icon
التغطية الحية

ميرور: بوتين مستعد لتجويع ملايين السوريين عبر خطته الشريرة لقطع المساعدات

2022.07.08 | 13:21 دمشق

قوافل الإغاثة بالقرب من معبر باب الهوى - المصدر: الإنترنت
قوافل الإغاثة بالقرب من معبر باب الهوى - إنترنت
ميرور - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

يبدو بأن روسيا وفلاديمير بوتين باتا على استعداد لترك الملايين فريسة للجوع في حال تنفيذ بوتين لخطته الشريرة المتمثلة بقطع آخر ممر تبقى أمام المساعدات.

إذ قد يموت من يعيشون في شمال غربي سوريا بسبب سوء التغذية في حال قطع روسيا لآخر ممر فتحته الأمم المتحدة لإدخال المساعدات إلى سوريا وذلك بموجب تصويت في مجلس الأمن الدولي.

إذ تعبر قوافل الإغاثة المحملة بالمواد الغذائية الأساسية والضرورية وكذلك المعدات واللوازم الطبية بشكل يومي من تركيا إلى شمال غربي سوريا حيث تسيطر المعارضة، وذلك عبر معبر باب الهوى الحدودي، فتصل تلك المساعدات إلى 4.5 ملايين مدني.

وكل ذلك يتم بلا موافقة من قبل بشار الأسد، وإنما بموجب تفويض من قبل مجلس الأمن الدولي.

إلا أن هذا التفويض ستنتهي مدته في العاشر من تموز، لذا يتعين على كل أعضاء مجلس الأمن أن يتفقوا على تمديده، إلا أن روسيا، بما أنها حليفة للنظام، لوحت بإمكانية استخدامها لحق النقض لعرقلة هذا التمديد، وفي حال قيامها بذلك، لابد وأن يموت الملايين جوعاً.

 

Russian President Vladimir Putin and Syrian President Bashar al-Assad

بوتين برفقة الأسد

 

يقول عبد الله الذي لا يستطيع أن يذكر كنيته، وهو يعمل مديراً لأحد المراكز الطبية في أحد المخيمات: "إن الوضع هش بالأساس، إلا أن إغلاق المعبر قد يدمر الوضع الهش بالأصل، ومن المرهق التفكير بذلك الأمر".

فقد أرغمت سنوات من الاحتراب وحمامات الدم الآلاف من المدنيين الذين أرهقتهم الظروف وزرعت في قلوبهم الرعب، على النزوح من بيوتهم والمضي نحو المخيمات المنتشرة في شمال غربي سوريا.

وقد سيطرت هيئة تحرير الشام على إدلب، كبرى مدن المنطقة، منذ عام 2015، وترتبط تلك الفصائل بتنظيم القاعدة، ما يعني بأن المنطقة ماتزال غير مستقرة.

ويعيش النازحون في خيام لا تمنع عنهم أشعة الشمس الحارقة في الصيف ولا ترد برد الشتاء ولا مطره الذي يتسرب داخل كل خيمة.

 

A picture shows a general view of the tents housing displaced refugees in Syria

خيام النازحين في سوريا

"لن نتوقف"

يقول مارك كاتس وهو نائب المنسق الإقليمي للاستجابة الإنسانية الأممية بالنسبة للأزمة السورية: "بقيت هذه المنطقة غير آمنة إلى حد بعيد، إذ هنالك قصف على خطوط الجبهة بقي ينفذ كل يوم عملياً طوال السنوات القليلة الماضية، وثمة حوادث أمنية أخرى كثيرة، ناهيك عن المدنيين الذين يعيشون ظروفاً صعبة".

أما الدكتور سالم عبدان، مدير الصحة بإدلب، فقد ذكر بأنه في حال وقف تمرير المساعدات عبر الحدود، فإنه لابد وأن يموت الجميع هناك، وقال إن الناس يعانون وإن "الاقتصاد سيء جداً، إذ لم يعد لدينا أي شيء سوى الأرض والجبال، بلا ماء أو نفط"، إلا أنه على الرغم من كل ذلك "سنواصل العمل... إذ لن أتوقف أنا وأصدقائي وكل الأطباء والممرضين مهما صار الوضع صعباً، إذ لا يمكننا أن نتوقف".

وفي الوقت الذي حول فيه العالم انتباهه نحو وجهة أخرى، بقيت سوريا تعاني وهي تحاول أن تعود سيرتها الأولى بعد سنوات من القصف الجوي الذي شهدته تلك البلاد على يد الأسد وحليفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي لا يعدو كونه تاجر حرب.

