icon
التغطية الحية

مع اقتراب الامتحانات.. كيف يتحايل الطلاب السوريون على انعدام الكهرباء؟

2023.12.27 | 12:55 دمشق

آخر تحديث: 27.12.2023 | 14:07 دمشق

مع اقتراب الامتحانات.. كيف يتحايل الطلاب السوريون على انعدام الكهرباء؟
مع اقتراب الامتحانات.. كيف يتحايل الطلاب السوريون على انعدام الكهرباء؟
دمشق - حنين عمران
+A
حجم الخط
-A

بالتزامن مع بدء الامتحانات العملية للكليات التطبيقية واقتراب الامتحانات الفصلية لطلاب الجامعات والمدارس عموماً، تظهر هموم الطلبة على وجوههم وفي تقلباتهم المزاجية؛ لا من صعوبة المنهاج الدراسي بالضرورة، بل من انعدام مقومات الحياة الأساسية كالكهرباء والتدفئة والوسائل المساعدة دراسياً؛ مثل الإنترنت السريع والطعام الجيد والبيئة الداعمة والتقدير العلمي.

وتتزايد مشكلة انقطاع الكهرباء خلال الشتاء وتتراوح مدة القطع بين 6 ساعات و 10 ساعات –حسب المنطقة- بمقابل ساعة إلى ساعتين وصل بين فترات الانقطاع. ومثل بقية المشكلات التي يعاني منها السوريون في مناطق سيطرة النظام السوري منذ بدء الحرب، استطاعوا إيجاد حلول مؤقتة أو بدائية وفق مبدأ "الحاجة أمّ الاختراع".

مراكز دراسية بأسعار رمزية

ظهرت منذ أربع سنوات تقريباً، فكرة إقامة مركز دراسي تتوفر فيه الكهرباء بصورة دائمة والإنترنت والطاولات الدراسية؛ ذلك كل ما يحتاجه الطالب السوري لتحقيق إنجازاته الصغيرة في مراحله الدراسية.

وقد بدأت الفكرة من الجمعيات الخيرية والفرق التطوعية والمؤسسات المجتمعية الموجودة في مدينة دمشق والتي لا تتبع عادةً لجهة سياسية بصورة مُعلنة؛ ونظراً لكون معظم المتطوعين والعاملين في هذه الجمعيات والمؤسسات هم من الطلاب الجامعيين، كان من الضروري إيجاد حل جماعي تحت مسمى "المسؤولية المجتمعية" لمساعدة الطلاب في تجاوز امتحاناتهم بأٌقل التكاليف وأقل الشروط أيضاً.  وقد توزعت هذه المراكز في عدة مناطق وسط مدينة دمشق مثل البرامكة والمهاجرين وباب توما وجرمانا وساحة المحافظة.

أما عن تمويل هذه الأماكن وتأمين المتطلبات، مثل الكهرباء المتواصلة بوجود المولدات الكهربائية أو بالطاقة الشمسية، فكانت من خلال التبرعات أو تمويل جهات دينية مثل البطركيات والكنائس التي تموّل مركزين أحدهما في باب توما والآخر في جرمانا، أو من خلال دعم الشركات الخاصة التي تأمل توسيع نشاطها التجاري والترويجي بتقديم الخدمات الاجتماعية والإنسانية.

أما دخول الطالب للدراسة في هذه الأماكن فهو إما مجاني أو بسعر رمزي لا يتجاوز الألف ليرة.

استهداف الحاجات لبناء مشاريع ناشئة

تأخذ الأفكار التسويقية في السوق السورية مجراها بسرعة وتتطور لتلبية أكبر عدد من الناس وتحقيق القسم الأكبر من رغباتهم؛ فاحتياجات السوريين تتفاقم ورغباتهم تصبح أكثر بدائية بمرور السنوات؛ فالنظام السوري "بتر" طموحات الشباب وفق مبدأ "دعهم يفكرون بلقمة العيش حتى ينسوا ثورتهم وعنفوانهم!"؛ وبما أن التسويق مشتق من واقع الجمهور والمكان المستهدف، فقد تحولت فكرة "المركز الدراسي" إلى استثمار ناجح يقيمه كل من يملك المكان أو رأس المال.

في منطقة الصالحية وسط دمشق، تحول مبنى كامل بطوابقه الأربعة إلى تجمع طلابي يحقق رغباتهم المختلفة؛ إذ ينقسم إلى طوابق مخصصة للدراسة تتوفر فيها الكهرباء والإنترنت بأسعار رمزية (8 آلاف ليرة سورية للجلسة مهما كانت مدتها)، وطوابق أخرى لاجتماع الأصدقاء وإقامة الجلسات الاجتماعية والحفلات أيضاً.

الجدير بالذكر أن البناء عائد بملكيته إلى وزارة التجارة وقد طُرح للاستثمار منذ ما يقارب الأربع سنوات واستطاع القائمون عليه بناء جمهور كبير من خلال تلبية حاجة آلاف الطلاب بأسعار زهيدة مقارنةً ببقية المقاهي والمطاعم وبأسلوب تسويقي ذكي على وسائل التواصل الاجتماعي. ويُقدر عدد الزائرين يومياً لهذا التجمع بما يقارب الـ 1500 طالب أو أكثر.

