icon
التغطية الحية

واشنطن بوست: بايدن بصمتِه يشجع على إعادة تأهيل الأسد وعليه أن يغير مساره

2023.04.28 | 09:52 دمشق

بشار الأسد وجو بايدن - المصدر: الإنترنت
بشار الأسد وجو بايدن - المصدر: الإنترنت
The Washington Post- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

خلال الأسابيع الأولى من تنصيب بايدن رئيساً للولايات المتحدة، أعلن وزير خارجيته أنطوني بلينكن  التزام الإدارة الأميركية: "بجعل حقوق الإنسان محور السياسة الخارجية الأميركية"، وقبل توليه لمنصبه، أعرب بلينكن عن عميق أسفه لفشل الولايات المتحدة في "وقف الهدر في الأرواح" في سوريا خلال فترة توليه لمنصب المسؤول الثاني في وزارة الخارجية الأميركية أيام أوباما.

وبالرغم من أن بلينكن صار يشغل أرفع منصب دبلوماسي، فإن السياسة الأميركية تجاه سوريا أتت معاكسة للتوقعات، إذ بدلاً من عزل بشار الأسد والتكفل بإبقاء نظامه منبوذاً، صارت الإدارة الأميركية تشجع بصمتِها على إعادة تأهيل الأسد دبلوماسياً.

فشل على المستوى القانوني

أتت هذه السياسة مخالفة لروح قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين، والذي أصدره الكونغرس الأميركي في أواخر عام 2019 بتأييد كبير من قبل كلا الحزبين، ليصبح جزءاً من مشروع قانون تفويض الدفاع السنوي، إذ يسعى هذا القانون لترسيخ عزلة الأسد عبر فرض شرط قانوني يحتم على الرئيس الأميركي فرض عقوبات على كل من يمارس أي نشاط تجاري مع نظام الأسد.

وخلال الشهور الأولى لتوليه لمنصبه، تعهد بايدن بتطبيق هذا القانون بكل إخلاص، إلا أن ستة أشهر انقضت قبل أن يتم فرض عقوبات على أي كيان تابع لنظام الأسد، في حين أن إدارة ترامب، على الرغم من تخبط سياستها تجاه سوريا، فرضت عقوبات جديدة كل شهر عقب دخول القانون حيز التنفيذ.

وأمام حشود غربية، أخذ بايدن يخطب كمن بقي ملتزماً بعزل الأسد، إذ خلال الشهر الماضي، واحتفاء بالذكرى السنوية لقيام الثورة السورية في عام 2011 ضد ديكتاتورية الأسد، انضم البيت الأبيض لحكومة المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا في الإعلان عن التزامها بعدم تطبيع العلاقات مع نظام الأسد، مع التعهد بعدم التطبيع لحين تحقيق تقدم حقيقي ودائم باتجاه الحل السياسي بالنسبة للحرب السورية.

تقبل أميركي لنتائج التطبيع

ولكن في الوقت الذي أخذت فيه الدول العربية تسعى لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، ألمحت إدارة بايدن إلى استعدادها لتقبل النتيجة، إذ بدلاً من الوقوف بقوة ضد هذه التحركات، أعلنت باربارة ليف، مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في مقابلة لها خلال الشهر الماضي بأن الإدارة الأميركية تنصح أصدقاءها وشركاءها في المنطقة بضرورة الحصول على شيء مقابل هذا التعامل مع الأسد.

كما أعلنت الإدارة أنها تتوقع من الأسد تقديم تنازلات بالنسبة لحقوق الإنسان مقابل التطبيع معه، حيث ذكرت ليف بأن كل من يتعامل مع الأسد ينبغي أن يضغط عليه حتى يفكر بأمن شعبه، والمقصود هنا تحديداً هو الضغط عليه حتى يخلق الظروف الملائمة لعودة النازحين واللاجئين إلى بلدهم وبيوتهم بكل أمان وسلام، وقد كررت ليف الأفكار نفسها التي تحدثت عنها في مقابلة أجرتها معها صحيفة ألمونيتور الإخبارية، وفي إحاطة نشرت على موقع وزارة الخارجية الأميركية.

إلا أن التفكير باحتمال أن تؤتي هذه الشروط أكلها ما هو إلا ضرب من الخيال، وذلك لأن الأنظمة التي عقدت العزم على إعادة العلاقات مع الأسد لديها سجل مريع بالنسبة لحقوق الإنسان، وعلى رأسها مصر والسعودية والإمارات، ولهذا فلن تقوم بمناصرة الشعب السوري البتة.

ثم إن الإدارة الأميركية لم تقدم أي أساس منطقي واضح لتأييد هذا التقارب، والسبب الرئيسي لذلك هو التعب على ما يبدو، إذ بعد تقديم روسيا وإيران دعماً غير محدود للأسد، أخذ الأسد يستعرض قوته في البقاء بالسلطة، ولا يبدو على الإدارة الأميركية بأنها راغبة بالاستثمار دبلوماسياً بما يساعد على إبقاء الأسد معزولاً.

شد وجذب في الكونغرس

كما أن النواب الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس مختلفون بالرأي كثيراً حيال هذا الوضع، إذ بعد قرابة عام على تولي بايدن لمنصبه، وجه له أربعة من النواب رسالة أعربوا من خلالها من جديد عن اعتراضهم على الموافقة الضمنية للإدارة الأميركية على التعامل الدبلوماسي الرسمي مع نظام الأسد، حيث كان اثنان منهم يشغلان مقعدين عن الحزب الديمقراطي في لجان الشؤون الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ، في حين كان الاثنان الآخران عضوين بارزين يمثلان الحزب الجمهوري في لجنتين أخريين، ومع اشتداد حالة الاستقطاب في الكونغرس، أصبح هذا الموقف بحاجة لتأييد ودعم من قبل كلا الحزبين.

وعلى الصعيد الأخلاقي، لم تعد مسألة عزل الأسد حصناً منيعاً، لكنها بقيت ضمن المصالح الشخصية الضيقة بالنسبة للولايات المتحدة، وذلك لأن النظام السوري تحول إلى ما يشبه اتحاداً يحتكر عمليات الاتجار بالمخدرات، وأصبح يغرق المنطقة بمخدر شبيه بالأمفيتامين يعرف باسم الكبتاغون. كما بقيت دمشق جزءاً لا يتجزأ من الشبكة الإيرانية التي تقوم بنقل الأسلحة المتطورة وملايين الدولارات إلى حماس وحزب الله اللذين صنفتهما الولايات المتحدة كتنظيمين إرهابيين بعدما دفعا المنطقة نحو شفير الحرب في مطلع هذا الشهر عقب هجمات صاروخية استهدفت إسرائيل.

لم تصل عملية إعادة تأهيل الأسد لهذه المرحلة دون ضوء أخضر من قبل الإدارة الأميركية أعطته لدول الجوار، بيد أن التراجع عن ذلك يمكن أن يوقف سير هذه العملية وتقدمها.

 

 المصدر: Washington Post