icon
التغطية الحية

ما هي دوافع القوى المتناحرة في سوريا؟

2018.03.23 | 18:03 دمشق

قوات تركية في منطقة عفرين شمال سوريا 22 من آذار (رويترز)
تلفزيون سوريا - صحيفة تاسيت
+A
حجم الخط
-A

نشرت صحيفة "تاسيت" الألمانية تقريراً فصّلت فيه دوافع القوى الإقليمية والعالمية التي شاركت بقواتها في سوريا، سواء الداعمة لنظام الأسد أو الداعمة للمعارضة.

وقالت الصحيفة إن قرار بشار الأسد باستخدام السلاح ضد المعارضة، منذ اندلاع المظاهرات أدى لمقتل قرابة 400 ألف شخص، في حين اضطر نحو 5.5 مليون سوري إلى الفرار من البلاد. وفي الوقت ذاته، أصبح نحو 6.1 مليون سوري مشردين داخل الأراضي السورية. وبحسب الصحيفة لم يعد الصراع منحصراً بين ديكتاتور ومعارضة، مع الوقت بل انتهج درباً آخر، خاصة مع صعود "تنظيم الدولة".

وفقاً للصحيفة في الوقت الحالي، توجد عدة جبهات تحارب ضد نظام الأسد، ما دفع روسيا إلى التدخل عسكرياً. ومع اقتحام روسيا لساحة المعركة، تدخلت أطراف أخرى في سوريا، لتتسع رقعة القتال بصورة غير متوقعة.

وتضع الصحيفة نظرة عامة على أطراق القتال في سوريا وأهدافها على النحو التالي:

 نظام الأسد

لم ينتظر الأسد طويلًا حتى يجبر معارضيه على حمل السلاح ضده، ما أدى في النهاية إلى فقدان السيطرة على جزء كبير من البلاد. واستطاع الأسد إعادة السيطرة على مناطق خسرها بفضل التدخل الإيراني وسلاح الجو الروسي، فضلا عن تدخل الدول الغربية لمحاربة "تنظيم الدولة".

واتضح منذ البداية أن الأسد لن يلجأ للحل السياسي مطلقاً، علماً وأنه غير مستعد لذلك حتى الآن. ولا يؤمن الأسد سوى بالحل العسكري من أجل السيطرة من جديد على سوريا بأسرها. وفي الأثناء، يشن الأسد وحلفاؤه حرباً شعواء بلا رحمة ضد المعارضة في الغوطة الشرقية.

 إيران

منذ بداية الثورة السورية، اختارت إيران أن تقف إلى جانب الأسد. وتعتبر إيران من أهم حلفاء ديكتاتور سوريا، حيث تدعمه بالمال والسلاح والميليشيات. وقد عمدت طهران إلى نشر مستشاريها العسكريين من الحرس الثوري الذين يقاتلون إلى جانب حزب الله، الذي يعتبر الميليشيا المسلحة الأقوى في الشرق الأوسط، في سوريا. في الوقت ذاته، استقدمت إيران ميليشيات عسكرية من العراق وأفغانستان للمشاركة في الحرب.

كان الهدف الأول لإيران التخلص من المعارضة السنّية، ومن ثم مقاتلي تنظيم الدولة. لتحقيق ذلك، نأت إيران بنفسها عن الصراع الدائر في شمال سوريا داخل المناطق الكردية. وفي الوقت ذاته، تسعى طهران إلى إنقاذ نظام الأسد أهم حلفائها في المنطقة، حيث يمثل الضمانة الوحيدة لوصول الدعم الإيراني لحزب الله في لبنان.

علاوة على ذلك، تطمح إيران لتأكيد وجودها على اعتبارها قوة إقليمية، يمتد نفوذها داخل سوريا ولبنان، بهدف تطويق إسرائيل. وتعتبر إيران أهم قلاع المذهب الشيعي، وبالتالي، تعمل جاهدة لإنقاذ الأقلية العلوية التي وصلت عن طريقها إلى الحكم في سوريا.

روسيا

تدّعي روسيا أنها تحارب الجماعات الإرهابية في سوريا، ولكنها في الواقع، تستهدف كلَّ من يعارض الأسد، بما في ذلك المدنيون. وينتهج الأسد استراتيجية الإبادة والتهجير في بلاده بفضل القنابل الروسية، الأمر الذي تجلى بوضوح من خلال إعادة اقتحام مدينة حلب، وبعد ذلك، الغوطة الشرقية.

عموماً، لا تهتم روسيا فعلاً بدعم الأسد شخصياً، وكل ما ترمي إليه من تدخلها في الشأن السوري، الحفاظ على نظام حليف لها في المنطقة، حتى لا تخسر نفوذها. استغلت روسيا اقتحامها للساحة السورية من أجل استعراض عضلاتها العسكرية على اعتبارها قوة عالمية لا يستهان بها، بغية وضع حد للهيمنة الأمريكية.

استخدمت روسيا حق الفيتو بما يتعلق بقرار مجلس الأمن بشأن سوريا بهدف تلافي عواقب أفعالها في البلاد. ومن المثير للسخرية أن موسكو كانت طرفاً هاماً في محادثات السلام، التي لم تُحدثْ أيَّ تغيير يُذكر على مستوى الوضع العسكري في البلاد، حيث مايزال التهجير والتدمير والحصار مستمراً بفضل استخدام القنابل الروسية.

