icon
التغطية الحية

منظمات إنسانية دولية: تفشي الكوليرا في سوريا يهدد الصحة العامة لدرجة خطيرة

2022.10.20 | 13:06 دمشق

شرب مياه ملوثة أحد أسباب تفشي الكوليرا - المصدر: الإنترنت
شرب مياه ملوثة أحد أسباب تفشي الكوليرا - إنترنت
Relief Web - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

أعربت منتديات المنظمات غير الحكومية التي تمثل 150 منظمة إنسانية عن بالغ قلقها إزاء التفشي السريع للكوليرا في سوريا، إذ يهدد هذا الانتشار حياة الملايين من الناس الذين عاشوا في ظل معاناة كبيرة طوال فترة امتدت لأكثر من عقد من الزمان بسبب النزاع وانتشار الفقر والجوع في البلد. ولذلك دعت المنظمات الإنسانية غير الحكومية لاتخاذ إجراء عاجل لتوسيع نطاق الاستجابة وتجنب وقوع المزيد من الوفيات.

تم الإعلان عن تفشي الكوليرا في سوريا في العاشر من أيلول 2022، حيث تم تسجيل 16 ألف إصابة (حتى 14 من تشرين الأول 2022)، وذلك في 14 محافظة سورية، إلا أن الأعداد في ازدياد ومن المرجح أن تكون أعلى من الأعداد التي تم تسجيلها. ويعتبر هذا التفشي الأول من نوعه في سوريا منذ عام 2009، حيث تم تسجيل 350 إصابة وقتها، كما أن البلد لم يشهد هذا النطاق الحالي لانتشار المرض منذ عقود. فقد توفي أكثر من 70 شخصاً بهذا المرض، إلى جانب وجود الآلاف غيرهم ممن يبحثون عن علاج، مع عدم قدرة كثيرين على تلقي رعاية صحية من خلال الخدمات الصحية كونها تعرضت لتدمير كبير. كما أن اندلاع أعمال العنف في الشمال السوري خلال الأيام القليلة الماضية، وما نجم عنه من حالات نزوح، يهدد بانتشار أسرع للمرض أيضاً.

عواقب انتشار الكوليرا

يذكر أن الكوليرا مرض سريع العدوى ينتقل عبر الماء أو الأطعمة الملوثة، فيتسبب بحالة إسهال وجفاف حادة. وفي حال الحصول على الرعاية الطبية على الفور، يمكن معالجة الكوليرا بكل سهولة، ولكن في حال عدم تلقي العلاج فيمكن أن يؤدي هذا المرض للوفاة في عضون ساعات أو أيام. لذا فإن من يشكون من ضيق الحال وعدم القدرة على الحصول على مياه نظيفة يمثلون الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالكوليرا، كما أن فرصتهم في الحصول على معالجة فعالة ضعيفة جداً. إذ هنالك أكثر من مليوني نسمة يعيشون في مواقع تعتبر بالنسبة لهم بمثابة ملاذ أخير، حيث يقيمون في مخيمات تقيد تحركاتهم، إلا أن عواقب ظهور إصابات على نطاق واسع في تلك الأماكن قد تكون مدمرة. كما أن تفشي الكوليرا يزيد وبشكل مخيف من خطر التعرض للعنف الجنسي أو بسبب النوع الاجتماعي لاسيما بين صفوف النساء والفتيات في سوريا.