 

Damaged buildings in the rebel-held town of Nairab, in northwest Syria’s Idlib region

أبنية مدمرة في مدينة النيرب التابعة لمحافظة إدلب

 

وقد ترافق ذلك مع تفشي جائحة فيروس كورونا، وارتفاع حاد بأسعار الأغذية، وتدهور العملة، ما أدى إلى انتشار الفقر ووصول الجوع إلى مستويات غير مسبوقة، إذ أعلن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة بأن أسعار الأغذية في سوريا ارتفعت بنسبة 800% في غضون عامين، حتى عام 2022، ويعلق على ذلك مارك كايي وهو رئيس عمليات المناصرة والتواصل لدى قسم سياسة لجنة الإنقاذ الدولية في الشرق الأوسط، فيقول: "إننا نحس بالخطر بلا ريب خلال هذا العام"، ويخبرنا بأن المدنيين ذكروا ولأول مرة بأنهم باتوا يخشون الجوع أكثر من الرصاص والقصف.

 

Syrian Muslim pilgrims arrive at the Bab al-Hawa border crossing with Turkey

حجاج سوريون يصلون إلى معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا

 

ويتابع كايي بالقول: "لا يمكننا بل إنه من المستحيل أن نتمكن من ملء ذلك الفراغ بين ليلة وضحاها، وذلك لأن هذا الممر يعتبر شريان الحياة بالنسبة للناس، فإذا قطعت هذا الشريان عندها تكون قد حكمت بالإعدام على هؤلاء الناس... كما لن يتمكن الناس عندئذ من الحصول على الأدوية التي يحتاجونها، ولن تخضع النساء لبرامج الصحة الجنسية والإنجابية، وسنشهد ارتفاعاً في نسب الوفيات التي كان بوسعنا أن نمنع وقوعها".

إمكانية العودة إلى النزاع في سوريا

تعمل الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الإنسانية الأخرى جنباً إلى جنب لتدعم النظم الصحية المنهارة هناك، إلى جانب تقديم المواد الغذائية الأساسية والمساعدات الاقتصادية التي تمر جميعها عبر معبر باب الهوى الحدودي. ولهذا يرى كايي بأن العوز من الناحية الاقتصادية أصبح القشة الأخيرة التي قصمت ظهر البعير بعد 11 عاماً من النزاع.

 

United Nations Security Council holds a meeting in New York City

اجتماع لمجلس الأمن الدولي في نيويورك

 

ويضيف كايي: "شهدنا حالات كثيرة لتسرب الأطفال من المدارس حتى يشاركوا في عمالة الأطفال من أجل دعم دخل الأسرة، كما شهدنا ارتفاعاً في نسب زواج الأطفال".

ولذلك دقت الوكالات الإنسانية ناقوس الخطر تجاه احتمال عرقلة روسيا لتمديد ذلك التفويض، لأن ذلك يعني بأن كل تلك الأوضاع ستزداد سوءاً، كما سيؤدي ذلك لتفشي حالة عدم الاستقرار من جديد في عموم تلك المنطقة.

وحول ذلك يقول آرون لوند، وهو باحث يعمل لدى وكالة أبحاث الدفاع السويدية: "ستصل التوترات الداخلية إلى مرحلة الغليان وقد تدفع بكل سهولة نحو العودة إلى النزاع، بما أن الثوار والأتراك قد يهاجمون ذلك المخطط، أو في حال محاولة نظام الأسد استغلال الموقف لصالحه".

بيد أن الأمور لن تقف عند هذا الحد برأيه، وذلك لأنه في حال توتر العلاقات بين أنقرة وموسكو فإن ذلك "قد يضر أيضاً بأحد أهم عوامل ترسيخ الاستقرار في شمال غربي سوريا".

 

Russian President Vladimir Putin welcomes Syrian President Bashar al-Assad

بوتين يحتضن الأسد

 

وسبق أن حرم الفيتو الروسي الصيني ثلاثة معابر من أصل أربعة من تمديد التفويض، ما جعل معبر باب الهوى الوحيد القائم والذي أصبح يستعد اليوم لملاقاة مصير المعابر التي سبقته.

موسكو لن تغضب أنقرة

يرى مصدر دبلوماسي بريطاني بأن تصورات بلاده حول استعداد روسيا لاحترام المبادئ الدولية والإنسانية "قد تراجع إلى حد كبير"، ولهذا لم يعد لديهم اليوم ثقة كبيرة كما كانوا في السابق تجاه اكتراث روسيا بعواقب ذلك والتي لابد وأن تحل بالمدنيين السوريين".

وقامت نقاشات كثيرة حول تجديد التفويض امتدت لسنوات، وذلك لأن التفاوض حول هذا الأمر والاتفاق عليه يجب أن يتم بين روسيا والولايات المتحدة.

ولكن منذ أن أمر بوتين قواته بغزو أوكرانيا، قطع ذلك الحبل السري بين هاتين الدولتين في تلك المفاوضات.

 

This picture shows the concrete wall between Turkey and Syria near the Cilvegozu Border Gate

الجدار الفاصل بين تركيا وسوريا بالقرب من بوابة جيلفيغوزو الحدودية

 

ولذلك يرى لوند بأن الغياب شبه الكامل للدبلوماسية بين روسيا والولايات المتحدة على أرفع المستويات يعتبر: "نذير شؤم"، إلا أنه يرى بأن هنالك سبباً للتفاؤل، وذلك لأن الكرملين لا يمكنه إلا أن يرضي تركيا التي تستثمر في سوريا، ولهذا يقول: "تركيا عضو أساسي في حلف شمال الأطلسي وطرف إقليمي فاعل لم يعاد روسيا بشكل كامل خلال هذه المرحلة، كما أن رد فعل تركيا لن يكون طيباً في حال عرقلة هذا التفويض.. لذا من غير المرجح لموسكو أن تسعى لتقويض علاقتها بتركيا، خاصة في الوقت الحالي كونها باتت تعول كثيراً على تركيا في الدبلوماسية مع أوكرانيا".

