icon
التغطية الحية

مخاطرة غير محسوبة.. معاناة سوريين في إقليم فرنسي بجانب البرازيل

2021.03.12 | 04:50 دمشق

ghwyana_4.jpg
باريس - إيلاف القداح
+A
حجم الخط
-A

اضطر ملايين السوريين إلى ترك منازلهم هرباً من قصف النظام وملاحقاته الأمنية منذ بداية الثورة السورية، وانتشر أكثر من 7 ملايين سوري في أكثر من 120 دولة، إلا أن بعضهم وصل إلى أقاليم ما وراء البحار، ومن هناك بدأت مرحلة جديدة من المعاناة.

إقليم غويانا الواقع على الساحل الشمالي لقارة أميركا الجنوبية والتابع إدارياً لفرنسا، كان أحد الوجهات التي تدافع المهجّرون السوريون للوصول إليها ظناً منهم أنها ملجأ مناسب لعائلاتهم، وذلك بعد أن منعت سفارات العالم تأشيرات العبور عنهم باستثناء بعض الدول ومنها البرازيل الحدودية مع غويانا.

رحلة شاقة إلى غويانا

وتروي فرح الشامي، وهي لاجئة سورية في غويانا، لتلفزيون سوريا، تفاصيل رحلة شاقة وخطيرة منذ خروجها من سوريا وحتى وصولها إلى الإقليم عبر البرازيل.

وحصلت الشامي على فيزا سياحية من السفارة البرازيلية في دمشق، وعبرت من حواجز النظام على طول الطريق نحو العاصمة اللبنانية بيروت. وأشارت في حديثها إلى ما شهدته من سوء معاملة رجال الأمن اللبناني عند المنافذ الحدودية أو في المطار.

وبعد 13 ساعة وصلت فرح إلى مدينة ساوباولو البرازيلية، لتبدأ بعدها الرحلة الأخطر في غابات الأمازون.

من لبنان إلى غابات الأمازون

وقالت الشامي "خُضنا سفراً طويلاً ومتعباً جداً من سوريا إلى لبنان فالبرازيل، وبقينا في مطار ساوباولو يوماً كاملاً خوفاً من السرقات والعصابات، ثم استقلنا طائرة داخلية إلى مدينة ماكابا، ومنها عبر الحافلة إلى مدينة أويابوكي في رحلة محفوفة بجميع أنواع المخاطر استمرت أكثر من 10 ساعات لقطع غابات الأمازون".

 

غويانا.jpg

 

وعبرت الشامي وعائلتها نهر الأمازون بقوارب خشبية، حتى تمكنت من الوصول إلى مدينة سان جورج داخل إقليم غويانا الفرنسي.

وفي مدينة سان جورج كان لا بد من الخضوع لاستجواب من أجهزة الأمن والشرطة عن أسباب القدوم إلى الإقليم قبل استكمال الطريق إلى العاصمة كايين لتقديم طلب اللجوء.

معوقات حياتية وإدارية

يعاني اللاجئون السوريون في غويانا من صعوبات جمة لتقديم طلبات اللجوء يأتي في مقدمتها البيروقراطية الإدارية وتأخير مواعيد مقابلات اللجوء من قبل مكتب حماية اللاجئين وعديمي الجنسية (الأوفبرا)، فضلاً عن العنصرية وضعف الخدمات الحكومية.

ويوضح ضياء صلاح، وهو لاجئ سوري في غويانا، أن الصعوبات الإدارية ليست وحدها ما يؤرق اللاجئين السوريين في هذا الإقليم الفرنسي، بل أيضاً المناخ الحار والرطوبة المرتفعة جداً والحشرات القاتلة كحشرة الدنكي.

 

غويانا 3.jpg

 

وقال صلاح لتلفزيون سوريا: "الإقليم مخيف حيث تنتشر السرقات والاعتداءات بالضرب على اللاجئين وكذلك عدم وجود الأمان بشكل عام، إضافة إلى الغلاء الفاحش وندرة الأغذية الشرقية وقلة المساعدات المالية الحكومية المقدرة بـ 109 يورو للشخص الواحد شهرياً".

ويشير ضياء إلى رغبة عارمة من قبل جميع اللاجئين السوريين في غويانا بمغادرة الإقليم والتوجه نحو الأراضي الفرنسية، وخاصة مع استحالة الحصول على فرصة عمل هناك، أو التسجيل بالجامعات وتعلم اللغة الفرنسية، أو تسجيل الطلاب في المدارس الإعدادية والثانوية ومن ثم عدم خسارة سنوات من دون تعليم.

رفض اللجوء أو الحماية

اللافت في إقليم غويانا هو الاعتماد الكبير على المساعدات المالية المقدمة من الحكومة الفرنسية، والبطالة المرتفعة جداً، والعدد الكبير لطلبات اللجوء المرفوضة للاجئين السوريين وغير السوريين من دون تقديم أسباب مقنعة من قبل مكتب حماية اللاجئين وعديمي الجنسية لهذا الرفض.

ويقول الأستاذ باسم سالم المحامي والمستشار القانوني بقضايا اللجوء، لموقع تلفزيون سوريا، إن أعداد اللاجئين السوريين الواصلين إلى إقليم غويانا لم يتجاوز 500 شخص، إذ توقف وصول الآخرين بسبب جائحة كورونا، وبالرغم من ذلك لا توجد مراكز إيواء لهم بل يتم وضعهم في سكن لا يصلح للعيش بين البعوض والفئران، الأمر الذي أجبر العائلات على نصب خيام بالقرب من الشاطئ.

 

غويانا 4.jpg

 

ويشير سالم إلى ضعف المجتمع المدني هناك وعدم وجود جمعيات تُعنى بشؤون اللاجئين قانونياً كما هو الحال في قلب فرنسا، فاللاجئ بحاجة إلى المعلومة والاطلاع على القوانين ومترجمين متخصصين لكتابة قصة اللجوء باللغة الفرنسية بعناية، والتحضير قبل مقابلة اللجوء أو محكمة الاستئناف.

ويتابع سالم: "تم رفض طلبات لجوء معظم السوريين في غويانا بسبب بعد المسافة بين مكان الإقامة هناك ومركز القرار في باريس، بالإضافة إلى صعف خبرة المحامين الذين يتابعون الملفات، بسبب بعدهم أيضاً عن العاصمة الفرنسية ودوائر صنع القرار فيها".

والجدير بالذكر أن إقليم غويانا يقطنه سكان من مختلف الأعراق والأجناس كالهنود الحمر والبرازيليين والفنزويليين والصينيين والمغاربة الذين يملكون إقامات عمل، في حين يوجد لاجئون من هاييتي وسورينام والأكوادور واليمن وفلسطين ولبنان ودول إفريقية عديدة.