icon
التغطية الحية

هل يتدخل حزب الله في الحرب بين إسرئيل وحماس ويجر المنطقة إلى حرب شاملة؟

2023.10.11 | 18:02 دمشق

أنصار حزب الله يرفعون علم فلسطين إلى جانب راية الحزب - المصدر: الإنترنت
أنصار حزب الله يرفعون علم فلسطين إلى جانب راية الحزب - المصدر: الإنترنت
The Atlantic Council - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل هجومها على حماس في غزة، تتوجه الأنظار إلى لبنان بكل ترقب، بعدما أثارت اشتباكات وقعت على الحدود مخاوف بشأن فتح جبهة ثانية، لأن ذلك قد يدفع إلى قيام حرب إقليمية شاملة، ولكن على ما يبدو لا يرغب أي من الطرفين بالتصعيد، بيد أن خطر وقوع خطأ كارثي في الحسابات بات أعلى.

لم يخالف العنف على الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة لترسيم الحدود الجنوبية للبنان، التوقعات كثيراً، كونه لم يتعد القصف والتوغل البسيط، وقد دار حديث خلال الأشهر الماضية حول توحيد الجبهات، أي قيام تنسيق أعلى بين الجماعات المعادية لإسرائيل مثل حزب الله في لبنان وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، وحماس، إلى جانب عدد من الجماعات المدعومة إيرانياً في سوريا والعراق واليمن. ولهذا قد يغدو من الصعب بالنسبة لحزب الله أن ينأى بنفسه من دون أن يقدم على أي شيء في الوقت الذي تشن فيه إسرائيل هجوماً واسعاً على حماس في غزة.

سبق أن صرح رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية بأن أولوية حكومته تتمثل بحفظ الهدوء والاستقرار في جنوبي لبنان، ولكن لا يمكن للدولة أن تفعل الكثير لتحفظ الاستقرار في الجنوب اللبناني نظراً للضعف الذي يعتري الحكومة اللبنانية أمام حزب الله الذي يتمتع بنفوذ كبير.

لا أحد يريد الحرب الشاملة

أمام حزب الله خيارات كثيرة ليمارس من خلالها الضغط على إسرائيل عند الخط الأزرق، إذ بوسعه نصب كمائن للإسرائيليين بواسطة عبوات ناسفة أو إطلاق قذائف هاون أو شن هجمات صاروخية في مزارع شبعا التي تمتد على الحدود الجنوبية الشرقية للبنان، والتي خضعت للاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967 إلا أن بيروت بقيت تطالب بها لأنها أرض لبنانية. ولهذا من المحتمل أن ينسب حزب الله لنفسه تلك الهجمات، إلا أن بوسعه أيضاً شن عمليات من دون أن يعترف بها أو ينسبها لنفسه، مثلما حدث عندما شن هجمات صاروخية مجهولة على إسرائيل (خلال النزاعات السابقة التي قامت بين حماس وإسرائيل في غزة، ونسبت تلك الهجمات كلها للجماعات الفلسطينية) أو بوسعه تنظيم محاولات تسلل لمقاتلين فلسطينيين (كتلك المحاولة التي تمت في 9 من تشرين الأول والتي يعتقد أن حزب الله هو من سهل القيام بها على الأغلب).

ويمكن لإسرائيل أن تتعرض لهجمات من الداخل السوري في مرتفعات الجولان، بما أن حزب الله وغيره من الجماعات المدعومة إيرانياً لهم وجود في تلك المناطق.

خلال هذه المرحلة المبكرة، يبدو أن حزب الله يرغب بإبقاء عملياته (المعلنة منها وغير المعلنة) دون عتبة معينة وذلك حتى لا ترد عليه إسرائيل بقوة مفرطة. وفي حال تعين على حزب الله تجاوز تلك العتبة، عندها ستظهر أمامنا حلقة تصعيد غير مقصودة، بيد أن إيران هي من تتمتع بالقول الفصل فيما إذا كان حزب الله سيدخل الحرب مع إسرائيل أم لا، وذلك لأن إيران تعترف بحزب الله على أنه أقوى ما تمتلكه في الخارج، كما أنه العنصر الأساسي لبنية الردع التي رسمتها ضد أي هجوم محتمل من إسرائيل أو من الولايات المتحدة.

ولكن من غير المرجح لطهران أن تدفع بحزب الله إلى حرب شاملة عبثية مع إسرائيل لصالح دعم حماس في غزة. وبالطريقة ذاتها، بات من الجلي بأن إسرائيل لا تسعى هي الأخرى لفتح جبهة ثانية مع لبنان في وقت أصبحت تركز فيه على هجومها الذي يستهدف حماس. بيد أن الخطورة الكامنة هنا تتمثل في شعور حزب الله بأنه بات مضطراً لرفع مستوى عملياته وصولاً إلى العتبة المحددة وذلك مع اشتداد الحرب على غزة واتساع حجم الدمار والخسائر فيها، وخاصة في حال شن الجيش الإسرائيلي عملية اجتياح برية واسعة، أي أنه كلما اقترب حزب الله من تلك العتبة، زادت فرصة ظهور خطأ في الحسابات قد يدفع بدوره لاندلاع حرب لا يرغب أي من الطرفين بدخولها في الوقت الراهن.

