حدة وصرامة في ترحيل الأشخاص الذين لا يحتاجون إلى الحماية".

إلا أن الغموض مايزال يكتنف طريقة القيام بذلك، غير أنها لابد وأن تنطوي على عملية تغيير للقانون بحيث يصبح القضاة في بريطانيا على استعداد أكبر لإعادة هؤلاء الأشخاص إلى دول صديقة قاموا بعبورها وهم في طريقهم إلى بريطانيا.

اقرأ أيضاً: بريطانيا تفكر بنقل طالبي لجوء إلى جزيرة وسط المحيط الأطلسي

وهذا ما شرحته باتيل بالقول: "إن الأشخاص الذين قاموا برحلتهم الأخيرة عند عبور بحر المانش مروا بسلسلة كاملة من دول الاتحاد الأوروبي عبر الاستعانة بالحدود المفتوحة، ولهذا تعتبر تلك الدول آمنة وكذلك نظم اللجوء المتبعة فيها، أي أنه كان بوسع هؤلاء الأشخاص تقديم طلب لجوء في تلك الدول، ولهذا يتعين علينا أن نقوم بتغيير هذه الآلية".

اقرأ أيضاً:سوريون مرحلون قسرياً من بريطانيا بلا مأوى في إسبانيا

 

المصدر: تايمز