icon
التغطية الحية

ماذا بقي من مقومات السياحة السورية لكي يروج لها نظام الأسد في السعودية؟

2021.05.31 | 06:41 دمشق

189633981_1922668281227147_3937861463942904824_n.jpg
وزير السياحة في حكومة النظام محمد رامي رضوان مرتيني
خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

على الرغم من انشغال نظام الأسد منذ منتصف شهر أيار/مايو في الحشد لانتخابات الرئاسة وما تخللها من احتفالات "العرس الديموقراطي" وإعلان النتائج المثيرة للسخرية، إلا أن إعلامه الرسمي والرديف لم يفوت الفرصة أيضاً للاحتفاء بزيارة وزير السياحة محمد رامي رضوان مرتيني إلى المملكة العربية السعودية للمشاركة في مؤتمر إنعاش السياحة، الزيارة التي روج لها إعلام النظام بأنها تشكل اختراقاً للحلف العربي الذي كان يحظر العلاقات مع نظام الأسد، ووصفت بالإيجابية وأنها مقدمة مفترضة قد تفتح الباب أمام تطور العلاقات بين دمشق والرياض.

ما دلالات زيارة وزير الأسد إلى المملكة العربية السعودية في هذا التوقيت، وهي الزيارة الأولى من نوعها منذ سنوات، يجدر السؤال هنا أيضاَ عن الأهداف الاقتصادية من زيارة وزير السياحة، وهل بقي في قطاع السياحة السورية شيء من مقوماتها بعد 10 سنوات تقريباً من حرب النظام على الشعب السوري وارثه الحضاري والعمراني، ماذا عن واقع الخدمات والبنى التحتية والفوقية الأساسية التي تخدم قطاع السياحية في سوريا؟

الخبير في اقتصاديات الشرق الأوسط والمحاضر في مجال الاقتصاد خالد تركاوي يرى أن "مشاركة وزير السياحة تأتي من باب المكافأة للنظام السوري لتبليغه عن شحنة مخدرات الرمان الشهيرة التي تم توقيفها في المملكة قبل أسابيع، حيث بلغ النظام عن كامل الشبكة".

وأضاف تركاوي في حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "أجرى النظام حملة لمكافحة المخدرات في سوريا وهذه المرة لم تستهدف فقط متعاطي المخدرات، بل استهدفت المروجين أيضاً، وتضمنت الحملة عشرين عملية دهم كبيرة في اللاذقية ودمشق إضافة إلى حملات دهم صغيرة ويعتقد أن هذه كانت رسالة للسعودية بالتعاون في هذا المجال".

وحول قطاع السياحة في سوريا قال الخبير تركاوي إن "السياحة متوقفة منذ سنوات طويلة وتقتصر على السياحة الدينية من العراق ولبنان وإيران، حيث وصلت أعداد الزوار للمقامات الشيعية في سورية قرابة 800 ألف شخص عام 2019 مقابل أقل من 100 ألف من دول أخرى، وهذا الرقم انخفض بشكل كبير لدرجة التوقف عام 2020 بسبب أزمة كورونا".

وعن واقع الخدمات الداعمة لقطاع السياحة في سوريا أكد الخبير تركاوي أنها "غير متوفرة بدءاً من المطارات التي تعد أقرب لثكنات عسكرية بيد إيران والميليشيات التابعة لها، والاستقبال السيء من قبل موظفي الحكومة والاستجواب الأمني المشكك بدخول أي شخص إلى سوريا، حيث اعتقل أغلب الأردنيين والعرب خلال السنوات القليلة الماضية فور دخولهم إلى الأراضي السورية".

وأضاف الخبير تركاوي "السعودية حافظت على استقبال السوريين من داخل مناطق النظام سابقاً، حجاجاً ومعتمرين أو عاملين، وهي تطمح إلى تنسيق رسمي في هذين الجانبين، ففي المملكة 1200 موقوف سوري لصالح إدارة الوافدين بسبب مخالفات، صدر بحقهم قرار الترحيل إلى سوريا وتم إيقاف تنفيذ القرار لأسباب تتعلق بوضع البلاد، ويتوقع أن التنسيق في المرحلة المقبلة سيرتكز على جانبين، الحجاج والمعتمرين، العمال السوريين وأسرهم، وقد يتلخص شكل التنسيق بين الجانبين من خلال تنظيم الرحلات من وإلى سوريا مع ضمان سلامة أراضي المملكة بعيداً عن أي تهديد للمملكة"، ولفت الخبير تركاوي إلى أن "أداء مؤسسات المعارضة قد يكون جيداً في مِلَفّ الحج خلال الأعوام السابقة ولكن هذه المؤسسات لم تتمكن من تقديم أي حلول لملف العاملين وأسرهم في ظل سياسة خليجية راغبة بالتعاون في هذا المِلَف".

يبدو أن واقع الخدمات والمرافق السياحية في مناطق سيطرة النظام في سوريا في أسوأ حالاتها، ولا يمكن التعويل عليها بهدف تنشيط السياحة والتي يعول عليها النظام في دعم اقتصاده المتهالك، كما أن إمكانية الاستفادة من الأموال الخليجية والسعودية على وجه التحديد في قطاع الاستثمارات السياحية (المنشآت الفندقية والمطاعم والمنتزهات) وغيرها، غير ممكن في الوقت الحالي بسبب هيمنة أمراء الحرب الموالين للنظام على معظم استثمارات هذا القطاع، وفي مقدمتهم "مجموعة القاطرجي الدولية"، وعدد آخر من الشخصيات (أثرياء الميليشيات) التي تسعى إلى تبييض أموالها من خلال الاستثمار في هذا القطاع في المدن الكبرى، دمشق وحلب وحمص واللاذقية وحماة.

