icon
التغطية الحية

ندرة المساعدات وأزمة مالية.. السوريون في مصر يعيشون حياة "بائسة"

2023.01.27 | 06:23 دمشق

أحد شوارع مصر (الإنترنت)
أحد شوارع مصر (الإنترنت)
القاهرة - لجين عبد الرزاق دياب
+A
حجم الخط
-A

مع اشتداد الأزمة الاقتصادية في مصر، يواجه اللاجئون السوريون على أراضيها ظروفاً اقتصادية صعبة، في ظل شبه غياب للمساعدات الإنسانية والدولية.

يعيش على الأراضي المصرية 9 ملايين مهاجر بحسب المنظمة الدولية للهجرة، يشكل السودانيون والسوريون واليمنيون والليبيون 80%من المهاجرين، وتقدر المنظمة عدد المهاجرين السوريين بنحو مليون ونصف المليون شخص، جزء بسيط منهم  يحمل بطاقة لجوء.

وبحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، تجاوزت أعداد اللاجئين السوريين المسجلين كلاجئين الـ 140 ألفاً، إلا أن نسبة ضئيلة منهم تحصل على الدعم المادي والمساعدات الإنسانية.

وفي 2019، حذرت المفوضية، من أن 80% من اللاجئين في مصر معظمهم من سوريا يعيشون في أوضاع إنسانية بائسة.

وجاء في بيان المفوضية، آنذاك، أنها تشعر بقلق عميق إزاء حقيقة أن ثمانية من أصل 10 لاجئين في مصر يعيشون في أوضاع إنسانية بائسة، موضحة أنها لا تحصل سوى على 4% من التمويل المطلوب لتقديم المساعدات الأساسية.

وتزداد معاناة السوريين اليوم، في مصر مع الانخفاض التاريخي لقيمة الجنيه أمام الدولار الأميركي وسط أزمة مالية تصعف بالبلاد ككل.

قلة من يحصلون على المساعدات المالية

تشتكي إيمان الخالد، مثل كثير من اللاجئين السوريين، من صعوبة الأوضاع المعيشية في مصر، التي تقيم فيها منذ 11 عاماً، في ظل الغلاء وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار الأميركي.

وتقول إيمان (40 عاماً)، أتيت إلى مصر أنا وزوجي وأطفالي الأربعة، وفور وصولي ذهبت وفتحت ملفا للعائلة في المفوضية وقيدت أسماءنا هناك أملاً بالحصول على مساعدات مالية تساعدني لو بالقدر اليسير.

وتضيف إيمان، في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا"، ولكن إلى الآن لم أحصل على أي نوع من المساعدات لا المنح الشتوية ولا الغذائية، ولم يستجب أحد لطلبي، رغم أنني قدمت الكثير من الطلبات والمناشدات من أجل تقديم المساعدة.

تبلغ قيمة المساعدات التي تقدمها المفوضية للاجئين في مصر 400 جنيه للفرد، أي ما يعادل 13 دولاراً تقريباً في الوقت الحالي، يتم إضافتها شهريا عبر بطاقة ذكية يتم الحصول عليها.

وعلى الرغم من أن المنحة المالية من قبل المفوضية منخفضة جداً ولا تكفي، إلا أنها باتت حلما للكثيرين في ظل الأعباء الاقتصادية، وموجة الغلاء التي تعاني منها البلاد.

بالإضافة إلى المساعدات الشهرية، تمنح المفوضية مبلغ 600 جنيه منحة شتوية، و1200 جنيه منحة دراسية للطلاب السوريين المقيدين في المدارس الحكومية، ولا يحصل جميع المسجلين في المفوضية على المساعدات، بل قلة قليلة منهم وفقاً لتقييم الحالة.

وأوضحت إيمان أن المفوضية تتصل بها من أجل إعادة التقييم، وفي كل مرة تتلقى وعوداً بأنها ستحصل على الدعم، ولكن لم يحدث ذلك إلى الآن.

 

بدوره، محمد السليماني لاجئ سوري والمعيل الوحيد لأطفاله الثلاثة، لم تشمله المنحة المالية للمفوضية رغم تقديمه طلباً.

ويقول محمد، أعمل في مطعم سوري لمدة 14 ساعة في اليوم ومرتبي لا يكفي لتأمين حياة كريمة، وعندما حاولت أخذ موعد من المفوضية لم أستطع الحصول عليه إلا بعد 3 أشهر، ولم يأت ذهابي لهناك بأي نتيجة.

ويرى محمد أن تقييم المفوضية غير موضوعي ويفتقد للشفافية في توزيع الأموال، مضيفاً أنه يعرف أشخاصا ميسوري الحال يحصلون على المساعدات المالية بما فيها والمنحة الشتوية والمنح الدراسية.

الكرت الغذائي للاجئين

كذلك، ريم المصطفى، لاجئة سورية في مصر، تفاجأت بإيقاف المساعدات المالية من المفوضية عنها.

