مواقف الأطراف الإقليمية من طوفان الأقصى

2023.10.20 | 06:37 دمشق

مواقف الأطراف الإقليمية من طوفان الأقصى
+A
حجم الخط
-A

بالرغم من تصدر الإدارة الأميركية كلاعب خارجي رئيسي فيما يتعلق بمعركة طوفان الأقصى التي بدأتها كتائب القسام والتي قامت دولة الاحتلال الإسرائيلي بالرد عليها بشكل إجرامي من خلال قتل أكثر من 3000 فلسطيني، بينهم مئات الأطفال، فإن مواقف الأطراف الإقليمية مهمة جداً خاصة في ظل المصالحات الإقليمية التي حدثت في الفترة الأخيرة بين هذه الأطراف. وتأتي أدوار مصر والأردن ولبنان كدول طوق وإيران وتركيا والسعودية وقطر في طليعة الأدوار الإقليمية.

إن موقف مصر مهم جدا بحكم موقعها ودورها التقليدي في القضية الفلسطينية ولعبها دور الوسيط خلال الحروب السابقة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، من زاوية أخرى يبدو أن مصر هذه المرة ليست طرفا خارجيا بل يراد لها أن تكون جزءا أساسيا من المؤامرة على غزة وتم الضغط عليها من الأميركان لفتح المجال لتهجير سكان غزة إلى سيناء، وحتى الآن ما تزال مصر تقاوم الضغوط الأميركية عليها بخصوص استقبال الفلسطينيين من غزة، وبالتأكيد لابد أن تستمر مصر على هذا الموقف لأن تهجير السكان من غزة جريمة، وثانيا لأن هذا يعني نقل المسألة الفلسطينية واللجوء الفلسطيني من مسؤولية الاحتلال إلى مسؤولية مصر وهذا سيكون مشكلة مزمنة لمصر.

هناك ازدياد في حرارة التصعيد في الأردن قد ينفجر مع تزايد الهجمة الصهيونية على غزة. وسيعمل الأردن على تنفيس الاحتقان ومنع تأثر وضعه الداخلي بما يجري في غزة

من جهة أخرى فإن الأردن هو الآخر الذي يعد موطنا لعدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين الذين هاجروا في 1948 ويتوقون للعودة إلى بلادهم منذ ذلك الحين، يقف في قلب هذه القضية حيث إن توجه الفلسطينيين بمئات الآلاف للحدود الأردنية الفلسطينية التي تصل إلى 350 كيلومترا أصبح أجندة البلد، والآن هناك العديد من الدعوات والمبادرات للتوجه للحدود يوم الجمعة وقد أعلنت العديد من العشائر عن موقف داعم للمقاومة في غزة بالرغم من تحذيرات وزارة الداخلية من الذهاب إلى الحدود. ويعد موقف البلد الذي يمتلك علاقات جيدة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وحاليا هناك ازدياد في حرارة التصعيد في الأردن قد ينفجر مع تزايد الهجمة الصهيونية على غزة. وسيعمل الأردن على تنفيس الاحتقان ومنع تأثر وضعه الداخلي بما يجري في غزة لكن ليس معروفا إلى أي درجة سيكون هذا ممكنا.

بخصوص الموقف الإيراني فإن إيران أكدت عدم معرفتها بالعملية وتوقيتها وهي في قلب المعادلة بالنظر إلى اتهام الاحتلال لها بدعم حماس عسكريا كما أن قدوم حاملات الطائرات الأميركية كان رسالة واضحة لإيران لمنعها من أي تدخل محتمل، وعلى كل حال لا يعد التدخل الإيراني المباشر متوقعا حاليا وتمارس إيران الآن عبر وزير خارجيتها دبلوماسية مكوكية مع تركيا وقطر ومصر وروسيا وفرنسا من أجل منع الحرب على غزة عبر الرسائل التي أوصلتها بأن ازدياد التصعيد عن هذا الحد سيوسع الصراع.

وهنا يمكن أن نتحدث عن حزب الله الذي يعد الطرف الأقوى في لبنان والذي انتقل من مرحلة المراقبة إلى مرحلة المناوشة المحدودة والسماح للفلسطينيين بلبنان للقيام بعمليات عبر الحدود وإطلاق للصواريخ، ويعتقد أن الحزب في حالة تأهب لكن دخوله في مواجهة شاملة ليس مرجحا حتى اللحظة.

أما بخصوص الموقف التركي فإن تركيا كانت دائما تعلي صوتها في انتقاد وإدانة الإرهاب الإسرائيلي إلا أن هناك تراجعا هذه المرة عن المرات السابقة، ويعتقد أن لذلك سببين الأول هو دخول تركيا في مقاربة دولية وإقليمية تخشى أن تنقلب ضدها إذا اتخذت موقفا واضحا، والثاني أنها تقدم نفسها كوسيط كما هو الحال بين روسيا وأوكرانيا. وعلى كل الأحوال فإن حالة الغضب في أوساط تركيا تتزايد وهذا قد يرفع من سقف الخطاب التركي لكن ما يزال من غير المتوقع أن ترفع تركيا نبرتها كما في 2018 نظرا لتموضعها الإقليمي الحالي إلا إذا حدثت أحداث كبيرة مغيرة للواقع سواء في ميدان المعركة أو في علاقاتها مع الغرب.

على مستوى السعودية فإن الملف الأبرز الذي سيكون له انعكاس مباشر هو ملف التطبيع الذي يتوقع أنه لن يعاد فتحه على المدى القريب على الأقل إذا استمرت الواقع الحالي للمعركة، وستكون نتيجة المعركة مهمة جدا على مسار التطبيع بين السعودية ودولة الاحتلال.

القضية الفلسطينية دخلت مرحلة من أهم مراحلها ومن المهم الانتباه ألا تمر هذه المرحلة إلا لصالح القضية الفلسطينية

وبالنسبة للموقف القطري فإنه يقوم بالوساطة بالتنسيق مع الأميركان ومن خلال علاقة جيدة مع حركة حماس ولديه خبرة قوية من خلال العمل مع طالبان ومع إيران وحماس في قضايا وساطة سابقة.

بشكل عام مع الأيام الأولى للحرب بدت القوى الإقليمية أكثر تحفظا عن الإعلان عن موقف ضد إسرائيل مع الوقوف الأميركي الحاسم مع الاحتلال، ولكن تدريجياً هناك تحسن نسبي في مواقف هذه الأطراف، ومع دخول الموقف الروسي والصيني فإن الاستفراد الأميركي بهم سيكون أصعب خاصة في ظل قراءتهم للواقع الدولي عموما.

على كل الأحوال القضية الفلسطينية دخلت مرحلة من أهم مراحلها ومن المهم الانتباه ألا تمر هذه المرحلة إلا لصالح القضية الفلسطينية، وبالرغم من أن المشهد الإقليمي ما زال ضعيفاً إلا أنه مع ذلك قد لا يسمح للاحتلال بالاستفراد بغزة بالرغم من اختلافه مع حماس. كما أن حالة التعاون في المنطقة قد تضفي لإمكانية اجتراح مشاريع وحلول سياسية جديدة وهذه أيضا لابد أن يتم الانتباه لكل تفاصيلها وعدم السماح بأي خطوة من شأنها أن تقضم المزيد من حقوق الشعب الفلسطيني.