icon
التغطية الحية

هيئة تحرير الشام تحاول احتكار فرعي العلوم السياسية والإعلام بجامعة إدلب لأتباعها

2022.12.09 | 06:10 دمشق

سيب
من حفل افتتاح كلية العلوم السياسية والإعلام في جامعة إدلب
إدلب – فائز الدغيم
+A
حجم الخط
-A

ربما لم يكن قرار إغلاق معهد الإعلام في جامعة إدلب نهاية العام الدراسي 2018 - 2019 عبثياً كما ظنه كثيرون آنذاك، كما أنه ليس من التأخير أو التقصير أن يأتي الإعلان عن إعادة افتتاح الفرع هذا العام مدموجاً مع العلوم السياسية بكلية واحدة بعد إصدار جامعة إدلب المفاضلة العامة بشهر كامل.

هذه المعطيات ودلالات أخرى سيتم ذكرها ضمن هذا التقرير تشير إلى سعي هيئة تحرير الشام لاحتكار فرعي العلوم السياسية والإعلام وحصرهما في أتباعها من المنتسبين إليها ولمؤسساتها المدنية الرسمية والرديفة، وأيضاً في الشخصيات المستقلة ظاهرياً والتي تعمل لصالح مشروع الهيئة. 

افتُتح معهد الإعلام في جامعة إدلب عام 2016 بعد تأسيس الجامعة بعام واحد، وقام بتخريج ثلاث دفعات من الطلبة قبل أن يتم إغلاقه لأسباب غير واضحة. يعلل بعضهم سبب إغلاق المعهد بحدوث مشكلات أخلاقية واتهامات بالفساد بين إحدى الطالبات وبعض المدرسين، لكن ذلك لا يعتبر السبب الحقيقي لإغلاق المعهد الذي استمر بعد ذلك بقبول الطلاب الذكور فقط، وأغلق أبوابه أمام الإناث على خلفية المشكلة، قبل أن يغلق بشكل كامل بعد عام، في حين يعتقد بعضهم أن إغلاق المعهد جاء بعد سيل من الانتقادات التي تلقاها بعد انتشار صورة أسئلة امتحان مادة "التحرير 3" والتي تم تشبيهها بمادة القومية لدى نظام الأسد حيث كانت الأسئلة جميعها حول "حكومة الإنقاذ" وإعداد بروفايل حول رئيس "مجلس الشورى" التابع لهيئة تحرير الشام، والتي قامت على إثرها رئاسة جامعة إدلب بإنهاء تكليف مدرس المادة.

لكن بعضهم يرى أن تلك الأسباب لا تدفع لإغلاق المعهد، بل كان هناك رغبة للإغلاق من قبل "حكومة الإنقاذ"، وهو ما قاله أحد العاملين في المعهد آنذاك لموقع تلفزيون سوريا.

افتتاح الكلية في جامعة إدلب مجدداً بتوقيت انتقائي 

أخيراً تم الإعلان عن افتتاح كلية العلوم السياسة والإعلام والتي تشمل الفرعين من قبل رئيس جامعة إدلب أحمد أبو حجر ضمن ورشة إعلامية أشرفت على تنظيمها شخصيات إعلامية مقربة من تحرير الشام، وذلك بعد شهر كامل على صدور المفاضلة الجامعية. 

 

 

مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا أكدت أن وزارة التعليم العالي في "حكومة الإنقاذ" ورئاسة جامعة إدلب تعمدتا عدم إدخال الكلية ضمن المفاضلة، لتجنب الأعداد الكبيرة من المتقدمين إلى هذه الفروع لو تم الإعلان عنها ضمن المفاضلة.

شخصيات إعلامية مقربة من تحرير الشام كانت على اطلاع بعزم جامعة إدلب على افتتاح الكلية التي تشمل الفرعين وراهنت على ذلك، وأصرت على كلامها الذي تحدثت به على مجموعات للناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي حتى بعد صدور المفاضلة الجامعية وغياب الفرع عن قائمة الرغبات ضمنها، وهو ما عزز كلام المصادر. 

وتزامن افتتاح الكلية في جامعة إدلب مع إغلاق كلية العلوم السياسية في جامعة الشمال الخاصة بقرار من وزارة التعليم العالي في حكومة الإنقاذ، والقرار لم يحمل توضيحات حول أسباب إغلاق الكلية. وبعد قرار الإغلاق قامت "جامعة الشمال الخاصة" بفصل عدد من الطلاب الذين كانوا ما يزالون عالقين في السنة الدراسية الأولى بعضهم راسبون وبعضهم الآخر ممن أوقفوا تسجيلهم. قرار الفصل جاء بسبب إيقاف الكلية في "جامعة الشمال الخاصة" ورفض جامعة إدلب قبولهم كطلاب منقولين ووضعها شروطا وصفت بـ التعجيزية للنقل إليها، واعتبر بعض الطلاب أن هذه الخطوة تهدف لاحتكار الفرع في أتباع الهيئة. 