وتقول ريم، أعيش لوحدي مع أمي وهي امرأة مسنة ومريضة، كان لدي "كرت غذائي" أحصل على المساعدات عن طريقه، ولكن منذ فترة قامت المفوضية بإيقافه فجأة بحجة أنه سيتم توزيعها على الأشخاص الذين لم يحصلوا على أي مساعدات منذ قدومهم إلى مصر.

وتؤكد ريم أن حصولها على "الكرت الغذائي" لم يكن أمراً سهلاً، فقد كانت تتردد على المفوضية بكثرة من أجل الحصول عليه، لأنه كان يسد حاجاتها في تأمين مستلزمات العيش.

على الرغم من توفر فرص العمل، إلا أن الأجور لا تزال منخفضة، ويضطر أكثر من فرد في الأسرة لتستطيع الاستغناء عن مساعدات المفوضية.

ويعتمد كثير من السوريين في مصر على "الكرت الغذائي" الذي تمنحه المفوضية لسد قوت يومهم.

غياب مساعدات الطبابة

يعاني السوريون من غياب الدعم الصحي من المفوضية، في ظل عدم وجود تأمين صحي لهم مثل المصريين، لا سيما أولئك الذين يعانون من أمراض خطيرة ومزمنة تتجاوز كلفة العلاج استطاعتهم.

يقف الكثير من المرضى من اللاجئين في طوابير على باب المفوضية على أمل الحصول على جزء من تكاليف العلاج التي باتت كبيرة.

بشير اليوسفي، سوري يقيم في مدينة السادس من أكتوبر، يقول لم أطلب يوما دعماً مادياً من المفوضية، ولكن منذ سنتين تم تشخيص طفلي بطيف التوحد، وتكاليف مراكز العلاج عالية جداً، ولا أستطيع تحملها، وابني يحتاج الآن إلى أن يدخل في مدارس الدمج، ولم أجد مساعدة إلى الآن.

ويضيف بشير، عندما ذهبت للمفوضية مطالبا بمساعدات من أجل العلاج جاء الرد بالرفض، بحجة أن المفوضية غير قادرة على دفع التكاليف وأنها غير معنية بهذا النوع من القضايا.

وبدوره، عبد الله شاب سوري، يقول إنه يعمل في مجال الأكل والطبخ السوري، وكان يكتفي بما يجنيه من عمله ويرسل الأموال لعائلته في الداخل.

ولكن منذ بضعة أشهر تم تشخيص عبد الله بالإصابة بسرطان القولون، ما اضطره لدفع كل ما يدخره من أجل التحاليل والصور الإشعاعية.

يضيف عبد الله، بعد جلستين كيماوي لم أعد أستطيع تأمين تكاليف العلاج، وحالتي لم تكن تسمح بالانتظار في طابور المراكز الحكومية، لذا أخذت التقارير إلى مقر المفوضية في القاهرة، وبعد أن تم تحويلي إلى أكثر من منظمة تابعة لهم، لم يستطيعوا تقديم المساعدة وأشاروا علي بالذهاب إلى الجمعيات الخيرية علها تساعدني.

حلم إعادة التوطين

يسعى كثير من اللاجئين الموجودين على الأراضي المصرية لتحقيق حلم اللجوء في دولة أوروبية توفر له حياة أكثر راحة وخاصة بعدما ساءت الأوضاع الاقتصادية في أعقاب أزمة كورونا التي أجبرت كثيرا من السوريين على إغلاق مشاريعهم التجارية نتيجة الإفلاس.

حسب بلدان المنشأ، يشكل السوريون العدد الأكبر من اللاجئين الذين يحتاجون لإعادة التوطين على مستوى العالم، وذلك بسبب الحرب السورية التي ما زالت تشكل "أكبر مشكلة للاجئين في العالم".

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين الذين يحتاجون إعادة توطين 777.800 شخص، بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.

في حين، تمكنت المفوضية من إعادة توطين لنحو 1400 لاجئ سوري من مصر في دول أوروبية.

مصطفى الديراني، سوري لاجئ في مصر، يقول إنه حاول السفر إلى أوروبا عبر المفوضية وقدم الطلب عدة مرات وفي كل مرة يأتي الجواب بالرفض.

ويضيف مصطفى، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، لم أعد أستطيع تحمل نفقات الحياة هنا، بسبب الغلاء، مشيراً إلى أنه لم يحصل على مساعدات من المفوضية.

كذلك، سوزان الشامي، التي تقيم في مصر منذ 10 سنوات، تقول أن اسمها مقيد في سجلات المفوضية، ولا تزال تنتظر دورها في إعادة التوطين.

وتضيف سوزان أن المفوضية اتصلت بي منذ ثلاث سنوات من أجل إعادة تقييم الملف، وسألوني إذا كانت لدي رغبة بالسفر فأجبت بالموافقة، وطلبوني لعدة مقابلات ولم يصرحوا على اسم الدولة، ولكن الى الآن لم يستجد أي شيء.

وبرأي سوزان أن الموضوع بأسره يعود لعشوائية التقييم، فمن يحصل على المساعدات هم "المرتاحون ماديا"، ومن يستطيع السفر هم الأقل احتياجا له.