وقد انتشرت مراكز أخرى ذات ملكية خاصة في مناطق مختلفة من مدينة دمشق، وتختلف كلفة الجلوس فيها باختلاف الخدمات المقدمة؛ ففي أحد المراكز المُفتتح حديثاً في منطقة السبع بحرات يوفّر التدفئة بالمكيفات إلى جانب الكهرباء والإنترنت جيد السرعة، مقابل 2000 ليرة سورية للساعة الواحدة، إلى جانب تقديم المشروبات بكلفة إضافية على كلفة ساعات الجلوس، ونظراً لكون التدفئة معدومة في البيوت السورية يجد معظم الطلاب السوريين في هذا المكان "جنتهم المنشودة" وليس غريباً أن يدخل أحدهم إليه للتدفئة فقط وشرب كأس من الشاي حتى لو لم يكن طالباً جامعياً.

والقائمون على المكان هم خريجون في كلية إدارة الأعمال والاقتصاد، استثمروا فكرة ناجحة بتمويل من آبائهم بشكل مباشر.

الطاقة الشمسية "لمن استطاع إليها سبيلاً"

استطاعت العائلات الميسورة مادياً في مدينة دمشق تركيب منظومات الطاقة الشمسية بالرغم من كلفتها العالية مقارنة بمتوسط دخلهم؛ فمنهم من اضطرّ إلى الاستدانة لتأمين كلفتها أو طلب مساعدة من الأبناء والأقارب في الخارج عبر الحوالات المالية.

وسبق أن سلّط موقع تلفزيون سوريا الضوء على تكاليف المنظومات وفرق الأسعار بين العام الفائت والعام الحالي؛ التي ارتفعت إلى ما يزيد عن النصف خلال عام واحد.

واندفع الأهالي، ولا سيما مَن لديهم أبناء في المدارس أو الجامعات، إلى تركيب هذه المنظومات في محاولة لتأمين البيئة المناسبة دراسياً داخل المنزل خاصةً إذا كان أبناؤهم يدرسون في اختصاصات تتطلب العمل على الحاسوب بشكل دائم.

"الباور بنك": منقذ الطلاب في بيوتهم

بعد ظهور "الباور بنك" لأجهزة الموبايل والتابليت، بدأت تنتشر في السوق السورية فكرة "الباور بنك" المُخصص لشحن أجهزة اللابتوب والراوتر، وعلى العكس من "باور بنك" الموبايل التي تُستورد من الخارج، فإنّ "باور بنك" اللابتوب يتم تفصيلها بشكل مخصص لكل لابتوب حسب نوعيته وطريقة شحنه ومواصفات بطاريته والاستطاعة التي يحتاجها الزبون وعدد مرات الشحن.

وقد ظهرت شركات كهربائية مخصصة لهذه الحاجة بدأت بالتسويق لنفسها على وسائل التواصل الاجتماعي وفي أوساط الطلاب، بينما أضافت شركات كهربائية أخرى هذه الخدمة إلى جانب خدمات أخرى تقدمها مثل منظومات الطاقة البديلة والمنظمات الكهربائية وغير ذلك.

في تجربتها الشخصية، تتحدث "سلام.ع" لموقع تلفزيون سوريا بأنّها استطاعت الحصول على "باور بنك" اللابتوب من خلال تفصيلها في شركة كهربائية مركزها شارع 29 أيار وسط دمشق: "لم يكن باستطاعتي تأمين تكلفة الحصول على الباوربنك فوضعي المادي لا يسمح بذلك، لكنني تواصلت مع أحد الأشخاص المقيمين في مدينة حمص، وهو يعمل في مجال التسويق الإلكتروني ولديه جمهور كبير؛ إذ استغل شبكة علاقاته الواسعة في مساعدة الأشخاص المحتاجين وتأمين أدوية لبعض المرضى وأجهزة لابتوب لبعض طلاب الجامعات، كما ساعدني في تأمين تكلفة الباوربنك كاملةً".

وبتقصي الأمر، تبين أن الشخص (خ.إ) يسعى بين الحين والآخر إلى عرض مشكلة بعض الأشخاص الذين يتواصلون معه بصورة مباشرة؛ ونظراً لكونه مؤثر اجتماعياً ولديه عدد كبير من المتابعين داخل البلد وخارجها، ويستطيع جمع التبرعات على شكل حوالات مالية –معظمها من المتبرعين خارج سوريا- تصل مباشرةً إلى اسم الشخص صاحب المشكلة، ليقوم بشراء ما يحتاجه أو حل مشكلته بنفسه.

تتابع سلام حديثها: "لقد ساعدتني الباوربنك كثيراً في دراستي في الهندسة المدنية التي تتطلب استخدام اللابتوب لساعات طويلة على البرامج الهندسية مثل الأوتوكاد والريفيت لإعداد المشاريع؛ إذ أمنت لي الباوربنك الشحن مرتين يومياً ما يعني استخدام اللابتوب لما يقارب الـ 5 ساعات إضافية خلال وجودي في المنزل؛ فحجمها كبير نوعاً ما لذا لا أستطيع حملها معي إلى الخارج".