icon
التغطية الحية

محور الصراع القادم في إدلب: الطريق الدولي والشرايين التجارية

2018.11.19 | 13:11 دمشق

معسكر تدريبي لهيئة تحرير الشام في إدلب (إنترنت)
فراس فحام - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

عاش ريف حلب الغربي يوم أمس الأحد في الثامن عشر الشهر الجاري حالة من التوتر والترقب، حيث استقدمت هيئة تحرير الشام تعزيزات عسكرية إلى بلدات: صلوة – حزة – تلعادة – زرزيتا المحيطة بمدينة دارة عزة وتتضمن عناصر ومصفحات مع مدافع رشاشة، لترد "الجبهة الوطنية للتحرير" بتسيير رتل عسكري داخل المدينة كرسالة على أنها مستعدة لأي طارئ.

وتلقت نقاط عسكرية عديدة تتبع لـ "هيئة تحرير الشام" تعليمات بالاستنفار، أبرزها بلدتي المسطومة ومصيبين بريف إدلب الشمالي الشرقي، وبلدة عابدين جنوب المحافظة.

تطور لافت شهدته محافظة إدلب في الخامس عشر من شهر تشرين الثاني / نوفمبر الحالي، وتمثل برسالة وجهتها هيئة تحرير الشام إلى الجانب التركي من بوابة طريق دمشق – حلب الدولي.

وأفادت مصادر عسكرية خاصة لموقع تلفزيون سوريا إن حاجزاً يتبع لـ "تحرير الشام" اعترض رتلاً عسكرياً تركياً في المنطقة الواقعة بين سراقب ومفرق العيس على الطريق الدولي، وذلك خلال محاولة عبوره إلى نقطة المراقبة في تلة العيس وريف حماة الشمالي.

وأوقف الحاجز الرتل التركي الذي يرافقه عناصر من الجبهة الوطنية للتحرير لقرابة 15 دقيقة، قبل السماح له بالعبور مع التأكيد على أن الهيئة لن تسمح لأي قوات جديدة باستخدام الطريق الدولي.

وتأتي هذه الرسالة مع اقتراب موعد تسيير الدوريات التركية – والروسية في حدود المنطقة منزوعة السلاح، الذي سيتبعه إعادة فتح الطرقات الدولية الواصلة بين دمشق - حلب، وحلب – اللاذقية، حيث من المفترض أن يتولى الجانب التركي تأمين الطريق في الشق الواقع بمناطق سيطرة الفصائل العسكرية، وتقوم روسيا بمراقبته اعتباراً من بعد مورك ووصولاً إلى دمشق.

وتسعى الهيئة بشكل متكرر لبث رسائل تفيد بأنها رقم صعب مسيطر على الأرض في الشمال السوري، وأنه لا يمكن تجاوزها ولا بد من التفاهم معها لتمرير أي ترتيبات دولية متعلقة بالمنطقة.

وماتزال هيمنة الهيئة على طريق دمشق – حلب الدولي غير كاملة، حيث إن مدينة معرة النعمان وغالب ريفها خارج عن سيطرة "تحرير الشام"، وهذه المنطقة من أبرز المحطات في الطريق الواصل بين عاصمة سوريا التجارية (حلب) وعاصمتها السياسية (دمشق)، كما تنظر الهيئة بعين القلق إلى قرب تفعيل معبر جديد يربط ولاية هاتاي التركية مع منطقة عفرين عن طريق ناحية جنديرس المتصلة بريف حلب الغربي وريف إدلب من خلال المرور في دارة عزة الواقعة تحت سيطرة الجبهة الوطنية للتحرير.

وبحسب ما أفادت به المصادر العسكرية لموقع تلفزيون سوريا فإن "تحرير الشام" تفكر بشكل جدي في توسيع سيطرتها باتجاه بعض المناطق الاستراتيجية وتحديداً "معرة النعمان" و "دارة عزة"، وذلك عن طريق عمليات عسكرية خاطفة قد تنطلق في أية لحظة.