 

A damaged house in Atma village in the northern countryside of Idlib, Syria

منزل مدمر في قرية أطمة التابعة لريف إدلب الشمالي

 

مصدر دبلوماسي بريطاني صرح لصحيفة ميرور بأن المصالح التركية "والتي نشاركها فيها كونها تتمثل بضمان تمرير المساعدات عبر الحدود" مهمة جداً، ولهذا السبب أصبحت تلك الدول "تدعم الأتراك كثيراً على المستويين السياسي والعملي".

بيد أن موسكو تلعب بورقة السيادة، إذ لطالما اتهمت الدول الغربية بتسييس المساعدات الإنسانية وذلك عند عدم تمريرها لتلك المساعدات من خلال نظام الأسد في دمشق.

إلا أن التجارب السابقة لتمرير المساعدات إلى المناطق المحاصرة أثبتت فشل عملية تمرير المساعدات من خلال نظام الأسد، إذ يقول الدكتور فادي حكيم من الجمعية الطبية الأميركية السورية (سامز) إن قوافل الإغاثة يتعين عليها في تلك الحالة أن تحصل على سبع موافقات على الأقل من قبل أجهزة الدولة والأمن، وحتى في حال حصولها على الموافقات، تكون الأدوية قد أصبحت تالفة بسبب انتهاء مدتها في الوقت الذي تصل فيه الموافقات.

Children in the Tell Al-Fukhar displacement camp in the Idlib countryside, near the city of Al-Dana

أطفال في مخيم تل الفخار بريف إدلب بالقرب من مدينة الدانا.

     

يذكر أن الكادر الطبي العامل في مشفى التوليد والأطفال بمدينة كفر تخاريم شمالي إدلب خرج في مظاهرة يوم الأربعاء الماضي وطالبوا في تلك المظاهرة بإبقاء معبر باب الهوى مفتوحاً، حيث كتبوا على إحدى اللافتات: "النظام الوحشي الذي قتلنا وأجبرنا على النزوح لا يحق له أن يمدنا بالغذاء والدواء"، في حين ظهرت على لافتة أخرى العبارة التالية: "أرواح الأطفال والنساء والشيوخ ليست ورقة للابتزاز السياسي بين الدول".

"كابوس" تعيشه الأمم المتحدة

إلا أن العملية المستمرة القائمة على تجديد التفويض والمحادثات الدبلوماسية التي تقام بشأن التفويض سنوياً أصبحت عبارة عن عملية استنزاف، وهذا ما يحس به المدنيون على الأرض، بما أنهم أصبحوا برأي كاتس: "بغاية القلق حيال ما سيحل بهم في حال عدم تجديد التفويض".

أما كايي فيرى بأنه من المحبط قيام تلك النقاشات نفسها بشكل مستمر، بدلاً من مناقشة أمر البحث عن طريقة لتحسين الظروف المعاشية للناس هناك، ولهذا يجد بأن على العاملين هناك الاستعانة بطاقاتهم حتى يحافظوا على ما تبقى لديهم.

 

Truck drivers and aid workers waiting at the Cilvegozu Border Gate near the UN World Food Program Transfer Center

سائقو الشاحنات والعاملون في مجال الإغاثة وهم ينتظرون عند بوابة جيلفيغوزو الحدودية بالقرب من مقر برنامج الغذاء العالمي

 

كما علق مصدر دبلوماسي بريطاني على الموضوع فقال إن الأمر بات أشبه بكابوس للأمم المتحدة على حد تعبيره، وأضاف: "متى سيأتي ذلك اليوم الذي سنشهد فيه نظاماً في سوريا يسمح للأمم المتحدة وشركائها في الإغاثة الإنسانية بالقيام بعملهم كما يجب"، وذكر بأن المملكة المتحدة طالبت بوصول الأمم المتحدة إلى سائر المناطق السورية دون قيد أو شرط.

ولكن لا أحد يعلم ما الذي ستفعله روسيا بما أنها لم تعلن عن أي اتجاه ستتخذه عند التصويت على قرار تجديد التفويض، إلا أن المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي، صرح خلال الشهر الماضي بأن روسيا: "على قناعة تامة بأن عملية تنظيم تسليم المساعدات الإنسانية إلى كل المناطق السورية يمكن أن تتم بالتنسيق مع دمشق".

ولكن بالنسبة للنازحين السوريين في شمال غربي البلاد، فإن مجرد الحديث عن إنهاء المساعدات الإنسانية يصيبهم بقلق شديد.

 المصدر: ميرور