ما مصير قوات سوريا الديمقراطية؟

2020.07.11 | 00:18 دمشق

qsd.jpg
+A
حجم الخط
-A

عقدت قمة ثلاثية في بداية الشهر 7 بين (أردوغان، بوتين، روحاني) حول سوريا وتمخض عن القمة بيان شديد اللهجة أكدوا فيه معارضتهم لأي أجندة "انفصالية " (تهدد) الأمن القومي للدول المجاورة لسوريا، وأضاف البيان بأن النزاع في سوريا لن يزول إلا بعملية سياسية يقودها السوريون بتسهيلات من الأمم المتحدة.

ولفت البيان إلى أن الزعماء أكدوا على أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والتزامهم القوي بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها.

وفي هذا السياق، شدد البيان على رفضهم أي محاولة لخلق أمر واقع جديد على الأرض (في الإشارة

إلى المفاوضات الكردية – الكردية) تحت ستار "مكافحة الإرهاب" في سوريا، بما في ذلك مبادرات الحكم الذاتي التي وصفوها ب "غير الشرعية"، مقررين عقد القمة القادمة في طهران بناء على دعوة الرئيس الإيراني.

ما بعد لقاء (ثلاثي) أستانا

استقبلت قيادة " قسد" قائد القوات الروسية في سوريا ألكسندر تشايكو، لبحث عدد من القضايا بينها انتهاكات تركيا لاتفاق 23 أكتوبر.

ويرى المراقبون أن قائد القوات الروسية قد وضع على طاولة قيادة" قسد" خياراً تتنازل "قسد" بموجبه عن الرقة وديرالزور مقابل حماية "قسد" في الشريط الحدودي مع تركيا وتحديداً في الدرباسية وعين عيسى وكوباني.

يبدوا أن قسد أصبحت في وضع حرج وسط غموض في الموقف الأميركي والتماطل في تحقيق وحدة الموقف الكردي وسط تسارع الأحداث على الأرض.

إن عودة "قسد" إلى مسلسل خطف القاصرات في المناطق الكردية والتخبط في المواقف السياسية (غير الحاسمة) والحشودات العسكرية واستمرار حفر الخنادق، والتحضير للمواجهة العسكرية مع المعارضة والأتراك يقودنا إلى بوابة واحدة وهي أن هناك طرفا ثالثا يتحكم بالأمور في مناطق سيطرة قسد، وهذا يعتبر من أسوأ الخيارات التي يمكن أن تتخذها قيادة "قسد " في المرحلة اللاحقة.

الكرة في ملعب النظام

تقول المصادر إن قيادة قوات سوريا الديمقراطية قد أبلغت قبيل لقاء (ثلاثي أستانا) في أوائل الشهر الجاري النظامَ من خلال رسالة حاسمة مفادها أنه إذا تخلى الأخير عن عين العرب-كوباني وعين عيسى ستقوم قسد بدعم أميركي بطرد النظام من القامشلي والحسكة، وإن صحت هذه المعلومة فإنّ المشهد قد يصبح معقداً أكثر فأكثر، وإن الخيارات باتت محدودة أمام الجميع والمنطقة مقبلة على حرب جديدة ولا مفر منها.

غياب الدور الأميركي

الأمريكان يمارسون في سوريا سياسة (العصا والجزرة) وامتصاص الصدمات قدر الإمكان لأنهم مقبلون على الانتخابات الرئاسية في الأشهر المقبلة، بمعنى عدم التصادم مع الجميع في شرق الفرات لأن سبب وجودهم في سوريا (أصلاً) هو لمحاربة "داعش" فقط بالتالي إن دخلوا في أي مواجهة عسكرية مع طرف آخر فالأجندات ستتغير في سوريا وهذا ما يضع الرئيس ترامب أمام القانون والمحاسبة لكونه برر في وقت سابق سبب وجود القوات الأميركية في سوريا هو لمحاربة داعش والقضاء على خلاياه. وإذا تعمقنا أكثر فإن واشنطن تتحمل المسؤولية الأخلاقية والسياسية إن تعرضت المنطقة لأي هجوم عسكري آخر لأنها ومنذ 2017 أعلنت عن انتهاء الحملة على "داعش" في ديرالزور وبالتالي هي تماطل في إيجاد حل سلمي لكامل الوضع السوري وفي شرق الفرات على وجه الخصوص، وإدخال الجميع في المستنقع السوري يستحيل الخروج منه قبل دفع الفاتورة، فهي جعلت من المنطقة فريسة لأطراف متصارعة على شرق الفرات مكتفيةً فقط بحماية آبار النفط، وترك حاضنة من حارب معهم طيلة السنوات الماضية عرضةً للهجمات الخارجية لمواجهة مصيرهم أمام القوى المتصارعة على شرق الفرات.

يبدو أن ذهاب قوات سوريا الديمقراطية والتحضير للمواجهة العسكرية أمر غير محبّذ بسبب عدم التكافؤ في القوة وبالتالي تتحمل هذه التشكيلات العسكرية المسؤولية الأساسية فيما آلت إليها الأوضاع في شرق الفرات والسبب الرئيسي هو موقف "الاتحاد الديمقراطي" المؤيد للنظام ضد المعارضة طيلة الأعوام الماضية واستهداف القوى الكردية المعارضة للنظام المتمثلة بالمجلس الوطني الكردي، بناء على ما ذكر، وجد نفسه هذا الحزب بين ليلة وضحاها في مواجهة الجميع معتمداً فقط على الوعود الأميركية الشفهية، فالأمريكان يكررون دائما أنهم لم يعقدوا أي اتفاق سياسي مع قيادات "الاتحاد الديمقراطي".

يبدو أن خيارات"قسد" باتت محدودة. فالحلول المتوفرة والممكنة هو التسريع في وتيرة اللقاءات مع المجلس الوطني الكردي، وعقد اتفاق شامل قبل فوات الأوان، والكف عن سياسة ( العنتريات ) والغرور، وإعادة القاصرات المختطفات إلى ذويهم وأهلهم، والإعلان عن فك الارتباط مع "العمال الكردستاني" بشكل واضح وصريح وبأي ثمن، وتشكيل وفد مشترك مع المجلس الوطني الكردي للتواصل مع المعارضة السورية والدول الأوروبية، والبحث عن المشتركات فيما بينهم، وإلا فإن العاصفة قادمة لا محالة، ولا مجال للمناورة واللعب على التناقضات الدولية والإقليمية لأن المصالح الدولية تتفوق على أحلام الشعوب وأهدافهم السياسية بالتالي لا زالت هناك فرصة (ولو صغيرة) لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وحماية المشروع الذي ضحى من أجله أكثر من عشرة آلاف شخص بحياتهم وحتى لا تذهب دماؤهم هدراً خدمة لأجندات خارجية، بالتالي كي لا تتكرر تجربة اتفاقية ( الجزائر المشؤومة-1975) وتتسبب في تهجير ما تبقى من أهلنا على أرضهم وداخل منازلهم.

كلمات مفتاحية