مجزرة التضامن ومحاسبة الأسد

2022.05.08 | 06:51 دمشق

1800_1.jpg
+A
حجم الخط
-A

مع كل جريمة يرتكبها الأسد يعود السؤال مجددا كيف يمكن ضمان تحقيق العدالة ومحاسبة الأسد على جرائمه المتكررة؟ أصبح السؤال يحمل كثيرا من النوايا السلبية المبطنة مع إدراك أن طريق العدالة يبدو مسدودا اليوم وربما سيكون ذلك في المستقبل أيضا.

إذ ليس هناك ولاية قضائية لمحكمة الجنايات الدولية طالما أن سوريا دولة غير موقعة ومصادقة على ميثاق روما الأساسي المنشأ لمحكمة الجنايات الدولية، وليس هناك أي محكمة إقليمية على المستوى العربي لها ولاية قضائية على الجرائم المرتكبة في سوريا، فضلا عن فشل القضاء المحلي كليا في محاسبة عنصر أمن واحد على الجرائم التي ارتكبها بحق السوريين المدنيين.

ربما يعرف الأسد ذلك أكثر من غيره ويشعر معها بالحصانة الدولية فهو يستطيع القيام بما يشاء دون أن يكون هناك عقاب أو محاسبة على ما يفعل وهو ما يجعله يستقوي على السوريين بمزيد من القتل والتعذيب والاعتقال والقتل كما ظهر في فيديوهات مجزرة التضامن.

بالوقت نفسه لا يكترث النظام لكل البيانات الدولية أو لكل الإدانات الأممية والدولية أو تصريحات المسؤولين الغربيين فقد وضع نفسه في جدار من العزلة تكون أولويته الأولى والأخيرة هي البقاء في الحكم إلى الأبد مهما بلغ وضع السوريين من أسى وفقر، ومهما قتل وأباد عددا أكبر وأكبر من السوريين.

أثبتت مجزرة التضامن مجدداً مسؤولية فشل المجتمع الدولي في محاسبة الأسد ونظامه على الجرائم التي ارتكبوها بحق السوريين

إنها للأسف مفارقة المجتمع الدولي والحاجة إلى تفعيل مبدأ مسؤولية الحماية حيث من واجب المجتمع الدولي حماية السوريين من الأسد ومن استمراره في الحكم بما يعنيه ذلك مزيد من القتل والتعذيب والترويع بالسوريين وتحويل سوريا إلى دولة فاشلة تماما وظيفتها تصدير اللاجئين عبر العالم.

لقد أثبتت مجزرة التضامن مجدداً مسؤولية فشل المجتمع الدولي في محاسبة الأسد ونظامه على الجرائم التي ارتكبوها بحق السوريين، وفشل هذا المجتمع في مساعدة السوريين على الخروج من هذه المحنة التي لا تنتهي والتي يجد السوريون فيها أنفسهم يوما بعد بمزيد من الذل والتعذيب والقتل.

لقد ابتكرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الآلية الدولية للمحاسبة لكن لم تظهر لها أي نتائج فعلية على الأرض إذ بقي عملها إلى اليوم محصورا في تجميع البيانات والأدلة والداتا دون الانتقال إلى تأسيس محكمة خاصة قادرة على محاسبة الأسد على جرائمه بحق السوريين وإنهاء هذه الفترة المظلمة من تاريخ سوريا.

وبالوقت نفسه عندما أسس مجلس حقوق الإنسان في جنيف اللجنة الدولية الخاصة بتقصي الحقائق في سوريا قبل عشر سنوات تقريبا لم يضع في عين اعتباره طول أمد النزاع وكيف سيتحول إلى صراع دولي على الأرض السورية، ولذلك من المهم إعادة التفكير اليوم في وظيفة هذه اللجنة اليوم حتى تستطيع لعب دور حقيقي في محاسبة الأسد وليس فقط توثيق جرائمه وانتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان.

أحدثت مجزرة التضامن ضجة دولية غير مسبوقة لكن يجب على العالم أن يحول هذا الغضب إلى سياسات تحاسب الأسد على جرائمه

لقد وضعت الأزمة السورية المجتمع الدولي مجددا أمام الفشل في تحقيق ما يسمى مبدأ "كيف لا ننسى" حيث أعادت جرائم الأسد التذكير بتاريخ طويل من المجازر من الهولوكست إلى جرائم حرب البلقان إلى جريمة الإبادة في روندا ودارفور وإلى كمبوديا وغيرها كلها تؤكد أن المجتمع الدولي فشل في إرساء نظام للعدالة يمنع مثل هذه الجرائم، وهو يدمر ثقة العالم بأن ما جرى في سوريا يمكن أن يحدث في أي بلد من العالم طالما أن هذا العالم تسامح مع استمرار مثل هذا النوع من الجرائم.

لقد أحدثت مجزرة التضامن ضجة دولية غير مسبوقة لكن يجب على العالم أن يحول هذا الغضب إلى سياسات تحاسب الأسد على جرائمه، وتفعل آليات عبر مجلس الأمن تضمن تطبيق القرار 2254 من أجل تحقيق الانتقال السياسي من نظام دكتاتوري إلى نظام ديمقراطي يحترم السوريين ويضمن لهم العيش الكريم والرفاهية وليس القتل والتعذيب.