icon
التغطية الحية

مشاريع كهرباء استثمارية في إدلب.. هل يكتفي الشمال ذاتياً بالكهرباء؟| صور

2023.06.26 | 05:56 دمشق

ألواح شمسية لتوليد الطاقة الكهربائية في إدلب (تلفزيون سوريا)
ألواح شمسية لتوليد الطاقة الكهربائية في إدلب (تلفزيون سوريا)
إدلب - عمر حاج حسين
+A
حجم الخط
-A

انتشرت مؤخراً مشاريع بيع الكهرباء إلى شركة "GREEN ENERGY" (غرين إينرجي) التركية، عبر ألواح الطاقة الشمسية شمالي سوريا، وسط تفاؤلٍ من المقبلين على هذا النوع من الاستثمار بتحقيق عوائد مالية جيدة، رغم وجود بعض التوقعات بدرجة من المخاطرة؛ تتمثل بعدم استقرار المنطقة أمنياً بشكل فعلي، ومصيرها القابل للتغير كلياً بين ليلة وضحاها لوقوعها على كفة الاتفاقيات والخلافات بين الدول الضامنة لمنطقة خفض التصعيد في "إدلب".

وأبرمت المؤسسة العامة للكهرباء التابعة لـ"حكومة الإنقاذ" في منطقة إدلب، اتفاقاً مع شركة "غرين إينرجي" لتمديد الكهرباء من داخل الأراضي التركية في آذار من عام 2020، وذكرت المؤسسة حينها أنها وقّعت اتفاقاً، مع شركة تركية خاصة، لتزويد منطقة إدلب وريفها بالتيار الكهربائي.

وبعد مضي ثلاث سنوات، نجحت الشركة في إيصال الكهرباء إلى كامل المنطقة الخاضعة لـ"حكومة الإنقاذ"، بدءاً من ريف حلب الغربي وصولاً إلى ريف اللاذقية الشمالي، باستثناء بعض القرى البعيدة والنائية عن مراكز المدن في الشمال السوري.

مشاريع استثمارية

دفعت قلّة فرص العمل وغياب الحركة التجارية في منطقة إدلب، إلى طرح العديد من التجار فكرة بيع الكهرباء عبر ألواح الطاقة الشمسية إلى شركة الكهرباء التي تزوّد المنطقة، ولاقت الفكرة استحسانا من قبل الشركة كبديل احتياطي ومشروع يعود بالفائدة للمستثمر والشركة معاً.

يقول "معاذ.أ" والذي فضل عدم ذكر اسمه كاملاً والعامل في شركة الكهرباء "غرين إنيرجي"، إن مشاريع استثمار الكهرباء باتت منتشرة بكثرة في مدن وقرى إدلب وريف حلب الغربي، بسبب استقرارها ومردودها الشهري الجيد، موضحاً أن محوّلات الكهرباء في بعض المناطق لم تعد قادرة على استيعاب المزيد من الحجوزات، وسط إقبال كبير لروؤس الأموال على هذه الفكرة.

شروط الاستثمار

ولفت "معاذ" خلال حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا، إلى أن الشركة تشترط على المستثمرين تحقيق شروط معينة أبرزها، أن تكون المنطقة المراد إنشاء المنظومة عليها مزوّدة بالكهرباء، وأن يكون حجم المنظومة المراد تركيبها من 30 كيلو واط وما فوق، فضلاً عن امتلاك المتقدم "محوّلة كهربائية خاصّة"، أو أن تكون المنظومة تبعد عن أقرب محوّلة للشركة مسافة 200 متر وما دون.

وتحرص إدارة الشركة على ضرورة أن تستوفي المنظومة المراد تنفيذها على كامل الشروط الفنية الصادرة من قبلها، والتي تكون تحت إشراف مهندسين مختصين، وفقاً لـ"معاذ"، كما أنها تشترط على المستثمر ألا تقل مدة العقد عن ثلاث سنوات.

وعن تفاصيل الأسعار، يقول "معاذ" إن الشركة تُحدد شراء الكهرباء من المستثمر بسعر 55 بالمئة من سعر كيلو الكهرباء المباع للمستهلك، في حال كانت منظومة المستثمر مخصّصة لبيع الكهرباء الصادرة منها كلياً للشركة وليس بيع الفائض، منوّهاً إلى أنه إذا كان المستثمر يبيع الشركة فائض الكهرباء من منظومته في الألواح كـ"أصحاب المعامل"، فهنا تشتري الشركة كيلو الواط الواحد بنسبة 45 بالمئة من بيعها للمواطنين.

وضرب "معاذ" مثالاً؛ أنه إذا كان سعر كيلو الكهرباء يباع للمواطنين من قبل الشركة (20 سنت أميركي) فسعر كيلو واط الكهرباء الساعي المراد شرائه من المستثمر (11 سنتاً أميركياً)، أمّا إذا كانت الكهرباء فائضة يراد بيعها من المستثمر للشركة فهنا تسعّر الشركة شراء كيلو واط الكهرباء بـ(9 سنت أميركي)، لعدم تخصيص منظومته كاملةً للبيع.