الثوار

كان الثوار في البداية عبارة عن مجموعة صغيرة من المقاتلين الذين قرروا الرد على الممارسات التعسفية للأسد من خلال حمل السلاح. ومع الوقت، ازدادت هذه المجموعة قوة بعد حصولها على دعم خارجي، خاصة من دول الخليج. لكن، سرعان ما وقعت انقسامات وتحالفات جديدة داخل هذه المجموعة.

 وبالتالي، أصبح هناك عدد لا يُحصى من الفصائل المسلحة التي تحارب ضد الأسد، فضلاً عن ظهور فصائل تتناحر فيما بينها. في الوقت ذاته، اختلفت التوجهات والأهداف التي تتبناها هذه المجموعات حول مستقبل سوريا، حيث كان البعض يرغب في حكم محلي، في حين أن البعض الآخر كان ينادي بالخلافة. ونتيجة لذلك، تراجعت مكانة الجماعات المعتدلة لصالح ظهور جماعات أكثر تطرفا، لدرجة أن كل طرف بات يتبنى معركته الخاصة.

تنظيم الدولة

لبّى عشرات الآلاف من المقاتلين الأجانب نداء الخليفة، أبي بكر البغدادي، للانضمام إلى صفوف تنظيم الدولة. وكان التنظيم يسعى إلى بناء نظام إسلامي وحشي وفقاً لوجهة نظره عن الإسلام. وبالفعل، تمكّن التنظيم من السيطرة على أجزاء كبيرة من البلاد. حالياً، يحارب المقاتلون الذين تبقوا من التنظيم ضد كل من نظام الأسد والمعارضة المعتدلة والأكراد في الشمال.

"حزب الاتحاد الديمقراطي"

يتمركز "حزب الاتحاد الديمقراطي" في الجزء الشمالي والشمال الشرقي من سوريا. وقد تمكن الأكراد من تحقيق نجاحات عسكرية ضد تنظيم الدولة، بمساعدة سلاح الجو الأمريكي. وفي الوقت الراهن، يسيطر الأكراد على أجزاء كبيرة من الحدود الشمالية لسوريا. والجدير بالذكر أن وحدات حماية الشعب الكردية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحزب العمال الكردستاني، وتسعى إلى تأسيس منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا.

 يحارب الأكراد حالياً على ثلاث جبهات: الأولى، ضد تنظيم الدولة، الذي تلاشى وجوده تقريباً في شمال سوريا، والثانية، ضد النظام السوري، الذي تدعمه بعض الميليشيات العربية. أما الجبهة الثالثة، فيحارب الأكراد ضد القوات التركية، التي ترى في تعزيز نفوذ "حزب الاتحاد الديمقراطي" تهديداً إرهابياً يحوم حول تركيا.

 تركيا

سعت تركيا إلى الإطاحة بنظام الأسد منذ بداية الثورة السورية، من خلال دعم المعارضة المسلحة. وفي الشمال، تحارب تركيا ضد "حزب الاتحاد الديمقراطي" وتنظيم الدولة. ومع الوقت، أصبحت وحدات حماية الشعب التابعة لحزب العمال الكردستاني تشكل تهديداً صريحاً على أمن تركيا. من هذا المنطلق، عمدت أنقرة إلى تغيير أولوياتها، حيث لم تعد تهتم بمسألة تنحي الأسد من الحكم. في المقابل، ركزت تركيا جهودها على منع "حزب الاتحاد الديمقراطي" من تأسيس منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا على الحدود معها.

الولايات المتحدة الأمريكية

يشكل "تنظيم الدولة" مصدرَ القلق الأكبر بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، خاصة بعد سيطرته على أجزاء كبيرة من سوريا. وعلى الرغم من أن الإدارة الأمريكية ترغب في الإطاحة بالأسد ونظامه، إلا أنها لم تعمل على تعزيز وجودها في سوريا. بدلًا من ذلك، دعمت الولايات المتحدة قوات المعارضة المعتدلة، إلا أنها لم تكن تتوقع ظهور جماعات متطرفة في صلب المعارضة.

 بناء على ذلك، شكلت الولايات المتحدة مع بعض الدول العربية تحالفاً في سنة 2014، لشن هجمات جوية ضد تنظيم الدولة في سوريا والعراق. وبالفعل، جنى التحالف ثمار تحركاته سريعاً، في ظل سقوط تنظيم الدولة. وفي الوقت الحاضر، يعتبر الأكراد الحليف الأقوى للولايات المتحدة في سوريا، ولكن وجودهم يقتصر على الشمال فحسب.

إسرائيل

نأت إسرائيل بنفسها قدر الإمكان عن التدخل في سوريا. في الأثناء، لا تتدخل تل أبيب في صلب المعمعة السورية إلا لحماية أمنها القومي، حيث ترى أن ازدياد النفوذ الإيراني في بلد مجاور يمثل خطراً محدقاً بها. وكلما شعرت إسرائيل أنها في مرمى نيران العدو، تعمد إلى شن بضع هجمات جوية. وتسعى إسرائيل جاهدة لوقف الإمدادات الإيرانية لحزب الله في لبنان، أو للميليشيات الإيرانية المتمركزة على الحدود الجنوبية لسوريا.