icon
التغطية الحية

من يمتنع وهو راغب إلى عودة شبه مستحيلة.. هل اعترف النظام السوري بفشل التعويم؟

2023.04.17 | 17:58 دمشق

فيصل المقداد خلال زيارته إلى الجزائر
فيصل المقداد خلال زيارته إلى الجزائر
إسطنبول - عبد الناصر القادري
+A
حجم الخط
-A

فشلت كل مساعي النظام السوري وحلفائه في إعادته إلى مقعده المجمد في جامعة الدول العربية، رغم كل محاولات بعض الدول وفي مقدمتهم الإمارات وروسيا وإيران وأخيراً السعودية من الترويج لهذه الخطوة سياسياً وإعلامياً.

وسنوياً مع حلول موعد عقد القمة العربية تحاول دولة عربية ما الترويج لضرورة إعادة النظام السوري إلى الجامعة، لكن ذلك يصطدم برفض بعض الدول.

وكان عدم الإجماع العربي على عودة النظام السوري للجامعة العربية سبباً رئيسياً في فشل تعويم النظام، خصوصاً مع الموقف القطري الصلب والذي ساندته دول أخرى بينها الكويت ومصر، إلى جانب ما سربته صحف غربية عن رفض مغربي ويمني أيضاً.

النظام السوري يعترف

واعترف النظام السوري بأن عودته إلى الجامعة العربية باتت شبه مستحيلة في الوقت الراهن، حيث قال وزير خارجية النظام فيصل المقداد، يوم الأحد، إن ذلك غير ممكن قبل "تصحيح العلاقات الثنائية".

جاء ذلك خلال زيارة رسمية يجريها المقداد إلى الجزائر المنادية بإعادة النظام إلى الجامعة العربية، والتي التقى خلالها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.

وذكر المقداد أن زيارات مسؤولي النظام إلى بعض الدول العربية في الآونة الأخيرة كانت "برغبة مشتركة وتهدف إلى إغلاق صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة في العلاقات بالعالم العربي"، بحسب وكالة "رويترز".

الجديد أن المقداد غيّر في تصريحاته عن العام الماضي بشكل أكبر، حيث زعمت الخارجية الجزائرية في بيان لها في أيلول 2022، أن دمشق أبلغت الجزائر أنها "تفضل عدم طرح موضوع استئناف شغل مقعدها بجامعة الدول العربية خلال قمة الجزائر، وذلك حرصاً منها على المساهمة في توحيد الكلمة والصف العربي في مواجهة التحديات التي تفرضها الأوضاع الراهنة على الصعيدين الإقليمي والدولي".

وكانت تلك الصيغة بمنزلة المخرج السياسي الذي يرفع الحرج عن الجزائر، ويعفيها من التمسك بمطلب إدراج عودة النظام السوري إلى الجامعة، خصوصاً أن هذا البند كان أحد أبرز النقاط الخلافية بين الجزائر كبلد مستضيف للقمة وعدد من الدول العربية التي ما زالت ترفض مشاركة النظام السوري في القمة حينذاك.

وخلال أقل من عام غيّر النظام من تصريحاته، حيث جاءت التصريحات الجديدة عن العودة شبه المستحيلة للجامعة العربية خلال وجود المقداد في الجزائر، حيث يؤكد النظام على سعيه الكبير للتطبيع مع كل الدول العربية والعودة للجامعة، لكن ما يمنعه هو رفض بعض الدول لذلك.

بيانات متعددة تعثر تعويمه عربياً

فشل التعويم عربياً تتحمله دول عربية أيضاً طبعت مع النظام، فبعد أيام من إعادة العلاقات القنصلية مع النظام السوري وزيارة المقداد لأراضي السعودية، عقدت الأخيرة اجتماعاً تشاورياً لدول مجلس التعاون الخليجي ضم كذلك الأردن والعراق ومصر في وقت متأخر يوم الجمعة الماضي، كانت التسريبات كلها توحي بمساعي الرياض لإعادة النظام للجامعة العربية.

لكن ما حصل أنه لم يخرج بيان موحد في ختام اجتماع جدة التشاوري، حيث شددت قطر على موقفها من القضية السورية.

وقالت الخارجية القطرية في بيانها إنه "تم التشاور وتبادل وجهات النظر حول الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، يضع حدا لمعاناة الشعب السوري الشقيق، ويعالج كل تداعياتها، ويحافظ على وحدة التراب السوري".

في مقابل ذلك قالت الخارجية السعودية في بيانها إنه جرى "التشاور وتبادل وجهات النظر حول الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، ينهي كل تداعياتها، ويحافظ على وحدة سوريا، وأمنها واستقرارها، وهويتها العربية، ويعيدها إلى محيطها العربي، بما يحقق الخير لشعبها الشقيق".

وأكد البيان على أهمية الحل السياسي "كحل وحيد للأزمة السورية"، مشدداً على ضرورة وجود "دور قيادي عربي في جهود إنهاء الأزمة".

