icon
التغطية الحية

بعد فشل تجربة الكهرباء التركية.. أهالي ريف حلب يلجؤون إلى الطاقة الشمسية

2023.06.22 | 06:34 دمشق

آخر تحديث: 22.06.2023 | 06:34 دمشق

ألواح طاقة شمسية مثبتة في الحقول الزراعية شمال غربي سوريا - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

تشهد مدن وبلدات شمال غربي سوريا إقبالاً كبيراً من السكان على استخدام ألواح الطاقة الشمسية لتأمين التيار الكهربائي، سواء في المنازل أو المحال التجارية والمراكز الصناعية والآبار المخصصة لريّ المزروعات، أملاً منهم بالحصول على التيار بشكل مستديم وبكلفة أقل مع مرور الزمن.

ورصد موقع تلفزيون سوريا استخدام الطاقة الشمسية بشكل مكثف في منطقة ريف حلب الشمالي لتوليد الكهرباء، لا سيما في المنازل البعيدة عن مراكز المدن، والمخيمات والقرى السكنية، ويرى السكان أن هذا الخيار لتأمين التيار الكهربائي يعد الأفضل، مقارنة بالخيارات الأخرى كالشركات الخاصة، بسبب الجودة المتواضعة والانقطاع المتكرر والمفاجئ للتيار وارتفاع أسعار الخدمة بين حين وآخر من دون ضوابط.

الألواح تغزو أسطح المنازل والأراضي الزراعية

بات من المألوف مشاهدة عشرات ألواح الطاقة الشمسية متوزعة على أسطح المنازل، وفي الأراضي الزراعية شمالي حلب، بعد أن قرر السكان الاعتماد على هذا الخيار لتوليد الكهرباء، بالرغم من الكلفة المرتفعة نوعاً ما لشراء المعدات الأساسية لأول مرة (بطاريات - ألواح طاقة - إنفيرتر).

ويرى السكان أن دفع مبلغ كبير لمرة واحدة من أجل تركيب منظومة الطاقة الشمسية، سواء في المنازل أو مكان العمل، يعد حلاً مناسباً بعد فقدان الأمل بتحسن الخدمة من قبل شركات الكهرباء، وعجز المجالس المحلية عن إلزام هذه الجهات ببنود العقود المتفق عليها، وفي مقدمتها، عدم رفع الأسعار بشكل اعتباطي.

وقال المهندس سامر دياب، في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا"، إن الاعتماد على الطاقة الشمسية لا يقتصر على سوريا، إذ إن الدول الغربية النامية تتسابق فيما بينها لتوليد الكهرباء عن طريق الشمس.

هناك عدة عوامل دفعت المدنيين في شمال غربي سوريا للجوء إلى هذا الخيار، بحسب دياب، ومنها ارتفاع سعر الكيلو واط بشكل متكرر من قبل شركات الكهرباء، حيث وصل في بعض الأحيان إلى ما يقارب 4 ليرات تركية.

وفي حال اقتصدت العائلة في استخدام الكهرباء، فإنها تحتاج شهرياً لنحو 200 كيلو واط (ما بين 500 إلى 700 ليرة بالحد الأدنى)، ما يشكل صعوبة بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود للاستفادة من الخدمة بالشكل المطلوب.

ينطبق ذلك على المدنيين القاطنين في مراكز المدن والقرى القريبة منها، أما أولئك الذين يعيشون في المخيمات والوحدات السكنية، فإن الشركات تفرض عليهم سعراً مرتفعاً للكيلو واط، يبلغ 4.85 ليرة تركية، وذلك عبر مستثمرين مهمتهم تغذية المخيمات بالتيار بزيادة تقدر بنحو 35 بالمئة عن السعر الحقيقي في الشركة.

الصعوبات والكلفة المتوقعة

أكد المهندس "دياب" أنه يعمل يومياً على تركيب منظومات الطاقة الشمسية، للمنازل والمؤسسات والمزارع، مضيفاً أنه نفذ مشروعاً مؤخراً لصالح المجلس المحلي في مدينة جرابلس، بدعم من إحدى المنظمات، تمثل بتركيب 845 لوح طاقة لتأمين الضخ اليومي للمياه في المدينة.

على صعيد الطاقة المنزلية، ذكر دياب أن أبرز الصعوبات التي تواجه المدنيين تكمن في تأمين المبلغ الأولي الذي يتعيّن دفعه لشراء معدات المنظومة، والذي يتراوح بين 500 إلى 800 دولار بحسب استهلاك كل منزل.

ويمكن للسكان الاعتماد على الطاقة الشمسية في النهار لتشغيل الأدوات الكهربائية الضرورية (براد - غسالة - مروحة، تلفاز ...)، والإضاءة في الليل، ووفقاً للمهندس، يمكن ملاحظة صعوبة بسيطة بهذا الخصوص في الشتاء، نظراً لضعف أشعة الشمس، وهنا يمكن الموازنة ما بين كهرباء الشركات، والطاقة الشمسية، بحسب الضرورة، علماً أن عدد الأيام الغائمة في سوريا سنوياً تتراوح بين 38 إلى 45 يوماً بشكل تقديري.