مصادر أخرى قالت لموقع تلفزيون سوريا إن وزارة التعليم العالي في "حكومة الإنقاذ" أجرت ما يمكن وصفه مجازاً "نقل الكلية" من جامعة الشمال الخاصة إلى جامعة إدلب العامة، وذلك بسبب خلاف بين الوزارة والجامعة الخاصة حول الأقساط حيث يبلغ قسط طالب العلوم السياسية في جامعة الشمال الخاصة 500 دولار أميركي سنوياً بينما كان هناك حسم لمنتسبي هيئة تحرير الشام وحكومة الإنقاذ قدره 20% لكن على الأرض كانوا لا يدفعون سوى نصف القسط أي 250 دولاراً فقط، وكان يمثل منتسبو تحرير الشام والمؤسسات التابعة لها الغالبية العظمى من الطلاب، وهو ما خلق مشكلات مالية بين الجامعة الخاصة والوزارة. 

اختبارات واستبعاد لبعض المتقدمين 

أجرت جامعة إدلب اختبارين لقبول المتقدمين إلى الكلية، أحدهما كتابي وآخر شفهي، كان عدد الناجحين في الامتحان الكتابي 55 شخصا من بين 84 متقدما، وكان من بين الناجحين العديد من المدنيين المخالفين للهيئة في الفكر والتوجه، لكن تم فرزهم وإبعادهم خارج الكلية كما يعتقد أحدهم خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا، وهو سامر (اسم مستعار).

وقال سامر: حصلت على علامة جيدة جداً في الامتحان الكتابي، وأما الامتحان الشفهي فكان عبارة عن تعارف وبعض الأسئلة العامة المتعلقة بي من ناحية العمل والحياة والدراسة، وقدمت نفسي بطريقة جيدة جداً وتفاجأت فيما بعد بأن الجامعة تواصلت مع الناجحين فقط ولم يتواصل أحد معي، وبعد استفسارات أخبروني بأني سقطت في المقابلة الشفهية".

ويضيف سامر: المقابلة الشفهية هي وسيلة لإقصاء من يخالفهم التوجه والفكر، ولا أعتقد أن أحداً من المتقدمين قدم نفسه بطريقة أفضل مني في المقابلة الشفهية، كما أنها لم تحتو على أسئلة محددة ولم يكن هناك توزيع للدرجات... هي ذريعة لا أكثر.

وانتهى الامتحان الشفهي بإبعاد 15 متقدماً للكلية وقبول 40 طالباً فقط.

على مواقع التواصل الاجتماعي نشرت نتائج الامتحان الكتابي فقط، وعاين موقع تلفزيون سوريا أسماء الناجحين وتواصل مع العديد منها ومع مقربين من أسماء أخرى، وبعد حصر الذين استبعدوا عن الكلية بعد المقابلة الشفهية خلص إلى النتيجة الآتية:

من بين الطلاب الـ 40 في الكلية هناك 36 طالباً من منتسبي هيئة تحرير الشام و"حكومة الإنقاذ" والمؤسسات الرديفة للهيئة من كيانات إعلامية أو غيرها، وطالب واحد لم يتم التحقق من هويته والوصول إليه لمعرفة عمله وتبعيته، بالإضافة إلى ثلاثة طلاب من خارج صفوف الهيئة والإنقاذ وما يتبع لهما، اثنان منهم يعملان في المجال الإعلامي أحدهما مقرب من الهيئة. 

 

 

ويلاحظ اسم رضوان طعمة من بين أسماء الراسبين في قائمة نتائج امتحان القبول الكتابي، ولذا لا يمكن أن ينتقل للامتحان الشفهي، ولكنه نشر قبل يومين منشوراً مع صور ظهر فيها لزيارة طلاب كلية العلوم السياسية والإعلام لمكتبة في مدينة إدلب.

 

سيب

 

ما يؤكد رغبة تحرير الشام في احتكار الفرعين هو عدم موافقة جامعة إدلب على افتتاح السنة الثانية وقبول خريجي معهد الإعلام في الثانية مباشرة وفق ما يطلق عليها آلية "التجسير" وهي دخول خريجي المعاهد إلى الجامعات بعد احتساب سنتي الدراسة في المعهد على أنهما سنة واحدة في الجامعة، وأكد بعض الطلبة لموقع تلفزيون سوريا بأن مطالبهم بافتتاح السنة الدراسية الثانية في الكلية قوبلت بالرفق من قبل جامعة إدلب.