أما الكويت فقد دعت النظام السوري إلى اتخاذ خطوات حقيقية وملموسة لـ"بناء الثقة" من أجل إنهاء "الأزمة السورية"، تشمل إطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصير المفقودين وتسهيل عودة اللاجئين والنازحين وتسهيل عملية وصول المساعدات الإنسانية لكل المحتاجين في مختلف المناطق السورية واستئناف أعمال اللجنة الدستورية وصولا إلى المصالحة الوطنية".

وقال وزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح، يوم السبت، إن "دولة الكويت لن تخرج عن الإجماع والتوافق العربي في هذا الشأن"، بحسب وكالة الأنباء الكويتية الرسمية "كونا".

وأضاف الوزير: "الأزمة السورية دخلت عامها الثالث عشر عانت على إثرها سوريا وشعبها الشقيق ودول الجوار السوري والمنطقة من تداعياتها الأمنية والسياسية والاقتصادية والإنسانية وساهمت التدخلات الإقليمية والدولية بالشأن السوري الداخلي في زعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي مما ولد بيئة وأرضاً خصبة ومؤاتية لانتشار الجماعات الإرهابية والمتطرفة وتفشي تجارة المخدرات".

الأردن يغرد منفرداً

وكان الأردن من أبرز الدول العربية التي غيرت موقفها من النظام السوري وأعادت العلاقات الثنائية معه، بعد أن كان الملك عبد الله الثاني أول الناصحين لبشار الأسد بالرحيل منذ تشرين الثاني 2011.

ومن حين إلى آخر تخرج عمّان بمبادرات سلام في سوريا (بالغالب هي ذات المبادرة)، يحملها الدبلوماسيون الأردنيون معهم من عاصمة غربية إلى أخرى عربية ولكن دون أي تغير ملموس على الأرض، مع استمرار تدفق المخدرات على الحدود الأردنية من مناطق سيطرة النظام السوري والميليشيات الإيرانية.

ويوم الجمعة الماضي، نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول أردني كبير مطلع قوله إن الأردن يدفع بخطة سلام عربية مشتركة "يمكن أن تنهي العواقب المدمرة للأزمة السورية"، أساسها مبادرة "خطوة مقابل خطوة"، موضحاً أن الخطة "ستناقش إطلاق دور عربي رائد، بعد سنوات من الجهود الدولية الفاشلة لحل الصراع".

وذكر المصدر أن "المملكة اقترحت تشكيل مجموعة عربية تخاطب النظام السوري بشكل مباشر بشأن خطة مفصلة لإنهاء الصراع"، مضيفاً أن "خطة الطريق تفصيلية وتتناول كل القضايا الرئيسية لحل الأزمة، حتى تتمكن سوريا من استعادة دورها في المنطقة والعودة إلى جامعة الدول العربية".

وأوضح المسؤول الأردني أن "أساس خطة الطريق الأردنية مبادرة خطوة مقابل خطوة"، مؤكداً أن هذه الخطة "حاسمة لمعالجة العواقب الإنسانية والأمنية والسياسية للصراع".

عدم تجاوز المقاربة الأميركية

ويبدو أن بعض الدول العربية مواقفها مبنية على المقاربة الأميركية للوضع في سوريا، ولذلك بقي الأمر مجمداً طوال تلك السنوات دون أي تغير يذكر خلال الـ 5 سنوات الماضية تقريباً، ولا يبدو أنه سيتغير جوهرياً بالوقت القريب.

وهو ما جدد مشرعون أميركيون في لجنتي العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، والشؤون الخارجية في مجلس النواب، التذكير به عبر التنديد بالتطبيع العربي مع النظام السوري، مؤكدين أن عودة النظام إلى جامعة الدول العربية "خطأ استراتيجي".

وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، بوب مينينديز، إن "بشار الأسد مجرم حرب، ويدير دولة مخدرات. هذا هو الأمر باختصار".

من جانبه، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، مايكل ماكول إن "الأسد يقصف السوريين ويقوض الاستقرار الإقليمي"، مضيفاً أن "التطبيع الآن يضفي عليه الشرعية كرئيس دولة مخدرات إرهابية، ويزيد ترسيخ إيران".

ورغم أن الإمارات والبحرين وعُمان والجزائر وتونس لديها علاقات ممتازة مع النظام السوري، إلا أنها لم تستطع أن تقدم له سوى بعض "البهرجة" السياسية وإظهاره بمظهر المنتصر مع اقتصاد منهار وشعب لا يجد لقمة عيشه.

ومن المهم الإشارة إلى أن التطبيع العربي مع النظام السوري في أصله يحمل مؤشرات خطيرة عن إنقاذ نظام أقل ما يقال عنه أنه ارتكب "جرائم حرب" واستخدم أسلحة محرمة دولياً، وهذا ما كان قد أكّده السفير الدائم للسعودية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في خطابه الشهير عن النظام السوري "لا تصدقوهم" في كانون الأول عام 2021.