وتتكون منظومة الطاقة بشكل رئيسي من الألواح، والبطارية، و"الإنفيرتر - Inverter"، وهو جهاز إلكتروني مهمته تحويل التيار الكهربائي من التيار المستمر القادم من الألواح الشمسية أو من البطاريات إلى تيار متردد بجهد 220 فولتاً لتشغيل الأجهزة الكهربائية.

أما الكلفة الإجمالية لتركيب منظومة الطاقة الشمسية، فتعود لرغبة كل شخص وحجم المعدات الكهربائية المراد تشغيلها في المنزل، إلا أن الكلفة تتراوح وسطياً بين 500 و800 دولار، وتكون المنظومة بذلك قادرة على تشغيل الأدوات الأساسية، من براد وغسالة وإنارة وغيرها.

يتراوح سعر لوح الطاقة باستطاعة 250 واط، في أسواق مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، ما بين 30 و45 دولاراً بحسب الجودة، والبطارية (المعروفة محلياً بالهندية) 200 أمبير بنحو 155 دولاراً، والإنفيرتر، ما بين 70 إلى 150 دولاراً، بحسب النوع والاستطاعة أيضاً.

وقال أحد تجار منظومات الطاقة الشمسية في مدينة اعزاز، إن المنزل يحتاج إلى ثلاثة ألواح لتأمين التيار، في حال افترضنا عدم وجود معدات كهربائية ذات صرف مرتفع، مثل الغطاس والسخانة الكهربائية المخصصة للطبخ.

وذكر التاجر في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن العمر الافتراضي للألواح نحو 25 عاماً، أما البطارية، فقد تحتاج إلى الاستبدال كل عامين أو ثلاثة بحسب الاستهلاك، ومع ذلك من الممكن دفع نصف قيمة البطاريات الجديدة أو أكثر بقليل عند الاستبدال، كون البطاريات المستهلكة تباع أيضاً بثلث القيمة تقريباً.

الاستثمار في الطاقة الشمسية

بدأ بعض رؤوس الأموال في محافظة إدلب، وفي عفرين شمالي حلب، بالاستثمار في الطاقة الشمسية، عبر تركيب منظومات ضخمة وإبرام عقود مع شركات الكهرباء الرسمية لتزويدها بالطاقة، وهي بدورها تستفيد منها في بيع السكان، في محاولة لتخفيف الضغط على الشبكة والحد من المشكلات الناجمة عن القطع المفاجئ للتيار.

وتشتري شركة الكهرباء في إدلب الكيلو واط من مالكي منظومات الطاقة الشمسية بـ 8 سنتات في الوقت الحالي، بعد أن كان بنحو 11 سنتاً، وتبيعه للمستخدمين بـ20 سنتاً.

وأفاد المهندس علاء قبس، بأن هذه الفكرة قيد التجهيز في عفرين أيضاً، حيث يعمل بعض المستثمرين على إنشاء محطات ومنظومات طاقة شمسية، بهدف البيع لشركة الكهرباء بأسعار قد تضمن الربح للطرفين.

وأشار قبس في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا"، إلى أن الإقبال كبير لدى السكان بشكل عام على الطاقة الشمسية، لكنه انخفض مؤخراً بشكل طفيف بسبب الكلفة التأسيسية الكبيرة لتأمين المنظومة، وفي حال توافر المال، فإن الطاقة المستمدة من الشمس تعتبر الخيار الأكثر نفعاً وفائدة للحصول على الكهرباء، في ظل ما تشهده الخيارات الأخرى من سوء في الجودة وزيادة بالأسعار.

وأكد قبس أن معظم المزارعين في الشمال السوري لجؤوا إلى منظومات الطاقة الشمسية لتشغيل غطاسات المياه ومعدات السقاية، كما أن المجالس المحلية توجهت مؤخراً للطاقة في محطات المياه والمؤسسات العامة، خاصة أن المؤسسات تحتاج إلى الكهرباء في النهار فقط، ما يعني أن هذا الخيار يلبي متطلباتها بالشكل الأمثل.

بالنظر إلى توجه المنظمات الإنسانية لدعم المزارعين بمنظومات الطاقة البديلة، ولجوء المجالس المحلية لها، فضلاً عن نسبة كبيرة من السكان، يمكن القول إن ألواح الطاقة الشمسية باتت خياراً بديلاً مفضلاً يغني عن شركات الكهرباء وتعقيداتها، وقد يسمح تفاوت الجودة والأسعار لمختلف شرائح المجتمع بمن فيهم أصحاب الدخل المحدود بالاستفادة من الطاقة، كون كلفة التركيب تُدفع لمرة واحدة، وإن كانت مرتفعة نوعاً ما، إلا أنها ستكون أقل كلفة على المدى البعيد، مقارنة بكهرباء الشركات أو المولدات المرتكزة على المحروقات لتوليد التيار.