اعترفت إسرائيل منذ أمد بعيد بأنه في حال اندلاع الحرب مع حزب الله، فإن توظيفها لسلاح الجو لديها لن يكفي لإلحاق الهزيمة بذلك الحزب، عندئذ قد يتعين على إسرائيل أن تنشر عدداً كبيراً من القوات البرية لتقوم باجتياح العمق اللبناني وهذه العملية قد تكبدها خسائر كبرى لا مفر منها بين صفوف المقاتلين. وسيكون من الصعب على الحكومة الإسرائيلية اتخاذ قرار بشأن شن هجمات برية وجوية كبرى في غزة ولبنان بآن واحد، خاصة أن الأمر لن يقتصر على لبنان وإسرائيل فحسب، وذلك لأن أي حرب مع حزب الله لابد أن تتحول إلى حرب إقليمية تفتح فيها الجبهة السورية مع احتمال شن هجمات من العراق وحتى من إيران.

أما بالنسبة لحزب الله، فإنه في حال تعين على إيران تغيير حساباتها، فأمرت قياداتها وكيلها في لبنان بشن هجوم على إسرائيل بأقصى قوة، عندها لابد للحزب أن يطيع ويلتزم بتنفيذ الأوامر، بما أن الالتزام والانضباط شرط متأصل في مبدأ ولاية الفقيه الذي يعتبر السمة الأساسية لنظام الحكم في إيران. ونتيجة لذلك، قد تتعرض الإمكانيات العسكرية التي يتمتع بها حزب الله لضربة موجعة، وهذا بدوره سيغرق لبنان في وضع أتعس بكثير، إلى جانب تعرض حزب الله إلى انتقادات واسعة وحادة من كل الطوائف، حتى من الطائفة الشيعية.

الحرب قد تقوم بسبب خطأ في الحسابات

بما أن كلا الطرفين لا يرغب باندلاع حرب شاملة وواسعة النطاق بينهما، فهنالك احتمال لتصعيد الاشتباكات لعدة أيام وتحولها إلى قتال متواصل إلا أنه سيبقى محصوراً في جنوبي لبنان وشمالي إسرائيل من دون أن يتحول إلى حرب شاملة. وفي حال حدوث هذا السيناريو، قد تصعّد كتائب الرضوان التابعة لحزب الله من غاراتها على الحدود، فقد تدربت هذه الكتائب على هذا النوع من العمليات منذ عام 2007 على أقل تقدير. ورداً على ذلك، قد تشن إسرائيل غارات جوية على أهداف في البنية التحتية اللبنانية، كما قد تنفذ عمليات اجتياح محدودة بواسطة المصفحات على الخط الأزرق، بيد أن هذا السيناريو يزيد من خطر ظهور خطأ في الحسابات قد يصل بالأمور إلى مرحلة الانفجار.

إذ بعد مرور خمسة أيام مثلاً على القتال، قد يرى القادة العسكريون لدى حزب الله بأن إسرائيل أوشكت على شن غارة استباقية كبرى ضد ترسانة الحزب التي تضم صواريخ طويلة المدى عالية الدقة، وعندها سينصحون قيادة الحزب بضرورة شن هجوم شامل بالصواريخ على أهداف متفرقة في إسرائيل وذلك قبل أن تتعرض ترسانة الحزب للتدمير، بما أن شعارهم هو: "أمامك إما أن تستخدم السلاح أو أن تخسره"، بيد أن ذلك لن يصل بالأمور إلا لحرب شاملة. وبالطريقة ذاتها، قد يخلص الإسرائيليون بعد خمسة أيام من القتال مع حزب الله بأنه شارف على إطلاق صواريخه على المدن الإسرائيلية، ولهذا يجب على إسرائيل شن ضربة استباقية، وفي ذلك ما يضمن قيام حرب شاملة لا يريدها كلا الطرفين.

بعد قيام هذا الهجوم الفتاك غير المسبوق الذي نفذته حماس في جنوبي إسرائيل، ومعاقبة إسرائيل لحماس عبر قصف غزة، غاص الصراع العربي الإسرائيلي في منطقة مجهولة وخطرة وبعيدة عن كل التوقعات، إلا أن الأيام القادمة ستحدد ما إذا كانت المنطقة تتجه نحو حرب شاملة واسعة النطاق أم لا.

 

المصدر: The Atlantic Council