وتكمن أهمية "معرة النعمان" الواقعة في ريف محافظة إدلب الجنوبي في أنها بوابة الوصل بين شمال ووسط وجنوب سوريا، وتحوز على اهتمام خاص عند الهيئة لأنها تعتبر من أكبر معاقل "الحكومة السورية المؤقتة" في الشمال السوري ويوجد فيها مكاتب لبعض الوزاراة مثل وزارة التربية والتعليم – وزارة الصحة، وهي بطبيعة الحال لا تعترف بـ "حكومة الإنقاذ" الواجهة المدنية لـ "تحرير الشام".

ويمكن لأي طرفٍ مُسيطر على معرة النعمان وريفها أن يتحكم بالطرقات الواصلة بين معبر مدينة مورك على الطريق الدولي وبين باقي الشمال السوري، وهو معبر تديره وتشغله "الهيئة"، ويدر عليها عائدات يومية تقدر بـ 35 ألف دولار.

أما "دارة عزة" فتضم أعلى قمة بالقرب من الشريط الحدودي مع تركيا، والحديث هنا عن "قمة جبل بركات" البالغ ارتفاعها 1000 متر، وهي طريق إجباري للمحروقات من شمال شرق حلب إلى غرب حلب ومحافظة إدلب، وستزداد أهميتها الإقتصادية بعد افتتاح المعبر الجديد في جنديرس.

وقد شهدت المنطقتان خلال الأشهر السابقة مواجهات واشتباكات متكررة، بالأخض عندما اندلعت المعارك بين "جبهة تحرير سوريا" التي تضم حركتي أحرار الشام ونور الدين الزنكي وهيئة تحرير الشام في شهر شباط عام 2018، إلا أن السيطرة استقرت في نهايتها للحركتين.

وفي ظل الانشغال التركي بترتيب الأوراق في منطقة شرق الفرات ومنبج وإعداد العدة لعملية عسكرية مرتقبة، فقد نشهد في أي لحظة تحركات جديدة لـ "تحرير الشام" لتوسيع مكاسبها في محافظة إدلب، وتكبير رقعة سيطرتها وضم مناطق إستراتيجية يمكن استثمارها في تحصيل المزيد من المكاسب السياسية وضمان لنفسها كلمة عليا في التفاهمات المتعلقة بفتح الطرقات الدولية في حال صمد "خفض التصعيد" في المحافظة.

وكانت الهيئة قد تحركت بهدف السيطرة على الشريط الحدودي شمال إدلب وغرب حلب مع اقتراب موعد نشر نقاط المراقبة التركية في منتصف عام 2017، ودخلت في مواجهات مع حركة أحرار الشام الإسلامية انتهت بسيطرة الهيئة على معبر باب الهوى وإخراج الحركة منه، بالإضافة إلى الانتشار في المزيد من المدن والبلدات الحدودية مثل أطمة وقاح كفرلوسين وسلقين ودارة عزة، واستثمرت تحركاتها الاستباقية في المفاوضات مع الجانب التركي الذي فضل عدم الدخول في حرب مفتوحة قد تتسبب في موجة نزوج للسكان.

إن نجاح أو فشل "هيئة تحرير الشام" في تكرار سيناريو التمدد في الشريط الحدودي صيف عام 2017 واستنساخه في معادلة الطريق الدولي مرتبط بعوامل أساسية وهي الموقف التركي من تلك التحركات، وقد هددت تركيا على لسان وزير خارجيتها قبل عدة أسابيع بالتدخل العسكري عندما هاجمت الهيئة منطقة كفر حمرة ودارت اشتباكات بينها وبين الجبهة الوطنية للتحرير، وأيضاً يرتبط بمدى قدرتة الهيئة على تحييد بعض الفصائل واستفرادها بالفصائل العسكرية المسيطرة على المناطق التي ستستهدفها، بالإضافة إلى مستقبل "خفض التصعيد" في الشمال السوري ، وهل سيستمر أم أن الخروقات ستتصاعد وتنزلق الأمور إلى تجدد القتال مع النظام السوري وحلفاءه.