icon
التغطية الحية

متطوع في مدارس إدلب منذ سنوات.. معلم يرعى الأغنام لتأمين قوت عائلته |صور

2021.10.05 | 10:30 دمشق

مدرس متطوع
المدرّس أيوب البركة يرعى الأغنام في ريف إدلب (تلفزيون سوريا)
+A
حجم الخط
-A

من بزوغ الشمس إلى موعد انطلاق الطلاب إلى مدارسهم في أيام الشتاء الباردة، لا يكاد يكون الوقت طويلاً، إلا أنه لدى المدرّس أيوب البركة يكون كافياً لأن يضبط إيقاع يومه بالكامل، ويوفّق ما بين مهنة يعيش منها ويؤمّن قوت يومه، وأخرى بنى عليها شغفه ووهب لأجلها سبع سنوات من التطوع.

وبعد الفجر مباشرةً، يسرح "أيوب" (المقيم في مخيم الريان بين قريتي كفرعروق وكفردريان شمالي إدلب) بالأغنام والدواب حتى الساعة السابعة صباحاً، يعتني بها علّها تعود عليه بما يسدّ الحاجة ويغنيه عن السؤال، بحسب ما يقول.

والحال ذاته، بعد عودته من العمل كمدرّس متطوع في مخيم للنازحين، يعاود الخروج بالأغنام والأرزاق لديه إلى أرض قريبة، يرعى بها ويقدم لها المأكل والمشرب على أتمّ وجه.

"أيوب" الحاصل على إجازة في التربية (رياض أطفال)، واحد من آلاف المدرسين المتطوعين في إدلب، الذين انقطعت رواتبهم بسبب غياب الجهات المانحة، علاوةً على شحّ الدعم الموجّه للمدارس والسلك التعليمي عموماً، واضطروا إلى مزاولة مهنة أخرى ليعتاشوا وعوائلهم منها.

"عملي غير محرج"

يوضح "أيوب" خلال حديثٍ لموقع تلفزيون سوريا أنّ عمله في رغي الأغنام لم يؤثر على مهنة التدريس التي يعشقها ويحركه "ضمير التعليم" نحو الاستمرار بها، على الرغم من أنها لم تعد قادرة على تأمين احتياجاته المادية، لكنها تلبي طموحه ولا يرغب بهجرانها على الإطلاق.

ويقول إنه "لا يشعر بالإحراج حيال عمله في رعي الأغنام وتربيتها، فهي المهنة التي توارثها عن عائلته، فضلاً عن كونها بديلاً يكفل من خلالها أن يستمر في مهنة التدريس التي يفضّلها على باقي المهن وترتبط بذكريات جميلة في داخله".

وبدأت رحلة التطوع لدى "أيوب"، منذ عام 2013، حينما قطع النظام راتبه خلال عمله في مدرسة قريته "تل أغر" شرقي مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي، وبقي مدرساً ومتطوعاً يعلّم أبناء القرية، حتى عام 2019، قبل أن تهجره الحملة العسكرية التي شنّها النظام السوري وروسيا، وتقذفه إلى منطقة ريف إدلب الشمالي.

التطوع في مخيمات النزوح

بعد وصوله إلى مخيم الريان شمالي إدلب، افتتح خيمة تعليمية تطوعيّة لطلاب المخيم دون أي دعمٍ إلى أن أنهى العام الدراسي 2019-2020، وفي العام الدراسي التالي انتقل إلى التدريس متطوعاً أيضاً في مدرسة المخيم ذاته، ولم يحصل سوى على مساعدة زهيدة من إحدى المنظمات، مع غياب تام للأجر الشهري.

يعتبر "أيوب" أنّ "الحال لم يتغير عليه، إذ إنّه بدأ العمل التطوعي في مجال التدريس مبكراً من عمر الثورة، لكن التهجير له مشقّة أخرى ومتطلبات مادية إضافية".

ويشير محدثنا إلى أنّ "العام الدراسي الجاري يعمل على إطلاق نقطة تعليمية جديدة في مخيم "الوليد" في ذات المنطقة، لاستقبال طلاب المخيم المحرومين من التعليم، وذلك بالتنسيق مع المجمّع التربوي التابع لمديرية تربية إدلب، في ظل غياب أية جهة مانحة".

ويطالب "أيوب" في هذا السياق، الجهات المانحة والعاملة في الشأن الإنساني والتعليمي بضرورة التحرّك من أجل إيجاد حل ودعم سريع للمدرسين المتطوعين لأنهم الفئة الأكثر حساسيةً في المجتمع.

آلاف المتطوعين

في مديريات التعليم بمنطقة شمال غربي سوريا التي تسيطر عليها المعارضة (وتحديداً محافظة إدلب)، تُعتبر مسألة التطوع في السلك التعليمي قضية شائكة أمام أعداد المدرسين المتطوعين الكبيرة، والمنقطعة رواتبهم منذ سنوات.

وفي ورشة عمل ضمّت مديريات التربية والتعليم في إدلب وريف حلب الغربي ومنظمات إنسانية، أكدت إحصاءات - اطّلع عليها موقع تلفزيون سوريا - أنّ أعداد المدرسين المتطوعين في محافظة إدلب حوالي 5390 متطوعاً ومتطوعة، في حين ريف حلب الغربي حوالي 863 متطوعاً ومتطوعة في السلك التعليمي.

وكان في أولوية الورشة التي انعقدت على ثلاثة أيام، في 31 تموز الماضي والثالث والرابع من أيلول الفائت، التخفيف من نسبة المدرسين المتطوعين وزيادة نسبة الذين يتقاضون أجراً، في وقتٍ اعتمدت فيه سلماً جديداً لأجور المدرسين من أجل هذه الغاية.

وبحسب الجدول فإنّ "الرواتب المقترحة ستكون 100 دولار أميركي لمؤهل ما دون الشهادة الثانوية، و110 دولارات لحامل الشهادة الثانوية العامة، و150 لمؤهل المعهد، و160 للإجازة الجامعية و170 للدبلوم و180 لحملة "الماجستير".

وفي حديثٍ سابق لموقع تلفزيون سوريا قال محمود باشا مدير التعليم الأساسي في مديرية التربية بإدلب، إنّ "التزام باقي المنظمات العاملة في القطاع التعليمي بالنظام الداخلي الجديد للرواتب ما يمكن أن يساهم في حل مشكلة التطوع جدياً".

وأضاف: "أن رواتب بعض المدرسين الذين يتقاضون رواتب من منظمات تعليمية تتجاوز الـ200 دولار، وبحال طبق عليهم السلم الجديد يمكن أن يوفر مبالغ إضافية تذهب للمدرسين المتطوعين".

وبحسب تقديرات الورشة، فإنّ تطبيق نظام السلم الجديد، يمكن أن يرفع نسبة تغطية رواتب المدرسين من 68.5 في المئة إلى 80 في المئة.

حاولنا مِراراً في في موقع تلفزيون سوريا التواصل مع مدير التربية في إدلب حسن الشوا، من أجل ردّ حول مستجدات المديرية بشأن المدرسين المتطوعين للعام الدراسي الجاري، لكن لم نحصل على أي تعليق.