icon
التغطية الحية

صناعيون ومزارعون شمالي سوريا يستغنون عن الكهرباء التركية بعد ارتفاع أسعارها

2022.05.11 | 06:48 دمشق

img_8780.jpg
لا تتناسب الكهرباء التركية في تكاليفها مع الإنتاج والتصريف المحلي واقتصاد المنطقة الناشئ - تلفزيون سوريا
ريف حلب - حسين الخطيب
+A
حجم الخط
-A

استغنى الصناعيون والمزارعون وعدد من الأهالي في مدن وبلدات ريف حلب الشمالي والشرقي، عن خدمة الكهرباء التركية التي تصل المنطقة عبر شركات تركية - سورية، نتيجة ارتفاع أسعارها ووصولها إلى مستويات قياسية خلال الربع الأول، من عام 2022.

وأدى ارتفاع أسعار الكهرباء إلى ارتفاع تكاليف تشغيل المنشآت الصناعية والمشاريع الزراعية، والتي لا تتناسب مع الإنتاج والتصريف المحلي واقتصاد المنطقة الناشئ.

ومطلع نيسان الماضي، رفعت شركات الكهرباء سعر الكيلوواط المنزلي إلى 2.43 ليرة تركية، بعدما كان الكيلوواط نحو 1.85 ليرة تركية، ماتسبب بغضب شعبي كبير.

ووصل سعر الكيلوواط الصناعي إلى 3.20 ليرات تركية، بعدما كان نحو 2.50 ليرة تركية خلال الربع الأول من العام 2022، الأمر الذي دفع معظم الصناعيين والمزارعين العاملين في المنطقة إلى اللجوء لأساليب أكثر وفرة من ناحية التكاليف المادية، لتحسين مردودهم الإنتاجي.

ارتفاع في تكاليف الإنتاج والأجور

ونتج عن ارتفاع أسعار الكهرباء في ريف حلب الشمالي والشرقي، تخلي الصناعيين عن الكهرباء واللجوء إلى المولدات الكهربائية، التي كانوا يعتمدون عليها خلال فترات سابقة قبل وصول الكهرباء التركية إلى المنطقة.

وفي حديث مع موقع "تلفزيون سوريا"، قال علي عبد الرزاق، وهو صاحب معمل بلاستيك، (أكياس نايلون)، يعمل ضمن بلدة تلالين شمال مارع بريف حلب: "إنه استغنى عن الكهرباء التركية نتيجة ارتفاع أسعارها، بعدما أصبحت تكاليف المولدات الكهربائية أقل منها، بينما كانت في وقت سابق منخفضة وأكثر وفرة عليهم".

وأضاف: "مع تشغيل المولدة الكهربائية على المازوت المكرر محلياً، اختلفت تكاليف التشغيل الساعي، وأصبحت المصاريف جيدة نسبياً".

وتابع: "لا تنعكس أعباء ارتفاع أسعار الكهرباء على أسعار المنتجات إلا الشيء القليل الذي يساهم في استمرار التصريف المحلي للإنتاج، وفق تسعيرة محددة".

 

 

عواقب ارتفاع سعر الكهرباء التركية

واشتكى عدد من أصحاب الورشات الصناعية، وورشات الخياطة والحدادين العاملين في المنطقة من ارتفاع سعر الكهرباء، ما دفعهم إلى عكس هذا الارتفاع على أجور إنتاجهم سواء من تصنيع الأبواب أو خياطة وتفصيل الملابس وفرش المنازل، والتي أصبحت عبئاً على المستهلكين.

وحول الموضوع، قال أبو رشيد، الذي يعمل في مشغل لخياطة فرش المنازل في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا": "إن ارتفاع الكهرباء زاد من ارتفاع الأجور وتكاليف الإنتاج، ما ساهم في انخفاض مستوى عملي في ورشة الخياطة التي أعمل بها، وذلك سبب عزوف الأهالي عن تفصيل الفرش، نتيجة ارتفاع سعر التكاليف التي سببتها الكهرباء وأجور النقل على حد سواء".

وأضاف: "أنه في السابق كانت الـ 20 دولارا أميركيا، أجراً لتفصيل فرش الغرفة أما الآن بعد ارتفاع سعر الكهرباء لا يمكن أن تغطي الـ 30 دولارا تكاليف التفصيل، وهنا يقع الأهالي في حيرة نتيجة هذا الارتفاع الذي شمل مختلف الأعمال الإنتاجية والصناعية المحلية".

ويرى معظم الصناعيين العاملين في المنطقة، أن ارتفاع أسعار الكهرباء سبب أزمة كبيرة بالنسبة للعاملين في المجال الصناعي، لأنهم لا يعتمدون في تصريف بضائعهم خارج المنطقة التي تعاني أصلاً من تحديات متعددة، أبرزها إغلاق المعابر وصعوبة التصدير خارج ريفي حلب الشمالي والشرقي، ما يضطرهم إلى تصريفها محلياً بأسعار محدودة لكي تتناسب مع الحركة التجارية المحلية.

خسائر فادحة للقطاع الزراعي

شهد القطاع الزراعي في ريف حلب الشمالي والشرقي تحولات كبيرة خلال شهري آذار - نيسان، من هذا العام، حيث لجأ معظم أصحاب المشاريع الزراعية إلى حلول بديلة تغنيهم عن الكهرباء التركية التي كانوا يستخدمونها في ري المشاريع الزراعية، والتي وفرت عليهم خلال فترات سابقة مصاريف تشغيلية كبيرة، لأنها كانت متناسبة معهم في تسعيرتها.