اقرأ أيضا: مياهه لم تعد "فراتاً".. نهر الفرات ينشر الكوليرا في دير الزور

وحول هذا الموضوع يعلق غارث سميث، أحد ممثلي العناصر الفاعلة لدى المنتدى الإقليمي للمنظمات الإنسانية غير الحكومية، فيقول: "إن تفشي الكوليرا يصب الزيت على نار الوضع الذي لم يعد محتملاً والذي يعيشه السوريون يوماً بعد يوم بعد مرور أكثر من 11 عاماً. وذلك لأن تفشي الأمراض المعدية لابد وأن يضعف قدرة الناس في التعامل مع المصاعب المتزايدة، كما يعرض حياة الملايين للخطر ويدفع المزيد من الناس نحو براثن الفقر". ولذلك أعرب ممثلو العناصر الفاعلة الإنسانية في هذا المنتدى الإقليمي عن عميق قلقهم بعد مرور 11 عاماً من النزاع واشتداد التدهور الاقتصادي، والندرة المزمنة للمياه، والجفاف الذي تسبب به التغير المناخي، ونضوب المياه واستنزاف البنية التحتية للصرف الصحي، بالإضافة إلى الدمار الذي لحق بمنظومة الرعاية الصحية، لأن كل ذلك تسبب بخلق الظروف الملائمة لانتشار الكوليرا بشكل سريع في عموم سوريا والمنطقة. كما ظهرت حالات إصابة مؤكدة بالكوليرا في لبنان خلال الأسبوعين الماضيين، ليكون هذا التفشي الأول من نوعه منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، ما يؤكد خطر انتشار المرض في المنطقة. ولذلك حشدت المنظمات غير الحكومية السورية والدولية في الداخل السوري جهودها وبشكل سريع للاستجابة لتلك الأزمة، إلا أن الموارد الإنسانية والتمويل واللوازم كلها مستنزفة بالأصل، كما بات من الصعب الحصول على الأدوية واللقاحات والمعدات الطبية ومواد معالجة المياه، بما يهدد بإضعاف الاستجابة الحساسة اللازمة وتأخيرها.

ولذلك تطالب المنظمات غير الحكومية بتوسيع نطاق الدعم بشكل عاجل وفوري، بما يمنع ظهور كارثة إنسانية كبرى ويحد من الوفيات بنسبة كبيرة. إذ يعتبر تنسيق العمل بشكل سريع ومباشر أمراً ضرورياً وحاسماً بالنسبة للمنظمات غير الحكومية حتى تتمكن من وقف انتشار المرض، وتقديم المعالجة اللازمة لإنقاذ الأرواح وضمان حصول السوريين في مختلف أنحاء سوريا على مياه نظيفة وآمنة بشكل فوري وعاجل ودون أن يقف في طريقهم أي شيء. إذ لا يمكن للمنظمات الإنسانية أن تشدد بشكل أكبر على أهمية قيام استجابة سريعة لإنقاذ أرواح الناس.

توصيات حول الدعم الضروري

  • تأمين تمويل عاجل ومباشر لدعم المنظمات الإنسانية بهدف توفير كميات المياه اللازمة وطرق الصرف الصحي وبرامج التوعية الصحية، وزيادة الخدمات الصحية التي يتم توفيرها والتي تشمل إقامة مراكز إضافية لمعالجة الكوليرا.
  • تمكين المنظمات الإنسانية من الحصول بشكل فوري على كل ما يلزم من المواد الضرورية وذلك عبر خطوط الإمداد العالمية والوطنية وعن طريق الأمم المتحدة والحكومات، إلى جانب رفد المنظمات غير الحكومية التي تعمل على الخطوط الأمامية حتى تقوم بدعم عمليات تأمين كميات المياه اللازمة وطرق الصرف الصحي وبرامج التوعية الصحية ودعم الجهات الفاعلة في المجال الصحي على الأرض.
  • القيام وبشكل فوري بدعم عملية الكشف عن الأمراض والفحص وإدارة المعلومات في عموم البلد وذلك لضمان الدعم السريع الموجه للمناطق الصحيحة، إلى جانب مشاركة المعلومات بشكل دوري بين مختلف أجزاء البلد، وبين أصحاب المصلحة المعنيين والسلطات المحلية المعنية.
  • توسيع نطاق فرق الاستجابة السريعة للطوارئ في عموم أنحاء سوريا وذلك لتقوم بالاستجابة عند تفشي المرض في البلد.
  • تأمين وصول دون أي قيود وبكل الوسائل للوازم والمعدات والعاملين في المجال الإنساني بهدف الاستجابة لتفشي المرض، ولسد جميع الاحتياجات الإنسانية في سوريا.
  • تقديم الدعم لتعزيز الرعاية الصحية والبنية التحتية الخاصة بالمياه والصرف الصحي في مختلف أنحاء سوريا، وذلك لضمان تأقلم أكبر بهدف إدارة حالة تفشي المرض المستمرة، وغيرها من الأزمات الصحية التي يمكن أن تظهر مستقبلاً. ويجب أن يشمل ذلك الدعم الذي يقدم لمن يعيشون في مخيمات النزوح وضمن مجتمعات مدينية وريفية ولكنها تتمتع بخدمات محدودة، وذلك للتغلب على حالة تفشي مرض الكوليرا. كما من الضروري جداً دعم النظم الزراعية لئلا يتم تعريض السلاسل الغذائية للخطر عبر عمليات ري تعتمد على مياه ملوثة.

المصدر: Relief Web