icon
التغطية الحية

تحديات كبيرة.. كيف يبدو المشهد التعليمي في إدلب وغربي حلب؟

2021.02.21 | 05:16 دمشق

17977fd2-966e-453e-950c-3c8a7fe07296.jpg
إدلب - عز الدين زكور
+A
حجم الخط
-A

كان اعتصام المعلمين السوريين في مدينة إدلب أمام مبنى مديرية التربية والتعليم، في الثالث من شباط/ فبراير الجاري، أول موقف احتجاج هذا العام على واقع التعليم المتردي بعد توقف الدعم المالي قبل حوالي السنتين عن مدارس في إدلب وحلب.

ومع دخول الفصل الدراسي الثاني، وغياب الدعم الكامل عن مدرّسي الحلقة الثانية والمرحلة الثانوية، تظهر آثار الكارثة التعليمية على سير العملية التدريسية من خلال ترك عدد من المدرسين المتطوعين مهامهم التعليمية في المدارس بحثاً عن مصدر رزق لتأمين معيشتهم، وبالوقت ذاته شهدت مدارس أخرى تراجعاً ملحوظاً في عدد الحصص الدرسية واقتصارها على فترات خجولة تماشياً مع الطاقة التدريسية الطوعيّة.

"مناهل" بديل خجول عن "كومنيكس"

كان المشهد التعليمي متماسكاً ومقبولاً، حتى تاريخ إعلان برنامج "كومنيكس" وقف الدعم عن مديريات التربية في المنطقة بدءاً من العام الدراسي 2019، ودخل بعدها الواقع التعليمي في نكسةٍ كبيرة أمام نسبة عجز ضخمة في تأمين الدعم اللوجستي والمالي للمدارس والمؤسسات التعليمية، ليعود مشروع "مناهل" بحلة متواضعة وخجولة متمماً لـ "كومنيكس" لدعم الحلقة التعليمية الأولى فقط ضمن نظام العقود المتجددة.

وأشار محمود الباشا مدير دائرة التعليم الأساسي في مديرية تربية إدلب، إلى أنّ الدعم المقدم للقطاع التعليمي تراجع من نحو 6000 وظيفة تعليمية إلى 4200 وظيفة بين مدرسين وكوادر إدارية في المدارس وموجهين تربويين وموجهي حماية الطفل.

ويعود تخفيض نسبة دعم مشروع "كومنيكس" بحسب "الباشا" إلى سحب الاتحاد الأوروبي حصته من دعم المشروع التي تقارب نحو الثلث من إجمالي المنح المقدمة، مبيناً أنّ مشروع "مناهل" القائم هو بديل لـ "كومنيكس" لكن بوتيرة أقل وفقط للحلقة الأولى.

بالنسب.. حجم الدعم القائم

يقول مدير التربية والتعليم في إدلب، حسن الشوا لموقع تلفزيون سوريا إنّ برنامج "مناهل" وخلال مذكرة التفاهم الأخيرة يغطي نحو 313 مدرسة من مدارس الحلقة الأولى، وهي مدارس مدعومة سابقاً من قبل المشروع، أي ما يقارب 30% من إجمالي المدارس في إدلب.

في حين تدعم منظمات شريكة، نحو 30% أخرى من إجمالي المدارس، ويبقى أكثر من 40% من المدارس خارج دائرة المنح والدعم وتعمل بشكل تطوعي وتشمل الحلقة الثانية والثانوية، بحسب "شوا".

وأشار إلى أن كتلة الدعم من قبل برنامج "مناهل" يشمل الكوادر الإدارية والمدرّسين، إضافةً إلى الموجهين التربويين.

ريف حلب الغربي.. إضراب حتى إشعار آخر

في ريف حلب الغربي، وبالتزامن مع عقد مديرية التربية والتعليم في حلب اتفاقاً مع مشروع مناهل لتمديد المنح المالي لنهاية العام الدراسي للحلقة الأولى، أعلن مدرسون من الحلقة الثانية والمرحلة الثانوية عن إضرابهم بدءاً من السبت الموافق 6 شباط/ فبراير الجاري احتجاجاً على غياب الدعم المالي.

هلال مطر، مدير ثانوية مدينة الأتارب غربي حلب قال لموقع تلفزيون سوريا، "إنّ سبب الإضراب الوحيد هو أننا نحن مدرسي الحلقة الثانية الإعدادي والثانوي، لم نقبض رواتبنا منذ سنتين".

وشمل الإضراب 14 مدرسة تتبع لمديرية التربية في حلب، بينها 11 مدرسة ثانوية و3 مدارس إعدادية.

اقرأ أيضاً.. 5 مدارس في ريف حلب الغربي تنضم إلى الإضراب المفتوح للمعلمين

ولفت "مطر" إلى أنّ الإضراب ليس موجهاً ضد أشخاص أو مؤسسات التربية أو الحكومة، وإنما "نريد إسماع أصواتنا للجهات الداعمة والمنظمات والأمم المتحدة (اليونيسيف) لأنهم هم فقط من يستطيع دعمنا برواتب".

