حاول لاجئان سوريان التمرد على حالة الحصار التي فرضت على المهاجرين وذلك عبر القفز من مركب إنقاذ تابع لمنظمة غير حكومية، والسباحة نحو الشاطئ، حيث أمضيا ليلتهما تلك في ميناء صقلية بمدينة كاتانيا.
وقد رفض هذان المهاجران اللذان قفزا من المركب يوم الإثنين، العودة إلى مركب يعود لمنظمة أطباء بلا حدود بعدما قام من على متنه بإنقاذهما من البحر المتوسط في 27 تشرين الأول الماضي.
وحول ذلك يقول مدير تلك العملية على متن ذلك المركب: "لقد فضلا الذهاب مع الشرطة على العودة إلى المركب".
يذكر أن المهاجرين تحديا الاستراتيجية الجديدة التي وضعتها الحكومة اليمينية المتطرفة لرئيسة الوزراء جورجيا ميلوني والتي تقضي بمنع تدفق المهاجرين الآتين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
هذا وقد دعم ماتيو سالفيني وزير البنية التحتية في إيطاليا الذي يتميز بحماسته في معاداة المهاجرين تلك السياسة التي لا تسمح إلا للمستضعفين من الناس بالنزول من قوارب إنقاذ المهاجرين، حيث ذكر بأنه يجب نقل بقية الأشخاص إلى الدولة التي ترفع السفينة علمها.
غير أن القانون الدولي للبحار يشترط "نزول وتسليم كل من تم إنقاذه من البحر لمكان آمن على الفور" وهذا ما أكدته منظمة الأمم المتحدة التي أعلنت في بيان لها ما يلي: "إن إنقاذ الأرواح ومنع وقوع حالات وفاة أو إصابات يجب أن يظل أولوية جامعة لكل الدول، إذ ينص قانون البحار على إنقاذ الأشخاص الذين يتعرضون لمحنة في البحر ومساعدتهم".
وفي أعقاب سن قانون جديد في إيطاليا، بقي مركبان تابعان لجهتين إنسانيتين عالقين في ميناء صقلية، أحدهما يرفع علم النرويج وهو المركب الذي كان الشابان على متنه، والثاني يرفع علم ألمانيا، ويحمل نحو 250 شخصا، بحسب ما ذكرته هيومان رايتس ووتش.
يذكر أن سالفيني بالأساس دخل في خصومة مع المنظمات غير الحكومية بعد اتهامها له بتسهيل عمليات الهجرة غير الشرعية وذلك عندما كان وزيراً للداخلية في إيطاليا ما بين عامي 2018-2019.
أما السوريان اللذان قفزا من المركب يوم الإثنين الماضي، وهما يوسف وأحمد، فقد بقيا على رصيف ميناء كاتانيا لنحو 24 ساعة ابتداء من يوم الثلاثاء.
إذ في ليلة الإثنين، بقيت شاحنة صغيرة مركونة بالقرب منهما، وهكذا استطاعا أن يُؤويا إليها بعد هبوط درجات الحرارة بشكل كبير في ذلك الميناء.
زار النائب أنطونيو نيسيتا الذي يمثل الحزب الديمقراطي المعارض في البلاد هذين الشابين في ليلة يوم الإثنين وأعلن أمام الصحافة بأنهما بخير وبأن كل ما يفعلانه هو الانتظار.
في حين رثى قائد بعثة الإنقاذ في مركبهما لحالهما وقال: "يمثل ذلك التناقضات القانونية في هذه الحالة، إذ يجب أن ينزلا وأن تسمع شكواهما وأن يقدما ما يلزم من طلبات، ثم ينتقلا لمكان آخر".
ولكن بحسب ماتياس جيل، فإن سياسة سالفيني تشير إلى المراكب الإنسانية التي تصل للمياه الإقليمية الإيطالية ولموانئ إيطاليا، لكنها لا تستخدم مصطلحي: "أشخاص" أو "مهاجرين".
ولذلك تدرس منظمة أطباء بلا حدود فكرة تقديم الدعم القانوني للشابين السوريين بحسب ما ذكرته الناطقة الرسمية باسم تلك المنظمة.
وذلك لأن أحد هذين الشابين وهو سوري من دمشق، أخبر الأطباء بأنه حاول الهرب من ليبيا ست مرات، إلا أن خفر السواحل في تلك الدولة كان يعترضه على الدوام ويعيده إلى مراكز الاحتجاز التي عانى فيها من انتهاكات كثيرة، لدرجة أنه أصيب بألم مزمن في الظهر.
أما الشاب الآخر فقد سافر ليصل إلى أوروبا على أمل جلب بناته الأربع إليه، بما أنهم يعيشون في منطقة تسيطر عليها جماعات مسلحة تقوم بخطف الناس من أجل الفدية، كما أن الوضع فيها خارج عن السيطرة على حد تعبيره.
وقد تمكن الرجلان من التواصل مع أهلهما خلال الساعات القليلة الماضية، بعد عجزهما عن التحدث إلى أي أحد من أقربائهما طوال أيام.
المصدر: La Prensa Latina