ويبحث أصحاب المشاريع الزراعية، عن ري محاصيلهم الزراعية بأقل التكاليف التشغيلية، لكي تتناسب مع هذا القطاع المتردي أيضاً في ظل أزمة الجفاف التي ضربت المنطقة، وانخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية، وصعوبة تصريفها إلى مناطق سيطرة قسد ومناطق النظام والأراضي التركية.

 

 

وفي هذا الصدد، قال عبد القادر كوسا، وهو أحد أصحاب المشاريع الزراعية في مدينة مارع، في حديث خاص مع موقع "تلفزيون سوريا": "إن تكاليف تشغيل الكهرباء التركية أصبحت على المزارعين كونهم يحتاجون إلى نحو 100 ليرة تركية لكل ساعة تشغيل واحدة".

وتابع: "هذا يعني أننا بحاجة يومياً إلى أكثر من 2000 ليرة تركية، أما تشغيل المولدات الكهربائية، بات أكثر وفرة علينا لأننا نحتاج بالساعة إلى 40 ليرة تركية تقريبا، وهذا يعني أن كلفة الكهرباء أصبحت ضعف كلفة المولدات الكهربائية".

وأضاف: "في حال تم استخدام الكهرباء التركية، سنقع في خسارة فادحة من ناحية الإنتاج، لكوننا لا نستطيع بيع إنتاج محصول البطاطا دون أن يتناسب مع الكلفة الإنتاجية، وهذا ما سيضطرنا إلى بيعها بأسعار رخيصة، وهنا سنكون نحن الخاسرين".

الطاقة الشمسية بدل الكهرباء التركية

من جهة أخرى، لجأ عدد من أصحاب المشاريع الزراعية إلى ري محاصيلهم واستجرار المياه من الآبار عبر الطاقة الشمسية، باعتبارها إحدى الوسائل المهمة في ري المحاصيل الزراعية، وتبدو أكثر وفرة كما يرى العديد من المزارعين العاملين في المنطقة.

وقال محمد الصالح في حديث مع "تلفزيون سوريا": "تعد الطاقة الشمسية الحل البديل أمامنا للتخلص من مشكلة الكهرباء وارتفاع أسعارها بشكل متكرر، كونها توفر علينا كلفة تشغيلية كبيرة كنا نضعها كل يوم عبر استخدام الكهرباء".

وأضاف: "أن استخدام الطاقة الشمسية في المشاريع الزراعية ليس خسارة لأنها تروي المحصول خلال ساعات النهار فقط ولا تحتاج إلى بطاريات التي يتم استهلاكها، ويمكن للمشروع الزراعي أن يغطي تكاليف تركيب الطاقة الشمسية للمشروع خلال موسم واحدة وباقي المواسم الزراعية يكون ري المحصول الزراعي مجانياً تماماً".

وشهدت الأسابيع القليلة الماضية، إقبالا كبيرا على شراء ألواح الطاقة الشمسية، حيث تزامن مع ارتفاع أسعارها نتيجة الطلب عليها، وازدياد عدد المحال التجارية الخاصة بها، ووصلت قيمة سعر لوح الطاقة المستعمل من 30 إلى 50 دولارا أميركيا، بينما بلغ سعر الجديد نحو 100 دولار أميركي.

 

 

700 دولار كلفة مجموعة منزلية مستعملة

ويتبادل الأهالي في ريف حلب الشمالي والشرقي في مجالسهم، تجاربهم مع الكهرباء والطاقة الشمسية، من حيث التكاليف وإمكانية أن تكون الطاقة حلاً بديلاً عن الكهرباء المنزلية التي تصل منازلهم، عقب ارتفاع أسعارها، والتي شكلت عبئاً إضافياً على الأهالي الذين يعانون أصلاً من شح المردود المالي لإعالة أسرهم.

عماد المحمد، رجل يعمل مدرساً في ريف حلب، اشترى مجموعة طاقة شمسية مؤخراً، بعد أن قام ببيع مصاغ زوجته كونه لا يستطيع توفير المال من مرتبه الشهري الذي لا يتجاوز الـ 1100 ليرة تركية. بينما ذهب بعض الأهالي إلى الاستغناء عن الكهرباء خلال النهار وتشغيلها ليلاً فقط لإنارة منازلهم ضمن حلول أكثر تقشفا، لعلها تساعدهم من تخفيض مصروفهم الشهري من الكهرباء.

وقال عماد المحمد في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا": "تسبب ارتفاع الأسعار بخلق تحدٍ إضافي أمامي فأنا بالكاد يكفيني مرتبي الشهري لمدة أسبوعين، ورغم ذلك فأنا أحتاج بشكل شهري إلى 200 كيلوواط من الكهرباء، بقيمة 500 ليرة تركية، ما يعني أن نصف المرتب سيكون ثمن الكهرباء".

وأضاف: "نعيش ضمن ظروف معيشة صعبة، لأن الكهرباء والماء والاحتياجات من أدوية ومواد غذائية وخضراوات كلها مرتفعة الأسعار، كيف يمكننا تغطيتها رغم أنها ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها، لذلك قمت ببيع مصاغ زوجتي لتركيب مجموعة طاقة شمسية لمنزلي".

وتبلغ كلفة المجموعة المنزلية المستعملة من بطاريات وألواح ومحولات نحو 700 دولار أميركي، بينما تبلغ كلفة المجموعة المنزلية الجديدة 1200 دولار أميركي، وتعتبر هذه الأرقام أرقاماً ضخمة وثقيلة على الأهالي في ريف حلب.