الاكتفاء الذاتي

يرى "معاذ" خلال حديثه لتلفزيون سوريا أن مدينة الأتارب غربي حلب على سبيل المثال، تستهلك شهرياً قرابة 3 ميغا واط (3000 كيلو واط)، موضحاً أن المستثمرين في المدينة بهذه المشاريع ينتجون قرابة (1 ميغا واط) وهي تقريباً ثلث الكمية المراد تزويدها للمدينة، مشيراً إلى وجود طلبات عدّة من تجار المدينة وهي قيد المراجعة من الشركة وجميعها تتضمن مشاريع إضافية، متوقعاً أن تصل كمية الكهرباء المنتجة من هذه المشاريع خلال الأيام القليلة المقبلة إلى ما يكفي لتغذية المدينة بشكل كامل.

كلفة المشروع

يقول محمد منصور وهو أحد المستثمرين وصاحب منظومة كهربائية، لـ موقع تلفزيون سوريا، إن أصغر منظومة كهربائية تحتاج إلى 17 ألف دولار أميركي على أقل تقدير، وإن المستثمر إذا أراد تحقيق أبرز شرط من شروط الشركة وهو تقديم 30 كيلو واط في الساعة، فيحتاج هنا إلى 200 لوح شمسي من النوعية الجيدة البالغ سعره تقريباً 45 دولارا أميركيا، بالإضافة إلى "إنفرتر" باستطاعة 40 كيلو واط والذي يبلغ سعره قرابة 2500 دولار، كما يجب أن يملك المستثمر محوّلة كهربائية من الشركة تحديداً والتي تسعره الأخيرة بـ7500 دولار.

ولفت منصور، إلى أن هذه المنظومة تُقدم للمستثمر 25 دولاراً يومياً في متوسط 8 ساعات إنتاج (من التاسعة صباحاً حتى الخامسة عصراً)، هذا إذا كانت استطاعة المنظومة 30 كيلو واط فقط.

وأشار إلى أن هذه المشاريع وفّرت فرص عمل كثيرة من أبرزها زيادة الطلب على الحرّاس لحماية هذه المنظومات الكهربائية من السرقة، ومهندسين كهربائيين أو فنيين مهامهم مراقبة أداء الألواح، وعمال لغسل الألواح بشكل شبه يومي.

الشركة هي المستفيد الأول

يؤكد حيان حبابة الباحث الاقتصادي والأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة إدلب، أن هذه المنظومات هي مشاريع استثمارية تنموية بحتة، وتعود أرباحها بالدرجة الأولى إلى الشركة أكثر من المستثمر، وخاصة أن الشركة تعتمد على استجرارها من تركيا فمن المؤكد أن الإنتاج المحلي سيكون أوفر لها.

وأوضح حيان خلال حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا، أن هذه المشاريع يمكن أن تكون حلاً جزئياً لمشكلة استجرار الكهرباء وليس حلاً للمشكلة بشكل كامل، بسبب الكثافة السكانية الكبيرة في المناطق المحررة والمساحة الجغرافية الواسعة شمال سوريا، لافتاً إلى أنه إذا توسعت هذه المشاريع وتطورت مستقبلاً وضمن نظام معين، فيمكن أن تحل بدلاً عن الكهرباء التركية.

ولكن المهندس الكهربائي رضوان عاصي، يرى أن هذه المشاريع وكثرتها في المنطقة لا يمكن أن تكون بديلة عن استجرار الكهرباء من تركيا مهما تطورت، بسبب عجز المستثمرين عن تخزين الكهرباء ليلاً، والتي تحتاج إلى بطاريات متطورة يمكن أن تتحمل جميع الحمولات.

وخلال حديث العاصي مع موقع تلفزيون سوريا، حذّر من خطورة انتشار هذه المشاريع بكثرة، بسبب عدم استقرار المنطقة عسكرياً وخاصّةً في المناطق القريبة للخطوط الساخنة التي قد تتعرض للقصف.

وكانت شركة "غرين إينرجي" في إدلب قد أعلنت في أيار من العام 2021 البدء بتزويد المحافظة بالتيار الكهربائي، وذلك بعد أكثر من عام على توقيعها اتفاقاً مع المؤسسة العامة للكهرباء في إدلب، التابعة لـ"حكومة الإنقاذ" لاستجرار التيار الكهربائي من تركيا.

وفي بداية تأسيسها أعلن القائمون على الشركة، أنها شركة خاصة أسست عام 2014 باسم "GE POWER" واتحدت عام 2019 مع شركة "GREEN FUTURE" تحت إسم "Green Energy" التي تُعرف به اليوم، إلا أن مصادر محلية لتلفزيون سوريا أكدت حينها أن الشركة تتبع لحكومة الإنقاذ ومن خلفها "هيئة تحرير الشام"، وأن المدير التنفيذي للشركة المهندس أسامة أبو زيد، عمل سابقاً مندوباً لـ"جبهة النصرة" في مديرية المياه التي أشرف عليها "جيش الفتح" بعد السيطرة على مدينة إدلب، ثم انتقل للعمل مديراً لمؤسسة المياه في "حكومة الإنقاذ" بعد استخدامه السلاح للسيطرة على مؤسسة المياه التي كانت تتبع لمجلس إدلب المحلي.

وخلال السنوات الماضية عملت تركيا على إيصال خدمات حيوية وإقامة مشاريع استثمارية، في مناطق إدلب أبرزها الكهرباء.