وأكّد أنّ "انقطاع الدعم عنّا سببه سياسة خارجية ممنهجة تهدف إلى القضاء على هذا الجيل وبالتالي يصبح جيلاً تسهل السيطرة عليه، فهي سياسة يتبعها أعداء الشعب السوري في المناطق المحررة"، على حدّ وصفه.

وعن واقع المدرسين، أشار محدثنا إلى أنّه "أسوأ ما يمكن تصوره فالمعلم الذي لم يقبض أي راتب منذ سنتين بات غير قادر على تأمين الخبز لعائلته بالإضافة إلى الديون التي تراكمت عليه خلال السنتين، هذه الديون كبلت المعلم وحطت من كرامته في المجتمع لدرجة أنه أصبح يستحي الظهور في الشارع لأن كل الناس لهم ديون عليه".

وفي هذا السياق، قال مدير التربية والتعليم في حلب "أنس قاسم" لموقع تلفزيون سوريا إنّ اتفاق المنحة الجديدة مع مشروع مناهل يشمل دعم 121 مدرسة من الحلقة الأولى لثلاثة أشهر فقط، بواقع منح مالي لـ 1600 مدرّس ومدرّسة من ذات الحلقة.

لكن بالمقابل، يقول "قاسم" إنّ أزمة دعم الحلقة الثانية والثانوية ما زالت قائمة للعام الثاني على التوالي، دون أي تحرك جديد حتى اليوم، بواقع 500 متطوع ومتطوعة من الكادر التعليمي والإداري.

وحمّل "قاسم" جميع المنظمات الدولية والمؤسسات الحكومية مسؤولية الكارثة التعليمية والمأساة التي يعيشها الطلاب والمدرسون على حدٍ سواء.

المنظمات

تواصلنا مع منظمة Syria relief وهي واحدة من أبرز المنظمات الإنسانية التي تقدم مشاريع تعليمية في منطقة شمال غربي سوريا، للإضاءة على طريقة تعاطي المنظمات مع الواقع التعليمي والإجراءات الإسعافية المتخذة لتحسين أداء التعليم وزيادة عملية الدعم في المنطقة.

"عبد العزيز عرسان" المنسق التعليمي في المنظمة، أوضح أنّ المنظمة تقدم الدعم لأكثر من 200 مدرسة في منطقة شمال غربي سوريا، يتم فيها تقديم التعليم الرسمي وغير الرسمي في المدارس الحكومية والمنظمات.

اقرأ أيضاً.. مدارس إدلب: غياب المنح الدولية وكورونا ليس أولوية | صور

وعن نوعيّة الدعم المقدم للمدارس، لخّصها "عرسان" في عدة نقاط، أبرزها: "تحسين جودة التعليم من خلال تقديم مناهج رسمية ومناهج تعويضية، وبناء قدرات المعلمين والكوادر في المدارس من خلال التدريبات وحلقات التعلم، وتقديم جلسات توعية وإرشادات وتوجيهات حول الحد من كل أشكال المخاطر، وتقديم تعويضات شهرية للكوادر في المدارس، والدعم النفسي للأطفال من خلال برامج الدعم النفسي والمكتبات، بالإضافة لتكاليف تشغيل شهرية للمدارس (مياه، منظفات، قرطاسية، بوفيه)، وكذلك تقديم سلل القرطاسية وسلل الدعم النفسي والألعاب، ومدافئ ومازوت للتدفئة، وطباعة المناهج وتقديمها للطلاب والمعلمين، وإدارة الحالة وإحالة الأطفال إلى مراكز الخدمة، وتعزيز دور مديريات التربية وتمكينها".

وحول اقتصار الدعم على الحلقة الأولى التعليمية، قال "عرسان" لموقع تلفزيون سوريا إن: "المنظمة تسعى لتغيير سياسات ووجهات نظر الداعمين وتغيير قناعتهم حول تقديم الدعم ليشمل كل الفئات العمرية من الطفولة المبكرة وحتى التعليم الجامعي، وأيضا لتوجيه الدعم نحو التعليم الرسمي بأن لا يكون الدعم موجها نحو التعليم غير الرسمي والتعليم والتعويضي فقط وخاصة بعد حالة الاستقرار التي تشهدها المنطقة".

وأشار محدثنا "عرسان" إلى أنّ المنظمة كـ "حلول إسعافيّة" تعمل على توجيه المشاريع الأخرى لدعم قطاع التعليم، وهذا ما تم تنفيذه حيث تم دفع منحة لمرة واحدة بقيمة 200 دولار أميركي، لما يزيد عن 6000 متطوع، الأمر الذي ساهم بربط المعلمين في مدارسهم مما زاد من استقرار العملية التعليمية في الحلقة الثانية ومنع انقطاع المعلمين عن مدارسهم.

بدورنا، تواصلنا مع وزارة التربية في حكومة الإنقاذ عبر مكتب العلاقات الإعلاميّة، للتعليق على وضع القطاع التعليمي في المنطقة الخاضعة لإدارتها، لكن لم نحصل على ردّ بعد اعتذار الوزارة عن التصريح.