وقال عادل الحديدي عميد كلية العلوم السياسة والإعلام المفتتحة أخيراً في جامعة إدلب في حديثه لموقع فوكس حلب المحلي: "في السنوات الـ11 الماضية حاول الناشطون والإعلاميون نقل الأحداث بوسائل وطرق مختلفة، لكنها متفاوتة في المستوى، فنحن نفتقر على أرض الواقع إلى إعلاميين وصحفيين أكاديميين، فمن الضروري أن نؤهل هؤلاء الناشطين ونمكِّنهم، لنصنع منهم أكاديميين وطبقة من الإعلاميين المهنيين يمكن الاعتماد عليهم".

وهو ما انتقده عدد من خريجي المعهد الذين لم يسمح لهم بالدخول إلى الكلية كطلاب في السنة الدراسية الثانية، معتبرين أنه يقف في طريق تأهيل الناشطين وإكمال خريجي المعهد طريقهم نحو الأكاديمية.

أهمية شهادة الإعلام في إدلب 

في الوقت الذي تسعى فيه هيئة تحرير الشام لإدخال كوادرها إلى فرع الإعلام والعلوم السياسية باتت شهادة الإعلام عنصراً أساسياً للحصول على البطاقة الصحفية التي تمنحها مديرية الإعلام التابعة لحكومة الإنقاذ، ويعفى حامل هذه الشهادة من شرط تقديم 40 رابطاً لمواد إعلامية قام بإنجازها للحصول على البطاقة الصحفية.

يعتقد الإعلامي محمد (اسم مستعار لضرورات أمنية) الذي يقيم في إدلب أن ميزة امتلاك شهادة الإعلام مهمة في المستقبل عندما تتخرج كوادر الهيئة ومعها الشهادات، لكنها اليوم حبراً على ورق. 

ويضيف محمد: "الكثير من الإعلاميين الذين يحملون شهادات في الإعلام ويمتلكون روابط لعملهم لم يحصلوا على البطاقة الصحفية كإجراء انتقامي يتعلق بمواد أنجزوها ضد الهيئة أو حتى نتيجة تبنيهم مواقف ضد الهيئة في القضايا العامة".

وبحسب محمد فإن أولئك الإعلاميين يتعرضون لكثير من المضايقات والتعقيدات في عملهم، بينما تقدم هيئة تحرير الشام وحكومة الإنقاذ التسهيلات لشركة "المبدعون السوريون" المعروفة محلياً باسم "كرييتف" وذلك لتصدير صورة إعلامية ترضي الهيئة وفق ما يعرف إعلامياً بمصطلح حارس البوابة". 

يقول الصحفي محمد العايد في حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "قد تبدو هذه الخطوات تضييقا لا أكثر في الوقت الحالي، لكن الخطورة تكمن في آثارها التي ستظهر بعد سنوات عدة، عند تخريج دفعات من الإعلاميين والسياسيين التابعين لهيئة تحرير الشام، والذين يتحدثون عن إنجازاتها وتغفل عدساتهم وأقلامهم عن انتهاكاتها، كما سيصدر السياسيين الذين تخرجهم جامعة إدلب وجهات نظر قادة الهيئة وأمرائها".

في شمالي حلب وعلى الرغم من أن فروع الإعلام والعلوم السياسية لا تحتكرها سلطات الأمر الواقع كما في إدلب، لكن محاولات تدجين الطلبة ما تزال مستمرة، وكان آخرها إرسال تهديدات بالقتل لطلاب طالبوا بعزل عميد كلية الإعلام في جامعة حلب في المناطق المحررة، والاستعاضة عنه بأحد حاملي شهادة الدكتوراه من كوادر الكلية.

بعيداً عن حيثيات المشكلة التي تم تناولها في مواد سابقة على تلفزيون سوريا وموقعه، لكن الصادم هو أن ترسل تهديدات بالقتل لطلبة في الإعلام عبروا عن رأيهم واعترضوا على عميد الكلية، والصادم أكثر هو عدم اكتراث الجامعة لتلك التهديدات التي تعرض لها الطلبة، وانقلابها على مطالبهم ومحاولة كسر إرادتهم عبر تكريم العميد الذي طالب الطلاب بإقالته، واستبعادها المدرس الذي طالب به الطلاب وهو ذاته المدرس الرافض لعملية التدجين تلك.