المطارات المدنية العاملة في سوريا يتقاسم الهيمنة فيها حلفاء النظام روسيا وإيران، فمطار دمشق تجاوره أكبر نقاط التمركز للقوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها، وفي المقدمة "تنظيم حزب الله اللبناني"، وبالتالي لا يمكن اعتباره بوابة جوية تسهم في تنشيط قطاع السياحة، ومطار حلب الدولي ليس في حال أحسن من مطار دمشق، فبرغم الإعلان المتكرر عن إعادة تشغيله في السنوات التي تلت سيطرة النظام على الأحياء الشرقية في حلب نهاية العام 2016 إلا أنه ما يزال يقدم الخدمات العسكرية لإيران والميليشيات التي تستخدمه كجسر جوي لنقل الإمدادات من عتاد حربي وأعداد، وتحيط به أيضاً قواعد تمركز عسكرية للحرس الثوري الإيراني، أما مطارات دير الزور والقامشلي واللاذقية يبدو أنها تحولت للاستخدام العسكري ولخدمة القوات الروسية.

ويضاف إلى مجموعة الخدمات والبنى التي من المفترض أن تدعم قطاع السياحة، الطرق والنقل والمواصلات والأمن وسهولة الوصول إلى المواقع السياحية ومناطق الاستجمام، ويبدو أنها مقومات يفتقدها القطاع بشكل شبه كامل في الوقت الحالي، وعلى سبيل المثال، مناطق البادية السورية شبه مقطوعة عن مناطق الثقل السكاني في خط حلب حماة حمص دمشق، وتهيمن الميليشيات، أهمها "الفرقة الرابعة" على الطرق ما يجعلها غير آمنة ومكلفة بالنسبة لتسيير الرحلات السياحية.

مسؤول العلاقات العامة والإعلام في نقابة الاقتصاديين الأحرار-فرع حلب، عبد الكريم المواس، يرى أن "هدف السياحة عادة يكون للاستجمام والاستمتاع والتعرف على أماكن جميلة وأوابد تاريخية وثقافات بلدان أخرى، لكن هذا القطاع دمره النظام بشكل شبه كامل خلال حربه المستمرة منذ عشر سنوات، دمرت آلة النظام الوحشية معظم المواقع الأثرية والتاريخية في سوريا ومنها آثار تدمر والمدن القديمة في حلب وحمص ودير الزور وغيرها".

وأضاف المواس "لم يبق أي نوع من الأمان في مناطق النظام فعمليات الخطف والقتل والابتزاز أصبحت أحداثاً يومية والفاعل في الغالب عناصر تابعون لواحدة من الميليشيات أو لأحد أمراء الحرب المتنفذين، وما أكثرهم، لا تستغرب أبدا أن يتم إيقافك فجأة وخطفك وقتلك وفي أحسن الحالات يتم سرقة كامل أموالك وكل ما تحمله معك، ولاحظنا منذ فترة قصيرة إعادة الترويج للسياحة في مناطق النظام من خلال مواقع روسية وصينية وتبين أن هذه الأمور كانت لأغراض سياسية بحتة لا تعتمد على معايير منطقية من ناحية توفر مقومات هذا القطاع الذي يزعمون عودته للعمل"، وأضاف المواس "يقدم النظام تقارير كاذبة تتحدث عن أرباح قطاع السياحة والتي تجاوزت بحسب زعمه مليوني دولار في عام 2020".

يرى فريق في المعارضة أن زيارة وزير السياحة إلى المملكة العربية السعودية لا تعني بالضرورة سعي النظام للاستفادة من القطاع السياحي لدعم اقتصاده، أو الترويج له في الساحة الخليجية، ويعتبر هؤلاء أن الزيارة هي فرصة للقاء العلني بين الجانبين وبدون أي حرج، والتغطية على الدور الذي تريد المملكة من النظام لعبه بينها وبين إيران فيما يخص ملف اليمن والحوثيين.

الباحث يونس الكريم يرى أن "اللقاء الأمني بين المملكة والنظام الذي أشيع عنه قبل مدة كان فرصة للنظام لكي يقدم خدماته في أكثر الملفات إلحاحاً بالنسبة للمملكة، وهو ملف اليمن، النظام ومن خلال علاقته مع إيران قد يلعب دوراً في تهدئة الحوثيين وأن يكون وسيطاً بين الجانبين، ومن مصلحته لعب هكذا دور يحقق له الاختراق المطلوب في دولة تتزعم المحور الذي لطالما حرم العلاقة معه طوال السنوات الماضية، وقد تمهد العلاقة والتنسيق المفترضين عودة النظام إلى الجامعة العربية لاحقاً، وزيارة وزير السياحة تعتبر الخطوة الثانية في العلاقة بين الجانبين، وقد نشهد تطوراً معلناً للعلاقة وبشكل محدود في ملف الحج والجالية السورية وربما السماح للتمثيل القنصلي للنظام بأن يعود إلى السفارة في المملكة"